مخاوف من التمويلات المشبوهة وراء إحجام تونس عن اعتماد »بيتكوين«
حــــــافــــــظ الـــــبـــــنـــــك المــــــركــــــزي الـتـونـسـي عـلـى مـوقـفـه الـرافـض لاســـتـــعـــمـــال الـــعـــمـــلـــة الــرقــمــيــة المـــشـــفـــرة »بــيــتــكــويــن« وتـمـسـك بضرورة إجراء دراسات للوقوف عـلـى خـصـائـص استعمالها في السوق المالية التونسية، إضافة إلـــــى عـــــدم تـــلاؤمـــهـــا مـــع الـبـنـيـة التحتية المـالـيـة لـتـونـس. مؤكدا عـلـى ضــــرورة تـوفـيـر إمـكـانـيـات تكنولوجية عالية لتعقب مسار الأموال المتدفقة عبر هذه العملة لـتـفـادي استعمالها فـي أغـراض مشبوهة.
واعــتــبــرهــا بـعـض المـحـلـلـين المــــالــــيــــين الـــتـــونـــســـيـــين »عــمــلــة خيالية« أو نظاما ماليا موازيا أو »عـمـلـة افـتـراضـيـة مشبوهة« تــــفــــرض الــــــتــــــروي ومــــــزيــــــدا مـن الانــتــظــار قـبـل اعـتـمـاد الـعـمـلات الـــرقـــمـــيـــة، فــيــمــا عــــــدد الــبــعــض مـزايـاهـا على مستوى المـبـادلات الــتــجــاريــة وإمــكــانــيــة احــتــفــاظ تــونــس بــجــزء مــن احـتـيـاطـاتـهـا المالية من النقد الأجنبي.
وتــــــونــــــس ضــــمــــن الـــقـــائـــمـــة السوداء للبلدان التي تمثل ملاذا ضـريـبـيـا، والــــدول المــدرجــة أكثر عـرضـة لتمويل الإرهـــاب وغسل الأمــــوال، هـو مـا جعلها تتحفظ عـــلـــى اســــتــــخــــدام هــــــذه الــعــمــلــة الــرقــمــيــة المـــثـــيـــرة لــلــجــدل عـلـى المستوى العالمي.
وتـــشـــيـــر هـــيـــاكـــل قــانــونــيــة وقضائية تونسية إلـى إمكانية اسـتـخـدامـهـا لـتـسـهـيـل عـمـلـيـات تــحــويــل الأمـــــــــوال لــلإرهــابــيــين، وتــمــويــل عــمــلــيــات إرهـــابـــيـــة أو تـسـهـيـل عـمـلـيـات غـسـل الأمــــوال ونـــقـــلـــهـــا بــــــين الــــــــــــدول إضــــافــــة إلــــى إمــكــانــيــة اســتــخــدامــهــا مـن قــبــل الــقــراصــنــة عــلــى الإنــتــرنــت للحصول على الأموال.
وتـــؤكـــد تــقــاريــر اقـتـصـاديـة محلية عـلـى إمـكـانـيـة الـحـصـول على بيتكوين في تونس خاصة أن مــواقــع الــتــداول تـشـهـد إقـبـال عـدد من التونسيين عليها، مما ينبئ بإمكانية تـوسـع نشاطها بـين الأفــراد خـلال الفترة المقبلة، غير أن ارتـفـاع مخاطرها المالية في السوق لم يشجع الكثير منهم على التعامل بواسطتها خاصة بعد أن فقدت نصف قيمتها في وقت قياسي.
وفــي هــذا الــشــأن، قــال سعد بــومــخــلــة الــخــبــيــر الاقــتــصــادي والمــــالــــي الــتــونــســي بـــــأن تـــــداول الــــعــــمــــلــــة الــــــجــــــديــــــدة »ســـيـــخـــل بــــــالــــــضــــــرورة بـــمـــنـــظـــومـــة نــقــل الأمــــــــوال بــطــريــقــة تــقــلــيــديــة مـن خلال المنظومة البنكية، وهو ما ييسر بـيـع المـمـنـوعـات والـتـهـرب مـــن الـــضـــرائـــب، ويــجــعــل مـهـمـة البنك المـركـزي التونسي صعبة فـي مـراقـبـة تــداول الـنـقـد. كما أن الــتــذبــذب وعـــــدم الاســـتـــقـــرار في قـيـمـتـهـا قـــد يــســاعــد عــلــى مـنـع تداول هذه العملات«. وأضـــــــاف بــومــخــلــة أن هــذه
ّ الـــشـــبـــكـــات تــــوف ــــر فــــي المـــقـــابـــل، ربحا ماليا قد لا تحققه البنوك العادية إضافة إلى كون الرسوم الــضــريــبــيــة المــــفــــروضــــة عـلـيـهـا منخفضة لأن العملة لا تنتقل، بل رمـز العملة هـو الــذي يـخـرج من حساب ويدخل إلى حساب آخر، وهـو ما قد يكون عاملا حاسما لفائدتها.
وأشــــــــــار إلــــــى أن عــــــــددا مـن الدول على غرار كوريا الجنوبية والمــمــلــكــة الــعــربــيــة الــســعــوديــة ومـصـر منعت التعامل بالعملة الـرقـمـيـة المــشــفــرة، كـمـا أن عــددا مـن الـبـنـوك حــول الـعـالـم أرسـلـت مذكرات تحذير إلى عملائها من مخاطر الاستثمار فـي العملات الرقمية.
وفي السياق ذاته، لا ينصح عــــــادل الـــطـــويـــل الــخــبــيــر المــالــي الــــتــــونــــســــي، بـــالاســـتـــثـــمـــار فـي العملات الرقمية، ويــرى أن هذا الـــنـــوع مـــن المــنــتــجــات المــالــيــة لا يضمن شروط الاستثمار الحذر والآمـن بالنظر إلى ارتفاع نسبة المخاطرة »اعتبارا أن الاستثمارات في العملة الرقمية تشهد تقلبات خلال دقائق وساعات معدودة.«
وبـحـسـب الـتـونـسـي مـبـارك الــــخــــمــــاســــي عــــضــــو الــجــمــعــيــة التونسية للحفاظ على المؤسسة، لا يــبــدو أن تــونــس تـتـجـه نحو الـــتـــعـــامـــل بـــالـــعـــمـــلات الــرقــمــيــة المـــشـــفـــرة لـــعـــدة عــــوامــــل أهــمــهــا المخاوف من التمويلات المشبوهة وتبيض الأموال.
ويرى مبارك أن هذه العملات لديها بعض الإيجابيات إذ أنها تساعد المؤسسة على المرونة في الدفع وتمويل المبادلات التجارية وهذا الأمر يمكّن من الحفاظ على مخزون البلاد من النقد الأجنبي: »إلا أن نسبة المخاطر تفوق بكثير هــذه الإيـجـابـيـات المــحــدودة فلا أحد يعرف من يقف وراءها سواء أكان بنكا مركزيا يقوم بضخها في الأسواق أو وزارة مالية تراقب تعاملاتها ولا يمكن معرفة من يديرها ومن يتحكم فيها من وراء الستار .«