Asharq Al-Awsat Saudi Edition

الاتحاد الأوروبي يحاول احتواء انقساماته بعد الضربات

وزير الخارجية الألماني: من يستخدم {الكيماوي} ضد شعبه لن يكون جزءاً من الحل

- لوكسمبورغ: »الشرق الأوسط«

أعــرب وزراء خـارجـيـة الاتـحـاد الأوروبـــ­ـــي الــذيــن اجــتــمــ­عــوا، أمـس (الاثـــــن­ـــــين)، فـــي لــوكــســ­مــبــورغ عـن تـفـهـمـهـ­م لــلــضــر­بــات الــتــي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في سوريا، داعين في الوقت نفسه إلى إحياء العملية السياسية لإنهاء النزاع في هذا البلد.

وخـــلـــص المــجــتـ­ـمــعــون إلـــــى أن »المجلس يعتبر أن الضربات الجوية المـــحـــ­ددة شـكّـلـت إجـــــــر­اءات خـاصـة اتُّخذت لهدف واحد هو منع النظام الـــســـو­ري مــن أن يـسـتـخـدم مـجـدداً أسلحة كيماوية ومــواد كيميائية كأسلحة لقتل السوريين.«

وأعــلــن الــــــوز­راء »تـأيـيـدهـ­م كل الـجـهـود الـهـادفـة إلــى الــحــول دون استخدام الأسلحة الكيماوية.«

وأشاد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بهذه الخلاصات، وقـــال قـبـل أن يــغــادر الاجــتــم­ــاع إن »الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء أيـدتْـنـا فـي هــذه الإرادة لمـنـع وردع أي اســتــخــ­دام لـلـسـلاح الـكـيـمـا­وي. الاتحاد الأوروبي موحّد إذن.«

وعــــــــ­ـلــــــــ­ـق وزيـــــــ­ــــــــــ­ــر خــــــارج­ــــــيـــ­ـــة لوكسمبورغ يـان إسـلـبـورن: »إنها عـمـلـيـة (عــســكــر­يــة) واحـــــدة ويـجـب أن تـبـقـى كــذلــك.« وأوضــــح نـظـيـره الــبــلــ­جــيــكــي ديـــديـــ­يـــه ريـــــنــ­ـــدرز، أن »الــغــايـ­ـة مــن هـــذه الــضــربـ­ـات كـانـت إظــهــار أن هـنـاك خـطـاً أحـمـر يجب عـــــدم تــــــجــ­ــــاوزه«. وشـــــــد­د الــــــــ­وزراء الأوروبيون في بيانهم على أن »زخم المـرحـلـة الـحـالـيـ­ة يـجـب استخدامه لإحياء العملية الهادفة إلى إيجاد حل سياسي للنزاع السوري، ويكرر الاتحاد الأوروبي أن لا حل عسكرياً« في سوريا.

ولـــــــم تـــحـــظ الــــضـــ­ـربــــات الــتــي شنتها الــولايــ­ات المـتـحـدة وفرنسا وبــريــطـ­ـانــيــا فـــي ســـوريـــ­ا بـإجـمـاع داخـــل الاتــحــا­د الأوروبـــ­ــي. ويشكل إحــيــاء الــحــوار مــع روســيــا أولـويـة لوزراء الخارجية الأوروبيين الذين اجتمعوا الاثنين في لوكسمبورغ.

وصرح وزير الخارجية الألماني هــيــكــو مــــــاس لــــــدى وصـــــولـ­ــــه إلـــى لوكسمبورغ: »يستحيل حل النزاع من دون روسيا«، مؤكدا أن الأولوية هـي تجنب »تصعيد« عسكري في المنطقة. وأضاف أن الصراع السوري بحاجة إلـى حـل يتم التوصل إليه عـبـر الــتــفــ­اوض، وتـــشـــا­رك فـيـه كل الـقـوى فـي المـنـطـقـ­ة، مضيفا أنــه لا يتخيل أن يـكـون شخص استخدم أسلحة كيماوية ضـد شعبه جـزءا من هذه العملية.

وكـــان مــاس سـئـل عـمـا إن كـان الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يـكـون جـــزءا مــن حــل الأزمــــة في ســـوريـــ­ا. وأبــلــغ الـصـحـافـ­يـين عند وصــولــه لـحـضـور اجـتـمـاع لـــوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ببروكسل: »سيكون هناك حل يشارك به جميع من لهم نفوذ في المنطقة. لا يمكن أن يتخيل أحد أن يكون شخص يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه جزءا من هذا الحل«.

وقال نظيره البلجيكي ديدييه ريــنــدرز: »عـلـيـنـا أن نـسـلـك مـجـددا طريق حـوار سياسي حـول سوريا مــــع روســــيــ­ــا وإيـــــــ­ـــران« الــداعــم­ــتــين للنظام السوري.

وفي لاهاي، بدأت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، صباح الاثنين، في حضور سفراء روسيا والمملكة المـتـحـدة وفـرنـسـا، اجتماعا طارئا مـخـصـصـا لـــســـور­يـــا، بــعــد هـجـوم كـيـمـاوي مـفـتـرض فــي الـسـابـع من الـشـهـر الــجـــار­ي فــي مـديـنـة دومـــا، استدعى ردا عسكريا غربيا السبت.

من جهته، قال نظيره الليتواني ليناس أنـتـانـاس لينكيفيشيو­س، إن »حــــلا سـلـمـيـا يـتـطـلـب أحـيـانـا عملا شـديـدا«. وأوضــح ريـنـدرز أن »الــغــايـ­ـة مــن هـــذه الــضــربـ­ـات كـانـت إظــهــار أن هـنـاك خـطـا أحـمـر يجب عدم تجاوزه«.

وبـيـنـمـا اتـفـق أعـضـاء الاتـحـاد الأوروبي الـ٢٨ على أن الهجوم على دومـــا كــان غـيـر مـقـبـول، ويـجـب ألا يمر من دون عقاب، لم يتطرق بيان صــادر عـن وزيـــرة خـارجـيـة التكتل فـيـديـريـ­كـا مـوغـيـريـ­نـي إلـــى تـأيـيـد الــضــربـ­ـات، مـكـتـفـيـ­ا بـالـتـأكـ­يـد أنـه ستتم »محاسبة المسؤولين عن هذا الانتهاك للقانون الدولي« في إشارة إلى الهجوم الكيماوي المفترض.

وقال مصدر أوروبـي إن البيان »لم يكن مفاجئا«. لكن دول الاتحاد الأوروبـــ­ــــــي مـنـقـسـمـ­ة بــحــيــث تـقـف فرنسا وبريطانيا في جهة، ودول مـحـايـدة فـي جهة أخــرى، فيما في الوسط تبنى أعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) مواقف متباينة من الـضـربـات. وفـي هـذا السياق أكـدت إيطاليا أن »هذا العمل المحدود (...) لن يكون بداية تصعيد.«

وأكـد مصدر أوروبــي أن »بيان الــدول الـــ٢٨ هـو أقـصـى مـا يمكنهم قوله«، فيما كان تأييد حلف شمال الأطلسي أكثر وضوحا.

وينبع التباين بين الحكومات الأوروبية من خشية رد فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يدعم نظيره السوري بشار الأسد.

وعشية الضربات، حذر الرئيس الـــــروس­ـــــي مـــــن أي عـــمـــل »مــتــهــو­ر وخطير في سوريا« يمكن أن تكون لـه »تـداعـيـات غـيـر مـتـوقـعـة« وذلـك خلال مشاورات هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقــــال مــســؤول أوروبـــــ­ي رفـض كـــشـــف هــــويـــ­ـتــــه: »عــــلــــ­ى الاتــــحـ­ـــاد الأوروبـــ­ـي أن يبقى مــوحــدا. علينا تجنب أن تتبنى كـل دولــة سياسة مـنـفـردة حــيــال مـوسـكـو. هـــذا مهم لــــــوجـ­ـــــود الاتــــــ­ـــحــــــ­ـــاد«. وســـــارع­ـــــت موسكو إلـى استغلال الانقسامات فــي الاتــحــا­د الأوروبـــ­ـــي، الـتـي بـدت واضـــــحـ­ــــة فـــــي ردود الـــفـــع­ـــل عـلـى عملية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا.

وقــــال دبـلـومـاس­ـي أوروبـــــ­ي إن »الجميع خلصوا إلـى الأمـر نفسه. الـجـمـيـع قــــرأوا الــوقــائ­ــع بالطريقة نـفـسـهـا؛ لـكـنـهـم لــم يــصــدروا ردود الفعل نفسها .«

وفي المحصلة، عمدت ١٩ دولة عـضـوا فـي الاتـحـاد الأوروبـــ­ـي، إلى طــرد دبلوماسيين روس، فـي حين اكـــتـــف­ـــت خـــمـــس دول بـــاســـت­ـــدعـــاء سفرائها للتشاور، ولم تتخذ ثلاث أخرى هي النمسا وقبرص اليونان أي خطوة.

وبـــــــع­ـــــــد ضــــــغــ­ــــط مـــــكـــ­ــثـــــف مـــن بـريـطـانـ­يـا وفـرنـسـا وألمــانــ­يــا، وقـع قــادة دول التكتل الـــ٢٨ بيانا صدر في قمة ببروكسل الأسبوع الماضي، اتهم روسـيـا بتنفيذ العملية؛ لكن الأمر تطلب كثيرا من الجهود لإقناع المترددين.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأحد: »ينبغي أن نـأمـل الآن فـي أن روسـيـا أدركـت أنـه بعد الـرد العسكري (...) علينا أن نـوحـد جـهـودنـا مـن أجــل عملية سياسية في سوريا تتيح الخروج مـــن الأزمـــــ­ـــة. إن فــرنــســ­ا مـسـتـعـدة للتوصل إلى ذلك.«

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia