رفات صدام ضائع وسط تضارب الروايات حول ما جرى لمقبرته
مصادر أشارت إلى نقله سراً... واختفاء كل أثر لقبور نجليه وابن عمه في قرية العوجة
أكــــد الــقــاضــي مـنـيـر حــــداد، نـائـب رئـيـس المحكمة الجنائية العليا في الـعـراق، التي حاكمت رمـــوز الـنـظـام الـعـراقـي الـسـابـق، أنــــه »بــعــد تـنـفـيـذ حــكــم الإعـــــدام في رئيس النظام السابق صدام حــســين، طـلـبـت عـائـلـتـه تـسـلـيـم جثمانه لغرض دفنه في مسقط رأسه بقرية العوجة في محافظة صـــلاح الـــديـــن، حـسـب الـتـقـالـيـد الإسلامية .«
وأضــاف حـداد الـذي كـان قد أشــرف على تنفيذ حكم الإعــدام في صدام حسين، وقاده إلى حبل المــشــنــقــة، فــي حــديــث لـــ »الــشــرق الأوسط،« أن »الحكومة العراقية وقتذاك وافقت على طلب عشيرة صـــــدام، وقـــد فـاتـحـتـنـا رسـمـيـا، حـــــيـــــث كـــــنـــــت وقـــــتـــــهـــــا رئـــيـــســـا لــلــمــحــكــمــة الــجــنــائــيــة الــعــلــيــا، والمشرف على عملية الإعدام بهذا الشأن، ووافقنا على ذلك «، مشيرا إلـى أن »اثنين من عشيرة صدام حــســين حـــضـــرا لـتـسـلـم الــجــثــة، وهـمـا شـيـخ عـشـيـرة الـبـونـاصـر التي ينتمي إليها صدام، ونائب محافظ صلاح الدين آنـذاك، وتم نقل الجثة إلى العوجة على متن مــروحــيــة أمــيــركــيــة«. ويـضـيـف حداد أن »الرجلين اللذين تسلما الجثة قالا لي شخصيا إن صدام تـسـبـب بـأذيـتـنـا نـحـن عشيرته، حيا وميتا«.
وبــــــشــــــأن الــــتــــقــــاريــــر الـــتـــي تـتـحـدث الآن عــن قــبــره الــســري، يقول حداد: »لا علم لي على وجه التحديد بتفاصيل ما يشار عن اختفاء جثمانه أو تفخيخ قبره، أو نقله مـن قبل ابنته، حيث إن دورنــا انتهى عند تنفيذ الحكم وتسليم الجثة إلى عائلته، طبقا لطلبهم«، مستدركا بالقول: »لقد كــنــا أكـــثـــر تــســامــحــا مــنــه حـيـث سلمناه بعدما أعـدمـنـاه، بينما هــــو حــــين أعـــــــدم أقـــربـــائـــنـــا كــان يدفنهم في مقابر جماعية«.
إلـى ذلـك يقول الشيخ أحمد العنزي، من مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين لـ »الشرق الأوسط«، إن »المــعــلــومــات الــتــي لــديــنــا أن عائلة صــدام نقلت جثمانه إلى مكان سري قبيل دخول (داعش) واحتلاله محافظة صلاح الدين«. وحـــــول مـــا إذا كــــان الــســبــب هـو الخوف عليه مما يمكن أن يعمله »داعش« أو لأسباب أخرى، يقول الـعـنـزي: »لــم يـكـن ذلــك واضـحـا؛ لكن هناك مجموعة عوامل أدت إلـــى اتــخــاذهــم هـــذا الــقــرار الــذي يــبــدو لـــم يــعــرفــه إلا عــــدد قـلـيـل جدا من عشيرته«، مشيرا إلى أن »المكان الـذي كـان فيه قبر صدام كـــان لـلـمـنـاسـبـات، وتــحــول إلـى مـزار، وغير ذلك من الأمـور؛ لكن الــقــبــر فـخـخـه (داعــــــش) بـالـفـعـل فيما بعد؛ لكن لم يكن فيه رفات صدام .«
بـــــــــدورهـــــــــا، نــــقــــلــــت وكــــالــــة الــــصــــحــــافــــة الــــفــــرنــــســــيــــة، عــن مسؤولين في »الحشد الشعبي،« أن طائرات الجيش العراقي دمرت القبر عقب دخــول »داعـــش« إلى الـعـوجـة وتـمـركـز مقاتليه داخـل القاعة؛ لكن الحشد كان أعلن في وقت سابق أن »داعش« هو الذي فخخ القبر وفجره.
روايـــــــــة الــتــفــجــيــر يــؤكــدهــا الشيخ مناف علي الـنـدى، زعيم عشيرة الـبـونـاصـر الـتـي يتحدر منها صـــدام، والمـقـيـم حـالـيـا في أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان الـعـراق. ويـقـول الـنـدى إن »القبر نبش، ثـم تـم تفجيره،« مـن دون أن يوضح المسؤولين عن عملية التفجير »لأننا لا نعرف شيئا عن العوجة مـذ غـادرنـاهـا.« يوضح الــنــدى أن الـعـوجـة الــيــوم فـارغـة تــمــامــا مـــن ســكــانــهــا، يـحـرسـهـا مـقـاتـلـون مـن »الـحـشـد«، ويمنع الــدخــول إلـيـهـا إلا بـــإذن خــاص. وغــادرت عشيرة وأقـربـاء صـدام القرية »قسرا« وفق الندى، الذي يبدي تخوفه من العودة في حال سمح لهم بذلك. ويضيف: »كنا
ُ ُ نظلم وما زلنا نظلم؛ لأننا أقارب صدام، هل يجوز أن ندفع الثمن جــيــلا خــلــف جــيــل لأنــنــا أقــــارب صدام ؟!«.
مـــن جــهــتــه، يــقــول مــســؤول أمن »الحشد« في تكريت، جعفر الغراوي: »سمعنا روايات أن أحد أقــربــائـه جــاء بــســيــارات ربـاعـيـة الـدفـع ونـبـش الـقـبـر، للثأر لعمه وأبـــيـــه الــلــذيــن قـتـلـهـمـا صــــدام. أحرق الجثة وسحلها، ولا نعرف إذا أعـادهـا أم لا.« ثم لا يلبث أن يتدارك: »نعم، نعتقد أن الجثة لا تزال هنا .«
فـي الباحة خــارج الضريح، كـــــان يــفــتــرض أن تـــوجـــد قــبــور نــجــلــي صـــــــــدام، عــــــدي وقـــصـــي، وأحـــد أحــفــاده، إضــافــة إلــى ابـن عمه علي حسن المجيد، الذي كان مستشارا رئاسيا ومسؤولا في حزب البعث؛ لكن لا أثر لذلك.
هذا الغموض يولد شائعات كثيرة. فخارج الضريح، يهمس أحــــد مــقــاتــلــي »الـــحـــشـــد« قـائـلا إن »هـــــنـــــاك روايــــــــــة تــــقــــول بـــأن ابــنــة صـــــدام، حــــلا، جـــــاءت على مــتن طــائــرة خــاصــة إلـــى الـقـريـة وسحبت جثة والـدهـا، ونقلتها إلى الأردن« حيث تعيش حاليا؛ لـكـن أحــد الـعـارفـين للقضية في المنطقة يقول، طالبا عـدم كشف هويته، إن »هذه الرواية عارية من الصحة ولا أساس لها. أصلا حلا لم تأت إلى العراق.«
ورغـم ذلـك، يؤكد المقرب من العشيرة التي كانت يوما حاكمة بــأمــرهــا، أن »جــثــمــان الـرئـيـس نـقـل إلــى مـكـان ســري، ولا يمكن معرفة المكان أو الأشخاص الذين نـقـلـوه.« ويلمح إلـى أن القبر لم يقصف؛ بل تم تفجيره، لافتا إلى أن »قبر والده، في مدخل تكريت، تم تفجيره أيضا.«