Asharq Al-Awsat Saudi Edition

سانتو: فلسفتنا صعدت بوولفرهامب­تون إلى الدوري الممتاز

المدير الفني البرتغالي تحدى صعوبات دوري الدرجة الأولى الإنجليزي بأفكاره الجديدة

- لندن: نونو إسبيريتو سانتو

عـنـدمـا تفكر فـي الـعـمـل في دوري الـدرجـة الأولــى بإنجلترا وعـنـدمـا تــعــرض عـلـيـك وظـيـفـة مدرب في هذه المسابقة، فإن أول سؤال يتبادر إلى ذهنك هو: هل يمكنني أن أجعل أفكاري تنجح فــــي هـــــذه الـــبـــط­ـــولـــة؟ هـــــذه أول خطوة يتعين عليك القيام بها.

نـــونـــو إســبــيــ­ريــتــو سـانـتـو المــديــر الـفـنـي الـبـرتـغـ­الـي، الــذي قـــاد وولــفــره­ــامــبــت­ــون وانـــــدر­رز لـلـصـعـود لـــلـــدو­ري الإنـجـلـي­ـزي المـمـتـاز، يتمتع بفلسفة خاصة يــعــتــم­ــد عــلــيــه­ــا فــــي الـــتـــد­ريـــب اكتسبها مـن تـجـاربـه السابقة، لكن تجربته في الـدرجـة الأولـى كانت تحديا من نوع جديد.

ويــــــــ­رى نــــونـــ­ـو إســبــيــ­ريــتــو ســـانـــت­ـــو أن الـــعـــم­ـــل فــــي دوري الـدرجـة الأولــى لا يجعلك تغير أفكارك، لكن الأمر يتعلق بمدى قدرتك على النجاح بتلك الأفكار، وما إذا كان من الممكن العمل في تلك المسابقة بأفكارك وفلسفتك الخاصة.

ويــقــول سـانـتـو فــي مقالته التي خص بها الغارديان: »نحن نفكر فـي الأمــور ثـم نـوافـق على الـعـمـل ونــبــدأ فــي مهمتنا لكي نرى ما سيحدث بعد ذلك. ولكي أكــون صـريـحـا، فـقـد كـنـت ألعب في مركز حراسة المرمى، لكنني قــضــيــت وقـــتـــا طـــويـــل­ا أيــضــا وأنا أجلس على مقاعد الـــــبــ­ـــدلاء ولا أشــــــار­ك بـــصـــفـ­ــة أســـاســـ­يـــة، وهـــــو الأمــــــ­ر الـــذي جعل لدي وجهة نــــظــــ­ر مــخــتــل­ــفــة لــلأمــور وسـمـح لــي بـــأن أشـاهـد المـــــــ­ــــــبـــ­ــــــــــ­اراة مـــن الـخـارج وأن أرى المــســاح­ــات وأعــــرف كافة التفاصيل عن بعد. كــمــا ســـاعـــد­نـــي ذلـــــك فـي طريقة فهمي لـكـرة القدم الآن. ومع ذلك، لم أفكر في دخول عالم التدريب إلا في وقــت لاحــق. عندما تـدرك أن الكرة أسـرع منك فإنك تقول لنفسك: حسنا، أنا أحب هذه اللعبة وأريد أن أستمر فيها، ولكن ليس كلاعب«.

كــان هــذا هـو الـوقـت الـــــــذ­ي بـــــــدأ­ت أفـــكـــر فـيـه حــــقــــ­ا فـــــي الـــلـــع­ـــبـــة وأن أتعلم منها. لقد قضيت عامين أو ثــلاثــة أعــــــوا­م فـــي مـحـاولـة الــــدخــ­ــول فــــي أعــــمـــ­ـاق لـعـبـة كـرة الـقـدم والتفكير في المــســتـ­ـقــبــل، وتـعـلـمـت كثيرا مـن المديرين الــفــنــ­يــين الــذيــن لـــعـــبـ­ــت تــحــت قـــــيـــ­ــادتـــــ­هـــــم. فـــــــي بـــــورتـ­ــــو الـــبـــر­تـــغـــال­ـــي لـــعـــبـ­ــت تـحـت قـــــيـــ­ــادة جـــوزيـــ­ه مورينيو وفـزنـا بكل شيء مــــع مــجــمــو­عــة رائــــعــ­ــة مـن الـلاعـبـي­ن، وكــان مورينيو هو من بنى هذا الفريق. لــــقــــ­د جـــعـــلـ­ــنـــا نــنــجــح ونفوز بكل شيء، وهو مــا كــان لــه تـأثـيـر كبير على شخصيتي. وفــــي وقــــت لاحـــق، وبــالــعـ­ـودة إلـــى بـورتـو أيـــــــض­ـــــــا كـــــــــ­ـــان هــــنــــ­اك شـــــخـــ­ــص رائـــــــ­ـــــع مــثــل المدير الفني البرتغالي المـخـضـرم جـيـسـوالـ­دو فيريرا، الذي لديه خبرات كبيرة اكـتـسـبـه­ـا مــن الـعـمـل عـلـى مـدى ســـنـــوا­ت طــويــلــ­ة فـــي عــالــم كــرة الـــقـــد­م. وعـــــلاو­ة عـلـى ذلــــك، فقد لعبت في روسيا وفـي إسبانيا وكنت لاعبا بالمنتخب الوطني الـــبـــر­تـــغـــال­ـــي. أنـــــت تــتــأثــ­ر بـكـل الــخــبــ­رات الــتــي تـكـتـسـبـ­هـا على مــــــدى تـــلـــك الــــســـ­ـنــــوات، وكـــأنـــ­ك تـضـعـهـا جـمـيـعـا فـــي صــنــدوق واحـــد، ثـم تـأخـذ مـنـهـا مـا تريد وقـت الـحـاجـة بـصـورة تلقائية، وهذه هي قيمة الخبرات.

لـــــقـــ­ــد حــــصــــ­لــــت عـــــلـــ­ــى أول خـبـراتـي الـتـدريـب­ـيـة مــن فـيـريـرا فــي مـلـقـة الإســبــا­نــي وبــعــد ذلـك فــي بـانـاثـيـ­نـايـكـوس الـيـونـان­ـي. كـمـا أن فـيـريـرا لـديـه فـريـق عمل رائــع، وكـان من بين أفــراده روي بــيــدرو سيلفا الـــذي يـعـمـل الآن كمساعد لي في وولفرهامبت­ون وانـــــــ­ــدررز. أنــــت تـتـبـنـى فـلـسـفـة معينة وتكون لديك رؤية لكيفية العمل في مجال كرة القدم، لكنك تضيف إلى هذه الرؤية وتشرح للاعبيك الطريقة التي ستسير بها المـبـاريـ­ات، كما تـكـون لديك رؤيــة واضـحـة داخــل غـرفـة خلع الملابس. ويكون من المهم للغاية أن تربط هذا الإحساس بالطريقة التي تلعب بها داخل الملعب.

ومــن المـهـم أيـضـا بالنسبة لأي مدير فني أن يجعل هناك حوارا بشكل دائم مع مساعديه ومــــع الـــلاعــ­ـبـــين، وأن يـسـتـمـع المدير الفني للآخرين ويفهمهم جيدا وأن يتعلم مما يسمعه. يــجــب أن يـــكـــون لـــديـــك دائــمــاً مساحة لتبادل الآراء، لكن في الـــوقـــ­ت نـفـسـه تــكــون مـسـتـعـداً لاتخاذ قرارات تناسب الطريقة الـــتـــي تــعــتــق­ــد أنـــهـــا الأفـــضــ­ـل. ويـحـدث هـذا عندما تــدرك أنك أصــبــحــ­ت جـــاهـــز­ا لــكــي تــكــون قائداً وتكون المحرك الرئيسي للأشياء. هذا هو الشعور الذي انتابني عندما أصبحت مديرا فنيا لأول مرة.

لقد كنا محظوظين للغاية، فـعـنـدمـا بـــدأت الـعـمـل فــي نــادي ريو آفي البرتغالي، لم تكن لدي خبرة التدريب في أي مكان آخر في البرتغال. ولم يكن من السهل أن تتولى القيادة الفنية لنادٍ في الدوري البرتغالي الممتاز في تلك اللحظة، لكن كــان لــدي بالطبع معرفة كبيرة بالكرة البرتغالية وخـلـفـيـة جــيــدة عــن الأشــخــا­ص الـذيـن يمكنهم مـسـاعـدتـ­ي. لقد كـــان تـحـديـاً حـقـيـقـيـ­اً، لـكـن كـان لدينا اعتقاد راسخ بأننا قادرون على تطوير هذا النادي. لم تكن لدينا أهــداف مـحـددة، لكن قلنا دعونا نرى ما يمكننا الوصول إليه.

فــي الـسـنـة الأولـــــ­ى، أنـهـيـنـا الــــدوري الـبـرتـغـ­الـي المـمـتـاز في المركز السادس، وقلنا: »حسنا، في السنة الثانية سوف نسعى لتحقيق شيء أكبر«. لقد دخلنا فـــي رهـــــان مـــع أنـفـسـنـا وبـذلـنـا أقـصـى مــا فــي وسـعـنـا مــن أجـل تحقيق أهدافنا.

أمـــــا الــلــحــ­ظــة الـــتـــي عــرفــت فيها بأنني سأنتقل للعمل في فـالـنـسـي­ـا الإســبــا­نــي فـقـد كـانـت لا تــصــدق، وشــعــرت بـإحـسـاس مـــخـــتـ­ــلـــف، حــــيــــ­ث كــــــــا­ن مــلــعــب ميستايا يـضـم ٥٠ ألــف متفرج لا يـتـوقـفـو­ن عــن الـتـشـجـي­ـع في كــل مـــبـــار­اة. وفـــي دوري أبـطـال أوروبا، كنا نواجه في كل مباراة فريقا قويا للغاية. وفي الدوري الإســــبـ­ـــانــــي كـــنـــا نـــــواجـ­ــــه فــرقــا كـبـرى وأنــديــة تـاريـخـيـ­ة، وكــان كـل شخص تنافسه قـويـا مثلك وربما أكثر قوة.

أما في بورتو، فكونك لاعبا لــســنــو­ات كـثـيـرة فــي نــــادٍ واحــد يـمـنـحـك شـيـئـا لا يـمـتـلـكـ­ه أحــد تـقـريـبـاً، لأنـــك تـحـفـظ كــل شـيء داخـــــــ­ل الـــــنــ­ـــادي عــــن ظـــهـــر قـلـب وتعرف جيدا قيمة أن تعمل في هـــذا الــنــادي وتـقـاتـل مــن أجـلـه، وهذا هو ما جعلني أوافـق على الـعـمـل فــي الـــنـــا­دي وأدرك أنـنـا مستعدون جيدا للعمل.

بــــــدأن­ــــــا الــــعـــ­ـمــــل مــــــع نــــــادي بورتو وكان النادي لديه أهداف واضحة يسعى لتحقيقها، فقد كان يسعى للتأهل لدوري أبطال أوروبـــــ­ـــا فـــي ذلــــك الــــعـــ­ـام، وكـــان لدينا مـبـاراة فاصلة ضـد رومـا الإيــطــا­لــي. كــان هــذا هــو الـهـدف الـرئـيـسـ­ي لـلـنـادي، لـذلـك ركـزنـا على هذا الهدف منذ اليوم الأول. وبـعـد ذلـــك، كـنـا نـقـاتـل مـن أجـل الفوز بكل مباراة ونبذل أقصى ما في وسعنا لتحقيق أهدافنا في نهاية المطاف. لا يقتصر العمل في ناد لكرة القدم على ما يحدث داخل الملعب فقط، إذ يتعين عليك أن تقوم بالكثير حتى تتمكن من مواصلة الفوز على مدى سنوات، كما أنه يجب أن يتضافر الجميع من أجل مصلحة النادي في تلك اللحظات الكبيرة. وفـي بورتو كـان الجمهور يقدم دعما كبيرا لـلـنـادي، فقد كــان ملعب التنين مـمـتـلـئـ­اً عــن آخـــره دائــمــاً، وكــان الجميع يدعم النادي، وهو الأمر الـــــذي كــــان يـمـثـل أهــمــيــ­ة كـبـرى للجميع.

لــــقــــ­د تـــعـــلـ­ــمـــت كــــثــــ­يــــرا مــن الـتـجـربـ­ة الـتـي قضيتها هـنـاك، ففي البداية تعلمت أن التعادل لا يعد شيئا جـيـدا، لكن يتعين عــلــيــك كــمــديــ­ر فــنــي أن تـسـعـى دائما لتحقيق الفوز وأن تعمل ٢٤ ساعة يوميا من أجل تحقيق هـذا الـهـدف. إنـك لا تقوم بشيء آخـــــر فــــي حـــيـــات­ـــك، ولا يـمـكـنـك الاســـــت­ـــــرخـــ­ــاء ولا تـــتـــوق­ـــف عـن التفكير في الفوز، وهو ما يدفعك للأمام ويجعلك أقوى كثيرا في حقيقة الأمر.

هـــذا لا يـعـنـي أنـــك تـتـفـاعـل بشكل جيد مع النتائج السلبية، لأن المــديــر الـفـنـي الـنـاجـح يكره ذلك ولا يستطيع النوم في الليلة الــتــي يـخـفـق فـيـهـا فــريــقــ­ه. لكن يتعين عليك أن تـكـون مستعداً لمـواصـلـة الـعـمـل مــرة أخـــرى في صباح الـيـوم التالي وأن تنتقل مــن هــذه الـخـطـوة إلــى الـخـطـوة التالية.

إنه أمر صعب، لكنك تحقق أداءً أفـضـل عـنـدمـا تـكـون لديك الأدوات الـــتـــي تـــســـاع­ـــدك عـلـى الـتـوقـف قـلـيـلا عــن الـتـفـكـي­ـر في كرة القدم حتى تستعيد لياقتك الــذهــنـ­ـيــة وأن تــفــكــر قــلــيــل­ا فـي الأمــــور الـحـيـاتـ­يـة الأخــــرى. لكن خلال العام الماضي والعام الذي سبقه، لم أكن أتوقف عن التفكير في كرة القدم للحظة واحدة.

لـقـد نجحت فلسفة سانتو وقــاد وولفرهامبت­ون للصعود لــلــدوري الإنـجـلـي­ـزي المـمـتـاز بل أصبح على بعد نقطة واحدة من إحراز لقب دوري الدرجة الأولى قبل ٤ مراحل من النهاية.

وقــال سـانـتـو: »إنـهـا لحظة عظيمة ومهمة لـنـا... سيحتفل اللاعبون بهذه المناسبة بشكل طبيعي الآن لكن وعندما نصل لـــنـــهـ­ــايـــة المــــــو­ســــــم فــســنــح­ــتــفــل بالشكل الذي نستحقه.«

 ??  ?? لاعبو وولفرهامبت­ون وجهازهم الفني يحتفلون بالصعود إلى الدوري الممتاز الإنجليزي (رويترز)
لاعبو وولفرهامبت­ون وجهازهم الفني يحتفلون بالصعود إلى الدوري الممتاز الإنجليزي (رويترز)
 ??  ?? نونو سانتو مدرب وولفرهامبت­ون يحتفل مع جماهيره (رويترز)
نونو سانتو مدرب وولفرهامبت­ون يحتفل مع جماهيره (رويترز)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia