»ﻓﺎﻟﺪاي«... وﻻﻋﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺴﺎﺣﺎت
ﻟﻢ ﻳﻜﺪ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻣﻴﻮﻧﻴﺦ ﻟﻸﻣﻦ ﻳﻨﻬﻲ أﻋـﻤـﺎﻟـﻪ وﻳﻠﻤﻠﻢ أوراﻗــــﻪ، إﻻ وﻛــﺎن ﻣﻨﺘﺪى ﻓﺎﻟﺪاي اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺤﻮار ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺗﻪ، ﻓﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟـﻄـﺮﻳـﻖ ﺑــﲔ ﻣﻮﺳﻜﻮ وﺳـــﺎن ﺑﻄﺮﺳﺒﺮغ، وﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف ﺑﺤﻴﺮة ﻓﺎﻟﺪاي اﻟﺘﻲ ﺳﻤﻲ اﳌﻨﺘﺪى ﺑﺎﺳﻤﻬﺎ.
ﺗﻢ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﳌﻨﺘﺪى ﻋﺎم ٤٠٠٢ ﻟﻴﻜﻮن »رواﻗــــــﴼ«، إن ﺟـــﺎز اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ، ﻟــﻠــﺤــﻮار ﺑﲔ اﻟﻨﺨﺐ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ، وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻋــﻠــﻤــﻲ ﻣـــﻮﺿـــﻮﻋـــﻲ ﻣــﺴــﺘــﻘــﻞ ﻟــﻠــﺘــﻄــﻮرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ روﺳﻴﺎ واﻟﻌﺎﻟﻢ.
ﺣﻤﻞ اﳌﻨﺘﺪى ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻋﻨﻮاﻧﴼ ﻣﺜﻴﺮﴽ ﻟــﻠــﺘــﻔــﻜــﺮ واﻟـــﺘـــﺪﺑـــﺮ: »روﺳــــﻴــــﺎ ﻓـــﻲ اﻟــﺸــﺮق اﻷوﺳــﻂ... ﻻﻋـﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺴﺎﺣﺎت«، ﻓﻬﻞ أﺿﺤﺖ روﺳﻴﺎ – ﺑﻮﺗﲔ، وﻋﻦ ﺣﻖ، ﺳﻴﺪة اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ؟
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﳌﺸﻬﺪ اﻟﺸﺮق أوﺳﻄﻲ اﻵﻧﻲ ﻛـﻤـﻴـﴼ وﻛـﻴـﻔـﻴـﴼ ﻳــﺆﻛــﺪ أﻧـــﻪ ﻋـﺼـﺮ اﺳـﺘـﻌـﻼن روﺳﻴﺎ وﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺻﺪﻳﻘﴼ، وﻟﻮ ﺑﺮاﻏﻤﺎﺗﻴﴼ، ﻟــﻠــﺪول اﻟـﺘـﻲ ارﺗـﺒـﻄـﺖ ﺑـﻌـﻼﻗـﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻊ اﻻﺗـﺤـﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، واﻟﻴﻮم ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻣﻮﺳﻜﻮ أﺻــﺪﻗــﺎء ﺟـــﺪدﴽ، وإﻳــﺮان ﻓﻲ اﳌﻘﺪﻣﺔ.
ﻣـﻨـﺬ ﻧـﻬـﺎﻳـﺎت اﻟـﻌـﻘـﺪ اﻷول ﻣــﻦ اﻟـﻘـﺮن اﻟـﺤـﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، واﻟـﺘـﺴـﺎؤل اﳌﻄﺮوح ﻋﻠﻰ ﻃﺎوﻻت اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ: ﻫﻞ واﺷﻨﻄﻦ ﺣﺴﻤﺖ أﻣﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻻﻧﺴﺤﺎب ﻣﻦ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ؟
ﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﺠﻮاب، ﻓﺈن اﻟﺮوس ﻋـﺮﻓـﻮا ﺟـﻴـﺪﴽ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟــﻮﻟــﻮج ﳌــﻞء ﻓـﺮاﻏـﺎت اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻔﻬﺎ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن، وذﻟﻚ ﻋﺒﺮ ﻋــﺪد ﻣــﻦ اﻵﻟــﻴــﺎت واﻟــﻮﺳــﺎﺋــﻞ اﻟـﺘـﻲ أﺛﺒﺘﺖ ﻧﺠﺎﻋﺔ واﺿﺤﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺎﻋﺔ.
ﺑــﺪاﻳــﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﻟــﻘــﻮل: إن ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻮﺗﲔ اﻟــﺤــﻘــﻴــﻘــﻲ ﺟـــــﺮى ﻣــــﻦ ﺧـــــﻼل اﻻﺳـــﺘـــﻔـــﺎدة ﻣــﻦ اﻟــﻌــﻘــﻼء واﻟــﺤــﻜــﻤــﺎء اﻟــﺘــﺎرﻳــﺨــﻴــﲔ ﻓﻲ ﺑــــــــﻼده، اﻟـــﺴـــﺎﺑـــﻘـــﲔ ﻟــــﻪ ﺧــﺼــﻴــﺼــﴼ، وﻓـــﻲ ﻣﻘﺪﻣﻬﻢ ﻳﻔﺠﻴﻨﻲ ﺑﺮﻳﻤﺎﻛﻮف، اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ واﳌﻔﻜﺮ اﻟﺮوﺳﻲ اﻟﻌﻤﻴﻖ، وﺧﺒﻴﺮ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳــﻂ اﻷول ﻣﻨﺬ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ.
وﺿـــــﻊ ﺑـــﺮﻳـــﻤـــﺎﻛـــﻮف ﻣــﻨــﻬــﺠــﴼ أﺣــﺴــﻦ ﺑﻮﺗﲔ اﻟﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ درﺑﻪ، ﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻻﻧﺨﺮاط اﻟـــﺮوﺳـــﻲ اﻟــﻨــﺸــﻂ ﻓـــﻲ ﻛـــﻞ ﻗـــــﺎرات اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر روﺳــﻴــﺎ ﻗــﻮة ﻋﻈﻤﻰ ﻗـــﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻹﻳـﺠـﺎﺑـﻲ ﻣـﻊ ﻣــﺴــﺎرات اﻷﺣــﺪاث اﻟﺪوﻟﻴﺔ، وﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺿﺒﻂ اﳌﺴﺎﻓﺎت ﺑﲔ ﻣﺎ ﺗﺘﻄﻠﺒﻪ اﻟﺬراﺋﻌﻴﺔ اﻟﻨﻔﻌﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ، ﻓﻲ ﺣـــﺪﻫـــﺎ اﻹﻳــــﺠــــﺎﺑــــﻲ، واﻟــــﺘــــﻬــــﺪﻳــــﺪات اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻌــﺎرض ﻫــﺬه اﳌـﺼـﺎﻟـﺢ ﻣــﻊ ﻣـﺼـﺎﻟـﺢ دول أﺧﺮى.
وﺑـﲔ ﻫـﺬه وﺗﻠﻚ، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺗﺰن ﺑــﻤــﻴــﺰان ﻣــﻦ ذﻫـــﺐ اﺣــﺘــﻤــﺎﻻت اﳌــﻮاﺟــﻬــﺎت ﻟﺘﺘﺠﻨﺒﻬﺎ، وﻓــﺮص اﻟﺘﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻟﺘﻘﻠﺼﻬﺎ، وﻫﻲ ﺗﻌﻠﻢ ﻋﻠﻢ اﻟﻴﻘﲔ أن ﻗﻮاﻫﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻻ ﺗﻀﺎرع ﻣﺎ ﻟﺪى اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ.
ﻏﻴﺮ أن روﺳﻴﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﺣﲔ أﻇﻬﺮت وﺧﻼل ﺳﻨﻮات ﻣﺎ ﺳﻤﻲ »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﺑـــﻨـــﻮع ﺧـــــــﺎص، أﻧـــﻬـــﺎ أﻛـــﺜـــﺮ وﻻء ووﻓـــــﺎء ﻟﺤﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ، اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺻﺪﻳﻖ ﻣﺜﻞ ﺣﺴﻨﻲ ﻣﺒﺎرك، ﻗﺪم ﻟﻸﻣﻴﺮﻛﻴﲔ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺪﻣﻪ أﺣﺪ ﻃــﻮال ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘﻮد، إﻟـﻰ ﺣﲔ أﺷــﺎر اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ﺑﺄن »ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﺣﻴﻞ اﻵن، أي اﻵن«، وﻟـﻬـﺬا ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﻏﺮﻳﺒﴼ أو ﻣﺜﻴﺮﴽ أن ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺻﻮر أوﺑﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺜﻮرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، إن ﺟــﺎز ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺛـــﻮرات، وﻣﻨﻬﺎ ﻣﻴﺪان اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ، وﺳﻂ اﻟﻘﺎﻫﺮة.
أدرﻛﺖ روﺳﻴﺎ ﻣﻘﺪﻣﴼ أن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﻓﻲ ﻇـﻞ اﻟﺘﺨﺎذل اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟـﻮاﺿـﺢ ﻓـﻲ زﻣﻦ أوﺑـــﺎﻣـــﺎ، ﻧـﺎﻫـﻴـﻚ ﻋــﻦ اﻟـﻔـﻮﻗـﻴـﺔ اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ، اﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻲ اﻷذﻫــﺎن ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻟﻲ ﻋــﻦ اﻟـﺸـﻌـﻮب واﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﺎت، ﻓـﻤـﻦ ﺗﺮﺿﻰ ﻋﻨﻪ واﺷﻨﻄﻦ ﺗﻤﻨﺤﻪ اﻟﻬﺒﺎت، وﻣﻦ ﺗﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﻠﻖ ﻟﻪ اﳌﺴﺎﻋﺪات، ﻣﺎ ﻳﺠﺮح ﻛﺮاﻣﺔ اﻟﺸﻌﻮب واﻷﻣﻢ.
ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺟﻮاء ﻓﺘﺤﺖ روﺳﻴﺎ، وﻣﻦ دون ﺷـــــﺮوط، ﻣــﺼــﺎﻧــﻊ أﺳــﻠــﺤــﺘــﻬــﺎ ﻟـــﺪول اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ؛ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻃﻔﺮة اﻟﺴﻼح اﻟﺮوﺳﻲ اﻟﺬي أﺿﺤﻰ ﻳﻀﺎﻫﻲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت، وﻳﺒﺰه ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت أﺧﺮى، ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳــﻂ، وﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﺳﻮﻗﴼ ﻣﺘﺴﻌﺔ ﳌﺼﺎﻧﻊ اﻟﺴﻼح اﻟﺮوﺳﻴﺔ.
أﻣـــــﺮ آﺧـــــﺮ ﻻ ﺑــــﺪ ﻣــــﻦ اﻹﺷـــــــــﺎرة إﻟـــﻴـــﻪ، ﻳــﺘــﺼــﻞ ﺑــﺎﳌــﻔــﺎﻋــﻼت اﻟـــﻨـــﻮوﻳـــﺔ اﻟــﺮوﺳــﻴــﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺘﺠﻪ روﺳـﻴـﺎ ﻟﺒﻨﺎﺋﻬﺎ ﻓـﻲ ﻋــﺪد ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ اﻟﻄﻠﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻷﻫﺪاف اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣـﻦ اﳌﻤﻜﻦ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻣـﻦ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ، وﺑﻬﺬا ﻛﺴﺒﺖ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻣﺮﺑﻌﴼ ﺟﺪﻳﺪﴽ ﻋﻠﻰ اﻷراﺿـــــﻲ اﻟــﻌــﺮﺑــﻴــﺔ، وﺑــﺨــﺎﺻــﺔ أﻧـــﻪ ﻳﻔﺘﺢ اﻟـﺒـﺎب واﺳـﻌـﴼ ﻟﻠﺘﻌﺎون اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ، ﺳـﻮاء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي واﻟﻌﺴﻜﺮي.
واﻟﺸﺎﻫﺪ أﻧﻪ ﺣﲔ ﺗﻔﻘﺪ أﻣﻴﺮﻛﺎ »ﻗﻮﺗﻬﺎ اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ« ﺷﺮق أوﺳﻄﻴﴼ، وﻳﺨﻔﺖ ﺑﺮﻳﻘﻬﺎ، وﻳـﺘـﻀـﺎءل أﻟﻘﻬﺎ اﻟــﺬي دام ﺧﻤﺴﺔ ﻋﻘﻮد ﻣﻨﺬ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﺗﺘﺮاء ى ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻟﻠﻌﺮب واﻟﺸﺮق أوﺳﻄﻴﲔ ﺛﻘﺎﻓﻴﴼ وﻓﻜﺮﻳﴼ، ﻓﻤﻨﺬ ﻋﺎم ٩٠٠٢ ﺗﻢ إﻧﺸﺎء ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻋﻄﻔﴼ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻌﻴﻞ وﺗﻨﺸﻴﻂ اﳌـﺮاﻛـﺰ اﳌــﻮﺟــﻮدة ﻣﺴﺒﻘﴼ وﻣﻨﺬ ﺳﺘﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ، وﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟـﺪور »اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﺸﺆون راﺑﻄﺔ اﻟــــﺪول اﳌـﺴـﺘـﻘـﻠـﺔ«؛ ﺣـﻴـﺚ ﺗﻌﺘﺒﺮ أداة ﻣﻦ أدوات اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ ﻹﻋﺎدة ﺑﺴﻂ ﻧﻔﻮذﻫﺎ دوﻟﻴﴼ.
روﺳـــﻴـــﺎ اﻟـــﻼﻋـــﺐ ﻋــﻠــﻰ ﻛـــﻞ اﻟــﺴــﺎﺣــﺎت اﻟــﻌــﺮﺑــﻴــﺔ، ﺗـﺨـﺘـﻠـﻒ ﻓــﻲ ﺟــﺰﺋــﻴــﺔ ﺟـﻮﻫـﺮﻳـﺔ اﻟﻴﻮم ﻋﻦ زﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ اﻟﻐﺎﺑﺮ، إذ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ »اﳌﻠﺤﺪة« اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎرب اﻷدﻳﺎن وﺗﺴﺠﻦ اﳌﺆﻣﻨﲔ ورﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ، إﻧﻬﺎ روﺳﻴﺎ – ﺑﻮﺗﲔ اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺘﺢ أﻛﺒﺮ ﺟﺎﻣﻊ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻜﻮ، وﻫﻲ ﻋﻴﻨﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺑـﺎت ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻗﺒﻠﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ اﳌﺸﺮﻗﻴﺔ اﻟـﻨـﺎﺻـﻌـﺔ، ﺧـﻠـﻮﴽ ﻣﻦ أي ﺷــﻮاﺋــﺐ ﻋــﺼــﺮاﻧــﻴــﺔ ﺗــﻠــﻮﺛــﻬــﺎ، واﻟــﺪﻳــﻦ ﻫﻮ ﺳﻮﻳﺪاء اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﳌﺴﺎﻓﺔ ﻣﻦ روﺳﻴﺎ أﻗﺼﺮ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ واﺷﻨﻄﻦ؛ ﺣﻴﺚ اﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ ﺗــﺴــﺘــﻌــﻠــﻦ، واﻟـــﻴـــﻤـــﲔ اﻷﺻــــﻮﻟــــﻲ ﻳــﻤــﺎرس ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻪ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ.
ﻓـــــــﻲ ﻣـــــﻘـــــﺎﻟـــــﻪ اﻷﺧـــــــﻴـــــــﺮ ﻋـــــﺒـــــﺮ ﻣــﺠــﻠــﺔ »ﻧﺎﺷﻴﻮﻧﺎل إﻧﺘﺮﺳﺖ« اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، ﻳﻌﺘﺮف داﻧﻴﺎل دﻳﻔﻴﺲ، اﻟﻀﺎﺑﻂ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ رﻓﻴﻊ اﳌﺴﺘﻮى، اﳌﺘﻘﺎﻋﺪ واﳌﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ، ﺑﺄن »أﻓﻀﻞ ﺷﻲء ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻌﻠﻪ واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻴﻮم، ﻫﻮ أن ﺗﻀﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟــﻌــﻘــﺪﻳــﻦ ﻣـــﻦ اﻟــﻔــﺸــﻞ اﻻﺳــﺘــﺮاﺗــﻴــﺠــﻲ ﻓـﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ«.
وإﻟـــــــــﻰ ﺣـــــﲔ ذﻟـــــــــﻚ، ﻏــــﺎﻟــــﺒــــﴼ ﺳــﻴــﺒــﻘــﻰ اﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳـــﻂ ﻣﻠﻌﺒﴼ ﻣﻔﺘﻮﺣﴼ ﻟﺮوﺳﻴﺎ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ... اﻟﻌﻨﻘﺎء اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﺎد.