Asharq Al-Awsat Saudi Edition

اتفاقية بين السعودية وفرنسا لتطوير محافظة العلا وتراثها

- باريس: ميشال أبو نجم

يـمـثـل الــتــعــ­اون الـسـعـودي ــ الفرنسي في القطاع الثقافي، الذي يشمل المحافظة على التراث وتأهيل مواقعه وتدريب كادراته والنشاطات المصاحبة المختلفة، أحـد أركــان الصيغة »الجديدة« بـين بـاريـس والـريـاض. ولا شك أن الاتفاقية التي ستوقع اليوم بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وبين وزارة الخارجية الفرنسية مـمـثـلاً لـلـطـرف الـفـرنـسـ­ي تـوفـر صــورة لمـا يريد الـطـرفـان القيام به.

وقــــال لـــ »الــشــرق الأوســــط« المهندس عمرو المدني، الرئيس الـتـنـفـي­ـذي لـلـهـيـئـ­ة، إن الـطـرف الـــســـع­ـــودي »يـــريـــد الاســـتــ­ـفـــادة مـن الـخـبـرات الـفـرنـسـ­يـة«، لهذا الـغـرض سيتم تشكيل »وكـالـة« ســـتـــكـ­ــون بـــمـــثـ­ــابـــة »المــــــح­ــــــاور« الفرنسي مع الجانب السعودي، أو »الــبــواب­ــة« الـتـي عـبـرهـا يتم التنسيق بـين الـطـرفـين. وكشف المـــدنــ­ـي أن »الـــوكـــ­الـــة« سـتـنـشـأ لعشر سنوات، وسيكبر حجمها أو يــتــراجـ­ـع، بـحـسـب المـشـاريـ­ع الــــتـــ­ـي ســتــنــف­ــذهــا الـــســـع­ـــوديـــة فــي مـحـافـظـة الــعــلا الــتــي تضم موقعين تراثيين أساسيين هما: مـديـنـة الـحـجـر »مــدائــن صـالـح« ودادان »الـــخـــر­يـــبـــة«. والمـــوقـ­ــع الأول مــدرج على لائـحـة الـتـراث الإنساني لليونيسكو منذ العام ٢٠٠٨. وكشف المسؤول السعودي أن جــيــرار مـيـسـتـرا­لـيـه، المـوفـد الـــذي عـيـنـه الـرئـيـس إيـمـانـوي­ـل مــاكــرون لـهـذه المـهـمـة سيتولى على الأرجح رئاسة الوكالة التي سيكون المدير التنفيذي للهيئة المـلـكـيـ­ة أحــــد أعــضــائـ­ـهــا. كـذلـك أفاد المدني بأن تطوير محافظة العلا لا يستدعي تطوير الموقع وحــــــــ­ـده، بــــل »تـــأهـــي­ـــل المــنــطـ­ـقــة بـــالمـــ­عـــرفـــة، خـــصـــوص­ـــاً تــأهــيــ­ل الــكــواد­ر الإنـسـانـ­يـة مـن الشباب والـشـابـا­ت«. ولـهـذا الـغـرض، تم إطلاق برنامج ابتعاث مخصص لمــحــافـ­ـظــة الـــعـــل­ا، ســيــضــم ١٥٠ شاباً وشابة، سوف يقبلون في المدارس والمعاهد الفرنسية التي تـتـراوح بين الفندقة والسياحة والمـحـافـ­ظـة على الــتــراث، فضلاً عـن الـزراعـة والفلاحة وتقنيات الري.

وأضـــــــ­ــــاف مـــــدنــ­ـــي أن هــــذا المشروع يتميز بأنه يتزاوج مع مـشـروع تطوير البحر الأحـمـر، بـحـيـث سـيـوفـر لـلـسـائـح فرصة الـــتـــم­ـــتـــع بـــالـــت­ـــعـــرف إلــــــى أحـــد أهــــم مــعــالــ­م الـــتـــر­اث الإنــســا­نــي فـــــي شـــبـــه الــــجـــ­ـزيــــرة الــعــربـ­ـيــة الــــذي يـغـطـي مـسـاحـة تـبـلـغ ٢٢ ألــف كـلـم مــربــع، ويـضـم المـواقـع الـتـراثـي­ـة والأخـــــ­رى الـطـبـيـع­ـيـة. كـذلـك يـسـتـطـيـ­ع الاســتــف­ــادة من المـشـروع »الـبـحـري«، بما يوفره مـن نـشـاطـات وفـسـحـات للراحة والاستجمام والرياضات المائية. وفيما تعتبر الأوساط الفرنسية أن مـشـروع الـتـعـاون هـو »الأول مــــــن نــــــوعـ­ـــــه« بــــــين الـــســـع­ـــوديـــة وفــرنــسـ­ـا، فــإنــه عـمـلـيـاً سـيـكـون واسع النطاق إذ سيضم »كل ما يمكن لفرنسا أن تقدمه في مجال إبــــــرا­ز قـيـمـة الــــتـــ­ـراث«. وهــكــذا، فــإن الـتـعـاون الـثـنـائـ­ي سيشمل المـحـافـظ­ـة عـلـى المــواقــ­ع نفسها، وتوفير البنى التحتية والطاقة والــنــقـ­ـل والــتــأه­ــيــل والــتــدر­يــب، إلــى جـانـب إقــامــة مـتـحـف كبير ومـــركـــ­ز لــلأبـــح­ـــاث الــتــاري­ــخــيــة والأثـــــ­ـريــــــة. ولــــــم يـــحـــدد المـــديــ­ـر الــتــنــ­فــيــذي لـلـهـيـئـ­ة المـلـكـيـ­ة أي أرقام حول قيمة العقد للسنوات العشر القادمة لصعوبة المهمة ولحركيتها.

مـــــن جــــانـــ­ـب آخــــــــ­ر، يـعـتـبـر الطرف السعودي أنه رغم أهمية الـتـعـاون مـع فـرنـسـا، إلا أن ذلك لا يـــوفـــر لـــبـــار­يـــس »حــصــريــ­ة« تنفيذ المـشـاريـ­ع الـتـي ستطرح للتنافس، وستخوض شركات مـــحـــلـ­ــيـــة وإقـــلـــ­يـــمـــيـ­ــة ودولـــــي­ـــــة المنافسة في سباق مفتوح، وفق دفــتــر شـــــروط مـــحـــدد. ويــشــدد المـهـنـدس عـمـرو المـدنـي عـلـى أن مـــا ســتــقــو­م بـــه الــســعــ­وديــة فـي هــــــذا المـــــشـ­ــــروع ســـيـــأخ­ـــذ بـعـين الاعتبار، وربما للمرة الأولى في المـشـاريـ­ع السياحية، متطلبات »التنمية السياحية المستدامة وقــوانــي­ــنــهــا،« بـحـيـث لا يـكـون الـتـطـويـ­ر عـلـى حــســاب المــواقــ­ع التراثية بما يحفظ لها أصالتها، وكان المدني قال لوسائل إعلامية فرنسية إنـه سيكون مـن الممكن اســتــقــ­بــال أوائــــــ­ــل الـــســـي­ـــاح فـي المنطقة »خـلال ثلاث إلى خمس سنوات «، مضيفاً أن المنطقة التي تضم مـطـاراً حـالـيـا، ستستقبل بــعــد تـجـهـيـزه­ـا بـــين ١٫٥ و٢٫٥ مليون زائر سنوياً.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia