رسوم الكعبة تتصدر مزاد »بونهامز للفنون الإسلامية« في لندن
٣٦٨ قطعة نادرة من مخطوطات قرآنية وتحف مملوكية وفاطمية ونسيج عثماني وخزف إزنيك
عــــشــــاق الــــفــــن الإســــلامــــي والمــقــتــنــيــات الــفــنــيــة الـــنـــادرة يلتقون الثلاثاء المقبل الموافق ٢٤ أبــريــل (نــيــســان) الــجــاري، فـي صـالـة مـــزادات »بونهامز« بــالــعــاصــمــة الــبــريــطــانــيــة فـي وســــــــــط لــــــنــــــدن لـــلاســـتـــمـــتـــاع والاطــــــلاع واقــتــنــاء روائـــــع ما صــنــعــه الــفــنــانــون المـسـلـمـون والخطاطون على مدى عقود. وسـتُـعـرض فــي المــــزاد الـعـالمـي ٣٦٨ قطعة فنية من فنون العالم الإســلامــي الــنــادرة، مـن بينها مجوهرات آخر زوجات مهراجا للسيخ، الذي كان حاكماً فعلياً للبنجاب في عام ١٨٤٣، ويرجح أن تــصــل أســـعـــار مــجــوهــرات زوجــــــة مـــهـــراجـــا الــســيــخ ذات النمط الإسـلامـي إلـى أكثر من ٣٠ ألف إسترليني.
ويـــتـــوقـــع خـــبـــراء الــفــنــون الإســلامــيــة أن يــضــرب بعض مـــعـــروضـــات المــــــــزاد الــلــنــدنــي الــرقــم الـقـيـاسـي فــي الأســعــار، خــــصــــوصــــاً فــــــي مــــــا يــتــعــلــق المــــخــــطــــوطــــات والــــتــــصــــاويــــر لـــتــــصــــاويــــر القرآنية مـن جهة المضاربة فـــــي يـــــــوم الـــبـــيـــع نــهــايــة الــشــهــر الـــجـــاري، نـظـراً إلى جودتها وجمالها ونـدرتـهـا، بالإضافة إلـــــــــــــــى بـــــــعـــــــض مـــن صفحات المصحف الــــكــــريــــم الــــــنــــــادرة جــــــــداً والمـــكـــتـــوبـــة بـــالـــخـــط الــكــوفــي الـــقـــديـــم والــنــســخ وعـــــــــــــــلـــــــــــــــى جــــــلــــــد الـــغـــزال، بـالإضـافـة إلــــــــــــــــــى صــــــفــــــحــــــات ومـخـطـوطـات أخــرى مـن ّالـعـصـر العثماني مـــــــــوق ـــــــــعـــــــــة بـــــــأســـــــمـــــــاء خطاطيها. وضـمـن القطع المـعـروضـة للبيع القطعة رقم »٢٢٠« فـي المـــزاد، وهــي لوحة مــعــدنــيــة مــســاحــتــهــا ١٦٨ × ١٧٨ ســم، وهــي لمــحــراب. ومـن المرجح أن يتخطى سعرها الـ٧ آلاف إسترليني من مصر، على ألوان أرضية بالأحمر والأصفر والأخــضــر مــطــرّزة بـالـخـيـوط المذهّبة والفضية مع خرطوشة كـبـيـرة مـمـلـوءة بنقش على شـــكـــل مـــصـــبـــاح مــســجــد داخــل الـقـوس بـزخـارف نباتية وأوراق وأزهار فـــــي تــــنــــاســــب ودقـــــة متناهية.
وهــــنــــاك أيــضــاً القطعة رقم »٢١٧« في المزاد والتي هي عـــبـــارة عـــن لـوحـة مـعـدنـيـة مـحـفـورة من تصاوير الكعبة بـــتـــنـــفـــيـــذ الــــفــــنــــان الـــــفـــــرنـــــســـــي هـــنـــري أبـــــــراهـــــــام شـــاتـــيـــلان مــــــن بــــــــدايــــــــات الــــقــــرن الـــ١٨. ومـن أجمل القطع الـقـرآنـيـة مــزاد رقــم ٢ وهـو عبارة عن مخطوطة صغيرة بـــالـــخـــط الــــكــــوفــــيي الـــشـــرقـــي، أفغانستان، تعود إلى عام ٤٨٥ هجرية ١٠٩٢ ميلادية، عليها عـــبـــارة »لا حــــول ولا قــــوة إلا بالله العلي العظيم... حسبي الله ونعم الوكيل«. بالإضافة إلى ذلك هناك مخطوطة قديمة لآية من القرآن الكريم مكتوبة بــالــخــط الــكــوفــي عــلــى الـجـلـد فـــي الـــقـــيـــروان (تـــــونـــــس)، فـي النصف الأول من القرن العاشر المـيـلادي، بسعر ١٥٠٠ – ٢٠٠٠ جنيه إسترليني (٢١٠٠ – ٢٨٠٠ دولار أميركي). وتـضـمّـن المـــزاد بيع رداء من الحرير المطرزة بــــالــــخــــيــــوط المـــعـــدنـــيـــة الـــعـــثـــمـــانـــيـــة (تــــركــــيــــا)، تـعـود إلـــى بــدايــات الـقـرن الــتــاســع عــشــر، مستطيلة الشكل بأرضية من الحرير الــكــريــمــي ومــــطــــرزة بـخـيـوط مــعــدنــيــة ذهـــبـــيـــة الــــلــــون مـع خــرطــوشــة مــمــلــوءة بــرقــائــق منقوشة مركزية على أرضية مـن زخـــارف نباتية (الـركـنـات مــع بـخـاخ الأزهـــــار، والــحــدود مـع تصميم متكرر مـن بخاخ الأزهـــــار، وزوايــــا مــع شـرابـات مدعومة)، مساحته، ٢٩٢ × ١٨٢ ســـم. وهــنــاك أيــضــاً مجموعة من الأواني الخزفية من إزنيك وأخرى فارسية وتركية جميلة وبــجــمــيــع أنــــواعــــهــــا، وكــذلــك بلاطات من القيشاني المزخرف تــدل عـلـى الــــذوق الـرفـيـع لـدى المسلمين في تلك الأيام.
وهناك المزاد رقم ١٠٥، وهو عـــبـــارة لــوحــة مـضـيـئـة تـعـدد صـفـات سـيـدنـا مـحـمـد (صلى الله عليه وسلم) بتوقيع عمر الــوصــفــي، وعــبــد الــلــه صـالـح وأحمد الزهني (تركيا) تعود لـــعـــام ١٢٨١ هــجــريــة - ١٨٦٤ ميلادية. تحمل اللوحة كذلك أســــمــــاء الـــخـــلـــفـــاء الـــراشـــديـــن الأربعة.
أمــــا المــــــزاد رقــــم ١٢٨ فـهـو عــبــارة عــن لـوحـة مـضـيـئـة من الــــقــــرآن الـــكـــريـــم رســمــهــا ابــن محمد طاقي كاظم الشيرازي، تـعـود إلــى ١٥ جـمـادى الأولــى عام ١٢١٦ الموافق ٢٢ سبتمبر ١٨٠١. وتـتـكـون الـصـفـحـة من ١٩ سطراً مكتوبة بخط النسخ بــالــلــون الأســــــود مـــع عــلامــات التشكيل وحروف العلة باللون الأحـــمـــر والأســــــــود، وفــواصــل ذهـبـيـة بـين الآيــــات، وعـنـاويـن السور مكتوبة بخط الثلث.
ويعد مزاد »بونهامز« من أقـدم دور المــزادات العلنية في الـعـالـم ومـنـشـؤهـا بريطانيا. وستعرض صالة »بونهامز« لــــــــلــــــــمــــــــزادات أيـــــــضـــــــاً بـــعـــض اللوحات الإسلامية والهندية الـنـادرة والسيوف والخناجر والمجوهرات والأواني المعدنية الـجـمـيـلـة مــن حـقـب مـخـتـلـفـة، الـــــتـــــي يـــــعـــــود تــــــاريــــــخ صــنــع بعضها إلى أكثر من أربعمائة عام.
وهـــنـــاك أيـــضـــاً مـجـمـوعـة نــــــــــادرة تـــنـــوعـــت بـــــين الــقــطــع المـــــعـــــدنـــــيـــــة والمـــــخـــــطـــــوطـــــات والأســــــلــــــحــــــة والـــــفـــــخـــــاريـــــات والمـــــنـــــســـــوجـــــات إلــــــــى جـــانـــب الـرسـومـات الـتـي تحتل غرفة مــنــفــردة. وتـمـثـل المـعـروضـات مـرحـلـة زمـنـيـة شـاسـعـة تمتد مـــن الـــقـــرن الـــســـابـــع المـــيـــلادي حتى القرن التاسع عشر. ومن المعروف أن مزادات »بونهامز« الـــعـــالمـــيـــة تـــأســـســـت فـــــي عـــام ١٧٩٣، وهـــي تـنـافـس مــــزادات »ســوذبــي«، وتعمل حالياً في ٢٧ دولة، وتقوم عادةً بتنظيم المـــــزادات بـشـكـل مـتـزامـن فــي ٤ قـــــارات. ويــجــيء مـــزاد الـفـنـون الإســـلامـــيـــة والــهــنــديــة وقـطـع حـــديـــثـــة تــــعــــود إلـــــــى جــنــوب شـــرقـــي آســـيـــا الــــــذي سـيُـعـقـد ًالثلاثاء المقبل، في وسط لندن تــلــبــيــة لــلــطــلــب الـــعـــالمـــي عـلـى الأعــمــال الـفـنـيـة ذات الصبغة الإسـلامـيـة والـهـنـديـة الــنــادرة وذات المستوى الفني العالي، وسيضم المـزاد ٣٦٨ عملاً فنياً تغطي منطقة جغرافية وزمنية واسعة النطاق.
وبـــالـــنـــســـبـــة إلـــــــى الـــفـــنـــان الـتـركـي فـكـرت مـــولا المــوجــودة رسوماته في مـزاد »بونهامز« فقد وُلد عام ١٩٠٣ لعائلة ثرية بمنطقة كاكديوي بإسطنبول.
ُ وتــســبــب جــــرح أصـــيـــب بـــه فـي فترة الطفولة فـي وضـع نهاية لمــســيــرتــه الــريــاضــيــة، بــعــد أن تسببت في إصابته بعرج دائـــــــــم. ضـــعـــف بــنــيــتــه، وفــــقـــدانــــه والـــــدتـــــه فـي ســـن مــبــكــرة، وضـعـف وســـوء مـعـامـلـة زوجــة والــده، جميعها كانت ســـبـــبـــاً فــــــي إصـــابـــتـــه بــاضــطــرابــات نفسية لاحــقــاً. أمــضــى فـكـرت مـــولا فــتــرات طويلة فــــــــــي المـــــصـــــحـــــات يــتــلــقــى عــلاجــاً لمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرض الـــبـــارانـــويـــا، ويـــــــــعـــــــــنـــــــــي جــــــــــــــــنــــــــــــــــون الاضطهاد، والــــهــــذيــــان المــــــــرتــــــــبــــــــط بــــــــــــــإدمــــــــــــــان الـكـحـولـيـات. وقـــــــــــــــد أثـــــــــــرت الـــــــــــــــــــزيـــــــــــــــــــارات الــــطــــويــــلــــة الـــتـــي قــــــــــــــام بـــــــهـــــــا مـــــــولا لـبـرلـينينين وبــاريــس في عشرينات القرن الماضي في إثراء رغبته في الرسم. وعندما عاد إلى إسطنبول، أقــام مــولا أول مـَع مـعـرضلـه عـام َ ١٩٣٤، لكنه لم يلق رواجاً كبيراً. وفــــــي عــــــام ١٩٣٩، غـــــادر تـركـيـا مـتـوجـهـاً إلـــى فـرنـسـا، حـــيـــث قـــضـــى بــقــيــة حــيــاتــه. ومـثـلـت بـاريـس مـصـدر إلـهـام لــــه. وعــلــى الـــرغـــم مـــن إدمــانــه الكحوليات وتعرضه لنوبات عصبية بصورة مستمرة، كان يـرسـم كلما سنحت الفرصة. وبــســبــب نــقــص الــــــورق خــلال فترة الاحتلال النازي لباريس، على سبيل المـثـال، كـان يقطع المـلـصـقـات مـن عـلـى الــجــدران، عندما يدير الجنود ظهورهم، لـيـرسـم عـلـى الــوجــه الأبـيـض ثــم يـقـوم بـعـد ذلـــك بمقايضة لوحاته بالطعام والشراب. وصـــــــرح أولـــيـــفـــر وايـــــت، مـديـر متحف »بونهامز للفن الإســـــلامـــــي والــــهــــنــــدي«، بـــأن »فـــكـــرت مــــولا يــعــد أحــــد كـبـار الفنانين الأتـراك الذين ظهروا في القرن العشرين، بالإضافة إلى زميله عابدين دينو. وعلى الرغم من أن أعماله تُظهر التأثر بالمدرسة التعبيرية الألمانية، فقد ابتكر أسلوباً خاصاً به. ورغم أنه ابتُلي بالمرض خلال أغلب فترات حياته، فقد استمر في إنتاج أعمال جديدة حتى في أحلك أيامه.«