اﻷﻫﺮاﻣﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ

»ﺑﻲ إن إس« اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ ﻋﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ إن »اﻟـﻜـﻴـﺎﻧـﺎت اﳌﻌﻨﻴﺔ ﻓــﻲ ﻻﺗﻔﻴﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻦ ﻗﺮب ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ وﻣـــــﻊ ﺷـــﺮﻛـــﺎﺋـــﻨـــﺎ اﻟـــﺪوﻟـــﻴـــﲔ ﺑـﻤـﻦ ﻓﻴﻬﻢ اﳌﺼﺮف اﳌـﺮﻛـﺰي اﻷوروﺑــﻲ واﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة«.

وأﺿــــــــــــــــــــﺎف: »أﻧــــــــــــــﺎ ﻣـــﻘـــﺘـــﻨـــﻊ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮار اﻟﻘﻄﺎع اﳌﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻻﺗﻔﻴﺎ واﻟـــــﻘـــــﺪرة ﻋـــﻠـــﻰ اﺗــــﺨــــﺎذ ﺧـــﻄـــﻮات رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻀﻤﺎن ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻘﻄﺎع اﳌﺼﺮﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﻤﻌﺘﻪ«.

ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﻘﻮل إن اﻟﻘﺮارات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﳌﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻫﻤﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﳌﺎﺿﻴﺔ، أو ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل: إﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻮاﻛﺐ ﺣﺎﺟﺎﺗﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، وﻳﻌﺰا اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﻫـﺬا إﻟﻰ أن ﻋـﺎﳌـﻨـﺎ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻛــﺎن ﻣﻬﺘﻤﴼ ﺑــﺎﻟــﺼــﺮاع ﻣــﻊ إﺳــﺮاﺋــﻴــﻞ اﻟــﺘــﻲ ﺧـﺎض ﻣﻌﻬﺎ ﻋﺪة ﺣﺮوب، ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺮوب ﻣﺒﺎﺷﺮة وﺣﺮب اﺳﺘﻨﺰاف، واﻟﺤﺮوب اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺼﺮاع ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻳﺤﺘﻞ اﳌﺮﺗﺒﺔ اﻷوﻟﻰ وﻳﻄﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻗﺮار.

ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻴﻊ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺴﻼم ﺑﲔ ﻣﺼﺮ وإﺳﺮاﺋﻴﻞ واﺗﻔﺎﻗﻴﺔ أوﺳﻠﻮ اﻧﺘﺒﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻷﻫﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺼﻔﺘﻪ اﳌﺤﺮك واﻟﺮاﻓﺪ اﻷول ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ، وﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﻘﻮل: إن اﻷﺳﺒﻮﻋﲔ اﳌﺎﺿﻴﲔ ﻛﺎﻧﺎ أﺳﺒﻮﻋﲔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﲔ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ، ﻣﻊ أن اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﳌﻨﺎﺷﻂ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ، وﻟﻜﻨﻲ رﻛـﺰت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﻲ ﻛﻤﺮاﻗﺐ اﻗﺘﺼﺎدي، وﻟﻨﺄﺧﺬ اﻟﻘﺮار اﻷول وﻫﻮ ﻗﺮار اﻟﻌﺎﻫﻞ اﻟﺴﻌﻮدي اﳌﻠﻚ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﺤﺼﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎت اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺒﺪء ﺑﺼﺮﻓﻬﺎ، وﻫــﺬه آﻟﻴﺔ ﺳﺘﺘﻢ ﻋﺒﺮ اﻷﺟـﻬـﺰة اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺳــﻮاء ﻛـﺎن ذﻟﻚ ﺑـﺼـﺮف ﻛﻠﻲ أو ﺟـﺰﺋـﻲ أو ﺑــﺎﳌــﺰج ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺻــﺮف اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺼﻐﻴﺮة، وﺻﺮف ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎت اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص اﻟﻜﺒﻴﺮة، ﻛﻤﺎ أن »ﻣﻨﺼﺔ اﻋﺘﻤﺎد« اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﺘﻬﺎ وزارة اﳌﺎﻟﻴﺔ ﺳﺘﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ.

ﻣﺎ رﻏﺒﺖ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ ﺳﺮﻋﺔ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﳌﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﻓﺎﻷﺟﻬﺰة اﳌﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد، وﻋﻠﻰ رأﺳــﻬــﺎ اﳌـﺠـﻠـﺲ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎدي، ﻋــﺮﻓــﺖ أن ﻫــﻨــﺎك ﻧـﻘـﺼـﴼ ﻓــﻲ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ وﺗﺒﺎﻃﺆﴽ اﻗﺘﺼﺎدﻳﴼ ﻓﺮﻓﻌﺖ ﻟﻠﻘﻴﺎدة ﻋﻦ ذﻟﻚ، اﻟﺘﻲ ﺑﺪورﻫﺎ أﺳﺮﻋﺖ ﻓﻲ إﺻﺪار اﻟﻘﺮار ﻟﺘﻄﻤﲔ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎﺗﻪ، أي أن ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ أﺛﺎرﻧﻲ. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻟﻮ ﻣﺮرﻧﺎ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ﺗﻀﺨﻢ ﻓﺴﺘﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﺗﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ ﻇﺮوﻓﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﻄﻴﺌﲔ ﺟﺪﴽ ﻓﻲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎدي.

اﻷﻣﺮ اﻵﺧﺮ ﻫﻮ ﺻﺪور ﻧﻈﺎم اﻹﻓﻼس ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ، وﻟﻌﻞ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺴﺘﻐﺮب ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎﻣﻲ ﺑﻨﻈﺎم اﻹﻓــﻼس! وﻟﻜﻨﻲ أﻫﺘﻢ ﺑﻨﻈﺎم اﻹﻓــﻼس ﻣـﻦ ﺟﺎﻧﺐ واﺣــﺪ ﻓﻘﻂ، وﻫــﻮ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ، وأﻳﻀﴼ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻴﺎن، ﺳﻮاء ﻛﺎن ﺷﺮﻛﺔ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻓﻤﻊ وﺟــﻮد ﻧﻈﺎم اﻹﻓــﻼس ﺗﺼﺒﺢ ﻫﻨﺎك ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻟﻠﺘﻘﺎﺿﻲ، ﺛﺎﻧﻴﴼ وﻫﻮ اﳌﻬﻢ ﻓﻲ ﻧﻈﺮي، ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ أو أي ﻛﻴﺎن اﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﻊ داﺋﻨﻴﻪ وإﻳﺠﺎد ﺣﻠﻮل ﻛﺜﻴﺮة، ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﺼﺮ، ﺟﺪوﻟﺔ اﳌﺪﻳﻮﻧﻴﺔ أو دﺧﻮل اﻟﺪاﺋﻨﲔ ﻛﺸﺮﻛﺎء ﻓﻲ اﻟﻜﻴﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﺒﺮ ﺗﺤﻮﻳﻞ دﻳﻮﻧﻬﻢ إﻟﻰ ﺣﺼﺺ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ )أﺳﻬﻢ(.

ﻳﻀﺎف إﻟـﻰ ذﻟـﻚ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻧـﻮع اﻹﻓــﻼس، ﻓﺎﻹﻓﻼس إﻣـﺎ أن ﻳﻜﻮن ﺣﻘﻴﻘﻴﴼ أو ﺗﻘﺼﻴﺮﻳﴼ أو اﺣﺘﻴﺎﻟﻴﴼ، وﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻨﻮع ﺗﺴﻴﺮ اﳌﻘﺎﺿﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن آﺧـﺮﻫـﺎ ﺗﺼﻔﻴﺔ اﻟﺸﺮﻛﺔ، وﻛﻠﻤﺎ ﺣﺎﻓﻈﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻴﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻇﻔﻴﻪ وأﺳـﺮﻫـﻢ، وﻫـﺬا ﻣﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻪ ﻛﻞ دوﻟﺔ؛ أﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ ﻋﺎﻃﻠﲔ ﻋﻠﻰ رﺻﻴﻒ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ.

ﺛﺎﻟﺜﴼ، ﻗﺼﺮ ﺑﻌﺾ اﳌﻬﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻌﻮدﻳﲔ ﻓﻘﻂ، وﻓﻲ أوﻗﺎت ﺟﺪﴽ وﺟﻴﺰة وﺑﻤﻬﻞ ﻗﺼﻴﺮة، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ »اﻟﻌﻼج ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ«، ﻓــﺈذا ﺗﺒﺎﻃﺄﻧﺎ ﻓﻲ اﺗﺨﺎذ ﻗــﺮارات ﻣﻦ ﻫـﺬا اﻟـﻨـﻮع، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺒﻄﺊ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻮﻃﲔ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ. وﻟﻜﻦ اﻟﺼﺪﻣﺔ ﺳﺘﺠﻌﻞ أﻓﺮاد اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺤﺘﺎﺟﲔ ﻳـﺸـﻤـﺮون ﻋــﻦ ﺳـﻮاﻋـﺪﻫـﻢ ﳌــﻞء اﻟــﻔــﺮاغ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓــﻲ ﻗـﻄـﺎع اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ، وأﻧﺘﻢ ﺗﻌﺮﻓﻮن أن ﺗﻮﻃﲔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت ﺳﻴﻘﻠﺺ ﻋﺪد اﳌﻨﺸﺂت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻘﺎﻻت وﻣﺤﻼت اﻟﺨﻀﺎر وﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﺮﻓﻊ اﻟﺤﺼﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﺸﺄة ﺻﻐﻴﺮة، وﻳﺮﻓﻊ اﻟﻌﺎﺋﺪ، وﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣـﺠـﺰﻳــﴼ ﳌــﻦ ﻳــﺮﻳــﺪ أن ﻳـﻌـﻤــﻞ. وإن ﻛـﻨــﺖ أﺗـﻤـﻨـﻰ ﺑـﺎﻟـﻄـﺒـﻊ أن ﻳﺼﺤﺐ ذﻟــﻚ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻟﻠﺴﻮق، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺤﺪد ﺳـﺎﻋـﺎت ﻋﻤﻞ ﻣﺜﻞ ﻫــﺬه اﳌﻨﺸﺂت اﻟﺼﻐﻴﺮة. وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن ﻫﺬه ﺛﻼﺛﺔ أﻫﺮاﻣﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﺴﻮق اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻊ إﻋﻼﻧﻬﺎ.