تكليف الحريري تشكيل حكومته الثالثة بتفويض من ١١١ نائباً
انـتـهـت الاسـتـشـارات الـنـيـابـيـة الملزمة التي أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون إلى تأكيد المتوقع، لجهة تسمية الرئيس سعد الحريري لتأليف الـحـكـومـة الـجـديـدة بـغـالـبـيـة نيابية واسعة بلغت ١١١ نائباً من أصل ١٢٨، بعدما سـمـاه كثير مـن معارضيه ما عدا »حزب الله« الذي امتنع عن تسمية مرشح آخر.
وفـي أول تعليق له على تكليفه، رسـم الحريري في تصريح لـ »الشرق الأوسـط« أولـويـات حكومته المقبلة، مـعـتـبـراً أنـه »سـيـكـون أمـام الحكومة المقبلة أولويات داهمة أهمها حماية لـبـنـان فـي وجـه مـخـاطـر إقـلـيـمـيـة نراقبها جميعاً، والوضع الاقتصادي، وأزمـة الـنـزوح الـسـوري«. وأوضـح أن »مـن الأولـويـات أيضاً تأكيد سياسة الـنـأي بـالـنـفـس وعـدم الـتـدخـل فـي شـؤون الأشـقـاء الـعـرب وحفظ أفضل العلاقات معهم .«
وكانت الاستشارات النيابية التي اقـتـصـرت عـلـى يـوم واحـد، انـطـلـقـت صـبـاحـاً بـلـقـاء بـروتـوكـولـي بـين رئـيـس الـجـمـهـوريـة والـرئـيـس سعد الحريري، تلاه لقاء بين عون ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي أعـلـن تـسـمـيـة الـحـريـري »عـلـى ضـوء المقتضيات الوطنية والمرحلة التي يمر بها لبنان في الداخل، كما التحديات الإقليمية والـدولـيـة، وعـلـى ضـوء ما سـمـعـنـاه خـلال الـحـمـلـة الانـتـخـابـيـة عن مرحلة جديدة وعـن إنماء في كل المناطق .«
بـعـد ذلـك، اسـتـقـبـل رئـيـس الجمهورية رئيس الحكومة السابق تمام سلام، الذي قال بعد اللقاء: »نحن أمـام مرحلة جـديـدة نتمنى أن تكون واعدة مع رجل واعد يأمل بأن ننهض بالبلد، وأن نعالج قضايانا الداخلية لـتـحـصـين الـوطـن فـي مـواجـهـة كثير من الأوضاع الصعبة. والرجل الواعد عندي هـو الرئيس سعد الـحـريـري،« ثـم الـتـقـى عـون نـائـب رئـيـس المجلس الـنـيـابـي إيـلـي الـفـرزلـي، الـذي قـال: »الـسـبـب المـوجـب الـذي يـمـلـي علينا ترشيح دولة الرئيس الحريري لمنصب رئاسة الحكومة، هو تبني مبدأ الممثل لـلـمـكـون الـذي يـنـتـمـي إلـيـه تـمـثـيـلاً صحيحاً وعادلاً وقوياً.«
بـعـد ذلـك، اسـتـقـبـل رئـيـس الـجـمـهـوريـة كـتـلـة »تـيـار المستقبل،« وتـحـدثـت بـاسـمـهـا الـنـائـبـة بـهـيـة الحريري، فقالت: »تقدمنا بالتهنئة بداية إلى فخامة الرئيس على إنجاز الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس للمجلس بـالأمـس. وسمينا الرئيس سـعـد الـحـريـري لـرئـاسـة الـحـكـومـة الـعـتـيـدة ولتشكيلها. وتمنينا على فـخـامـة الـرئـيـس أن تـكـون لـلـمـرأة اللبنانية حصة في الحكومة المقبلة.«
واسـتـقـبـل الـرئـيـس عـون بعدها، أعضاء »تكتل لبنان القوي« برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل الذي قال إن التكتل »سمَّى الحريري كمرشحه لـرئـاسـة الـحـكـومـة الـعـتـيـدة. وهـذا الموقف طبيعي ومنسجم مع نتيجة الانتخابات النيابية التي أعطت تيار (المستقبل) الصفة التمثيلية الأكبر والأوسع ضمن المكون الذي يمثل فيه الأكثرية (الطائفة السنية)، ومنسجم كـذلـك مـع المـبـدأ المـيـثـاقـي الـذي قـاتـل تكتلنا من أجله، والـذي على أساسه بات العماد عون رئيساً للجمهورية، والـرئـيـس بـري رئـيـسـاً لـلـمـجـلـس النيابي. ونأمل نتيجة ذلـك أن يكون لنا الليلة رئـيـس مكلف هـو الرئيس الحريري .«
والتقى رئيس الجمهورية »كتلة نواب الأرمن« التي ذهبت في الاتجاه ذاتـه، فـأعـلـن بـاسـمـهـا الـنـائـب آغـوب بقرادونيان تسمية الحريري »انطلاقاً من مبدأ التمثيل الصحيح ومـن هذا الـعـهـد الـقـوي ورئـيـس الـجـمـهـوريـة القوي ورئيس مجلس النواب القوي«. ثم التقى عون، »كتلة ضمانة الجبل« بـرئـاسـة الـنـائـب طـلال أرسـلان الـذي سمى أيـضـاً الـرئـيـس سعد الحريري لـرئـاسـة الـحـكـومـة. وأيـضـاً رئـيـس »حـركـة الاسـتـقـلال« الـنـائـب مـيـشـال معوض، الذي سمى الرئيس الحريري »مـن بـاب المـيـثـاقـيـة، ومـن بـاب أن الرئيس الحريري وتيار المستقبل أكدا بنتيجة الانـتـخـابـات أنـهـمـا يشكلان الأكثرية الوازنة في الشارع السني«.
والتقى الرئيس عون »كتلة الوفاء لـلـمـقـاومـة« الـتـي تـضـم نـواب »حـزب الله« والمتحالفين معه، وقال باسمها النائب محمد رعـد إن الكتلة لم تسمِّ أحـداً لرئاسة الحكومة المقبلة، لكنها »أكـدت اسـتـعـدادهـا لـلـمـشـاركـة فيها والـتـعـاون الإيـجـابـي مـع مـن تسميه الأكثرية النيابية لرئاستها.«
ثـم الـتـقـى رئـيـس الـجـمـهـوريـة أعـضـاء »كتلة التكتل الـوطـنـي« التي تضم نواب »المردة« والمتحالفين معها، والتي سمت الحريري أيضاً باستثناء النائب جهاد الصمد.
والتقى الرئيس عون، »كتلة اللقاء الديمقراطي« برئاسة تيمور جنبلاط الـذي قـال: »لدينا تمنٍّ واحـد وهـو أن نسعى إلى تشكيل الحكومة في أسرع وقـت مـمـكـن لـنـبـدأ ورشـة الإصـلاح الحقيقي .«
ثـم اسـتـقـبـل رئـيـس الـجـمـهـوريـة »كتلة الـوسـط المستقل« الـتـي تحدث بـاسـمـهـا الـنـائـب جـان عـبـيـد معلناً ترشيح الحريري لتشكيل الحكومة. وقـال: »أعـتـقـد أنـه رغـم الـظـروف الضاغطة فـإن إسـنـاد الأمـر إلـى أهله هو الباب الأول لتحسين الوضع وإلى حـد كـبـيـر تـحـقـيـق الأهـداف والآمـال المعلقة .«
والـتـقـى عـون »الـكـتـلـة الـقـومـيـة الاجـتـمـاعـيـة« الـتـي رفـض المـتـحـدث باسمها إعلان اسم مرشحها.
وبـعـد اسـتـراحـة قـصـيـرة، عـاود الرئيس عون استقبال الكتل، فالتقى كتلة »القوات اللبنانية« التي رافقها رئـيـس الـحـزب سـمـيـر جـعـجـع معلناً تسمية الحريري أيضاً.
والـتـقـى عـون تـكـتـل »الـتـنـمـيـة والتحرير« الذي يرأسه رئيس مجلس النواب نبيه بري، التي سمَّت الرئيس الـحـريـري أيـضـاً. أمـا كـتـلـة الـكـتـائـب، فأعلن باسمها النائب سامي الجميل تـسـمـيـة الـحـريـري. وقـال: »شـعـرت بـنـيـة فـي الاتـجـاه الـصـحـيـح لتنفيذ التعهدات الإصلاحية التي التزم بها لـبـنـان فـي المـؤتـمـرات ويهمنا إعـطـاء فرصة جديدة للبلاد ولترجمة الوعود وسنكون إيجابيين ونتمنى التوفيق للرئيس الحريري ونضع أنفسنا في تصرف الحكومة .«
وامـتـنـع الـنـواب أسـامـة سـعـد وبوليت ياغوبيان وجميل السيد عن تسمية أي مرشح أيـضـاً، فيما سمى بقية النواب المستقلين الحريري.
وبعد انتهاء الاستشارات، التقى عـون الـرئـيـس بـري وأطـلـعـه عـلـى نتائجها، ثـم استدعى الحريري إلى القصر الجمهوري لتبليغه التكليف رسـمـيـاً. وقـال بـري فـي تـصـريـح لـه: »الـرئـيـس سـعـد الـحـريـري نـال المـرة المــاضــيــة ١٠٨ أصـــــــوات، والآن ١١١، وهذا نتيجة التوافق الوطني. وهناك ضـرورة لـلإسـراع بـتـألـيـف الحكومة لأن الـوضـع الاقـتـصـادي مـلـحّ وأكـثـر مـن مـلـح« وأعـلـن أن »المـشـاورات فـي مـجـلـس الـنـواب سـتـبـدأ الاثـنـين، والـحـكـومـة سـتـكـون حـكـومـة وحـدة وطنية موسعة .«
أما الحريري فتحدث للصحافيين قائلا إنه بدءاً من هذه اللحظة سينكب على تشكيل الحكومة معلناً أن الآراء تـجـمـع عـلـى تـشـكـيـل حـكـومـة اتـفـاق وطـنـي. وكـشـف الـحـريـري أنـه »لـدى الجميع نية في تسهيل عملية تشكيل هذه الحكومة وما يجمعنا أكثر بكثير مـمـا يـفـرقـنـا«، مـعـتـبـراً أنـه »سـيـكـون أمـام الـحـكـومـة مـتـابـعـة أزمـة الـنـزوح الـسـوري ومتابعة الإصـلاحـات التي وعدنا بها .«
ولـفـت إلـى أن الحكومة الجديدة مدعوة لترسيخ الالتزام بسياسة النأي بـالـنـفـس ومـتـابـعـة الـجـهـود لمواجهة أزمـة الـنـزوح الـسـوري، متابعاً: »أمـدّ يـدي إلـى جميع المـكـونـات السياسية في البلد للعمل معاً لتحقيق ما يتطلع إليه اللبنانيون، ولـن أوفـر جهداً في الـعـمـل عـلـى تـشـكـيـل الـحـكـومـة فـي أسرع وقت ممكن«. وأضاف الحريري: »علينا العمل على مكافحة الفساد، والكلام الذي صدر عن فخامة الرئيس بالأمس بهذا الشأن مهم جداً ويجب البناء عليه .«