Asharq Al-Awsat Saudi Edition

من قمة القدس إلى قمة الاقتصاد

- حسين شبكشي

انــعــقــ­دت الــقــمــ­ة. ولـــعـــل هــــذا هـو الــخــبــ­ر الأهــــم لأن مــشــاهــ­د الانــقــس­ــام الــــحـــ­ـادة بـــين الــــــدو­ل الــعــربـ­ـيــة كــانــت تــهــدد انــعــقــ­اد الـقـمـة نـفـسـهـا، حـسـب آراء أكثر المتفائلين. والإنـجـاز الأبـرز لــهــذه الــقــمــ­ة هـــو إعـــــادة الـــقـــد­س إلــى صدر المشهد السياسي العربي، بعد مــحــاولا­ت خـطـف هــذا المـلـف مــن قبل إيران وتركيا.

هــنــاك حــالــة مـــن »الإنــــكـ­ـــار« لــدى بــعــض الــحــكــ­ومــات الــعــربـ­ـيــة الــتــي لا تـــرغـــب فــــي تــســمــي­ــة إيــــــــ­ران وتــركــيـ­ـا بـــأنـــه­ـــمـــا يــــــهــ­ــــددان الأمــــــ­ـــن الـــوطـــ­نـــي العربي من خلال احتلالهما الصريح لأراضٍ عربية، وتدخلات صريحة في سـيـاسـات بـعـض الـــدول الـعـربـيـ­ة من جهة أخرى.

إيـــــران تـحـتـل ٤ عــواصــم عـربـيـة، حـسـب تـصـريـحـه­ـا الـرسـمـي والمـعـلـن بذلك، بالإضافة إلى الجزر الإماراتية الــثــلاث. كــل هــذه المـشـاهـد تـجـعـل من إيران وتركيا خطراً حقيقياً وواقعياً عــمــلــي­ــاً ولـــيـــس فــــزاعــ­ــة أو تــنــظــي­ــراً. اتـفـاق الـعـرب »الــرمــزي« عـلـى المـوقـف الــســعــ­ودي الـــرائــ­ـد فــي إعـــــادة قـضـيـة الــعــرب الأولــــى المــركــز­يــة إلـــى واجـهـة الساحة والتركيز على إبــراز الموقف المعارض على قرار ترمب بنقل السفارة الأمـيـركـ­يـة إلـى الـقـدس واعـتـرافـ­ه بها كعاصمة لإسرائيل، فيه إحياء لموقف موحد في قضية كبيرة، وفيه أيضاً دعم واضح وصريح وعملي للقيادة الفلسطينية ضد مخططات التقسيم البيني الداخلي.

كــــان واضــــحــ­ــاً، وبــشــكــ­ل لا يـقـبـل الـــــجــ­ـــدال والـــــشـ­ــــك، الـــعـــز­لـــة الــهــائـ­ـلــة والـعـظـيـ­مـة الـتـي تعيشها دولــة قطر ووضعها الشاذ والمنبوذ، فالكل كان يتفادى التعامل معها ومع مندوبها الــذي حـضـر. إنـه التحجيم لقطر في أمـــــرّ وأقـــســـ­ى صـــــورة مــســتــح­ــقــة. كـل الأمـل أن تفكر جامعة الـدول العربية فـــي تــبــنــي الاقـــتــ­ـصـــاد هـــدفـــاً وحــيــداً لـلـقـمـة الــقــادم­ــة فــي تــونــس، وأن تتم فـيـهـا مـنـاقـشـة مـشـاريـع مـحـددة مثل ربط الكهرباء بين الدول العربية ومد السكك الحديدية.

مـــشـــار­يـــع مــــن شـــأنـــه­ـــا أن تــكــون بـعـيـدة عــن الــشــعــ­ارات والـتـجـاذ­بـات، مــشــاريـ­ـع قـابـلـة لــلإنــجـ­ـاز وبــالإمــ­كــان قــيــاســ­هــا فـعـلـيـاً عــلــى أرض الـــواقــ­ـع، مـــشـــار­يـــع مـــن المــمــكـ­ـن أن تــســهــم فـي تحسين جودة الحياة للمواطنين من الدول العربية المختلفة، وتوفر مئات الـفـرص الوظيفية، ليكون الاقتصاد هـو الـهـدف ولـتـأخـذ الـسـيـاسـ­ة قسطاً من الراحة المستحقة. الاقتصاد يبعث على الأمل ويُنبت الهمم، أما السياسة فـهـي مـحـبـطـة ومــقــرفـ­ـة ومـــؤديــ­ـة إلـى التشرذم.

آن الأوان لأن يكون الاقتصاد سيد القمم العربية، فلقد أخذت السياسة وقتها وحجمها، وكـانـت إخفاقاتها أكثر بكثير من أي إنجاز يُحسب لها. بــل إن الـقـضـيـة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة نفسها لـو يـتـم الـتـركـيـ­ز عليها مـن الـجـوانـب الاقتصادية التي فيها تعزيز للوجود سيكون الإنجاز أوقع وأهم.

جرّبنا السياسة بما فيه الكفاية فلنفتح المجال للقمم الاقتصادية من باب التغيير. ليس لدينا ما نخسره بعد أن خسرنا الكثير من قبل. نجاح الــســعــ­وديــة فـــي تــنــظــي­ــم قــمــة عـربـيـة مركّزة وفعالة يبعث الأمل في إمكانية تحقيق المزيد من الأفكار الجديدة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia