ﰲ اﻟﻌﺮاق وﻟﺒﻨﺎن ﺣﺴﻢ واﻗﻌﻴﴼ ﻣﻮﺿﻮع اﳍﻮﻳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﺗﺄﻣﻨﺖ اﳍﻴﻤﻨﺔ اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ وﺻﺎرت ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﺠﺮد »واﺟﻬﺎت« ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮﻟﻴﺔ
وﻓـﻲ ﻫـﺬا دﻟﻴﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ ﺑﺪأ ﻣﻊ ﻏﺰو ٣٠٠٢ ﺑﺪأ ﻳﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎره ﺑﺮﺿﺎ دوﻟــﻲ، وأﻧــﻪ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻴﻮم ﻹﻳﺮان »دﺳﺘﻮرﻳﴼ« ﻫﺪف اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋــــﻠــــﻰ اﻟـــــــﻌـــــــﺮاق. أﻣـــــــﺎ ﻣــﺴــﺮﺣــﻴــﺔ »اﺻـــﻄـــﻔـــﺎف« ﻗــــﺎدة اﳌـﻴـﻠـﻴـﺸـﻴـﺎت اﻟــﻌــﺮاﻗــﻴــﺔ اﻟــﺘــﺎﺑــﻌــﺔ ﻟــﻄــﻬــﺮان ﻓﻲ ﻗﻮاﺋﻢ »ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﺔ« ﻓﺘﺬﻛﺮ اﳌﺮاﻗﺐ ﺑـــﻤـــﺴـــﺮﺣـــﻴـــﺔ »اﻟــــﺪﻳــــﻤــــﻘــــﺮاﻃــــﻴــــﺔ« اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻓــﻲ ﻃــﻬــﺮان ﺑــﲔ ﻛﺘﻞ وﺗﻴﺎرات »ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ« و»إﺻﻼﺣﻴﺔ« و»ﻣـﺤـﺎﻓـﻈـﺔ«. وﻫــﺬه اﻷﺧــﻴــﺮة إن ﻛﺎﻧﺖ اﻧﻄﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ... ﻓــﺈﻧــﻬــﺎ ﻟـــﻢ ﺗــﻨــﻄــﻞ ﻋــﻠــﻰ اﳌـــﻮاﻃـــﻦ وﻟــﻜــﻦ ﻓــﻲ اﻟـﺤـﺼـﻴـﻠـﺔ اﻟـﻨـﻬـﺎﺋـﻴـﺔ، ﻳﺒﻘﻰ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺗﻔﺼﻴﻼ ﺻﻐﻴﺮﴽ ﻻ ﻳـــﻐـــﻴـــﺮ ﺷـــﻴـــﺌـــﺎ ﻓـــــﻲ اﻟــــﺼــــﻮرة اﻟﻜﺒﻴﺮة.
وﻣﻦ ﺛﻢ، إﻟﻰ أن ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﻘﻮى اﻟــﻌــﺎﳌــﻴــﺔ ﺳــﻴــﺎﺳــﺔ أﺧـــــــﺮى، ﻏـﻴـﺮ اﳌﺤﺎﺑﺎة واﻟﺘﺴﺎﻫﻞ ﻣﻊ ﻃﻬﺮان، ﻟــﻦ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺷــﻲء ﻻ ﻋـﻠـﻰ ﺻﻌﻴﺪ إﻧﻬﺎء ﻣﻌﺎﻧﺎة اﳌﻮاﻃﻦ اﻹﻳﺮاﻧﻲ... وﻻ اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﺘﻔﺠﻴﺮي اﻟﻌﺮﺑﻲ.
ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن، ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﺤﺎل ﻛﺜﻴﺮﴽ. ﻓﻬﻨﺎ ﺣﻘﻘﺖ إﻳﺮان ﻣﺒﺘﻐﺎﻫﺎ ﻋﺒﺮ »ﺗﺎﺑﻌﻬﺎ« اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ »ﺣـﺰب اﻟــﻠــﻪ«، وﺗـﻴـﺴـﺮ ﻟﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﺼﺮ ﻧﻈﺮ اﻟﻘﻮى اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ واﻧﺘﻬﺎزﻳﺔ ﻛﺜﻴﺮ ﻣـﻦ ﻗـﻴـﺎداﺗـﻬـﺎ »اﳌﺘﻀﺨﻤﺔ اﻷﻧﺎ« اﻟﺘﻲ ﻃﺎﳌﺎ ﺗﻮﻫﻤﺖ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﳌــﻨــﺎورة ﻣﺤﻠﻴﴼ وإﻗﻠﻴﻤﻴﴼ، ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻣﻦ ﺗﺤﺮﻳﻚ اﻟﻘﻮى اﻟﺪوﻟﻴﺔ.
وﻟـــــــﺌـــــــﻦ ﻛـــــــﺎﻧـــــــﺖ اﻟــــﺘــــﺠــــﺮﺑــــﺔ اﻟـــﻌـــﺮاﻗـــﻴـــﺔ ﻣــــﻊ »اﻟــﺪﻳــﻤــﻘــﺮاﻃــﻴــﺔ« اﻧﺘﻜﺴﺖ ﻣـــﺮارﴽ ﻣﻨﺬ ٠٢٩١ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮة واﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ، وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣـﻦ اﻵﻓـــﺎت، اﻟﺘﻲ أﻫــﺪرت ﻃﺎﻗﺎت اﻟــﻌــﺮاق وأﺿﻌﻔﺖ ﺑﻨﻴﺘﻪ وزﺟــﺖ ﺑـــــﻪ ﻓـــــﻲ »ﻟــــﻌــــﺒــــﺔ أﻣـــــــــﻢ« ﻣــــﺪﻣــــﺮة، ﻓــــﺈن ﻟــﺒــﻨــﺎن ﺗــﺒــﺎﻫــﻰ داﺋـــﻤـــﴼ ﺑــﺄﻧــﻪ و»اﻟــﺪﻳــﻤــﻘــﺮاﻃــﻴــﺔ« ﺗـــﻮأﻣـــﺎن، وأن ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺎﻣﺖ داﺋﻤﴼ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ واﻟﺘﻮاﻓﻖ واﳌﺴﺎوﻣﺎت. ﻫـــــﺬا ﻫــــﻮ اﻟـــﻈـــﺎﻫـــﺮ، ﻋــﻠــﻰ اﻷﻗـــــﻞ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﻏﺐ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﻮن ﻓﻲ أن ﻳﻘﻨﻌﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑــﻪ، ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺑــــﺎﻟــــﻀــــﺮورة ﺻــﺤــﻴــﺤــﴼ. وﺣــــﻮل ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ اﻟﺘﻮاﻓﻖ واﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، ﺗـﺤـﺪﻳـﺪﴽ، ﻛﺸﻔﺖ ﺗــﻄــﻮرات اﻷﻳــﺎم واﻷﺳــــــﺎﺑــــــﻴــــــﻊ اﻷﺧـــــــﻴـــــــﺮة ﻋــــــﻦ أن اﻟــﺼــﻮرة ﺷـــﻲء... واﻟــﻮاﻗــﻊ ﺷﻲء آﺧﺮ، ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣﴼ.
ﻣـــﻨـــﺬ زﻟــــــــﺰال اﻏـــﺘـــﻴـــﺎل رﻓــﻴــﻖ اﻟﺤﺮﻳﺮي ورﻓﺎﻗﻪ ﻳﻮم ٤١ ﻓﺒﺮاﻳﺮ )ﺷـــﺒـــﺎط( ﻋـــﺎم ٥٠٠٢، وﻣـــﺎ ﺗــﻼه ﻣــﻦ ﺳــﺤــﺐ ﻧــﻈــﺎم دﻣــﺸــﻖ ﻗــﻮاﺗــﻪ ﻣـــــﻦ ﻟــــﺒــــﻨــــﺎن، وﺗــــﺸــــﻜــــﻞ ﻛــﺘــﻠــﺘــﲔ ﺳـﻴـﺎﺳـﻴـﺘـﲔ ﻋــﺮﻳــﻀــﺘــﲔ، رﻓــﺾ اﻟــﻠــﺒــﻨــﺎﻧــﻴــﻮن إدراك ﺣـﻘـﻴـﻘـﺘـﲔ: اﻷوﻟــــــﻰ، أن اﻟـــﻮﺟـــﻮد اﻟـﻌـﺴـﻜـﺮي واﻷﻣـﻨـﻲ اﻟـﺴـﻮري ﻣـﺎ ﻛــﺎن ﺳﻮى »ﻏﻄﺎء« ﻻﺳﺘﺜﻤﺎر أﻋﻤﻖ وأﻗﻮى وأﺷﻤﻞ ﻫﻮ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻹﻳﺮاﻧﻲ. واﻟــﺜــﺎﻧــﻴــﺔ أن ﻛـﺘـﻠـﺘـﻲ »٤١ آذار« و»٨ آذار« ﻣﺠﺮد ﺗﺤﺎﻟﻔﲔ ﻫﺸﲔ ﻣـﺆﻗـﺘـﲔ ﺑــﲔ ﻗــﻮى وﺷﺨﺼﻴﺎت ﻣـــﺘـــﻀـــﺎدة... ﻻ ﺗـﺠـﻤـﻌـﻬـﺎ ﺳــﻮى اﻟﻌﺪاوة ﻟﻠﻄﺮف اﻵﺧﺮ.
اﻻﺳــﺘــﺜــﻤــﺎر اﻹﻳــــﺮاﻧــــﻲ ﻇﻬﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧـﻈـﻢ »ﺣــﺰب اﻟـﻠـﻪ« ﻳــﻮم ٨ ﻣــﺎرس )آذار( - أي ﺧـﻼل أﻗـﻞ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻣـﻦ ﺟﺮﻳﻤﺔ اﻻﻏـﺘـﻴـﺎل اﻟﺘﻲ اﺗﻬﻢ ﺑﻬﺎ ذﻟـﻚ اﻟﻨﻈﺎم - ﻣﻈﺎﻫﺮة ﺗــﺤــﺖ ﺷـــﻌـــﺎر »ﺷـــﻜـــﺮﴽ ﺳـــﻮرﻳـــﺎ«. وﺑﻌﺪﻫﺎ، ﺗﻮاﻟﺖ اﻷﺣــﺪاث وﺗﺄﻛﺪ اﻟـــــﺪور اﻻﺳــﺘــﺮاﺗــﻴــﺠــﻲ اﻹﻳـــﺮاﻧـــﻲ وزﻳﻒ اﻟﺘﺼﻮر ﺑﺄن ﺑﺸﺎر اﻷﺳﺪ ﻛﺎن اﻟﻼﻋﺐ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟـﻠـﺒـﻨـﺎﻧـﻴـﺔ. أﻣـــﺎ اﻧــﻌــﺪام اﻟـﺘـﻮاﻓـﻖ ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻛﺸﻔﻪ ﻣﻨﺬ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ اﻧــﻬــﻴــﺎر ﻛـﺘـﻠـﺘـﻲ »٤١ آذار« و»٨ آذار«، ﺛﻢ اﻵن اﻟﺨﻼف اﻟﺤﺎﻟﻲ ﺑﲔ رﺋﻴﺴﻲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﻴﺸﺎل ﻋﻮن وﻧﺒﻴﻪ ﺑﺮي. اﻟﺮﺟﻼن - اﻟﻠﺬان ﻫﻤﺎ ﻧﻈﺮﻳﴼ »ﺣﻠﻴﻔﺎن« ﻟـ»ﺣﺰب اﻟﻠﻪ« - ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ، ﻏﻴﺮ أﻧﻬﻤﺎ ﻓــﻲ ﺣــﺴــﺎب اﻷوزان اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، ورﻏﻢ اﺣﺘﻼﻟﻬﻤﺎ أﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺒﲔ ﻓﻲ اﻟـﺪوﻟـﺔ، ﻳﺘﺤﺮﻛﺎن وﻳـﻨـﺎوران ﻓﻲ ﻇﻞ »اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻫﻲ »ﺣﺰب اﻟﻠﻪ«.
ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈن اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﻟﺒﻨﺎن، ﻟﻦ ﺗﻘﺪم وﻟﻦ ﺗــﺆﺧــﺮ، وﻟــﻦ ﺗـﺨـﺮج اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻨﻖ زﺟﺎﺟﺔ ﻃﻮﻳﻞ ﺟﺪﴽ.