اﻷدب اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻣﻨﺎﻗﻀﴼ اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﺤﺮب ٨٤٩١
ﺳﻤﻴﻼﻧﺴﻜﻲ ﻛﺎن أول ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﻣﺄﺳﺎة ﻃﺮد اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﲔ ﻣﻦ ﺑﻼدﻫﻢ
ﻟﻢ ﺗـﻚ ﻗﺪ ﻣﻀﺖ أﻋــﻮام ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮه ﻧﺼﻪ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻲ ﻋﻦ »دوﻟــﺔ اﻟـﻴـﻬـﻮد« ﻋــﺎم ٦٩٨١، ﺣﺘﻰ ﻛﺎن ﺛﻴﻮدور ﻫﻴﺮﺗﺰل – وﻗﺪ ﺻﺎر ﺣــﻴــﻨــﻬــﺎ ﻛـــﻤـــﺎ ﻧـــﺒـــﻲ ﺟـــﺪﻳـــﺪ ﻟـﺒـﻨـﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ أﺟﻮاء اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻷوروﺑـــﻴـــﺔ - ﻳـﺠـﺪ اﻟــﻮﻗــﺖ ﻟﻴﻨﺸﺮ رواﻳــــﺔ أدﺑــﻴــﺔ ﺗـﺤـﻜـﻲ ﻗـﺼـﺔ ﻋــﻮدة ﺣﺎج ﻳﻬﻮدي ﺗﺎه ﻋﻦ رﻓﺎق اﻟﺴﻔﺮ ﻓـﻲ اﻟـﺮﺣـﻠـﺔ إﻟــﻰ اﻷرض اﳌﻘﺪﺳﺔ، ﻓــﻴــﺄﺧــﺬه اﻟــﺤــﻨــﲔ إﻟــﻴــﻬــﺎ ﻣــﺴــﺎﻓــﺮﴽ ﻋـــﻠـــﻰ ﻣـــﻌـــﺠـــﺰة ﺻــﻨــﻌــﻬــﺎ ﻣــﻴــﻌــﺎد اﻹﻳـــــﻤـــــﺎن ﻣــــﻊ اﻟـــــﻘـــــﺪر: ﻗــﻄــﻌــﺔ ﻣـﻦ ﻗﻤﺎش ﻋﺒﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳌﺎء إﻟﻰ أرض اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد. ﻫﻴﺮﺗﺰل اﻟﺬي ﻛﺎن ﺻـﺤـﺎﻓـﻴـﴼ ورواﺋـــﻴـــﴼ ﻣــﻐــﻤــﻮرﴽ ﻗﺒﻞ ﳌﻌﺎن ﺑﺮﻳﻘﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، واﳌﻤﺴﻮس ﺑﺮؤﻳﺔ ﻳﻮﺗﻮﺑﻴﺔ ﻟﺪوﻟﺔ ﻋﺒﺮﻳﺔ ﻳﺮﺣﺐ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﻫﻮﺑﴼ ﻻ ﻓـﻲ اﻷدب وﻻ ﻓــــﻲ اﻟــﺘــﻨــﻈــﻴــﺮ اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻲ - وإن ﻧــﺠــﺢ ﺑـــﺈﻃـــﻼق ﺣـــﺮﻛـــﺔ ﺳــﻴــﺎﺳــﻴــﺔ اﺳﺘﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺷﻮﻫﺖ وﺟـﻪ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﳌﺎﺋﺔ ﻋﺎم ﺗﺎﻟﻴﺔ وﻣﺎ زاﻟﺖ - ﻟﻜﻦ رواﻳﺘﻪ ﺗﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﺬاﺟﺘﻬﺎ وﻫـــﺰاﻟـــﻬـــﺎ اﻟــﻈــﺎﻫــﺮ ﻛــﺎﻧــﺖ إﺷــــﺎرة ﻣﺒﻜﺮة إﻟﻰ ﻋﻤﻖ ﺗﺸﺎﺑﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺎﻷدﺑﻲ ﻓﻲ اﳌﺸﺮوع اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻣـﻨـﺬ ﺑــﺪاﻳــﺎﺗــﻪ اﻷوﻟـــــﻰ، وﻧـﻤـﻮذﺟـﺎ أوﻟــــﻴــــﺎ ﺑــﻠــﻴــﻐــﺎ ﻟــﻔــﻜــﺮ اﻟــﻌــﻨــﺠــﻬــﻴــﺔ اﻟﺬي ﺳﻴﻄﺒﻊ ﺳﻴﺎﺳﺎت »اﻟﺪوﻟﺔ« اﻟـﻌـﻨـﺼـﺮﻳـﺔ، وﻳﺤﺘﻜﺮ ﻓــﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ذاﺗـــﻪ ﺳـﺮدﻳـﺘـﻬـﺎ ﻟـﻔـﻀـﺎء اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺑﺂﻳﺎت ﻣﻠﺆﻫﺎ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﺘﻠﻔﻴﻘﺎت.
إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻔﻞ اﻟﺸﻬﺮ اﻟــﺤــﺎﻟــﻲ ﺑﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺔ ﺗـﺄﺳـﻴـﺴـﻬـﺎ، ﻟــــﻢ ﺗــــﺤــــﺪ وﻟــــــﻮ ﻟــــﻴــــﻮم واﺣـــــــﺪ ﻋـﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﻋﺮاﻓﻬﺎ اﻟﻌﺒﺮاﻧﻲ اﳌﺘﻨﻘﻞ ﺑـﲔ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ واﻷدب، ﻓﺎﻗﺘﻠﻌﺖ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻴـﲔ أﺻـــﺤـــﺎب اﻷرض اﻷﺻــﻠــﻴــﲔ ﺑـــﻼ رﺣـــﻤـــﺔ، وأﺳـﻜـﻨـﺖ ﺑــــﺪﻻ ﻣـﻨـﻬـﻢ ﻣــﻬــﺎﺟــﺮﻳــﻦ ﻻ ﻳــﻌــﺮف أﺟـﺪادﻫـﻢ، وأﺣﻜﻤﺖ ﻓﻲ اﻵن ذاﺗﻪ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺔ ﻫﺬا اﻻﻗﺘﻼع ﻋــﺒــﺮ ﺗــــﺮوﻳــــﺞ ﻧــﺴــﻴــﺞ ﻣــﺤــﻜــﻢ ﻣـﻦ اﻷﻛﺎذﻳﺐ واﻟﺼﻮر اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻤﻊ ﺻﻮرة اﻟﻘﺎﺗﻞ وﺗﺰﻳﻞ ﺻﻮرة اﳌﻘﺘﻮل ﺣﺘﻰ ﻛــﺎدت ﺗﺴﻠﺐ اﻷﻟـﻖ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻘﺪﻳﻢ اﳌﻨﺤﻮل ﻓﻲ ﻛــﺘــﺒــﻬــﻢ اﳌـــﻘـــﺪﺳـــﺔ. وﻟـــﻌـــﻞ أﺣــــﺪاث ﺣﺮب ﻓﻠﺴﻄﲔ ﻋﺎم ٨٤٩١ ﺗﺤﺪﻳﺪﴽ - وأﻛـــﺜـــﺮ ﻣـــﻦ ﻏــﻴــﺮﻫــﺎ ﻣـــﻦ ﺣـــﺮوب إﺳــــﺮاﺋــــﻴــــﻞ اﻟـــﻜـــﺜـــﻴـــﺮة - ﺗــﻌــﺮﺿــﺖ ﻟﺠﻬﺪ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﳌﻤﻨﻬﺞ ﺑﻐﺮض اﻻﺣــــﺘــــﻔــــﺎظ ﺑـــﺴـــﻴـــﻄـــﺮة ﺣـــﺪﻳـــﺪﻳـــﺔ ﻋﻠﻰ اﻟـﺴـﺮدﻳـﺔ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺨـﻴـﺔ ﻋﻨﻬﺎ. وﻏﻠﻔﺖ ﺗﻠﻚ اﻟـﺤـﺮب اﳌــﺆﳌــﺔ، اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟـﺤـﺪث اﳌﻔﺼﻠﻲ اﻷﻫــﻢ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ رﺑﻤﺎ ﻃﻮال اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻛﻠﻪ وأﺛﺮت ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﺋﺮ أﻧﻈﻤﺘﻪ وﺷﻌﻮﺑﻪ دون اﺳﺘﺜﻨﺎء، ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺑﻘﻤﺎﺷﺎت ﺗﻮراﺗﻴﺔ وﻣــــﺒــــﺎﻟــــﻐــــﺎت ﻣــــﺆدﻟــــﺠــــﺔ ﻟــﺘــﻜــﺮس اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺮﻳﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟـﺤـﺎﺳـﻢ اﺣــﺘــﻼﻻ ﻟــﻸذﻫــﺎن ﻳـﺘـﻮج اﻹﺳـــﺮاﺋـــﻴـــﻠـــﻴـــﲔ أﺑــــﻄــــﺎﻻ ﻣــﺆﻟــﻬــﲔ واﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﲔ أوﻏﺎدﴽ ﺑﺎﻫﺘﲔ، ﻣﻊ إﻟﻘﺎء ﻇﻼل ﻛﺜﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻌﻨﻒ اﳌـــــﻘـــــﺪس وﺳــــﻴــــﺎﺳــــﺎت اﻟــﺘــﻄــﻬــﻴــﺮ اﳌﻤﻨﻬﺞ واﻟﺘﻬﺠﻴﺮ واﻟـﻌـﺰل اﻟﺬي أوﻗﻌﺘﻪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﻟﻴﺪة ﺑﺄﺻﺤﺎب اﻷرض، ﺣـﺘـﻰ إن وزﻳـــﺮﴽ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ )ﻳــﻮري ﺗﺎﻣﻴﺮ( ﻛـﺎد ﻳﻔﻘﺪ ﻣﻨﺼﺒﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﺢ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺳﻬﻮ ﺑﺘﻀﻤﲔ ﻛﺘﺎب ﻣﺪرﺳﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻮﺟﻪ ﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻲ ٨٤٩١، اﻟــﺬﻳــﻦ ﻓــﺮﺿــﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ اﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﺔ، ﻓـﻘـﺮة واﺣـــﺪة ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻠﻤﺔ »اﻟﻨﻜﺒﺔ« ﻟﺘﺼﻒ رؤﻳﺔ اﻟﻌﺮب ﻟﻬﺰﻳﻤﺘﻬﻢ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب.
ﻧﺠﺤﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﺑـــﺎﻣـــﺘـــﻼك اﻟـــﺴـــﺮدﻳـــﺔ اﻟــﺘــﺎرﻳــﺨــﻴــﺔ ﻋـﻦ ﺣــﺮب ٨٤٩١ ﻣﺴﺘﻔﻴﺪة ﻣـﻦ أن اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻣﺤﻤﻴﺔ ﻟﺜﻼﺛﲔ ﺳـــﻨـــﺔ ﻣـــﻘـــﺒـــﻠـــﺔ ﻋـــﻠـــﻰ اﻷﻗــــــــــﻞ، وأن اﳌــﺆرﺧــﲔ واﻹﻋـﻼﻣـﻴـﲔ واﳌﺜﻘﻔﲔ واﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﲔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ ﻋﻤﻮﻣﴼ اﻧﺨﺮﻃﻮا ﻓﻲ ﻣﺆاﻣﺮة ﺗﺮوﻳﺞ أﻓﻴﻮن اﻟــــﻜــــﺬب ﻋــــﻦ ﻣـــﻌـــﺠـــﺰة اﻻﻧـــﺘـــﺼـــﺎر واﻟـــــﺒـــــﺮاءة ﻣـــﻦ دﻣــــــﺎء اﻟــﻀــﺤــﺎﻳــﺎ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﻈﻰ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﺑﲔ اﳌﻨﺎﻓﻲ واﻻﺣﺘﻼل دون ﻗﺪرة ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﻨﺘﺼﺮﻳﻦ - أﻗــﻠــﻪ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺴــﺎﺣــﺔ اﻟـــﺪوﻟـــﻴـــﺔ .واﻷﻫـــــــﻢ ﻣـــﻦ ذﻟـــــﻚ ﻛـــﻠـــﻪ أن اﻟــــــﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳌﺠﺎورة ﻟﻠﻜﻴﺎن اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻋﺘﻤﺪت ﺳﺮدﻳﺎت ﻣﻔﺘﻌﻠﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺠﺮﻳﺎت ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺮب أﻟﻘﺖ ﻓﻴﻬﺎ - ودون اﻟﻜﺸﻒ ﻋـﻦ وﺛﺎﺋﻖ أو إﺳـــﻨـــﺎدات - ﺑــﻼﺋــﻤــﺔ اﻟـﻬـﺰﻳـﻤـﺔ ﻋــﻠــﻰ اﻟـــﻌـــﺮب اﻵﺧــــﺮﻳــــﻦ، واﻟــﻌــﺎﻟــﻢ اﳌـﻨـﺎﻫـﺾ، وﺛﻤﻨﺖ ﻋﺎﻟﻴﴼ ﺟﻬﻮدﴽ ﻣــﺰﻋــﻮﻣــﺔ أو ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺠﻴﻮﺷﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك ﻓﺮﻋﻴﺔ ﻣﺨﺘﺎرة، وﻫﻮ اﻷﻣــﺮ اﻟــﺬي ﺳﻬﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻃﻤﺲ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﺑﻴﻊ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ. ﻟﻜﻦ ﺳﺘﺮ اﻟﻈﻼم اﳌﺘﻘﺎﻃﻊ ﻫﺬه، ﻣﺎ ﻟﺒﺜﺖ أن ﺧﺮﻗﺖ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﺤﻘﻖ اﺳﺘﻘﻼل إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎض ﻓﻠﺴﻄﲔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣـﺆﳌـﺔ ﻟﻠﻀﺤﺎﻳﺎ وﻫﺞ ﺟﺪار اﻟﺨﺰﻋﺒﻼت اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ اﻟـــﺘـــﻲ أﻧــﺘــﺠــﻬــﺎ ﺗــــﻼﻣــــﺬة اﻟــــﻌــــﺮاف اﳌﻤﺴﻮس ﻫﻴﺮﺗﺰل، ﻓﺴﺠﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﺘﺴﺮﺑﻼ ﺑﻨﺼﻮص رواﺋﻴﺔ ﻟﻮﺣﺎت ﻣﻦ أﻟﻢ ﻣﺨﻨﻮق ﺷﺎﻫﺪوه ﻓﻲ ﻋﻴﻮن اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ أو ﻓﻲ ﺿﻤﻴﺮ اﻟﻘﺎﺗﻠﲔ. رﺑـــــﻤـــــﺎ ﻛـــــــﺎن أول ﻫـــــــــﺆﻻء ﻳــــﺰﻫــــﺎر ﺳــﻤــﻴــﻼﻧــﺴــﻜــﻲ )٦١٩١ - ٦٠٠٢( راﺋﺪ اﻷدب اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻓﻲ رواﻳﺘﻪ اﻟــﻘــﺼــﻴــﺮة »ﺧـــﺮﺑـــﺔ ﺧـــﺰﻋـــﺔ« اﻟــﺘــﻲ ﺳﺠﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺎدﺛﺔ ﺗﻬﺠﻴﺮ ﻣﺘﻌﻤﺪ ﻷﻫﻞ ﻗﺮﻳﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻛﺘﺒﻬﺎ أﺛﻨﺎء ﺣـــﺮب ﻓـﻠـﺴـﻄـﲔ ﻋـــﺎم ٨٤٩١ )اﻟــﺘــﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﻓﻌﻠﻴﴼ ﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺷﻬﺮا ﻣﻦ إﻟـﻐـﺎء اﻻﻧــﺘــﺪاب إﻟــﻰ ﺗﻮﻗﻴﻊ اﺗﻔﺎق ﻟـﻮﻗـﻒ اﻟـﻨـﺎر ﻣـﻦ آﺧــﺮ دوﻟــﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺷﺎرﻛﺖ ﻓﻲ اﻟـﺤـﺮب( وﺻــﻮر ﻓﻴﻬﺎ ﺗـﻤـﺴـﻚ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻴـﲔ ﺑـﻜـﺮاﻣـﺘـﻬـﻢ ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻫـــﻢ ﻳـــﻄـــﺮدون ﻣـــﻦ ﺑــﻼدﻫــﻢ ﻋــﻠــﻰ ﻳـــﺪ اﻟـــﺠـــﻨـــﻮد اﻹﺳــﺮاﺋــﻴــﻠــﻴــﲔ ﻗــﺴــﺎة اﻟــﻘــﻠــﻮب. ﻳـﺨـﻔـﺾ اﻟــــﺮاوي - اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ - ﻓـﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺧﺠﻼ ﻣﻦ ﺣﺰن ﺻﺎرم ﻋﻤﻴﻖ ﳌﺤﻪ ﻓﻲ ﻋﻴﻮن ﺳﻴﺪة ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺮك ﺑــﻴــﺘــﻬــﺎ ﻣـــﻬـــﺰوﻣـــﺔ ﻏــﻴــﺮ ﻣــﻜــﺴــﻮرة، ﻟـــﻴـــﻐـــﺮق ﺑــــﻌــــﺪه ﻓـــــﻲ ﻟـــﺠـــﺔ أﺣــــــﺰان ﺣﻤﻠﻬﺎ وﺟـــﺪان اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻴﻬﻮدي ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻓﻴﻪ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮة: ﻟﻘﺪ ﻛـﺎن ﺷﻌﺒﴼ ﺧﺒﺮ اﻟﻨﻔﻲ واﻟﺘﻬﺠﻴﺮ ﻳﻨﻘﻠﺐ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺿﺤﻴﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﺗﻞ ﻳﺘﻤﺎﺛﻞ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻗﺘﻠﻪ وﻫﺠﺮه. ﺗﺸﺪ ﺧﻨﺎﻗﻬﺎ اﻟﻐﺮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻞ اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻲ »ﺧﺮﺑﺔ ﺧﺰﻋﺔ« ﻓﻴﻘﻮل: »ﻛﺄﻧﻲ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻨﻲ اﳌــﻜــﺎن ﻧـﻔـﺴـﻪ«. ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻛﺘﺐ ﺳﻤﻴﻼﻧﺴﻜﻲ ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮة ﺷﻬﻴﺮة ﻧﺸﺮﻫﺎ ﻋﺎم ٨٤٩١ ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺴﺠﲔ« وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺨﺎﻃﺐ ﺟﻨﺪي إﺳــﺮاﺋــﻴــﻠــﻲ ﻧــﻔــﺴــﻪ ﻓـــﻲ ﻣــﻮﻧــﻮﻟــﻮج داﺧﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﻔﻈﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﻬﺎ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﻮن ﺧﻼل أﻋﻤﺎل ﺗﻬﺠﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﲔ ﻋــﺎم ٨٤٩١ ﻓﻴﻘﻮل: »إذا ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﳌﻤﺎرﺳﺎت اﻟــﻘــﺬرة ﻓﻠﻴﻘﻢ ﺑﻬﺎ اﻵﺧــــﺮون. وإذا ﻛــﺎن ﻻ ﺑــﺪ ﻣــﻦ اﻟــﺘــﻠــﻮث ﺑﺎﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ﻓﻠﻴﻤﺪ آﺧﺮون ﻏﻴﺮي ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ؛ أﻧﺎ ﺷﺨﺼﻴﴼ ﻻ أﺳـﺘـﻄـﻴـﻊ«، ﺛــﻢ ﻳﺘﺄﻟﻢ وﻫﻮ ﻳﺮوي اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻳﺸﻬﺎ: »ﻟﻘﺪ ﻛﺮﻫﺖ وﺟــﻮدي ﻛـﻠـﻪ«. ﻛﺎﻧﺖ »اﻟﺴﺠﲔ« ﻛﻤﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ أﻟﻢ ﺳﺮد اﻟﺤﻜﺎﻳﺎ.
ﻟﺤﻖ رواﺋـﻴـﻮن إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﻮن آﺧــــــــﺮون ﻛــــﺒــــﺎر ﺑــﺴــﻤــﻴــﻼﻧــﺴــﻜــﻲ، وﺗــﺠــﺮأوا ﻋﻠﻰ اﻟــﺒــﻮح ﻓــﻲ ﻓﻀﺎء اﻟــــﺮواﻳــــﺔ ﺣـــﺼـــﺮﴽ. ﻋـــﺎﻣـــﻮس ﻋــﻮز ودﻳــﻔــﻴــﺪ ﻏــﺮوﺳــﻤــﺎن و»إﻳــــﻪ. ﺑـﻲ. ﻳﻮﺷﻊ« وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻌﺎﻗﻞ ﻷن ﻳﺼﺪق أوﻫــﺎم اﳌﻌﺠﺰة واﻟـﺒـﺮاءة اﻟــﺘــﻲ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺗــﺮوﺟــﻬــﺎ اﳌــﺆﺳــﺴــﺔ اﻟـﺮﺳـﻤـﻴـﺔ. ﻛﻤﺎ ﺳﺎﻫﻤﺖ رواﻳــﺎت
ُِ ﻛﺘﺒﻬﺎ أدﺑﺎء ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن أﺳﺮﻟﻮا وﻛــﺘــﺒــﻮا ﺑــﺎﻟــﻌــﺒــﺮﻳــﺔ أو ﺗـﺮﺟـﻤـﺖ ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ ﻟﻬﺎ، ﻣﺜﻞ »اﳌﺘﺸﺎﺋﻞ« ﻹﻣــــﻴــــﻞ ﺣــﺒــﻴــﺒــﻲ و»أراﺑـــــﻴـــــﺴـــــﻚ« ﻷﻧـــﻄـــﻮن ﺷــــﻤــــﺎس، ﻓـــﻲ ﺗــﺼــﻮﻳــﺮ ﻣــــــﻼﻣــــــﺢ أﺧــــــــــــﺮى ﻣـــــــﻦ ﻋــــــﺬاﺑــــــﺎت اﻟﺨﺎﺳﺮﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب.
ﻫـﺬه اﻹﺷـــﺎرات اﻟﺨﺎﻃﻔﺔ ﻋﻦ ﺳـﺮدﻳـﺔ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﺪﻳﻤﺎﻏﻮﺟﻴﺔ اﻟـــﺮﺳـــﻤـــﻴـــﺔ رﺑـــﻤـــﺎ ﻟــــﻢ ﺗـــﺼـــﻞ إﻟـــﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ اﻟﻌﺮﻳﺾ، رﻏﻢ أن أﻋﻤﺎل ﺳﻤﻴﻼﻧﺴﻜﻲ ﺗﺪرس ﻓﻲ اﳌﺪارس اﻟﻌﺎﻣﺔ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻗﺪﻣﺖ داﺋـﻤـﴼ ﻋﻠﻰ أﻧـﻬـﺎ ﺗـﺠـﺎرب ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻷﻓـــــﺮاد ﺑــﻌــﻴــﺪﴽ ﺗــﻤــﺎﻣــﴼ ﻋــﻦ ﺳــﻴــﺎق اﻟــﺰﻣــﺎن - اﳌــﻜــﺎن اﻟـــﺬي ﺣـﺎﻛـﺘـﻪ -، وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺑﺘﻜﺮار ﺣﻀﻮرﻫﺎ ﺧــﺮﻗــﺖ ﺟـــﺪار اﻟــﻮﻫــﻢ اﻟــﻌــﺎزل ﻓﻲ ذﻫـــﻦ ﺟــﻴــﻞ ﺟــﺪﻳــﺪ ﻣــﻦ اﳌــﺆرﺧــﲔ اﻟﺸﺒﺎب اﻟـﺬﻳـﻦ اﺳﺘﻔﺰﺗﻬﻢ ﺧﺒﺮة ﺣــــﺮب ﻟــﺒــﻨــﺎن ٢٨٩١ واﻟـﺘـﻀـﻠـﻴـﻞ اﻟـــــﺬي وﺳــــﻢ اﻟــﺴــﺮدﻳــﺔ اﻟـﺮﺳـﻤـﻴـﺔ ﻋﻨﻬﺎ، ودﻓﻌﺘﻬﻢ ﻟﻠﺘﺠﺮؤ؛ رﺑﻤﺎ ﻟـــــﻴـــــﺲ ﻋـــــﻠـــــﻰ ﻧـــــﻘـــــﺾ اﳌــــــﺸــــــﺮوع اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﺑﺮﻣﺘﻪ، ﻟﻜﻦ أﻗﻠﻪ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺟﺰﺋﻴﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣــﻦ ﺳــﺮدﻳــﺔ اﻟـﺴـﻠـﻄـﺎت ﻋــﻦ ﺣـﺮب ٨٤٩١ وﻃـــــﺮح ﺗــــﺴــــﺎؤﻻت ﻧــﻘــﺪﻳــﺔ اﻟﻄﺎﺑﻊ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻔﻈﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ارﺗـﻜـﺒـﺖ ﺑـﺤـﻖ أﺻــﺤــﺎب اﻷرض، واﻟــﺘــﻲ ﺗــﻨــﺪي ﺟـﺒــﲔ أي إﻧــﺴــﺎن؛ ﻧﺎﻫﻴﻚ ﺑﺸﻌﺐ أﻗﺎم دوﻟﺔ ﻣﻦ رﻏﻮة اﻟﺨﺰﻋﺒﻼت ﺑﺤﺠﺔ اﻟﻬﻮﻟﻮﻛﻮﺳﺖ اﻟــــﺘــــﻲ ﺗــــﻌــــﺮض ﻟـــﻬـــﺎ ﻋـــﻠـــﻰ أﻳــــﺪي اﻷوروﺑـﻴـﲔ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﲔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ٨٤٩١.
ﻟــــــــﻴــــــــﺲ ﻛـــــــــــﻞ اﻟـــــــــﺮواﺋـــــــــﻴـــــــــﲔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ ﻣﺘﻮﺛﺒﲔ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣــــﻦ ﺷـــﺮﻧـــﻘـــﺔ اﳌـــﻌـــﺮﻓـــﺔ اﳌــﻘــﻮﻧــﻨــﺔ ﻓـــــﻲ ذﻟـــــــﻚ اﻟـــــﺼـــــﻨـــــﺪوق اﻟـــﺨـــﺎﻧـــﻖ اﳌـــﺴـــﻤـــﻰ إﺳــــﺮاﺋــــﻴــــﻞ. وﻟـــﻴـــﺲ ﻛـﻞ اﳌـﺆرﺧـﲔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ - اﻟﺠﺪد ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺤﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن – أﻧﺒﻴﺎء ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻴﻮاﺟﻬﻮا أﺳﺲ اﳌﺸﺮوع اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻛﻠﻬﺎ واﻟﺘﺒﺮؤ ﻣﻨﻬﺎ، ﻟﻜﻦ اﻷدب أﻣﻄﺮﻧﺎ داﺋﻤﺎ ﺑﺎﻷﻣﻞ ﺑﺄن ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت أﺟﻨﺤﺔ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻖ ﻓﻲ ﻓﻀﺎء اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻟــﻦ ﺗﻘﺒﻊ ﺣﻜﺮﴽ ﻓﻲ أﻗﻔﺎص ﺗﺠﺎر اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ.