اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ!
ﻫﻨﺎك أﻧــﻮاع ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻬﺎ وﺳـﺎﺋـﻞ اﻹﻋـــﻼم اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وﺗﺄﺗﻲ إﻟﻴﻨﺎ؛ ﻓﻬﻨﺎك اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر. وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺗﺼﻨﻴﻒ وﻧﻮع آﺧﺮ ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﻆ ووﺻﻒ اﻷﺧﺒﺎر اﻟــﺤــﻀــﺎرﻳــﺔ. ﻫـــﺬا اﻟــﻨــﻮع ﻣــﻦ اﻷﺧــﺒــﺎر اﻟــﺬي ﻳﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﻬﺠﺔ وﻳﺰرع اﻷﻣﻞ وﻳﺮﻓﻊ درﺟــﺎت اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ وﻳﻌﻴﺪ ﻓﻜﺮة أن اﻟﻨﻔﺲ اﻟـﺒـﺸـﺮﻳـﺔ ﻻ ﺗـــﺰال ﺑـﺨـﻴـﺮ، وأﻧـــﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻘﺴﻮة واﻟﺠﺒﺮوت ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻓﺎت اﻷﻛﺜﺮﻳﺔ، ﻓﺈن اﻟﺨﻴﺮ ﻻ ﻳﺰال ﻗﺎدرﴽ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻬﻮر.
ﺗـﺬﻛـﺮت ﻛـﻞ ﻫــﺬا وأﻧــﺎ أﺗـﺎﺑـﻊ ردود ﻓﻌﻞ اﻟــﺨــﺒــﺮ اﻟـــﺨـــﺎص ﺑــﺎﺧــﺘــﻴــﺎر ﺳــﺎﺟــﺪ ﺟــﺎوﻳــﺪ اﻟــــﺬي ﻳــﻌــﻮد إﻟـــﻰ أﺻــــﻮل ﺑـﺎﻛـﺴـﺘـﺎﻧـﻴـﺔ وﻫــﻮ اﳌــﺴــﻠــﻢ اﻟــﺒــﺎﻟــﻎ ﻣـــﻦ اﻟــﻌــﻤــﺮ ٨٤ ﻋـــﺎﻣـــﴼ، واﺑـــﻦ ﺳـﺎﺋـﻖ اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ، ﺗـﻢ اﺧـﺘـﻴـﺎره ﳌﻨﺼﺐ وزﻳـﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ. اﺧﺘﻴﺎر ﻣﺴﻠﻢ ﻟﻬﺬا اﳌﻨﺼﺐ اﻟﺒﺎﻟﻎ اﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓــﻴــﻪ اﻹﺳـــﻼﻣـــﻮﻓـــﻮﺑـــﻴـــﺎ ﻫـــﻮ رﺳـــﺎﻟـــﺔ ﻣــﺪوﻳــﺔ ﻟــﻨــﺼــﺮة اﳌــــﺴــــﺎواة واﻟـــﻌـــﺪاﻟـــﺔ اﻻﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻴــﺔ واﻟـﺴـﻠـﻢ اﻷﻫــﻠــﻲ واﻟــﺴــﻮﻳــﺔ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ. ﻛﻤﺎ ﻳﺠﻲء ﻫﺬا اﻟﺨﺒﺮ ﺑﻌﺪ اﺧﺘﻴﺎر ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻼح أﻓــﻀــﻞ ﻻﻋـــﺐ ﻓــﻲ اﻟـــــﺪوري اﳌــﻤــﺘــﺎز ﻓــﻲ أﻫــﻢ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻛﺮة ﻗﺪم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ أن ﺻﻮت ﻟﻪ اﻟﻼﻋﺒﻮن اﳌﻨﺎﻓﺴﻮن، وﻫـﺬا اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻳﺄﺗﻲ أﻳﻀﴼ ﻛﺒﺎرﻗﺔ أﻣﻞ ﺑﺄن اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻻ ﺗﺰال ﺑﺨﻴﺮ، وأن اﳌـﺠـﺘـﻤـﻌـﺎت ﻗــــﺎدرة ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻨـﻈـﺮ ﺑﺸﻜﻞ أرﻗــــﻰ ﻣــﻦ اﻟـﻌـﻨـﺼـﺮﻳـﺔ واﻟـﺘـﻤـﻴـﻴـﺰ واﻟـﺘـﻔـﺮﻗـﺔ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ واﻟﺘﺸﺪد. وﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﺔ اﻟﺨﺒﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﺒﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ رﺋﻴﺴﴼ ﻟﻠﺒﻠﺪ اﻷﻫﻢ واﻷﻗﻮى ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، اﺑﻦ اﳌﻬﺎﺟﺮ اﻟﻜﻴﻨﻲ ﻣﻦ أﺻﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﺎﺑﻘﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ راﺋﻌﺔ.
ﻫــﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣـﻦ اﻷﺧـﺒـﺎر ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻷن ﺗـﻜـﻮن ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﻜﺎﳌﺔ إﻳـﻘـﺎظ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟـــﻌـــﺮﺑـــﻲ اﻟــــــﺬي ﻳـــﻤـــﻮج ﺑــــﺄﻣــــﻮاج اﻟــﻜــﺮاﻫــﻴــﺔ واﻟـــﻌـــﻨـــﺼـــﺮﻳـــﺔ واﻟـــﺘـــﻌـــﺼـــﺐ واﻟــﺘــﺼــﻨــﻴــﻒ، وﻻ ﺣـﺪﻳـﺚ ﻟﻬﻢ إﻻ ﻋــﻦ »درﺟــــﺎت« اﻻﻧﺘﻤﺎء و»اﻟﺘﺸﻜﻴﻚ« ﻓﻲ اﻟﻮﻻء ﻷن اﳌﻮاﻃﻨﲔ »ﻟﻴﺴﻮا ﺳــــﻮاء«، ﻓـﻬـﻨـﺎك ﺣــﻤــﻼت ﺿــﺪ »اﻟﺘﺠﻨﻴﺲ« ﺑﺤﻖ ﻣﻮاﻃﻨﲔ ﻋﻤﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺒﻼد وأﻛﺜﺮ، وﺣﻤﻼت ﻟﻠﺘﻄﻠﻴﻖ ﺑﲔ اﻷزواج ﻟﻌﺪم اﻟﻜﻔﺎء ة ﻋﺎﻣﻠﲔ ﺑﻤﺎ ﺣﺬر ﻣﻨﻪ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ: »ﻳﻔﺮﻗﻮن ﺑﻪ ﺑﲔ اﳌﺮء وزوﺟﻪ«.
اﻷﻣــﻢ ﺗﺘﻄﻮر ﺑﺸﻜﻞ ﺣـﻀـﺎري وﻣﺪﻧﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻤﻮ ﻧﻈﺮة اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺻﻮب اﳌﻮاﻃﻨﺔ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻧﺘﻤﺎﺋﻬﺎ اﻟﻌﺮﻗﻲ واﳌﻨﺎﻃﻘﻲ واﻟﻄﺎﺋﻔﻲ وﺣﻴﻨﻬﺎ ﻧﺤﻘﻖ ﻓﻌﻠﻴﴼ ﺷﻌﺎرات اﻟـﻌـﺪاﻟـﺔ واﻟﻮﺳﻄﻴﺔ واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﳌﺪﻧﻴﺔ، وﻣﻦ دون ذﻟﻚ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﺸﻌﺎرات ﻓــﺎرﻏــﺔ وﺟــﻮﻓــﺎء وﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟـﻬـﺎ ﻋـﻠـﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ.
ﻓـﺠـﻮة ﺣـﻀـﺎرﻳـﺔ ﻛـﺒـﺮى ﻻ ﺗـــﺰال ﻣﻌﻈﻢ ﺑــﻠــﺪان اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ اﻟــﻌــﺮﺑــﻲ ﻏــﺎرﻗــﺔ ﻓــﻴــﻬــﺎ، وﻫــﻲ ﺑــﺤــﺎﺟــﺔ ﻣــﺎﺳــﺔ ﻷن ﺗـﺨـﻠـﻊ ﻋـــﺒـــﺎءات اﻟﺠﻬﻞ واﻟـــﺠـــﺎﻫـــﻠـــﻴـــﺔ اﻟـــﺘـــﻲ ﻻ ﺗــــــﺰال آﺛــــــﺎر اﻟــﺘــﺸــﺪد واﻟـﺘـﻌـﺼـﺐ ﺑـﺎﻗـﻴـﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻧـﺘـﺎج ﺗـﻠـﻚ اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻷﻋﻈﻢ، وإذا ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﺴﺘﻜﻮن أﻣــﺎم ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻗﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟـــــﺪوﻟـــــﻲ وﻣـــﺆﺳـــﺴـــﺎﺗـــﻪ ﺑــﺘــﻬــﻢ اﻟــﻌــﻨــﺼــﺮﻳــﺔ واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ، وﻫــﻲ ﺣﻤﻠﺔ ﺳﺘﺸﻬﺪ ﻣـﺰﻳـﺪا ﻣﻦ اﻟﺰﺧﻢ واﻟﻘﺒﻮل ﻣﻊ زﻳﺎدة اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول وردة اﻟﻔﻌﻞ ﺿﺪﻫﺎ.
اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﺗﻤﻨﺢ اﻷﻣﻞ، وﻟﻜﻦ اﻷﻫــــﻢ أن ﺗــﺄﺗــﻲ ﻫــــﺬه اﻷﺧـــﺒـــﺎر ﻣـــﻦ اﻟــﺪاﺧــﻞ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﺑــﺪﻻ ﻣـﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻬﺎ ﺑـﺬﻫـﻮل وﻫﻲ ﺗﺤﺪث ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ.