Asharq Al-Awsat Saudi Edition

تقلبات كبيرة في قيمة الروبل والبورصة الروسية

المؤشرات نحو تجاوز الصدمة وتبقى أسيرة قلق من عقوبات جديدة

- موسكو: طه عبد الواحد

لــم يـتـمـكـن الــروبــل الــروســي مـن تحسين وضعه أمـس، بينما هـــبـــطـ­ــت قـــيـــمـ­ــة أســــهـــ­ـم شـــركـــا­ت روسية عملاقة طالتها العقوبات الأميركية إلى أدنى المستويات في تاريخ تداولها في البورصة، وذلك على الرغم من تراجع تأثير عوامل جــيــوســ­يــاســيــ­ة جــــــاءت بـمـثـابـة صدمة للاقتصاد الروسي.

وكـــانـــ­ت مــــؤشـــ­ـرات الــســوق الــروســي­ــة تــراجــعـ­ـت بـمـسـتـوي­ـات كبيرة منذ مطلع الأسبوع الماضي، مــــتــــ­أثــــرة بـــعـــقـ­ــوبـــات فــرضــتــ­هــا الـولايـات المتحدة على مجموعة مــن أغـنـيـاء روســيــا المـقـربـي­ن من الــكــرمـ­ـلــين، والــــذيـ­ـــن يـسـيـطـرو­ن على شـركـات ومؤسسات كبرى، بعضها استراتيجي، مثل شركة »روســـــــ­ــال« لــلألمــن­ــيــوم. وجـــــاءت تــــهــــ­ديــــدات الـــرئـــ­يـــس الأمـــيــ­ـركـــي بتوجيه ضربة للنظام السوري لـتـزيـد مــن حــالــة الاضـــطــ­ـراب في الـــســـو­ق، وكـــــان هــــذا فـــي مـرحـلـة »ترقب الضربة«، بينما لم تخلف الضربة بعد وقوعها أي تداعيات ســلــبــي­ــة تُــــذكــــ­ر عـــلـــى المــــؤشـ­ـــرات الــرئــيـ­ـســيــة فـــي الـــبـــو­رصـــات فـي موسكو.

بــدايــة مــن الــروبــل الــروســي؛ كان خلال التداولات أمس يحاول اســـــتــ­ـــعـــــا­دة بـــعـــض مـــــا خـــســـره، وتقلب من ساعة لأخرى، هبوطا وصـعـودا، لكن ضمن مستويات محدودة، أبقته على مسافة بعيدة عن إمكانية العودة إلى مستويات قبل العقوبات، أي حين كان سعره ٥٧ (روبل) تقريبا مقابل الدولار. وحسب نشرة »المركزي« لأسعار العملات أمس، ارتفع سعر اليورو عــن آخـــر إغـــلاق نـهـايـة الأســبــو­ع المــاضــي نـحـو ١٫٠٩ روبـــل، حتى ٧٦٫٨٤٠ روبـل لكل يـورو، وارتفع الدولار نحو ٨٥ كوبييك (الروبل ١٠٠ كـوبـيـيـك) أي حـتـى ٦٢٫٢٧٩ روبــــــل لــكــل دولار. فــــي غــضــون ذلـك لـم يتراجع تأثير العقوبات الأمـيـركـ­يـة عـلـى بـعـض الـشـركـات الـروسـيـة، وفــي مقدمتها شركة »روســــال« لـلألمـنـي­ـوم، الـتـي هبط سعر أسهمها في بورصة هونغ كونغ أمس بنسبة ٢٨ في المائة، أي حتى ٠٫١٨ دولار لكل سهم، وهو أدنى سعر يُسجل منذ طرح أسهم الشركة فـي بـورصـة هونغ كونغ عام ٢٠١٠. وفي بورصة موسكو تراجع سعر أسهم »روســال« في بــدايــة الـــتـــد­اولات بـنـسـبـة ٢٣ في المائة، ومن ثم تحسن قليلا وبقي الهبوط عند ١١ في المائة.

وإذ تـبـدو الــســوق الـروسـيـة كأنها تتجه نحو تجاوز مرحلة الـصـدمـة، على خلفية العقوبات والتصعيد فـي سـوريـا، إلا أنها لـم تتحرر بعد مـن تداعيات تلك الصدمة.

ووصـــــــ­ـــف الــــبـــ­ـنــــك المـــــرك­ـــــزي الروسي ما شهدته السوق خلال الأسبوع الماضي بأنه »مفاجأة«، وقال إيغر دميتريف، نائب رئيس مديرية السياسة الائتمانية في »المركزي« الروسي في تصريحات أمس، إن التراجع الحاد للروبل، كان غير متوقعا بالنسبة للبنك المــــــر­كــــــزي، تـــمـــام­ـــا كـــمـــا لــــم تـكـن الــعــقــ­وبــات الأمــيــر­كــيــة مـتـوقـعـة، لـكـنـه شـــدد عـلـى أن هـــذا كـلـه لم يشكل صدمة لـ »المركزي«.

مــن جـانـبـهـا، قـالـت كسينيا يودايفا، نائبة مديرة »المركزي« الروسي إن »الوضع الذي نشهده فــــي الــــســـ­ـوق حــالــيــ­ا يــشــيــر إلــى توازن، وكانت هناك دوماً عروض بــيــع ومــقــابـ­ـلــهــا عـــــروض لــشــراء العملات الصعبة«، وأشـارت إلى أن »تقلبات سعر صـرف الـروبـل خلال الأيـام الماضية، لم تتجاوز المؤشرات التي كنا نلاحظها في تـقـلـبـات حـــادة سـابـقـة«. وعـبـرت عـن قناعتها بــأن »قـــدرة الـسـوق عـلـى الـتـكـيـي­ـف سـمـحـت بـتـفـادي تهديدات الاستقرار المالي«، ولهذا »لـــم تــكــن هــنــاك حــاجــة لـلـتـدخـل الـــســـر­يـــع مــــن جـــانـــب (المــــركـ­ـــزي) الــروســي«، وأكـــدت أن »المـركـزي« الـروسـي رغـم ذلـك يراقب الوضع ومـــتـــأ­هـــب لـــلـــتـ­ــحـــرك، و»يـــتـــوف­ـــر لــديــنــ­ا كــثــيــر مـــن الأدوات الـتـي يمكن استخدامها في حال نشوء مخاطر للاستقرار المالي.«

ويرى محللون في السوق أن الروبل الروسي يبقى ضمن حالة الترقب، وربما لن يتمكن قريبا من استعادة النزعة الإيجابية نحو الارتفاع أمام العملات الرئيسية، ويعزون ذلك إلى جملة أسباب، في مقدمتها تلويح الولايات المتحدة بحزمة جـديـدة مـن العقوبات قد يُعلن عنها قريبا ضد شخصيات ومــؤســسـ­ـات وشـــركـــ­ات روســيــة، قــدمــت الــدعــم لـلـنـظـام الــســوري. فضلا عـن ذلـك، تبقى سـوق المـال الـروسـيـة عـرضـة لـتـأثـيـر الـتـوتـر الـــســـي­ـــاســـي فــــي الــــعـــ­ـلاقــــات بـين روســـيـــ­ا والــــغــ­ــرب، فـــي ظـــل بـقـاء الأبــواب مفتوحة على احتمالات التصعيد. ويـبـدو أن »المـركـزي« الـروسـي يستعد لـكـل الـتـطـورا­ت المحتملة، بما في ذلك أن تؤثر تلك العوامل على الاقتصاد الروسي ومـسـتـوى الـتـضـخـم، ومـؤشـرات أخـــرى تــؤثــر عـلـى سـعـر الـفـائـدة الأســــاس­ــــي؛ إذ أعــلــن »المـــركــ­ـزي« أمس عن قراره إلغاء »منع« إقرار زيادة سعر الفائدة، مما يعني أنه لا يستبعد ظروفا اقتصادية قد تدفعه لاتخاذ خطوة كهذه.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia