مدرب توتنهام: سيتي المعيار لكل نادٍ يصبو للقب الإنجليزي
فريقه غيّر ميزان القوى أمام منافسيه اللندنيين لكنه ما زال بعيداً عن منصات التتويج
لم يكن أبداً إحراز التقدم على صعيد كــرة الـقـدم بـالأمـر الـهـين. ويبدو أن الاكتفاء بالحديث عن عــدد الـنـقـاط والأهـــــداف والمــراكــز أو حتى البطولات لا يكفي لطرح الـصـورة كاملة عن فريق بعينه، بــجــانــب أنـــهـــا عــنــاصــر تـعـتـمـد بــدرجــة كـبـيـرة عـلـى الــظــروف أو الـــخـــصـــوم، مــمــا يــجــعــلــهــا غـيـر مؤهلة لأن تعكس الحقيقة بدقة. الـــيـــوم، يــبــدو مـــن غــيــر المـحـتـمـل أن ينجح توتنهام هوتسبر في إنـجـاز المـوسـم فـي المـركـز الثاني مثلما فـعـل المــوســم الـسـابـق، بل وربــمــا لا يـصـل لـلـمـركـز الـثـالـث مـثـلـمـا فــعــل عــــام ٢٠١٦. وحـتـى لـــو نــجــح فـــي الـــفـــوز فـــي جـمـيـع المــبــاريــات الـخـمـس المـتـبـقـيـة لـه، فإنه سيظل عـاجـزاً عـن الوصول إلى مستوى الـ٨٦ نقطة الذي سبق له تحقيقه الموسم الماضي. ورغم ذلك، يبقى ثمة شعور بأن الفريق يحرز تقدماً في المستوى. وعليه، فـــإن هـنـاك حـاجـة مـلـحـة لإيـجـاد وسيلة أخـرى للقياس والتقييم. لقد نجح الـفـريـق فـي الـفـوز على تـشـيـلـسـي فــي ديــربــي الـعـاصـمـة لندن، لأنـه سقط أمـام مانشستر سيتي بثلاثية حرمته من التقدم خـــطـــوة لـلـمــنـافـسـة عــلــى المــركــز الثاني.
لــكــن يـمـكـن تـقـيـيـم مـسـتـوى الــتــقــدم الـــــذي يـحـقـقـه تـوتـنـهـام هوتسبر بالاعتماد على مبارياته أمام تشيلسي.
حتى الآن، دخـل ماوريسيو بـوكـيـتـيـنـو مــــدرب تـوتـنـهـام في مـواجـهـة أمـــام أنـطـونـيـو كونتي مـــــدرب تـشـيـلـسـي خــمــس مــــرات. ومـع أن المـبـاريـات الخمس كانت جـمـيـعـهـا صـعـبـة وحـــرجـــة، فــإن هناك تغييرا واضـحـا فـي ميزان القوى بها. على سبيل المثال، في نوفمبر (تشرين الـثـانـي) ٢٠١٦، تــوجــه تــوتــنــهــام هــوتــســبــر إلــى ملعب ستامفورد بريدج واعتمد على أسلوب لعب ٤ - ٢ - ٣ - ١ في مواجهة أسلوب تشيلسي المعتمد على ٣ - ٤ - ٢ - ١. وفي ذلك الوقت أيضاً سجل كريستيان إريكسون هــــدفــــاً صـــــاروخـــــيـــــاً لــتــوتــنــهــام مـــن خــــارج مـنـطـقـة المـــرمـــى، لكن بيدرو نجح في تحقيق التعادل لتشيلسي قـبـل أن يـهـدي زميله ديـيـغـو كـوسـتـا هــدف الــفــوز إلـى فيكتور موزيس.
وفــي يناير (كـانـون الثاني) مـــن الـــعـــام المــــاضــــي، عــلــى أرض مـلـعـب اســتــاد وايــــت هــــارت لـين، بــدل كـوتـيـنـيـو مــن أســلــوب لعبه وحــاكــى أســلــوب لـعـب تشيلسي بحيث أصبحت المباراة ٣ - ٢ -٤ - ١ فـي مواجهة ٣ - ٤ - ٢ - ١ مع تقديم فيكتور وانـيـامـا وموسى ديمبيلي لمستوى أداء أفضل في وسط الملعب في مواجهة نيغولو كـــانـــتـــي ونـــيـــمـــانـــيـــا مــاتــيــتــش. وحــمــلــت مــــبــــاراة قــبــل الـنـهـائـي ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي بعد ثلاثة شهور تطابقاً من جديد بين أسلوبي لعب الفريقين، لكن ســــــون هــــونــــغ جــــنــــاح تــوتــنــهــام السريع لم يبد مرتاحاً قط لتحوله إلــى مـركـز الـظـهـيـر عـلـى الجانب الأيـــســـر، وتــســبــب فـــي احـتـسـاب ركلة جزاء بسبب مخالفة خشنة بـحـق مــوزيــس وانــتــهـت المــبــاراة بفوز تشيلسي ٤ - ٢ بعد أن ظل توتنهام هوتسبر مستحوذاً على الكرة معظم وقت المباراة.
وكــــان ذلـــك كــافــيــاً لأن يـبـدل كونتي سياسته خـلال المواجهة الـتـالـيـة أمـــام تـوتـنـهـام فــي إطــار الـدوري الممتاز على أرض استاد ويمبلي في بداية الموسم. وعليه، ســــحــــب كــــونــــتــــي أحــــــــد لاعـــبـــيـــه المتقدمين نحو مركز أكثر عمقاً، واستغل ديفيد لويس في وسط الملعب في إطار تشكيل ٣ - ١ -٥ - ١ كما لو كـان مصمماً لحرمان إريــــكــــســــون وديــــلــــي آلــــــي نـجـمـا توتنهام من أيـة مساحة ممكنة. خــلال المــبــاراة، بــدا تشيلسي في اللعب بشكل عملي ممل، وظهر معتمداً بشدة على ويليان فيما يــخــص الإبـــــــــداع داخــــــل المــلــعــب. ومـع هــذا، نجح فـي تحمل وطـأة الــــضــــغــــوط مـــــن قـــبـــل تــوتــنــهــام هـــوتـــســـبـــر الــــــــذي واجــــــــه بـعـض الصعوبة في ضبط إيقاعه وفاز تشيلسي نهاية الأمر بفضل ركلة حرة من جانب ماركوس ألونسو، ثم هدف فوز متأخر سجله اللاعب نفسه.
َ ومــع هـــذا، لــم يـلـق التشكيل الـجـديـد قــبــولاً داخـــل تشيلسي، وبدا أن التركيز على إيدن هازار جـــعـــل الـــفـــريـــق بــــوجــــه عــــــام مـن السهل التكهن بتحركاته. ولـذا، عـاد كونتي لتشكيلة ٣ - ٤ - ٢ - ١ مـن جـديـد بـاعـتـبـاره التشكيل الأســاســي مـنـذ يـنـايـر. أمــا الأمــر الـــلافـــت خــــلال مـــبـــاراة تـوتـنـهـام وتشيلسي الأخيرة أن بوكيتينو لم يشعر بالحاجة لتغيير أسلوب لعبه لمـواجـهـة غريمه هــذه المــرة، فــقــد مــضــى فــــي اعـــتـــمـــاده عـلـى أسلوب ٤ - ٢ - ٣ - ١، تماماً مثلما فعل خلال المواجهة الأولى من بين الخمسة التي خاضها الفريقان.
من ناحية أخـرى، ظل لاعبو الظهير - الجناح داخل تشيلسي بـمـثـابـة حــجــر الــــزاويــــة، ذلــــك أن تـوتـنـهـام لــم يـبـد قــط قــــادراً على الـتـعـامـل مـعـهـم بــصــورة كـامـلـة. وشكل انطلاق ألونسو باستمرار مشكلة ملحة. إلا أن التأثير الأكبر كــــان مـــن نـصـيـب مـــوزيـــس الـــذي نـجـح فـي إيـجـاد مـسـاحـة لنفسه على نحو أثار القلق في دفاعات تـوتـنـهـام، مما أثـمـر نهاية الأمـر الهدف الذي أحرزه تشيلسي.
وبــدا ذلــك نتيجة للأسلوب الــذي انـطـلـق بـه إريـكـسـون نحو الداخل، والذي بدا جديراً بخوض مخاطرة من أجله لأنه كان يعني انتقال دانـي لمراكز متقدمة أكثر خـطـورة، لأن هــذا الأسـلـوب كان يـعـنـي أن عـــدد لاعــبــي تـوتـنـهـام هـوتـسـبـر غــالــبــاً مـــا كــــان يـفـوق عدد لاعبي تشيلسي في المناطق المـــركـــزيـــة. ومـــــع مــضــي أحـــــداث المـــبـــاراة، تـحـرك إريـــك دايـــر على نـحـو مـتـزايـد نـحـو مـركـز أعـمـق، مما جعل منه أقرب ما يكون إلى لاعــب ثـالـث بقلب الــدفــاع، الأمـر الــــذي ســمــح بـــــدوره لـلـظـهـيـريـن بــالــتــقــدم نــحــو الأمـــــــــام، بـحـيـث يتعاونان مع موزيس وألونسو في مراكز أكثر تقدماً من الملعب.
ومع هذا، جاء فوز توتنهام فـي المــبــاراة لـيـس بفضل الحيل المرتبطة بمراكز اللاعبين وإنما المجهود الكبير الذي بذله لاعبو الفريق في الضغط المضاد.
لــقــد عــــدل تــوتــنــهــام تــأخــره ليفوز على غريمه ٣ - ١ محققا أول انـــتـــصـــار لــــه عـــلـــى اســـتـــاد ستامفورد بريدج منذ عام ١٩٩٠ وذلـك بفضل تسديدة إريكسون بعيدة المــدى إضـافـة لهدفين من ديلي آلي في الشوط الثاني.
وكان الهدف الأول لتوتنهام مـــن ثــمــار الــضــغــط عــلــى لاعـبـي تشيلسي، لكن الأهـم عن ذلـك أن هذا الهدف كبح جماح المنافس. المـلاحـظ أن لاعبي كونتي فـازوا خــــلال آخــــر مــواجــهــتــين بـفـضـل وتيرة أدائهم وفاعلية تحركاتهم، أمـا هـذه المــرة، فقد كـان المنافس هو العنصر الأكثر لفتاً للأنظار.
من جانبه، تمكن بوكيتينو مــن الــعــودة إلـــى أســلــوب اللعب الــــذي كـــان يـسـتـخـدمـه فــي وقـت مبكر من الموسم الماضي، وهذه المرة تحديداً امتلك لاعبوه القوة والــتــنــظــيــم عــلــى نــحــو جـعـلـهـم قــــادريــــن عــلــى فـــــرض أنــفــســهــم. ورغم أن تشيلسي بالفعل لم يكن فــي مـسـتـواه المــألــوف خــلال تلك المـبـاراة، لكن هـذه المواجهة تظل مـؤشـراً عـلـى حـجـم الـتـقـدم الـذي سجله تـوتـنـهـام لـدرجـة جعلته قادراً على فرض أفضليته.
ويــعــتــقــد بــوكــيــتــيــنــو بــأنــه يــتــعــين عــلــى فــريــقــه المــحــافــظــة عــلــى المـــســـتـــوى الـــــــذي ظــهــر بـه فـي الـنـصـف الـثـانـي مـن الــدوري الممتاز طوال الموسم في حال أراد أن يتوج بطلا لــدوري بـلاده في الموسم المقبل.
واعـــــتـــــبـــــر بـــوكـــيـــتـــيـــنـــو أن مـانـشـسـتـر سـيـتـي المــتــوج بطلا لـهـذا المــوســم يـمـثـل المـعـيـار لكل فـريـق يصبو إلــى إحـــراز اللقب، والأمـــــــــــر يــنــطــبــق عـــلـــى فــريــقــه الــذي سينتقل للعب فـي ملعبه الــجــديــد الـــــذي يـتـسـع لــــــ٦٢ ألــف مـــتـــفـــرج المــــوســــم المـــقـــبـــل وقـــــال: »الأمـر لا يتعلق بنتيجة واحـدة لكي نبرهن للجميع مـا إذا كنا مستعدين أم لا«.
وتـابـع: »نـحـتـاج إلـى تقديم مستوى مستقر طوال الموسم وأن نكون أفضل فريق كما هي حال مـانـشـسـتـر سـيـتـي هــذا المـوسـم، علينا أن نظهر للجميع قدرتنا على المنافسة«.
وشدد على أهمية هذا الأمر من أجل إحراز اللقب بقوله: »في كرة القدم بإمكانك خلال تسعين دقــيــقــة أن تـخـسـر أو أن تــفــوز، ولكن عليك من أجل الفوز بلقب الــــدوري أن تـظـهـر أداءً مستقراً طوال الموسم«.
ورغــــــــم أن تـــوتـــنـــهـــام لــديــه فـرصـة كبيرة لحصد مـركـز بين الأربــعــة الأوائـــــل والمــشــاركــة في دوري الأبـــطـــال المــوســم المـقـبـل، فـــإن بـوكـيـتـيـنـو أكـــد مــجــددا أن طــــمــــوحــــات الـــــنـــــادي هـــــي أكــبــر بـكـثـيـر مـــن مــجــرد الــتــأهــل إلــى المــســابــقــة الأوروبـــــيـــــة، والــهــدف الـفـوز بـالألـقـاب ورفــع الـكـؤوس، فــالــطــمــوح هـــو إحـــــــراز الـــــدوري الإنجليزي الممتاز.