اتفاقية بين السعودية وفرنسا لتطوير محافظة العلا وتراثها
يـمـثـل الــتــعــاون الـسـعـودي ــ الفرنسي في القطاع الثقافي، الذي يشمل المحافظة على التراث وتأهيل مواقعه وتدريب كادراته والنشاطات المصاحبة المختلفة، أحـد أركــان الصيغة »الجديدة« بـين بـاريـس والـريـاض. ولا شك أن الاتفاقية التي ستوقع اليوم بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وبين وزارة الخارجية الفرنسية مـمـثـلاً لـلـطـرف الـفـرنـسـي تـوفـر صــورة لمـا يريد الـطـرفـان القيام به.
وقــــال لـــ »الــشــرق الأوســــط« المهندس عمرو المدني، الرئيس الـتـنـفـيـذي لـلـهـيـئـة، إن الـطـرف الـــســـعـــودي »يـــريـــد الاســـتـــفـــادة مـن الـخـبـرات الـفـرنـسـيـة«، لهذا الـغـرض سيتم تشكيل »وكـالـة« ســـتـــكـــون بـــمـــثـــابـــة »المــــــحــــــاور« الفرنسي مع الجانب السعودي، أو »الــبــوابــة« الـتـي عـبـرهـا يتم التنسيق بـين الـطـرفـين. وكشف المـــدنـــي أن »الـــوكـــالـــة« سـتـنـشـأ لعشر سنوات، وسيكبر حجمها أو يــتــراجــع، بـحـسـب المـشـاريـع الــــتــــي ســتــنــفــذهــا الـــســـعـــوديـــة فــي مـحـافـظـة الــعــلا الــتــي تضم موقعين تراثيين أساسيين هما: مـديـنـة الـحـجـر »مــدائــن صـالـح« ودادان »الـــخـــريـــبـــة«. والمـــوقـــع الأول مــدرج على لائـحـة الـتـراث الإنساني لليونيسكو منذ العام ٢٠٠٨. وكشف المسؤول السعودي أن جــيــرار مـيـسـتـرالـيـه، المـوفـد الـــذي عـيـنـه الـرئـيـس إيـمـانـويـل مــاكــرون لـهـذه المـهـمـة سيتولى على الأرجح رئاسة الوكالة التي سيكون المدير التنفيذي للهيئة المـلـكـيـة أحــــد أعــضــائــهــا. كـذلـك أفاد المدني بأن تطوير محافظة العلا لا يستدعي تطوير الموقع وحـــــــــده، بــــل »تـــأهـــيـــل المــنــطــقــة بـــالمـــعـــرفـــة، خـــصـــوصـــاً تــأهــيــل الــكــوادر الإنـسـانـيـة مـن الشباب والـشـابـات«. ولـهـذا الـغـرض، تم إطلاق برنامج ابتعاث مخصص لمــحــافــظــة الـــعـــلا، ســيــضــم ١٥٠ شاباً وشابة، سوف يقبلون في المدارس والمعاهد الفرنسية التي تـتـراوح بين الفندقة والسياحة والمـحـافـظـة على الــتــراث، فضلاً عـن الـزراعـة والفلاحة وتقنيات الري.
وأضـــــــــــاف مـــــدنـــــي أن هــــذا المشروع يتميز بأنه يتزاوج مع مـشـروع تطوير البحر الأحـمـر، بـحـيـث سـيـوفـر لـلـسـائـح فرصة الـــتـــمـــتـــع بـــالـــتـــعـــرف إلــــــى أحـــد أهــــم مــعــالــم الـــتـــراث الإنــســانــي فـــــي شـــبـــه الــــجــــزيــــرة الــعــربــيــة الــــذي يـغـطـي مـسـاحـة تـبـلـغ ٢٢ ألــف كـلـم مــربــع، ويـضـم المـواقـع الـتـراثـيـة والأخـــــرى الـطـبـيـعـيـة. كـذلـك يـسـتـطـيـع الاســتــفــادة من المـشـروع »الـبـحـري«، بما يوفره مـن نـشـاطـات وفـسـحـات للراحة والاستجمام والرياضات المائية. وفيما تعتبر الأوساط الفرنسية أن مـشـروع الـتـعـاون هـو »الأول مــــــن نــــــوعــــــه« بــــــين الـــســـعـــوديـــة وفــرنــســا، فــإنــه عـمـلـيـاً سـيـكـون واسع النطاق إذ سيضم »كل ما يمكن لفرنسا أن تقدمه في مجال إبــــــراز قـيـمـة الــــتــــراث«. وهــكــذا، فــإن الـتـعـاون الـثـنـائـي سيشمل المـحـافـظـة عـلـى المــواقــع نفسها، وتوفير البنى التحتية والطاقة والــنــقــل والــتــأهــيــل والــتــدريــب، إلــى جـانـب إقــامــة مـتـحـف كبير ومـــركـــز لــلأبـــحـــاث الــتــاريــخــيــة والأثــــــريــــــة. ولــــــم يـــحـــدد المـــديـــر الــتــنــفــيــذي لـلـهـيـئـة المـلـكـيـة أي أرقام حول قيمة العقد للسنوات العشر القادمة لصعوبة المهمة ولحركيتها.
مـــــن جــــانــــب آخــــــــر، يـعـتـبـر الطرف السعودي أنه رغم أهمية الـتـعـاون مـع فـرنـسـا، إلا أن ذلك لا يـــوفـــر لـــبـــاريـــس »حــصــريــة« تنفيذ المـشـاريـع الـتـي ستطرح للتنافس، وستخوض شركات مـــحـــلـــيـــة وإقـــلـــيـــمـــيـــة ودولـــــيـــــة المنافسة في سباق مفتوح، وفق دفــتــر شـــــروط مـــحـــدد. ويــشــدد المـهـنـدس عـمـرو المـدنـي عـلـى أن مـــا ســتــقــوم بـــه الــســعــوديــة فـي هــــــذا المـــــشـــــروع ســـيـــأخـــذ بـعـين الاعتبار، وربما للمرة الأولى في المـشـاريـع السياحية، متطلبات »التنمية السياحية المستدامة وقــوانــيــنــهــا،« بـحـيـث لا يـكـون الـتـطـويـر عـلـى حــســاب المــواقــع التراثية بما يحفظ لها أصالتها، وكان المدني قال لوسائل إعلامية فرنسية إنـه سيكون مـن الممكن اســتــقــبــال أوائــــــــل الـــســـيـــاح فـي المنطقة »خـلال ثلاث إلى خمس سنوات «، مضيفاً أن المنطقة التي تضم مـطـاراً حـالـيـا، ستستقبل بــعــد تـجـهـيـزهـا بـــين ١٫٥ و٢٫٥ مليون زائر سنوياً.