اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وروﺳﻴﺎ: اﳍﻴﺪروﻛﺮﺑﻮﻧﺎت واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ
َﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻹﺛﺒﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑﲔ ﺳــﻮﻗــﻲ اﻟﻨﻔﻂ واﻟــﻐــﺎز وﺻﻨﺎﻋﺘﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺟــﻬــﺔ، واﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﺔ ﻣــﻦ ﺟــﻬــﺔ أﺧــــﺮى. ﻫــﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣـﻌـﺮوﻓـﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ. وﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وروﺳﻴﺎ ﺗﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺻﺤﺔ. وﻣﻔﻬﻮم ﳌﺎذا. ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻧﺸﺮ ﻣـﺪﻳـﺮ ﻛـﺒـﺮى اﻟـﺸـﺮﻛـﺎت اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ »روس ﻧــﻔــﻂ« إﻳـــﻐـــﻮر ﺳـﻴـﺘـﺸـﲔ ﺧـﺮﻳـﻄـﺔ رﻣﺰﻳﺔ ﺟﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﻠﺔ واﺣﺪة ٣ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣـﻨـﺘـﺠـﺔ ﻟـﻠـﻨـﻔـﻂ واﻟـــﻐـــﺎز ﺑـﻌـﻀـﻬـﺎ ﻳــﺤــﺎذي ﺑﻌﻀﴼ؛ ﻫﻲ: روﺳﻴﺎ وﺑﺤﺮ ﻗﺰوﻳﻦ واﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ. اﻧﻈﺮوا إﻟﻰ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ؛ ﻫﺬا ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻺﻋﺠﺎب. وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا اﳌﺨﺰون اﻟﻌﺎﳌﻲ اﻟﺜﻼﺛﻲ ﳌﻮارد اﻟﻄﺎﻗﺔ، ﺗﺘﻤﻮﺿﻊ ﻣﻨﻄﻘﺘﺎن ﻛﺒﻴﺮﺗﺎن ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠﻜﲔ؛ ﻣﻨﻄﻘﺔ آﺳﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق واﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸﺮﻗﻲ، وﻣﻨﻄﻘﺔ أوروﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب واﻟﺸﻤﺎل اﻟﻐﺮﺑﻲ.
ﺑـــﺎﻟـــﻄـــﺒـــﻊ ﻓـــــﻲ ﻫـــــــﺬه اﻟـــﺘـــﺸـــﻜـــﻴـــﻠـــﺔ ﻟــﻢ ﻳــﺆﺧــﺬ ﻓــﻲ ﻋــﲔ اﻻﻋــﺘــﺒــﺎر اﻟــﻼﻋــﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣــﻦ ﺧـﻠـﻒ اﳌـﺤـﻴـﻂ؛ أي اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤﺪة )إﻟـــﻰ ﺟـﺎﻧـﺐ ﻛـﻨـﺪا وﻋـــﺪد ﻣــﻦ دول أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟـﻼﺗـﻴـﻨـﻴـﺔ اﳌــﺼــﺪرة ﻟـﻠـﻬـﻴـﺪروﻛـﺮﺑـﻮﻧـﺎت(، ﺣﻴﺚ ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻟﻴﻮم إﻟﻰ واﺣــــﺪ ﻣــﻦ اﳌـﻨـﺘـﺠـﲔ اﻟــﺜــﻼﺛــﺔ اﻷﺳــﺎﺳــﻴــﲔ ﻟـﻠـﻨـﻔـﻂ ﺑــﺎﻹﺿــﺎﻓــﺔ إﻟـــﻰ روﺳـــﻴـــﺎ واﳌـﻤـﻠـﻜـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ، وﺗﺤﻮﻟﺖ أﻳﻀﴼ إﻟﻰ أﻛﺒﺮ ﻣﻨﺘﺞ ﻟﻠﻐﺎز ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ )ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌـﺘـﺤـﺪة اﻟـﻴـﻮم ﺗﺴﺘﺨﺮج اﻟﻐﺎز أﻛــــﺜــــﺮ ﻣــــﻦ روﺳــــﻴــــﺎ أو إﻳـــــــــﺮان أو ﻗـــﻄـــﺮ(. اﻹﻧــﺘــﺎج ﻻ ﻳــﺰال ﻳﻨﻤﻮ، وﻟـﻴـﺲ ﻓـﻲ اﻟـﻮاﻗـﻊ ﻣــﻦ ﻗــﻴــﻮد ﺗـﺤـﺪ ﻣــﻦ ﻫـــﺬا اﻟــﻨــﻤــﻮ. وﻻ ﻳــﺰال اﻷﻣـــﻴـــﺮﻛـــﻴـــﻮن ﻳــﺴــﺘــﻬــﻠــﻜــﻮن ﻣـــﺎ ﻳــﻨــﺘــﺠــﻮن، وﻟـﻜـﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻏـﻠـﺐ ﺳﺘﺄﺗﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺼﺒﺢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻣﺼﺪرة ﻟﻠﻬﻴﺪروﻛﺮﺑﻮﻧﺎت، وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﺒﺮز اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﻫﻞ وﻛﻴﻒ ﺳﻴﺆﺛﺮ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ؟ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮﻫﺎت اﳌﻘﺘﺮﺣﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ اﻷﺣﺪاث اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓـــﺈن ﻣــﻔــﺎﺟــﺂﺗــﻬــﺎ أﺣــﻴــﺎﻧــﴼ ﻣــﺬﻫــﻠــﺔ ﻟـﻠـﻐـﺎﻳـﺔ. اﻟـﺘـﻨـﺒـﺆ اﻟــﻴــﻮم ﻣــﻦ أﻛــﺜــﺮ اﻟــﺤــﺮف اﳌـﺸـﻮﺑـﺔ ﺑﺎﳌﺨﺎﻃﺮة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻠﻘﻰ اﻟﺤﻤﺪ، ﻣـﻊ ذﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر وﺑﺜﻘﺔ ﻣﺎﺋﺔ ﻓـﻲ اﳌـﺎﺋـﺔ: ﻧﻌﻢ ﺳﻴﺆﺛﺮ. ﻓـﺈذا ﻓﺮﺿﻨﺎ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟـــﻰ ﻧــﻔــﻂ اﻟــﺸــﺮق اﻷوﺳـــــﻂ، ﻓــﻠــﻦ ﻳـﺘـﺮاﺟـﻊ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑـﻬـﺬه اﳌﻨﻄﻘﺔ ﻧـﻈـﺮﴽ ﻟﻠﺤﺎﺟﺎت اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻴﺔ.
ﻻ ﺗـــﺰال ﻏـﻴـﺮ واﺿــﺤــﺔ آﻓـــﺎق ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﺤﻘﻮل اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺒﻌﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﺤﻮض اﻟﺸﺎﻣﻲ ﻟﻠﻨﻔﻂ واﻟﻐﺎز ﻓﻲ ﺟﺮف اﻟﺒﺤﺮ اﳌﺘﻮﺳﻂ. اﻟـﺘـﻘـﻴـﻴـﻤـﺎت اﻟــﺤــﺎﻟــﻴــﺔ ﻻﺣــﺘــﻴــﺎﻃــﺎت اﻟــﻐــﺎز ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋـﻦ ﺑﻌﺾ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧــﻨــﻲ ﻻ أود ﻋــﺮﺿــﻬــﺎ، ﻟـﻜـﻦ ﻣــﻦ اﻟـﻨـﺎﺣـﻴـﺔ اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺮﺿﻴﴼ ﺗﺼﺪﻳﺮه ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ رﻏﻢ ارﺗﻔﺎع ﺗﻜﻠﻔﺘﻪ. ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺬا ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻮﻓﺮ اﻟﺤﺎﺟﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻣﻮارد اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺒﻌﺾ دول اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ. ﻣﻦ ﺑﲔ ﻫﺬه اﻟﺪول اﳌﺮﺷﺤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد: ﻗﺒﺮص، وإﺳﺮاﺋﻴﻞ، وﻟﺒﻨﺎن، وﺗﺮﻛﻴﺎ، واﻟﻴﻮﻧﺎن. وﻗﺪ اﺗﺨﺬت إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﻗﺒﺮص ﺧﻄﻮات ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻮل.
أﻣــﺎ ﻓـﻲ ﻣـﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﻔﻂ، ﻓــﺈن أﻫﻢ اﻹﻧــــﺠــــﺎزات ﺑــﺎﻟــﻨــﺴــﺒــﺔ ﻟــﺮوﺳــﻴــﺎ ﻓـــﻲ ﻫــﺬا اﳌﺠﺎل ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻷﺧﻴﺮة ﻫﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻊ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺣﻮل ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻹﻧﺘﺎج؛ ﺣﻴﺚ إن ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺒﻌﻴﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻓﺾ ذﻟﻚ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﺎﻃﻊ. ﻓﻬﻲ ﳌﺴﺖ اﻟﻴﻮم ﺟﺎﻧﺒﲔ إﻳﺠﺎﺑﻴﲔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة؛ ﻓﻘﺪ ﺣﻘﻘﺖ ﻧﻘﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ، واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺑــﺎﻟــﺘــﻌــﺎون ﻣــﻊ اﻟـــﺮﻳـــﺎض ﺗـﺤـﻘـﻴـﻖ ارﺗــﻔــﺎع ﻣﻠﻤﻮس ﻓﻲ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﻂ. ﺑﻤﺎ أن اﳌــﻴــﺰاﻧــﻴــﺔ اﻟــﺮوﺳــﻴــﺔ أﻗــــﺮت ﻋــﻠــﻰ ﺳﻌﺮ ٠٥ دوﻻرﴽ ﻟﻠﺒﺮﻣﻴﻞ، ﻓــﺈن اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺤﺎﻟﻲ ٥٧ دوﻻرﴽ ﻟـﻠـﺒـﺮﻣـﻴـﻞ ﺟـﻴـﺪ ﺟـــﺪﴽ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮوﺳﻲ. وﻫﺬا ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓـــﻲ ﻇــــﺮوف اﻟــﻌــﻘــﻮﺑــﺎت اﳌـــﻔـــﺮوﺿـــﺔ. ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ أن اﻟﺘﻌﺎون اﻟـﺮوﺳـﻲ - اﻟﺴﻌﻮدي ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل ﺳﻴﺘﻮاﺻﻞ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ أﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺿﻤﺎن اﺳﺘﻘﺮار ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، ﻟﻜﻦ اﻷﻛﻴﺪ أن اﻟﻄﻠﺐ ﺳﻴﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮاه. ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ؛ اﻟــﻔــﻜــﺮة اﳌــﺘــﺪاوﻟــﺔ ﻋــﻦ ارﺗــﺒــﺎط اﻻﻗـﺘـﺼـﺎد اﻟــــﺮوﺳــــﻲ ﺑــﺸــﻜــﻞ ﻛـــﺎﻣـــﻞ ﺑــﺄﺳــﻌــﺎر ﻣــــﻮارد اﻟﻄﺎﻗﺔ وﻋـﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺿﻢ ﻫـﺬا اﻟﺒﻠﺪ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺪول اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ، ﻓﻜﺮة ﻣﻐﻠﻮﻃﺔ. اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮوﺳﻲ ﻳـﺰداد ﺗﻨﻮﻋﴼ وأﺻﺒﺢ أﻗـــﻞ ارﺗــﺒــﺎﻃــﴼ ﺑــﺎﻻﺳــﺘــﻴــﺮاد، وﻫـــﺬا ﺑﻔﻀﻞ ﺳــﻴــﺎﺳــﺔ اﺳــﺘــﺒــﺪال اﻻﺳـــﺘـــﻴـــﺮاد، وﻫـــﻮ ﻣﺎ اﻋﺘﺮف ﺑﻪ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﲔ، ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻄﻮر ﻓﻲ روﺳﻴﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ. ﻟﻘﺪ ﻓﺘﺤﺖ إﻣﻜﺎﻧﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﻌﺎون ﻣﻊ دول اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ.
اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ روﺳﻴﺎ، وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ أن ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ ﺷﺮﻛﺔ »ﻏﺎزﺑﺮوم« اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، ﺑﻞ وﻃﻮرت ﺑﻨﺎء ﺧﻄﻮط ﺟــﺪﻳــﺪة ﻷﻧـﺎﺑـﻴـﺐ اﻟــﻐــﺎز ﻓــﻲ ٣ اﺗـﺠـﺎﻫـﺎت؛ اﻟــــﻐــــﺮب )أوروﺑــــــــــــﺎ(، واﻟـــﺠـــﻨـــﻮب )اﻟـــﺸـــﺮق اﻷوﺳـــــــــﻂ(، واﻟــــﺸــــﺮق اﻷﻗــــﺼــــﻰ. أﺿــﺤــﺖ اﻻﺳــﺘــﺮاﺗــﻴــﺠــﻴــﺔ اﻟــﺮوﺳــﻴــﺔ ﻓـــﻲ اﻟــﺴــﻨــﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺸﺮق أوﺳﻄﻴﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻌﻴﻞ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﳌﻨﺘﺠﲔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﲔ ﻟﻠﻐﺎز اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ؛ إﻳـــــــﺮان وﻗـــﻄـــﺮ، ﻛـــﺬﻟـــﻚ ﻋــﻠــﻰ زﻳـــــــﺎدة ﺣـﺠـﻢ ﺗﺮاﻧﺰﻳﺖ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﻮد ﻋﺒﺮ ﺗﺮﻛﻴﺎ.
ﺗـــﺒـــﺪو اﻟــﺤــﺠــﺔ اﻷﺳـــﺎﺳـــﻴـــﺔ ﳌـﻨـﺘـﻘـﺪي »اﻟﺴﻴﻞ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ - ٢«، اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻳﻤﺮ ﻋﺒﺮ ﻗﺎع ﺑﺤﺮ اﻟﺒﻠﻄﻴﻖ إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻮﺑﻤﻦ ﺑـﺎﻟـﻘـﺮب ﻣــﻦ اﻟــﺤــﺪود اﻷﳌـﺎﻧـﻴـﺔ ﻣــﻊ ﺑﻮﻟﻨﺪا وﺑـﻤـﻮازاة اﻟﻔﺮع اﻷول، ﻏﻴﺮ ﻣﻘﻨﻌﺔ؛ وﻛﺄن ﺑﻨﺎء ﻓﺮع ﺟﺪﻳﺪ ﻷﻧﺒﻮب اﻟﻐﺎز إﻟﻰ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﺳــﻴــﺰﻳــﺪ ﻣــﻦ ارﺗـــﺒـــﺎط ﻫـــﺬا اﻟــﺒــﻠــﺪ ﺑـﺮوﺳـﻴـﺎ )وﻏــﻴــﺮه ﻣــﻦ اﻟــــﺪول اﻷوروﺑـــﻴـــﺔ( اﻟــﺘــﻲ ﻣﻦ دون ذﻟﻚ ﺗﻠﺒﻲ ٠٤ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬﺎ ﻟـﻠـﻐـﺎز ﻋـﻠـﻰ ﺣــﺴــﺎب اﻟــــــﻮاردات اﻟــﺮوﺳــﻴــﺔ. وﻛﺄن ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻀﺮورة ﺗﻬﺪﻳﺪ اﻷوروﺑــﻴــﲔ »ﺑــﺈﻏــﻼق اﻟﺼﻨﺒﻮر«. ﺑﻴﺪ أﻧــﻪ ﻓـﻲ واﻗــﻊ اﻟـﺤـﺎل ارﺗــﺒــﺎط ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺑﺄﳌﺎﻧﻴﺎ وﺑﺎﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ اﻷﺧـﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮي اﻟﻐﺎز ﻣﻨﻬﺎ أﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ. واﻟﺴﺒﺐ واﺿــــﺢ؛ أوﻻ ﻷن أﻧــﺒــﻮب اﻟــﻐــﺎز ﻳــﺠــﺐ أن ﻳﻌﻤﻞ وﻳﻌﻮد ﺑﺎﻟﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺳﻜﻮ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻪ، إذ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﻓـﻲ ﺣــﺎل اﻟــﻀــﺮورة اﻟﻘﺼﻮى أن ﺗﺴﺘﺒﺪل ﺑﻐﺎز اﻷﻧﺎﺑﻴﺐ اﻟﺮوﺳﻲ اﻟﻐﺎز اﳌﺴﺎل اﻟﺬي ﻳــﻮرده اﻟﺸﺮﻛﺎء اﻵﺧــﺮون ﻣﻊ أﻧـﻪ ﺳﻴﻜﻮن أﻏﻠﻰ ﻓـﻲ اﻟﺴﻌﺮ )ﻫــﺬا ﻓـﻲ ﺣـﺎل - ﻻ ﺳﻤﺢ اﻟﻠﻪ - ﻓﻜﺮت ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺑﻘﻄﻊ ﺻﻨﺒﻮر اﻟﻐﺎز(. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺸﺮﻛﺔ »ﻏﺎزﺑﺮوم« اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﺷــﺮﻛــﺔ »اﻟـﺴـﻴـﻞ اﻟـﺸـﻤـﺎﻟـﻲ - ٢« ﻓــﺮﻋــﴼ ﻟﻬﺎ، ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ إﻳﺠﺎد اﻟﺒﺪﻳﻞ. وﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام إﻣﺪادات اﻟﻐﺎز أداة ﻟﻠﻀﻐﻂ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ أﳌﺎﻧﻴﺎ، ﻓــﺈن ﻣـﻮﺳـﻜـﻮ ﻟــﻢ ﺗـﺴـﺘـﺨـﺪم ﻫــﺬا اﻷﺳــﻠــﻮب ﻣﻄﻠﻘﴼ )ﺣـﺘـﻰ ﻓــﻲ ﻇـــﺮوف اﻧـﻀـﻤـﺎم ﺑﺮﻟﲔ إﻟـــﻰ اﻟــﻌــﻘــﻮﺑــﺎت ﺿــﺪ روﺳـــﻴـــﺎ(، ﻓــﻤــﻦ ﻏﻴﺮ اﳌــﻔــﻬــﻮم ﳌــــﺎذا ﺳـﺘـﺴـﺘـﺨـﺪم ﻫـــﺬا اﻷﺳــﻠــﻮب ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ. اﻷﳌﺎن ﻳﺮون ﻓﻲ روﺳﻴﺎ ﺷﺮﻳﻜﴼ ﻣﻮﺛﻮﻗﴼ ﺑﻪ ﺗﻤﺎﻣﴼ. ﻋﺪد اﻷﻧﺼﺎر اﳌﺆﺛﺮﻳﻦ ﻟــﺼــﺎﻟــﺢ ﺗــﻮﺳــﻴــﻊ اﻟــــــــــﻮاردات ﻣـــﻦ روﺳــﻴــﺎ إﻟـﻰ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﻻ ﻳـﺰال ﻛﺒﻴﺮﴽ. ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ، ﻓﺈن رﺋـﻴـﺲ ﺷـﺮﻛـﺔ »اﻟـﺴـﻴـﻞ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ - ٢« ﻫﻮ اﳌــﺴــﺘــﺸــﺎر اﻟــﺴــﺎﺑــﻖ ﻗــﺒــﻞ أﻧــﺠــﻴــﻼ ﻣـﻴـﺮﻛـﻞ ﻷﳌﺎﻧﻴﺎ ﻏﻴﺮﻫﺎرد ﺷﺮودر. وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو، ﻓـﺈن اﻟﺮﺋﻴﺲ دوﻧـﺎﻟـﺪ ﺗﺮﻣﺐ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻓﻲ اﳌﺤﺎدﺛﺎت اﻟﺘﻲ ﺟـﺮت ﻣﻊ اﻟﺴﻴﺪة ﻣﻴﺮﻛﻞ ﺧــــﻼل زﻳـــﺎرﺗـــﻬـــﺎ ﻗــﺒــﻞ أﻳـــــﺎم إﻟــــﻰ اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﳌـﺘـﺤـﺪة ﻣــﻦ إﻟــﺰاﻣــﻬــﺎ ﺑـﺎﻻﻣـﺘـﻨـﺎع ﻋــﻦ دﻋـﻢ ﻫﺬا اﳌﺸﺮوع.
اﳌﺸﺮوع اﻵﺧﺮ؛ »اﻟﺴﻴﻞ اﻟﺘﺮﻛﻲ« ﻫﻮ ﺧﻂ أﻧﺎﺑﻴﺐ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻦ روﺳﻴﺎ إﻟﻰ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻋﺒﺮ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺳﻮد وﻣﻦ ﺛﻢ إﻟﻰ اﻟﺤﺪود اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺔ ﻣــﻊ اﻟــــﺪول اﳌـــﺠـــﺎورة. ﻫــﺬا اﻟﺨﻂ ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻪ ﻓﺮﻋﺎن ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻘﺪرة ٥٧٫٥١ ﻣﻠﻴﺎر ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﻐﺎز. ﻋﺒﺮ اﻟﻔﺮع اﻷول ﺳﻴﻨﻘﻞ اﻟﻐﺎز إﻟﻰ اﻟﺴﻮق اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، أﻣﺎ ﻋﺒﺮ اﻟــﻔــﺮع اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﻓـﺈﻟـﻰ اﳌﺴﺘﻬﻠﻜﲔ ﻣــﻦ دول أوروﺑـــﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ واﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ. اﻷﻋﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﺗﺠﺮي ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﻋﲔ. ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﺗﻢ ﻣﺪ ٥٥ ﻓـﻲ اﳌـﺎﺋـﺔ ﻣـﻦ اﻟـﻄـﻮل اﻹﺟﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺨﻂ ﻣﻦ اﻟﺠﺰء اﻟﺒﺤﺮي، وﻫﺬا ﻳﺸﻜﻞ ﻣﺪ اﻟﻔﺮع اﻷول اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﺎﻳﻮ )أﻳﺎر( اﻟﺤﺎﻟﻲ. ﻋﻤﻠﻴﺔ اﳌـﺪ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻓـﺮع ﺷﺮﻛﺔ »ﻏﺎزﺑﺮوم« ..South Stream Transport B.V ﺣﺴﺐ رأي ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻹدارة أﻟﻜﺴﻨﺪر ﻣﻴﺪﻓﻴﺪﻳﻒ، ﻓـﺈن إدارة اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻻ ﺗـﺮى أي ﻣﺨﺎﻃﺮ ﺗﻤﻨﻊ إﻧﺠﺎز ﻫﺬا اﳌﺸﺮوع. ﺳﻴﻌﺰز ﻫــــﺬا اﳌـــﺸـــﺮوع ﻣـــﻦ اﻟـــﺘـــﻌـــﺎون ﺑـــﲔ روﺳــﻴــﺎ وﺗــﺮﻛــﻴــﺎ ﻓــﻲ ﻣــﺠــﺎل اﻟــﻄــﺎﻗــﺔ، اﻟـــﺬي ﺑـــﺪوره ﺳﻴﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻤﺎ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﺠﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ وﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم.
اﻟﺴﺆال اﻷﺑﺪي اﻟﺬي ﻳﻄﺮح ﻧﻔﺴﻪ ﺣﻮل ﻣﻮارد اﻟﻨﻔﻂ واﻟﻐﺎز: ﻫﻞ ﻫﻲ ﺑﺮﻛﺔ أم ﻟﻌﻨﺔ؟ أم اﻻﺛــﻨــﺎن ﻣـﻌـﴼ؟ ﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎ أن اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ اﻟﻌﻴﺶ ﻣﻦ دون اﻟـﻬـﻴـﺪروﻛـﺮﺑـﻮﻧـﺎت، ﻓﺴﻴﺒﻘﻰ اﻟﻨﻔﻂ واﻟﻐﺎز ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وﻟﺮوﺳﻴﺎ أﻳﻀﴼ واﺣﺪﴽ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳌﺆﺛﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ.
* ﺧﺎص ﺑـ»اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ«