أنباء عن {انسحاب إيراني} من مواقع في جنوب سوريا
قوات النظام تنتشر في مخيم فلسطيني قرب دمشق... والأمم المتحدة تؤكد صعوبة العودة
مع إكمال قوات النظام السوري سـيـطـرتـهـا عــلــى ريــــف دمــشــق بـعـد دخــولــهــا مـخـيـم الــيــرمــوك لـلاجـئـين الفلسطينيين وحـي الحجر الأسـود المـجـاور، جنوب العاصمة السورية، تتجه الأنـظـار إلـى المنطقة الجديدة التي يمكن أن تتجه إليها قوات حكومة دمشق. وفيما نشرت مواقع معارضة صوراً لأعداد كبيرة من الجنود على متن شاحنات وهم يتجهون إلى ريف السويداء الشمالي في جنوب سوريا بـعـد انـتـهـاء مـشـاركـتـهـم فــي معركة مـخـيـم الــيــرمــوك بـانـسـحـاب تنظيم داعــش مـنـه، نقلت وكـالـة »سـمـارت« الإخـــبـــاريـــة عـــن قــائــد فـــي »الـجـيـش الـسـوري الـحـر« قـولـه أمــس الـثـلاثـاء إن أرتـــالاً تابعة لميليشيات إيرانية و»حـزب الله« اللبناني انسحبت من مدينة درعا جنوب سوريا، وتوجهت إلى العاصمة دمشق.
وقــال قـيـادي فـي »قـــوات شباب السنة« التابعة لـ »الجيش الحر« إن المراصد العسكرية للمعارضة رصدت خلال الليلة قبل الماضية »خروج رتل مؤلف من ١٠ شاحنات كبيرة ودبابة وتــركــس« مــن درعـــا. وتــابــع أن رتــلاً آخر يضم شاحنات وسيارات محملة بالعتاد والمسلحين خـرج أيـضـاً من درعـا مع ساعات الفجر الأولـى ليوم الثلاثاء. وأشار إلى أن الرتلين انسحبا نحو مدينة ازرع ومنها إلى دمشق، متحدثاً عن معلومات مفادها أن هذا الانسحاب هدفه حلول قوات النظام الـسـوري مكان الميليشيات الإيرانية وعناصر »حـزب الـلـه« المـوجـودة في مدينة درعـا منذ أواخـر العام ٢٠١٤. ونـقـلـت »ســـمـــارت« عــن نـاشـطـين أن الانسحاب يهدف أيضاً إلى »إرضاء« إسـرائـيـل والأردن الـرافـضـين لوجود قوات إيرانية على حدودهما.
في غضون ذلـك، دخلت وحدات مـن قــوى الأمــن الـداخـلـي، أمــس، إلـى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وحـــي الــحــجــر الأســـــود المـــجـــاور في جـنـوب دمـشـق، وفـق مـا نقل الإعـلام الرسمي، غداة إعلان الجيش سيطرته بالكامل على المنطقة إثر طرد تنظيم داعــــــش مــنــهــا، فــيــمــا أعــلــنــت الأمــــم المـتـحـدة، أن حجم الـدمـار فـي مخيم الــيــرمــوك يـجـعـل عـــودة سـكـانـه أمــراً صعباً للغاية. ونقلت وكالة الصحافة الـفـرنـسـيـة، عـن الـتـلـفـزيـون الـسـوري الــرســمــي مــشــاهــد مــبــاشــرة تُـظـهـر دخـــول مـوكـب لـقـوى الأمـــن الـداخـلـي يتقدمه دراجـــان رافـعـين الأعــلام إلى حي الحجر الأسود.
وسيطر الجيش الـسـوري، أول من أمس، على كامل دمشق ومحيطها لـلـمـرة الأولـــى مـنـذ عــام ٢٠١٢ معلناً إياها مناطق »آمنة« إثر طرده تنظيم داعـــش مـن آخــر جـيـب لـه فـي جنوب العاصمة الـذي يعد مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين أبرز أحيائه.
فــــي المـــخـــيـــم، رفــــــع عــســكــريــون الأعــــــلام الــســوريــة وصـــــور الـرئـيـس بشار الأسد على مبنى تضرر بفعل المـعـارك واخـتـرق الـرصـاص جـدرانـه، بـيـنـمـا كــــان آخـــــرون يـطـلـقـون الــنــار مـن رشـاشـاتـهـم ابـتـهـاجـاً فـي الـهـواء ويــــــرددون الــهــتــافــات. وقــــال ضـابـط فـــــي قــــــوى الأمــــــــن الــــداخــــلــــي بــرتــبــة عميد، فـي تصريحات للصحافيين نقلها التلفزيون السوري: »الشرطة موجودة على مدار ٢٤ ساعة«، لافتاً إلــى أن »وحـــدات مـن الاختصاصات كافة تنتشر في أنحاء المخيم لتقديم العون والمساعدة للمواطنين والحفاظ على ممتلكاتهم«.
وأعــلــن جـيـش الـنـظـام الـسـوري في بيان عصر الاثنين بعد شهر من المـعـارك »الـقـضـاء عـلـى أعـــداد كبيرة من مسلحي تنظيم داعـش الإرهابي مـا أدى إلـى إحـكـام السيطرة التامة على منطقة الحجر الأســود ومخيم الــيــرمــوك«. وجـــاء هــذا الإعــــلان بعد ســــاعــــات مــــن خـــــــروج آخـــــر مـقـاتـلـي الــتــنــظــيــم مــــن الأحـــــيـــــاء الــجــنــوبــيــة بــــمــــوجــــب اتــــــفــــــاق إجــــــــــلاء بـــرعـــايـــة »روســــيــــة«، أكـــــده المـــرصـــد الــســوري لـحـقـوق الإنــســان، مـن دون أن يأتي الإعلام السوري الرسمي على ذكره.
وقـــــــال المـــتـــحـــدث بـــاســـم وكــالــة الأمــــــــم المــــتــــحــــدة لإغـــــاثـــــة وتــشــغــيــل الــلاجــئــين الـفـلـسـطـيـنـيـين (أونـــــــروا) كــريــس غــانــيــس، لــوكــالــة الـصـحـافـة الفرنسية: »اليرموك اليوم غارق في الدمار، ويكاد لم يَسْلم أي منزل من الـدمـار،« مضيفاً: »منظومة الصحة العامة، والمياه، والكهرباء والخدمات الأساسية كلها تضررت بشكل كبير .«
وتـابـع: »ركــام هـذا الـنـزاع عديم الـرحـمـة منتشر فـي كـل مـكـان. وفـي أجواء مماثلة، من الصعب تخيل كيف يمكن للناس العودة.«
وشــاهــد مــراســل الـفـرنـسـيـة في الـيـرمـوك أول مـن أمــس، خـلال جولة نظمتها وزارة الإعـلام للصحافيين، أبـنـيـة ومــنــازل مــدمَّــرة شــاهــدة على ضراوة المعارك. وحالت أكوام الركام وسط الشوارع دون دخول السيارات أو حتى عبور المشاة.
وقــــال مــديــر المـكـتـب الـسـيـاسـي لمنظمة الـتـحـريـر الفلسطينية أنـور عبد الهادي للوكالة: »الخطوة التي تـلـي تـحـريـر المـخـيـم هــي الـتـمـشـيـط الأمني وإزالة الركام وإحصاء الأضرار من أجل إعادة الإعمار وإعادة البنية التحتية تمهيداً لعودة السكان.«
وأوضح: »إذا عاد المدني (اليوم) ألا يــلــزمــه مـــيـــاه وكـــهـــربـــاء وطــــرق وخدمات وأمان ليتمكن من السكن ؟«، لافتاً إلـى أنـه »ستتم مناقشة إعـادة الإعمار مع (أونروا) والدولة السورية وبعض الدول المانحة.«
فـي وبـدايـة عــام ٢٠١٤، تـداولـت وسـائـل الإعـــلام حــول الـعـالـم صـورة نشرتها الأمم المتحدة تُظهر حشوداً كبيرة تخرج سيراً على الأقــدام بين الأبـنـيـة المــدمــرة بـانـتـظـار الـحـصـول على المساعدات. ولا تزال تعد من أكثر الصور تعبيراً عن مآسي المدنيين في الـنـزاع الــســوري. ولــم تـدخـل منظمة »أونــــروا« وفــق غـانـيـس، إلــى المخيم منذ عام ٢٠١٥. أي منذ سيطرة تنظيم داعش على الجزء الأكبر منه.
وقــدَّر غانيس أن بـين مـائـة إلى مـئـتـي مــدنــي فـقـط لا يـــزالـــون داخــل الـيـرمـوك، بينهم كـبـار فـي الـسـن أو مرضى لم يتمكنوا من الفرار. وقال: »الوضع الذي يواجهونه غير إنساني وفق المعايير كافة، نحن بحاجة إلى إيصال مساعدة إنسانية عاجلة«.