Asharq Al-Awsat Saudi Edition

مدرب توتنهام: سيتي المعيار لكل نادٍ يصبو للقب الإنجليزي

فريقه غيّر ميزان القوى أمام منافسيه اللندنيين لكنه ما زال بعيداً عن منصات التتويج

- لندن: جوناثان ويلسون

لم يكن أبداً إحراز التقدم على صعيد كــرة الـقـدم بـالأمـر الـهـين. ويبدو أن الاكتفاء بالحديث عن عــدد الـنـقـاط والأهـــــ­داف والمــراكـ­ـز أو حتى البطولات لا يكفي لطرح الـصـورة كاملة عن فريق بعينه، بــجــانــ­ب أنـــهـــا عــنــاصــ­ر تـعـتـمـد بــدرجــة كـبـيـرة عـلـى الــظــروف أو الـــخـــص­ـــوم، مــمــا يــجــعــل­ــهــا غـيـر مؤهلة لأن تعكس الحقيقة بدقة. الـــيـــو­م، يــبــدو مـــن غــيــر المـحـتـمـ­ل أن ينجح توتنهام هوتسبر في إنـجـاز المـوسـم فـي المـركـز الثاني مثلما فـعـل المــوســم الـسـابـق، بل وربــمــا لا يـصـل لـلـمـركـز الـثـالـث مـثـلـمـا فــعــل عــــام ٢٠١٦. وحـتـى لـــو نــجــح فـــي الـــفـــو­ز فـــي جـمـيـع المــبــار­يــات الـخـمـس المـتـبـقـ­يـة لـه، فإنه سيظل عـاجـزاً عـن الوصول إلى مستوى الـ٨٦ نقطة الذي سبق له تحقيقه الموسم الماضي. ورغم ذلك، يبقى ثمة شعور بأن الفريق يحرز تقدماً في المستوى. وعليه، فـــإن هـنـاك حـاجـة مـلـحـة لإيـجـاد وسيلة أخـرى للقياس والتقييم. لقد نجح الـفـريـق فـي الـفـوز على تـشـيـلـسـ­ي فــي ديــربــي الـعـاصـمـ­ة لندن، لأنـه سقط أمـام مانشستر سيتي بثلاثية حرمته من التقدم خـــطـــوة لـلـمــنـا­فـسـة عــلــى المــركــز الثاني.

لــكــن يـمـكـن تـقـيـيـم مـسـتـوى الــتــقــ­دم الـــــذي يـحـقـقـه تـوتـنـهـا­م هوتسبر بالاعتماد على مبارياته أمام تشيلسي.

حتى الآن، دخـل ماوريسيو بـوكـيـتـي­ـنـو مــــدرب تـوتـنـهـا­م في مـواجـهـة أمـــام أنـطـونـيـ­و كونتي مـــــدرب تـشـيـلـسـ­ي خــمــس مــــرات. ومـع أن المـبـاريـ­ات الخمس كانت جـمـيـعـهـ­ا صـعـبـة وحـــرجـــ­ة، فــإن هناك تغييرا واضـحـا فـي ميزان القوى بها. على سبيل المثال، في نوفمبر (تشرين الـثـانـي) ٢٠١٦، تــوجــه تــوتــنــ­هــام هــوتــســ­بــر إلــى ملعب ستامفورد بريدج واعتمد على أسلوب لعب ٤ - ٢ - ٣ - ١ في مواجهة أسلوب تشيلسي المعتمد على ٣ - ٤ - ٢ - ١. وفي ذلك الوقت أيضاً سجل كريستيان إريكسون هــــدفـــ­ـاً صـــــاروخ­ـــــيــــ­ـاً لــتــوتــ­نــهــام مـــن خــــارج مـنـطـقـة المـــرمــ­ـى، لكن بيدرو نجح في تحقيق التعادل لتشيلسي قـبـل أن يـهـدي زميله ديـيـغـو كـوسـتـا هــدف الــفــوز إلـى فيكتور موزيس.

وفــي يناير (كـانـون الثاني) مـــن الـــعـــا­م المــــاضـ­ـــي، عــلــى أرض مـلـعـب اســتــاد وايــــت هــــارت لـين، بــدل كـوتـيـنـي­ـو مــن أســلــوب لعبه وحــاكــى أســلــوب لـعـب تشيلسي بحيث أصبحت المباراة ٣ - ‪٢ -٤‬ - ١ فـي مواجهة ٣ - ٤ - ٢ - ١ مع تقديم فيكتور وانـيـامـا وموسى ديمبيلي لمستوى أداء أفضل في وسط الملعب في مواجهة نيغولو كـــانـــت­ـــي ونـــيـــم­ـــانـــيـ­ــا مــاتــيــ­تــش. وحــمــلــ­ت مــــبــــ­اراة قــبــل الـنـهـائـ­ي ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي بعد ثلاثة شهور تطابقاً من جديد بين أسلوبي لعب الفريقين، لكن ســــــون هــــونـــ­ـغ جــــنــــ­اح تــوتــنــ­هــام السريع لم يبد مرتاحاً قط لتحوله إلــى مـركـز الـظـهـيـر عـلـى الجانب الأيـــســ­ـر، وتــســبــ­ب فـــي احـتـسـاب ركلة جزاء بسبب مخالفة خشنة بـحـق مــوزيــس وانــتــهـ­ت المــبــار­اة بفوز تشيلسي ٤ - ٢ بعد أن ظل توتنهام هوتسبر مستحوذاً على الكرة معظم وقت المباراة.

وكــــان ذلـــك كــافــيــ­اً لأن يـبـدل كونتي سياسته خـلال المواجهة الـتـالـيـ­ة أمـــام تـوتـنـهـا­م فــي إطــار الـدوري الممتاز على أرض استاد ويمبلي في بداية الموسم. وعليه، ســــحــــ­ب كــــونـــ­ـتــــي أحــــــــ­د لاعـــبـــ­يـــه المتقدمين نحو مركز أكثر عمقاً، واستغل ديفيد لويس في وسط الملعب في إطار تشكيل ٣ - ‪١ -٥‬ - ١ كما لو كـان مصمماً لحرمان إريــــكــ­ــســــون وديــــلــ­ــي آلــــــي نـجـمـا توتنهام من أيـة مساحة ممكنة. خــلال المــبــار­اة، بــدا تشيلسي في اللعب بشكل عملي ممل، وظهر معتمداً بشدة على ويليان فيما يــخــص الإبــــــ­ـــداع داخــــــل المــلــعـ­ـب. ومـع هــذا، نجح فـي تحمل وطـأة الــــضـــ­ـغــــوط مـــــن قـــبـــل تــوتــنــ­هــام هـــوتـــس­ـــبـــر الــــــــ­ذي واجـــــــ­ـه بـعـض الصعوبة في ضبط إيقاعه وفاز تشيلسي نهاية الأمر بفضل ركلة حرة من جانب ماركوس ألونسو، ثم هدف فوز متأخر سجله اللاعب نفسه.

َ ومــع هـــذا، لــم يـلـق التشكيل الـجـديـد قــبــولاً داخـــل تشيلسي، وبدا أن التركيز على إيدن هازار جـــعـــل الـــفـــر­يـــق بــــوجـــ­ـه عــــــام مـن السهل التكهن بتحركاته. ولـذا، عـاد كونتي لتشكيلة ٣ - ٤ - ٢ - ١ مـن جـديـد بـاعـتـبـا­ره التشكيل الأســاســ­ي مـنـذ يـنـايـر. أمــا الأمــر الـــلافــ­ـت خــــلال مـــبـــار­اة تـوتـنـهـا­م وتشيلسي الأخيرة أن بوكيتينو لم يشعر بالحاجة لتغيير أسلوب لعبه لمـواجـهـة غريمه هــذه المــرة، فــقــد مــضــى فــــي اعـــتـــم­ـــاده عـلـى أسلوب ٤ - ٢ - ٣ - ١، تماماً مثلما فعل خلال المواجهة الأولى من بين الخمسة التي خاضها الفريقان.

من ناحية أخـرى، ظل لاعبو الظهير - الجناح داخل تشيلسي بـمـثـابـة حــجــر الــــزاوي­ــــة، ذلــــك أن تـوتـنـهـا­م لــم يـبـد قــط قــــادراً على الـتـعـامـ­ل مـعـهـم بــصــورة كـامـلـة. وشكل انطلاق ألونسو باستمرار مشكلة ملحة. إلا أن التأثير الأكبر كــــان مـــن نـصـيـب مـــوزيـــ­س الـــذي نـجـح فـي إيـجـاد مـسـاحـة لنفسه على نحو أثار القلق في دفاعات تـوتـنـهـا­م، مما أثـمـر نهاية الأمـر الهدف الذي أحرزه تشيلسي.

وبــدا ذلــك نتيجة للأسلوب الــذي انـطـلـق بـه إريـكـسـون نحو الداخل، والذي بدا جديراً بخوض مخاطرة من أجله لأنه كان يعني انتقال دانـي لمراكز متقدمة أكثر خـطـورة، لأن هــذا الأسـلـوب كان يـعـنـي أن عـــدد لاعــبــي تـوتـنـهـا­م هـوتـسـبـر غــالــبــ­اً مـــا كــــان يـفـوق عدد لاعبي تشيلسي في المناطق المـــركــ­ـزيـــة. ومـــــع مــضــي أحـــــداث المـــبـــ­اراة، تـحـرك إريـــك دايـــر على نـحـو مـتـزايـد نـحـو مـركـز أعـمـق، مما جعل منه أقرب ما يكون إلى لاعــب ثـالـث بقلب الــدفــاع، الأمـر الــــذي ســمــح بـــــدوره لـلـظـهـيـ­ريـن بــالــتــ­قــدم نــحــو الأمــــــ­ـــام، بـحـيـث يتعاونان مع موزيس وألونسو في مراكز أكثر تقدماً من الملعب.

ومع هذا، جاء فوز توتنهام فـي المــبــار­اة لـيـس بفضل الحيل المرتبطة بمراكز اللاعبين وإنما المجهود الكبير الذي بذله لاعبو الفريق في الضغط المضاد.

لــقــد عــــدل تــوتــنــ­هــام تــأخــره ليفوز على غريمه ٣ - ١ محققا أول انـــتـــص­ـــار لــــه عـــلـــى اســـتـــا­د ستامفورد بريدج منذ عام ١٩٩٠ وذلـك بفضل تسديدة إريكسون بعيدة المــدى إضـافـة لهدفين من ديلي آلي في الشوط الثاني.

وكان الهدف الأول لتوتنهام مـــن ثــمــار الــضــغــ­ط عــلــى لاعـبـي تشيلسي، لكن الأهـم عن ذلـك أن هذا الهدف كبح جماح المنافس. المـلاحـظ أن لاعبي كونتي فـازوا خــــلال آخــــر مــواجــهـ­ـتــين بـفـضـل وتيرة أدائهم وفاعلية تحركاتهم، أمـا هـذه المــرة، فقد كـان المنافس هو العنصر الأكثر لفتاً للأنظار.

من جانبه، تمكن بوكيتينو مــن الــعــودة إلـــى أســلــوب اللعب الــــذي كـــان يـسـتـخـدم­ـه فــي وقـت مبكر من الموسم الماضي، وهذه المرة تحديداً امتلك لاعبوه القوة والــتــنـ­ـظــيــم عــلــى نــحــو جـعـلـهـم قــــادريـ­ـــن عــلــى فـــــرض أنــفــســ­هــم. ورغم أن تشيلسي بالفعل لم يكن فــي مـسـتـواه المــألــو­ف خــلال تلك المـبـاراة، لكن هـذه المواجهة تظل مـؤشـراً عـلـى حـجـم الـتـقـدم الـذي سجله تـوتـنـهـا­م لـدرجـة جعلته قادراً على فرض أفضليته.

ويــعــتــ­قــد بــوكــيــ­تــيــنــو بــأنــه يــتــعــي­ن عــلــى فــريــقــ­ه المــحــاف­ــظــة عــلــى المـــســـ­تـــوى الـــــــذ­ي ظــهــر بـه فـي الـنـصـف الـثـانـي مـن الــدوري الممتاز طوال الموسم في حال أراد أن يتوج بطلا لــدوري بـلاده في الموسم المقبل.

واعـــــتـ­ــــبـــــ­ر بـــوكـــي­ـــتـــيــ­ـنـــو أن مـانـشـسـت­ـر سـيـتـي المــتــوج بطلا لـهـذا المــوســم يـمـثـل المـعـيـار لكل فـريـق يصبو إلــى إحـــراز اللقب، والأمـــــ­ــــــر يــنــطــب­ــق عـــلـــى فــريــقــ­ه الــذي سينتقل للعب فـي ملعبه الــجــديـ­ـد الـــــذي يـتـسـع لــــــ٦٢ ألــف مـــتـــفـ­ــرج المــــوسـ­ـــم المـــقـــ­بـــل وقـــــال: »الأمـر لا يتعلق بنتيجة واحـدة لكي نبرهن للجميع مـا إذا كنا مستعدين أم لا«.

وتـابـع: »نـحـتـاج إلـى تقديم مستوى مستقر طوال الموسم وأن نكون أفضل فريق كما هي حال مـانـشـسـت­ـر سـيـتـي هــذا المـوسـم، علينا أن نظهر للجميع قدرتنا على المنافسة«.

وشدد على أهمية هذا الأمر من أجل إحراز اللقب بقوله: »في كرة القدم بإمكانك خلال تسعين دقــيــقــ­ة أن تـخـسـر أو أن تــفــوز، ولكن عليك من أجل الفوز بلقب الــــدوري أن تـظـهـر أداءً مستقراً طوال الموسم«.

ورغـــــــ­ـم أن تـــوتـــن­ـــهـــام لــديــه فـرصـة كبيرة لحصد مـركـز بين الأربــعــ­ة الأوائــــ­ـل والمــشــا­ركــة في دوري الأبـــطــ­ـال المــوســم المـقـبـل، فـــإن بـوكـيـتـي­ـنـو أكـــد مــجــددا أن طــــمــــ­وحــــات الـــــنــ­ـــادي هـــــي أكــبــر بـكـثـيـر مـــن مــجــرد الــتــأهـ­ـل إلــى المــســاب­ــقــة الأوروبـــ­ــيـــــة، والــهــدف الـفـوز بـالألـقـا­ب ورفــع الـكـؤوس، فــالــطــ­مــوح هـــو إحـــــــر­از الـــــدور­ي الإنجليزي الممتاز.

 ??  ?? بوكيتينو اعترف بحاجة توتنهام لتقديم مستوى مستقر طوال الموسم للفوز بالألقاب (رويترز)
بوكيتينو اعترف بحاجة توتنهام لتقديم مستوى مستقر طوال الموسم للفوز بالألقاب (رويترز)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia