اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺴﻠﻤﻲ... ﻟﻜﻦ ﻛﻠﻔﺘﻪ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ
رﺳـﻢ اﻟــﺪم اﳌﻨﻬﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺣــﺪود ﻗﻄﺎع ﻏــﺰة، ﻓـﻲ ﻳـﻮم اﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻔﺎرة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓــﻲ اﻟــﻘــﺪس، ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮ واﺿــﺤــﴼ ﻟﻠﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺮر ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻐﺰﻳﻮن أن ﻳﺘﺨﻠﺼﻮا ﻣﻦ اﻟﺤﺼﺎر اﳌﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ. وأﻏﻠﺐ اﻟﻈﻦ أﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻃﺮﻳﻘﴼ ﺳﻠﻤﻴﴼ ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻌﺒﺪ ﺑﺎﻟﺪم ﻣــﻊ إﺻــــﺮار اﻟــﺸــﺒــﺎن ﻋــﻠــﻰ اﻻﺳــﺘــﻤــﺮار ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮاﺗﻬﻢ اﻟﺤﺎﺷﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود.
وﺑﺨﻼف ﻋﺸﺮات اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﺷـﺘـﺒـﻜـﻮا ﻣــﻊ اﻟــﺠــﻨــﻮد اﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﲔ ﻓﻲ اﻟﻀﻔﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ، وﻓـﻲ اﻟﻘﺪس ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺻﻔﺮ، ذﻫﺐ اﻟﻐﺰﻳﻮن ﻓﻲ ﺳﻼﺳﻞ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻓــــﻲ ﻣـــﻮاﺟـــﻬـــﺔ رﺻــــــﺎص اﳌــــــﻮت وﻗـــﺬاﺋـــﻒ اﳌــﺪﻓــﻌــﻴــﺔ، وﻛــﺎﻧــﺖ اﻷرﻗـــــﺎم ﺗــﺮﺗــﻔــﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻨﻮﻧﻲ ﻃﻮال اﻟﻴﻮم، ٢٥ ٣٤، ٨٢، ٠٢، ٠١، ﻗﺘﻴﻼ، و٠٠٥٢ ﺟﺮﻳﺢ ﻋﻠﻰ اﻷﻗــﻞ، ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻴﻮم.
ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ رﺻﺪ ﺷﺒﺎن وﻧﺴﺎء وأﻃﻔﺎل وﻛـﺒـﺎر وﻣﻘﻌﺪﻳﻦ وﻣﺴﻌﻔﲔ ورﺟـــﺎل أﻣﻦ وﻋﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﻳﻤﻮﺗﻮن أو ﻳﻨﻘﻠﻮن ﻗﺘﻠﻰ وﻳــﻌــﻮدون ﻟـﻴـﻤـﻮﺗـﻮا ﻓــﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺒﻬﺮﴽ أو ﺻﺎدﻣﴼ، وﻳﻌﻜﺲ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻗــﺮارﴽ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ ﺷﻜﻞ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺎﺋﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺼﻐﻴﺮ اﳌﺤﺎﺻﺮ.
وﺣﺘﻰ اﻟﻨﺪاء ات اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻣﻦ ﻣﺴﺆوﻟﲔ وﻓـﻲ اﳌﺴﺎﺟﺪ واﻹذاﻋـــﺎت ﻣﻦ أﺟـﻞ ﺗﺠﻨﺐ اﻟــﺸــﺒــﺎن »اﳌــــﻮت اﳌــﺠــﺎﻧــﻲ« ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺤــﺪود ﻟــﻢ ﺗـﻨـﻔـﻊ. ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟــﻰ ﻫـــﺆﻻء، ﻛــﺎن ﺛﻤﺔ أﺳﺒﺎب ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻜﻲ ﻳﻮاﺟﻬﻮا ﻫﺬا اﳌﻮت ﺑﻜﻞ ﻫﺬه اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ، اﻟﺪﻋﻮات اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ »اﻟﺤﺮﻳﺔ«، اﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻔﺎرة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪس، ذﻛﺮى اﺣﺘﻼل ﻓﻠﺴﻄﲔ )اﻟﻨﻜﺒﺔ(، ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺣﻖ اﻟﻌﻮدة اﳌﻘﺪس، ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟـــــﻰ اﳌــــﺴــــﺆوﻟــــﲔ اﻟــﻔــﻠــﺴــﻄــﻴــﻨــﻴــﲔ اﻟـــﺬﻳـــﻦ ﻏﺎﻟﺒﴼ ﺣﺮﻛﻮا ﻫﺬه اﻟﺤﺸﻮد وﺳﻤﺤﻮا ﻟﻬﺎ ﺑــﺎﻟــﻮﺻــﻮل، ﻛــﺎﻧــﺖ ﻫــﻨــﺎك أﺳــﺒــﺎب ﻛـﺜـﻴـﺮة ووﺟﻴﻬﺔ، ﻣﻦ أﺟـﻞ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﻜﻞ ﻫـﺬا اﻟﻌﺪد ﻟﻼﺷﺘﺒﺎك ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود، ﻟﻜﻦ أﻫﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﻫﻮ »ﻟﻔﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه«.
وﻛﺎن اﳌﺘﺤﺪث ﺑﺎﺳﻢ ﺣﺮﻛﺔ »ﺣﻤﺎس«، ﺣــﺎزم ﻗﺎﺳﻢ، واﺿﺤﴼ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟــﺪم، إذ ﻗــﺎل إن »اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻟﻦ ﻳــﺮﺿــﻰ وﻻ ﻓــﻲ أي ﺣـــﺎل ﻣــﻦ اﻷﺣـــــﻮال أن ﻳـﻌـﻴـﺶ ﺗــﺤــﺖ وﻃــــﺄة اﻟــﺤــﺼــﺎر اﳌــﻔــﺮوض ﻋﻠﻰ ﻗﻄﺎع ﻏــﺰة«، ﻣﻀﻴﻔﺎ أﻧــﻪ »ﻗــﺮر ﻛﺴﺮ اﻟﺤﺼﺎر ﻣﺮة واﺣﺪة وإﻟﻰ اﻷﺑﺪ«. وﺗﺎﺑﻊ: »إن ﻧـﻀـﺎل ﺷﻌﺒﻨﺎ وﻛﻔﺎﺣﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﻴﺤﺪد ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺪس وﺷﻌﺒﻨﺎ ﺳﻴﻜﺘﺐ ﺑﻨﻔﺴﻪ وﺛﻴﻘﺔ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﻴﺮه«. وﺣــﻤــﻠــﺖ »ﺣـــﻤـــﺎس« إﺳــﺮاﺋــﻴــﻞ ﻣـﺴـﺆوﻟـﻴـﺔ »اﻟﺘﺠﺮؤ اﻟﺨﻄﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺪم اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ«، وﻗﺎﻟﺖ إن ﺗﻞ أﺑﻴﺐ ﺳﺘﺘﺤﻤﻞ »اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ«.
وﻳـﻌـﻄـﻲ ﻫـــﺬا اﻧـﻄـﺒـﺎﻋـﴼ ﺣـــﻮل إﺻـــﺮار اﻟــﺤــﺮﻛــﺔ ﻋــﻠــﻰ اﻻﺳـــﺘـــﻤـــﺮار ﻓـــﻲ اﳌــﺴــﻴــﺮات ﻋــﻠــﻰ اﻟـــــﺤـــــﺪود. ﻟــﻜــﻦ ﻣــﺸــﻜــﻠــﺔ »ﺣـــﻤـــﺎس« اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ اﻟﺘﻮرط ﻓﻲ ﺣﺮب ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻣﻊ ﺗﺼﺎﻋﺪ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪات اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﺑﺮد ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪي إذا اﺳﺘﻤﺮت ﻣﺤﺎوﻻت اﺟﺘﻴﺎز اﻟﺤﺪود. وﻗﺎﻟﺖ ﻣﺼﺎدر ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻟـ »اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ« إن »ﺣﻤﺎس« ﻻ ﺗﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﺣﺮب وﻻ ﺗﺮﻳﺪﻫﺎ، وﺳﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺸﺪ أﻛﺒﺮ ﻣﻈﺎﻫﺮات ﺳﻠﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟـﺤـﺪود، وﺗﺴﺘﻌﺪ ﳌﺴﻴﺮة ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻣﺎﻳﻮ )أﻳـــﺎر( اﻟــﺬي ﻳـﺼـﺎدف ذﻛــﺮى اﻟﻨﻜﺒﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ. وﺑﺤﺴﺐ اﳌﺼﺪر، ﻓﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ اﻵن ﻫﻮ »ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻊ اﳌﺴﻴﺮات اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﺪاﺧﻞ«.
وﻳـﺸـﻜـﻞ ﻫــﺬا اﻟـﺘـﻮﺟـﻪ »اﻟـﺤـﻤـﺴـﺎوي« اﻋـــﺘـــﻤـــﺎد اﻟـــﺤـــﺮﻛـــﺔ ﻧــﻬــﺠــﴼ ﺟـــﺪﻳـــﺪﴽ ﺑـﺘـﺒـﻨـﻲ »اﳌﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ واﻟﺸﻌﺒﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻃﺎﳌﺎ رﻓﻀﺘﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ. وﻟـﺠـﺄت »ﺣﻤﺎس« إﻟــﻰ ﻫــﺬا اﻟﻨﻬﺞ ﻓـﻲ ﻇـﻞ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺧﻮض ﺣﺮب ﺟﺪﻳﺪة وﻓﻖ اﻟﻈﺮوف اﳌﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع. ﻟﻜﻦ أﻳﻀﴼ ﺑﺨﻼف اﻟﻀﻔﺔ واﻟﻘﺪس ﻓﺈن ﻛﻠﻔﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻬﺞ، ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ، ﻫﻲ ﻛﻠﻔﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ.
وﻟﻴﺲ ﻣﻌﺮوﻓﴼ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺪم اﻟــﺬي ﺳـﺎل ﻓﻲ اﻷﻳــﺎم واﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﳌﺎﺿﻴﺔ ﺳــﻴــﻨــﺠــﺢ ﻓــــﻲ ﻓــــﻚ اﻟـــﺤـــﺼـــﺎر، ﻛـــﻤـــﺎ ﻳــﺮﻳــﺪ داﻓﻌﻮه، أم أﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻧﻘﻄﺔ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ دم أﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺘﻮﺗﺮة وﻣﺸﺤﻮﻧﺔ وﺗﻔﻮح ﻣﻨﻬﺎ راﺋﺤﺔ ﺣﺮوب ﻛﺒﻴﺮة؟