تبادل اتهامات بين الخصوم بدفع رشاوى في الانتخابات
هيئة الإشراف بلبنان لم تتلق أي شكاوى وطالبت بالمستندات
مع اقتراب موعد الانتخابات الـــنـــيـــابـــيـــة فـــــي لـــبـــنـــان المــــقــــررة فـــي الـــســـادس مـــن مــايــو (أيـــــار) المـقـبـل، يـرتـفـع مـنـسـوب الـتـوتـر والاتهامات المتبادلة بين اللوائح المـتـنـافـسـة ومـرشـحـيـهـا، بـخـرق أحـــكـــام الـــقـــانـــون الــــــذي يـضـبـط مسار العملية الانتخابية، سواء بــصــرف الــنــفــوذ أو الاســتــئــثــار بالدعاية الانتخابية، وصولاً إلى الاتهام بدفع رشاوى مالية لشراء الأصـــــوات واسـتـمـالـة الـنـاخـبـين لتحقيق الغلبة على المنافسين، وهذا ما كشف جانبا منه المرشح عـلـى لائـحـة »الــوحــدة الوطنية« عــن المــقــعــد المـــارونـــي فــي دائـــرة (الشوف - عاليه)، زياد الشويري، الــــذي دعـــا هـيـئـة الإشـــــراف على الانتخابات إلـى »مراقبة عملية دفــع الأمـــــوال، وتــدخــلات جهات رسمية فـي الانتخابات لصالح لـوائـحـهـا، بـمـا يـعـرّض العملية لـلـطـعـن والأبـــطـــال«. الأمـــر الــذي يحظى باهتمام بـالـغ ومتابعة دقــيــقــة مـــن قــبــل بـعـثـة الاتــحــاد الأوروبـــــــي لمــراقــبــة الانـتـخـابـات اللبنانية.
ّ وقـال المرشح زيـاد الشويري فـي تصريح: »بلغتنا معلومات عن اتصالات وضغوط تمارسها بــــعــــض الـــــجـــــهـــــات الـــســـيـــاســـيـــة والأمـنـيـة، الـتـي تتدخل لمصلحة مـرشـحـين مـنـافـسـين عـلـى المقعد الماروني في اللائحتين المنافستين لـــلائـــحـــة »الـــــوحـــــدة الـــوطـــنـــيـــة«، واللتين يتوزع عليهما مرشحو أهـل السلطة وبعض المتمولين«. وأضــــاف: »تلقينا أخــبــاراً أولـيـة عــن دفـــع أمــــوال بـمـثـابـة رشـــاوى انتخابية، هـي مـوضـوع شكوى قـــبـــل الاســـتـــحـــقـــاق الانـــتـــخـــابـــي ومحط طعن بعده.«
هــذه المـعـلـومـات لـم تتبلغها هيئة الإشـراف على الانتخابات، التي أكـد رئيسها القاضي نديم عـبـد المــلــك لـــ »الــشــرق الأوســـــط،«
ّ أنـــــه لـــم يــتــلــق أي شـــكـــوى بــهــذا الخصوص، لافتاً إلـى أن الهيئة »وردتها شكوى واحدة من النائب ســـيـــرج طـــــور ســركــيــســيــان، عـن حـصـول عملية رشــوة فـي دائــرة بـــيـــروت الأولـــــــى، تــمــت إحـالـتـهـا إلـــى الـنـيـابـة الــعــامــة الـتـمـيـيـزيـة لـلاطـلاع وإجــراء المقتضى، علما بأن الشاكي (طورسركيسيان) لم يقدّم أي مستندات ثبوتية حول صحة ادعائه .«
مــــن جــهـــتــه، وتـــأكـــيـــداً عـلـى صـحـة ادعـــاءاتـــه، تـعـهـد المـرشـح الشويري بـ »متابعة هذه المسائل المـعـيـبـة، مـن أجــل تـكـويـن ملفات مـوثـقـة حـتـى نـبـنـي عـلـى الـشـيء
ّ مـــقـــتـــضـــاه«. وحــــــــذر مــــن »مـغـبـة إقــحــام مـقـام رئـيـس ّ الجمهورية للضغط على الناخبين.« وتمنى عــــلــــى الـــــرئـــــيـــــس مــــيــــشــــال عــــون »اتـخـاذ الموقف المناسب لحماية حـق الجميع فـي منافسة نزيهة ومتكافئة«. وأضاف: »أملنا كبير بـسـيـد الــعــهــد (الــرئــيــس عــــون)، وثــقــتــنــا بــخــيــار الــــنــــاس الــذيــن يـعـرفـون أن مـن يشتريهم الـيـوم يـبـيـعـهـم غـــــداً، وأن مـــن يـضـغـط عليهم يهين كرامتهم التي طالما انتفضوا لأجلها .«
وترفض هيئة الإشراف سوق روايــات حـول »جـرائـم الـرشـاوى« مـــن دون إقــرانــهــا بـالمـعـلـومـات، وإيداعها الهيئة قبل إطلاقها عبر وسائل الإعـلام. ويشدد القاضي عبد الملك، على أن »دعوى الرشوة
ّ يــجــب أن يــتــوفــر فــيــهــا عـنـصـرا الـراشـي والمـرتـشـي، وأن تعززها الوثائق والمستندات، وما لم تكن الادعــاءات قوية لن نحيلها على المرجع المختص«، مبدياً أسفه لأن »وسائل الإعلام تضجّ باتهامات مـشـابـهـة، لـكـنـهـا تـفـتـقـر إلـــى أي دليل .«
ودعا رئيس هيئة الإشـراف، كل من لديه مستندات أن »يتقدم بشكوى مفصلة يحدد فيها أين حصلت الرشوة وكيف، ومن دفع الأموال ومن قبضها حتى تتحرّك الهيئة بالاستناد إلى الوثائق،« رافــضــاً »الـتـلـهّـي وصـــرف الـوقـت بالبحث عن مزاعم غير صحيحة، لأن لـــديـــنـــا الــكــثــيــر مــــن الــعــمــل لننجزه«. ورأى أن »المشكلة لدى بـعـض المـرشـحـين أنـهـم يطلقون اتهامات غير دقيقة، ثم يقولون إن هيئة الإشراف على الانتخابات لا تكافح الرشاوى«.
ويــبــدو أن رصـــد المـخـالـفـات الانتخابية لا سيما مـزاعـم دفع المــــــال، لا يـقـتـصـر عــلــى الـجـهـات الــلــبــنــانــيــة، إذ أعــلــنــت مــصــادر مـــواكـــبـــة لــعــمــل بــعــثــة الاتـــحـــاد الأوروبـــــــي، أن »مــراقــبــي الـبـعـثـة يتابعون عن كثب مسألة الرشاوى واســـــتـــــخـــــدام المــــــــال الانـــتـــخـــابـــي فــي المــعــركــة«. وأكــــدت لــ »الـشـرق الأوســــــــط«، أن »أكـــثـــر مـــا يـشـغـل
ّ اهــتــمــام مــراقــبــي الـبـعـثـة يـتـمـثـل بـدفـع الأمــــوال، وأنـهـم يثيرونها مـع المـرشـحـين الـذيـن يلتقونهم، ويسجلون ملاحظاتهم المرتبطة بهذا الجانب، لوضع تقارير بها ورفعها إلـى مرجعيتهم، وإيـداع نسخة منها إلـى وزارة الداخلية اللبنانية .«
وشــــــددت المـــصـــادر المــواكــبــة للبعثة الأوروبية على أن الأخيرة »تعتبر أن صــرف الـنـفـوذ المـالـي واستغلال حاجة بعض الناخبين مــن الـطـبـقـة الـفـقـيـرة، وإغــراءهــم بـالمـال أكثر الـعـوامـل التي تسيء إلى مجريات العملية الانتخابية وتــشــوّه مـسـارهـا الـديـمـقـراطـي، ويـجـعـلـهـا عـرضـة للتشكيك من قبل الاتـحـاد الأوروبــي ّ والمحافل الـدولـيـة الـتـي تـراقـب بـدقـة مسار الانتخابات .«
مـن جـهـتـه، قــال عـضـو تكتل »الــتــغــيــيــر والإصـــــــــلاح« الــنــائــب زيــــــــاد أســــــــود فـــــي بـــــيـــــان: »مـــــرة جديدة تعمد بعض الجهات إلى الاتــصــال بالناخبين الجزينيين (دائرة الجنوب الأولى) عارضين عليهم مبالغ مالية وصـلـت إلى ١٥٠٠ دولار مقابل إعطاء صوتهم للنائب زياد أسـود.« وشدد على أن »لا علاقة له بهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد«، معتبراً أن »مثل تلك الألاعيب باتت مكشوفة ومـــعـــروفـــة المــــصــــدر، وإن كـانـت الاتصالات تأتي من أرقام خاصة أو ما يعرف بــ .«private number» مشيراً إلى أن »أسلوب المال وشراء الأصــوات، لـم يكن ولـن يكون من مبادئ النائب أسود الذي يعرف أبــنــاء جـزيـن حــق المـعـرفـة، حيث إن رصــيــده الـوحـيـد هــو مـواقـفـه الثابتة ومدافعته الشرسة عنهم وعـــــن حــقــوقــهــم، بــعــكــس مــــن لا يعرفون سوى لغة المال والتضليل وبيع القرار الجزيني بثلاثين من الفضة .«