Asharq Al-Awsat Saudi Edition

مسار رفع الفائدة في أميركا بات أسرع مما كان متوقعاً

معدلات التضخم تتزايد بوتيرة لافتة

- لندن: مطلق منير

كـــشـــفـ­ــت مـــحـــاض­ـــر اجـــتـــم­ـــاع الــلــجــ­نــة الـــفـــي­ـــدرالـــ­يـــة الأمــيــر­كــيــة لـلـسـوق المـفـتـوح­ـة أن المـسـؤولـ­ين قــلــلــو­ا مـــن أهــمــيــ­ة قــــــراء­ات الـنـمـو البطيء فـي الـربـع الأول، وأعـربـوا عــن ازديـــــا­د ثـقـتـهـم فــي الاقـتـصـا­د الأميركي.

واتــــفــ­ــقــــت غـــالـــب­ـــيـــة واضـــعـــ­ي السياسات على أن الرفع الإضافي لأسعار الفائدة ستكون له مبررات قوية هـذا العام في ظل التوقعات بتحسن ظـروف سوق العمل، وأن يــرتــفــ­ع الــتــضــ­خــم الأســـاسـ­ــي إلــى الـنـسـبـة الـتـي تستهدفها اللجنة والــبــال­ــغــة ٢ فـــي المـــائــ­ـة فـــي المـــدى المتوسط.

وأشار تقرير صادر عن دائرة الــــــدر­اســــــات والأبـــــ­حـــــاث فــــي بـنـك الكويت الوطني إلى وجـود اتفاق بين واضعي السياسات بالنسبة للسنة الحالية، ولكن هناك خلاف حـــــول المــــســ­ــار المــــلائ­ــــم لـلـسـيـاس­ـة النقدية في ٢٠١٩ و٢٠٢٠.

وتشير محاضر الاجتماع إلى أن المسار الملائم لسعر الفائدة على الأمــــوا­ل الـفـيـدرا­لـيـة فـي الـسـنـوات القليلة المقبلة سيكون على الأرجح أكثر حـدة قليلا مما كـان متوقعا سابقا.

ويـــعـــن­ـــي تـــوقـــع مـــســـار أكــثــر حدة تغيرا من ثلاث مرات من رفع الفائدة هذه السنة إلى أربع مرات وأكثر في ٢٠١٩ و٢٠٢٠.

وعلى صعيد التضخم رصد التقرير ارتفاع الأسعار في أميركا الشهر الماضي بعد أن ارتفع مؤشر سعر المستهلك من ٢٫٢ في المائة إلى ٢٫٤ فـي المـائـة، فيما ارتـفـع مؤشر سعر المستهلك الأسـاسـي مـن ١٫٨ في المائة إلى ٢٫١ في المائة. وتشير هذه الأرقام إلى أن التضخم ارتفع بأسرع وتيرة له في سنة، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى تغيير في طـريـقـة احـتـسـاب الـتـضـخـم إذ لم يـتـم احـتـسـاب الــرســوم المـتـراجـ­عـة لـلـهـواتـ­ف الـنـقـالـ­ة، الـتـي خفضت الـنـمـو الـسـعـري الـسـنـة المـاضـيـة. وبــالــتـ­ـالــي، كـــان الــتــوقـ­ـع الـسـابـق لمــجــلــ­س الاحــــتـ­ـــيــــاط الـــفـــي­ـــدرالـــ­ي صـحـيـحـا بــــأن تــكــالــ­يــف خــدمــات الهواتف النقالة عاملا كبيرا وراء الـتـضـخـم المـنـخـفـ­ض. وستضيف المؤشرات الأخيرة المزيد من الدلائل على أن الضغوطات السعرية هي شاملة وفي ارتفاع.

وعـــلـــى صــعــيــد المــنــتـ­ـج، جــاء الــنــمــ­و الــســعــ­ري الــشــهــ­ر المــاضــي فوق التوقعات بالنسبة للتضخم الـكـلـي والـتـضـخـ­م الأســاســ­ي. فقد ارتفع المعدل السنوي لمؤشر سعر المنتج من ٢٫٩ في المائة إلـى ٣ في المـائـة مـع ارتــفــاع المـعـدل الشهري بنسبة ٠٫٣ في المائة. وارتفع الرقم الأساسي بنسبة ٠٫٤ في المائة من شهر لآخر، وبلغت نسبة الارتفاع من سنة لأخرى تبلغ ٢٫٩ في المائة.

وهــــذا هــو أكــبــر ارتـــفـــ­اع منذ أغــســطــ­س (آب) ٢٠١٤ بـالـنـسـب­ـة للبيانات الأساس. ويدعم الارتفاع الواسع النطاق في أسعار الجملة الـــــرأي بـــأن الـتـضـخـم فــي ارتــفــاع هــــذه الــســنــ­ة. ويــعــتــ­قــد كــثــيــر مـن الاقتصاديي­ن أن تقييد سوق العمل وضــعــف الـــــــد­ولار والـــدعــ­ـم المــالــي عوامل ستدعم النمو السعري.

عـــلـــى صــعــيــد مـــتـــصـ­ــل، كـــان الأســــــ­بــــــوع المـــــاض­ـــــي ســيــئــا عـلـى مـــســـتـ­ــوى كـــثـــيـ­ــر مـــــن الـــبـــي­ـــانـــات الاقـتـصـا­ديـة مـع اسـتـمـرار تنامي الاضطراب السياسي العالمي. وكان احتمال اشتباك بين القوى الغربية وروســيــا فـي سـوريـا مهيمنا في الغالب على اتجاه الأسـواق. وفي هــــذه الأثــــنـ­ـــاء، انــخــفــ­ض مـنـسـوب الـــتـــو­تـــر مـــن حـــــرب تـــجـــار­يـــة بـعـد أن قـدمـت كـل مـن أمـيـركـا والـصـين بـوادر إيجابية. فقد وعد الرئيس الـــصـــي­ـــنـــي بـــخـــفـ­ــض الــــضـــ­ـرائــــب عــلــى الــــــــ­ـــواردات وفـــتـــح الأســــــ­واق أكــثــر. ومــن نـاحـيـة أمـيـركـا، أشــار الرئيس ترمب إلـى أن المفاوضات مــع الــصــين سـتـفـضـي إلـــى نـتـائـج إيجابية، فيما كـرر تفاؤله حيال اتفاقية نافتا. وكان اقتراح إعادة الانـضـمـا­م لاتـفـاقـي­ـة الـشـراكـة عبر المـحـيـط الــهــادي المـفـاجـأ­ة الكبرى التي تشير إلى تحول محتمل في الاستراتيج­ية.

وفــــي هــــذه الأثــــنـ­ـــاء، تـتـراجـع عملات المـلاذ الأمـن (الـين الياباني والـفـرنـك الـسـويـسـ­ري) بـالاقـتـر­ان مـــع الــتــحــ­ســن الـــحـــذ­ر فـــي اتــجــاه المستثمرين العالميين نحو المخاطر. وقــد تـراجـعـت المــخــاو­ف المـتـزايـ­دة حـيـال حـرب تـجـاريـة عـالمـيـة، وفي الوقت نفسه، فإن لتنامي المخاطر الــجــيــ­وســيــاسـ­ـيــة مـــن الــتــطــ­ورات المستمرة في سوريا تأثيرا سلبيا على الأسواق العالمية.

وعـلـى صـعـيـد الـعـمـلات، كـان الدولار ضعيفا في بداية الأسبوع عقب صــدور آخــر تقرير للرواتب غير الـزراعـيـ­ة والــذي جـاء أضعف من المتوقع. ولعب أيضا التحسن في إقبال المستثمرين على المخاطر دورا بعد أن وعد الرئيس الصيني شــــي جــيــنــب­ــيــنــغ بــفــتــح اقــتــصــ­اد البلاد أكثر وخفض الـرسـوم على الــواردات. واستمر الزخم السلبي لــــلــــ­دولار يـــــوم الأربـــــ­عـــــاء المــاضــي بسبب احتمال التدخل العسكري الأميركي في سوريا. وتغير المسار السلبي للدولار في نهاية الأسبوع بـعـد أربــعــة أيـــام مــن الـتـراجـع مع تــضــاؤل المـــخـــ­اوف حــيــال الـخـطـر مــن اشـتـبـاك بــين الــقــوى الـغـربـيـ­ة وروسيا في سوريا. وفي الإجمال، تراجع الدولار الأميركي بنسبة ٠٫٤ في المائة خلال الأسبوع الماضي.

أمــا بالنسبة للعملة المـوحـدة، فلم يتردد اليورو في الاستفادة من ضعف الـــدولار فـي بـدايـة الأسـبـوع. ولــقــي أيــضــا المـــزيــ­ـد مـــن الـــدعـــ­م من رئيس البنك المركزي الأوروبي حين قــال إن الــتــراج­ــع فــي ســوق الأسـهـم هذه السنة لم يكن له أي تأثير مادي على الظروف المالية لمنطقة اليورو، واقترح أن يبقى واضعو السياسات هــادئــين بــشــأن الـتـقـلـب الأخــيــر في الأسواق.

وكــان لأحـد واضـعـي السياسة في البنك المركزي الأوروبــي، إيوالد نـووتـنـي، تعليقات إيجابية أيضا بـعـد أن دعـــا الـبـنـك إلـــى المـضـي في سياسته النقدية التقييدية تدريجيا وأن يبدأ بمعدل الفائدة على الودائع. ولـــكـــن الــــيـــ­ـورو تــــراجــ­ــع فــــي نـهـايـة الأسبوع مع ارتفاع الدولار. وساهم تراجع المخاوف من تصعيد وشيك للصراع بين أميركا وروسيا في إزالة أحد عوامل دعم اليورو، وهو موقعه كملاذ آمن بامتلاكه فائضا ضخما في حسابه الحالي. وارتفع اليورو بنسبة ٠٫٥٢ فـي المـائـة فـقـط مقابل الدولار في أسبوع التداول الماضي.

وأثـــــــ­ـــــــــا­ر اجــــــتـ­ـــــمــــ­ــاع واضـــــعـ­ــــي الـــســـي­ـــاســـات فـــــي الـــبـــن­ـــك المــــركـ­ـــزي الأوروبـــ­ـــــــي الــشــهــ­ر المـــاضــ­ـي الـقـلـق بـشـأن الـحـمـائـ­يـة الـتـجـاري­ـة ورفـض إعـــلان أن الــظــروف مـلائـمـة تقريبا لإنهاء برنامج البنك لشراء السندات. وكشف اجتماع المجلس الحاكم أن واضـعـي الـسـيـاسـ­ات كـانـوا قريبين مــن بـلـوغ الــهــدف بـوضـع التضخم عـلـى مــســار مـسـتـدام نـحـو الـنـسـبـة المـــســـ­تـــهـــدف­ـــة فـــــي المـــــــ­ـدى المــتــوس­ــط والبالغة ٢ فـي المـائـة تقريبا. ولكن المــــســ­ــؤولــــي­ن خـــلـــصـ­ــوا إلــــــى أنــــــه لـم يكن هـنـاك دلـيـل كـاف للقيام بذلك، وقـــال بـعـض الأعــضــا­ء إن الـتـبـاطـ­ؤ فــي الاقــتــص­ــاد قــد يــكــون أكــبــر مما يعتقدونه.

وكــان مبعث القلق الـثـانـي هو قـــوة الـــيـــو­رو فــي الأشــهــر الأخــيــر­ة، ويـــــرجـ­ــــع ذلــــــك بــشــكــل جــــزئـــ­ـي إلـــى المــخــاو­ف مـن الحمائية الأمـيـركـ­يـة. ولــم يـخـفـض تـحـرك الــيــورو مقابل الــــدولا­ر الـطـلـب بـشـكـل كـبـيـر، ولكن واضـعـي الـسـيـاسـ­ات وصـفـوا سعر الصرف بأنه »مصدر كبير« للقلق، وتوقع بعضهم تأثيرا أكثر سلبية على التضخم.

وفـــي الإجـــمــ­ـال، فـــإن المـجـمـوع­ـة الأكثر تأثيرا في المجلس، بمن فيها رئيس البنك ماريو دراغـي ورئيس الاقتصاديي­ن بيتر برايت، تعتقد أنه لا يزال هناك مجال للتنفس.

ومن ناحية أخرى، قال واضعو السياسات إن الـقـدرة الإضـافـيـ­ة قد اسـتـهـلـك­ـت بـشـكـل كـبـيـر فــي منطقة اليورو وإن المسألة هي مسألة وقت قبل أن يرتفع التضخم. وبذلك يمكن لـلـبـنـك المــركــز­ي الأوروبـــ­ـــي أن يـقـيّـد سياسته النقدية ويعطي وقتا للنمو السعري لكي يرتفع.

ودعـــا عـضـو المـجـلـس الـحـاكـم، إيوالد نووتني، مؤخرا البنك للمضي في العملية لضمان أن تأخذ منهجا تدريجيا وأن تبدأ بسعر الفائدة على الـودائـع، الـذي كان في نطاق سلبي منذ منتصف ٢٠١٤. وقد توقع البنك أن يـكـون التضخم الأسـاسـي قريبا جدا من ٢ في المائة في ٢٠٢٠. ويبدو أن الـبـنـك يــحــاول جــاهــدا أن يـكـون صقوريا دون التسبب بارتفاع حاد في العملة الموحدة.

أمـــــــا الـــجـــن­ـــيـــه الإســتــر­لــيــنــي فـــحـــاف­ـــظ عـــلـــى أدائــــــ­ـــه الإيـــجــ­ـابـــي الأسبوع الماضي وكان الأفضل أداء بين عملات دول مجموعة العشر. وارتفع الجنيه إلى أعلى مستوى له منذ أواخر يناير (كانون الثاني) مقابل الدولار وهو قريب من أعلى مـسـتـوى لـه مـقـابـل الــيــورو. وكـان وراء هذا الارتفاع تحسن التوقعات السياسية، وانـتـعـاش طفيف في المؤشرات الاقتصادية وقوة مؤشر »هـــالـــي­ـــفـــاكـ­ــس« لــســعــر المــســاك­ــن. وكان واضعو السياسات في بنك إنجلترا قد حذروا الأسواق مؤخرا مـــن رفــــع قـــــادم لأســـعـــ­ار الــفــائـ­ـدة، وتـتـوقـع الأســـواق الآن أن تصوّت لجنة السياسة النقدية على رفع آخــــر فـــي اجــتــمــ­اع مـــايـــو (أيـــــــا­ر). ويـمـيـل رفـــع أســعــار الــفــائـ­ـدة إلـى دعم العملات مع تدفق الرساميل الخارجية إلـى الــدول التي ترتفع فيها العوائد، ويمكن أن نرى ذلك بشكل خاص في تحركات اليورو مـقـابـل الـجـنـيـه. وارتـــفــ­ـع الـجـنـيـه بـمـقـدار ١٤٤ نـقـطـة أســـاس مقابل الدولار الأسبوع الماضي.

في المقابل، كان الملاذ الآمن الين في ارتفاع حتى الخميس الماضي مع استمرار تقلب الأسواق ما بين الإقــبــا­ل عـلـى المـخـاطـر والابـتـعـ­اد عنها. وبدأ الين تراجعه منتصف الـخـمـيـس مــع انــخــفــ­اض تــوتــرات الحرب بعد أن خفف الرئيس ترمب لهجته. وبالإضافة إلى ذلك، كشفت المـــحـــ­اضـــر الــصــقــ­وريــة لاجــتــمـ­ـاع مـجـلـس الاحــتــي­ــاط الــفــيــ­درالــي أن أسعار الفائدة قد ترتفع أكثر هذه الـسـنـة، والــين حـسـاس جــدا تجاه السياسات النقدية للدول الأخرى. ويرجع السبب في ذلك إلى النظرة بأن بنك اليابان سيكون بين آخر البنوك المركزية الرئيسة في تقييد سياسته النقدية. وخسر الين ٠٫٣٨ في المائة من قيمته مقابل الدولار فــي الأيـــــا­م الـخـمـسـة الأخـــيــ­ـرة من التداول.

ومن ناحية السلع، قد يستمر المــعــدن الأصــفــر فــي ارتـفـاعـه هـذه الــســنــ­ة بــعــد الارتـــفـ­ــاع الــقــوي في ٢٠١٧. والسبب الأهم وراء ذلك هو ارتفاع الطلب على الذهب في أوقات الخطر والتقلب. وسيوفر ازديـاد التقلب فـي أســـواق الأسـهـم أيضا دعما لأسـعـار الـذهـب كما شهدنا سابقا هذه السنة. وخلال الأسبوع الماضي، ارتفع الذهب بنسبة ٠٫٨٧ فـي المـائـة مقابل الــدولار مـع إلقاء الــــتـــ­ـوتــــرات الــســيــ­اســيــة الــعــالم­ــيــة بـظـلالـهـ­ا قـلـيـلا عـلـى الأسـاسـيـ­ات الاقتصادية الأميركية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia