ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ... »اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻣﺠﺴﺪﴽ« أم »ﻋﺒﻘﺮي اﻟﺘﺎرﻳﺦ«؟
ﻟﻢ ﻳﺮﰌ إﻻ ﺑﻐﻴﺎب إدوارد ﺳﻌﻴﺪ ﻟﻘﺪ ﲢﻮﻟﺖ اﳌﻌﺎرف اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻟﻮﻳﺲ ﻣﻦ أدوات ﻟﺒﻨﺎء ﺟﺴﻮر اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﲔ اﳊﻀﺎرات إﻟﻰ ﻣﺘﺎرﻳﺲ ﺣﺮوب ﺑﲔ ﺷﻌﻮب ﻣﺘﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻦ ﺗﺘﻼﻗﻰ ﰲ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ
ﻛـــــﺎن ﺑــــﺮﻧــــﺎرد ﻟـــﻮﻳـــﺲ )٦١٩١ – ٨١٠٢( ﻳــﻨــﺘــﺸــﻲ ﺟـــــــﺬﻻ ﻛــﻠــﻤــﺎ ذﻛــــﺮه أﺣﺪﻫﻢ ﺑﺼﻮرﺗﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪة اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻓﻲ اﳌﺨﻴﺎل اﻟﻌﺎم ﺑﲔ ﻣﻦ ﻳﺮاه »ﻋﺒﻘﺮي اﻟﺘﺎرﻳﺦ« اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺴﺆوﻻ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏــﻴــﺮه ﻋـــﻦ رﺳـــﻢ ﺻــــﻮرة اﻹﺳـــــﻼم ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻐﺮﺑﻲ وﻣﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮه »اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻣﺠﺴﺪﴽ« ﻛﻤﺎ ﺑﺎح ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻳﻮﻣﴼ.
ﻣﻨﻈﺮ اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب اﻟﺤﺘﻤﻲ ﺑﲔ اﻟـــﻐـــﺮب واﻟــــﺸــــﺮق، وﺻـــﺎﺋـــﻎ اﳌــﻔــﻬــﻮم اﻷﺧﻄﺮ ﻋﻦ »ﺻﺮاع اﻟﺤﻀﺎرات« وإﻣﺎم اﳌﺴﺘﺸﺮﻗﲔ اﳌﻬﻮﻟﲔ ﻣﻦ »اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ« اﻟﺬي رﺣﻞ اﻷﺣﺪ اﳌﺎﺿﻲ ﻋـــﻦ ٢٠١ ﻋــــﺎم ﺣــﻈــﻲ دوﻣـــــﴼ ﺑــﺒــﺮﻛــﺎت اﻟـــﻘـــﺮب ﻣـــﻦ ﻧــﺨــﺒــﺔ ﺻــﻨــﺎع اﻟـــﻘـــﺮار ﻓﻲ اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌـﺘـﺤـﺪة وإﺳــﺮاﺋــﻴــﻞ وﻋﻤﻞ ﻛﻤﻠﻬﻢ روﺣﻲ وﻣﺴﺘﺸﺎر اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ ﻟــﻄــﺎﻗــﻢ اﳌــﺤــﺎﻓــﻈــﲔ اﻟـــﺠـــﺪد ﻓـــﻲ ﻋﻬﺪ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ ﺟـــﻮرج دﺑـﻠـﻴـﻮ ﺑـــﻮش وﻋـــﺪه اﻟــﺒــﻌــﺾ واﺣـــــــﺪﴽ ﻣـــﻦ ﺛـــﻼﺛـــﺔ ﺻــﺎﻏــﻮا اﻻﺳـــﺘـــﺮاﺗـــﻴـــﺠـــﻴـــﺔ اﻷﻣـــﻴـــﺮﻛـــﻴـــﺔ ﻹدارة اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ – إﻟﻰ ﺟﻮار زﻳﺒﻨﻐﻮ ﺑﺮﻳﺠﻨﺴﻜﻲ واﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺟﻴﻤﻲ ﻛﺎرﺗﺮ -، ﻟﻜﻨﻪ ﺗﻌﺮض ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أﻋﻨﻒ اﻟﻬﺠﻮﻣﺎت ﻣﻦ أﻛﺎدﻳﻤﻴﲔ وﺳﻴﺎﺳﻴﲔ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻹﻧﻜﺎره اﳌﺠﺰرة اﻷرﻣﻨﻴﺔ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟـﻘـﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، وﻻﻧـﺤـﻴـﺎزه اﻷﻋﻤﻰ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ وازدراﺋﻪ ﻟﻠﻌﺮب واﳌﺴﻠﻤﲔ، وﺣﻤﺎﺳﺘﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪة ﻻﺳﺘﺨﺪام ﻣﻮﻗﻌﻪ اﳌــﺆﺛــﺮ ﻓــﻲ ﻗـﻠـﺐ اﳌـﺆﺳـﺴـﺔ اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ ﻣـﻦ أﺟــﻞ اﻟـﺘـﺮوﻳـﺞ ﻟﻠﺤﻠﻮل اﻟﺼﺎرﻣﺔ واﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺑـﺸـﺄن ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ.
ﻟﻮﻳﺲ اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن ﻷﺑﻮﻳﻦ ﻳــﻬــﻮدﻳــﲔ وﺟـــﺪ ﻧـﻔـﺴـﻪ ﻣـﺒـﻜـﺮﴽ ﻣﻮﻟﻌﴼ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ وﺑﺎﻟﻠﻐﺎت، ﻓـﺪرس اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓـــﻲ ﻣــﻌــﻘــﻞ اﻻﺳـــﺘـــﺸـــﺮاق اﻷﻛـــﺎدﻳـــﻤـــﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ واﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻨﺪن – ﻋﻠﻰ ﻳﺪ أﺳــﺎﺗــﺬة ﻣـﺜـﻞ اﳌـﺴـﺘـﺸـﺮق ﻫﺎﻣﻴﻠﺘﻮن ﺟـــﻴـــﺐ وﻧـــــﻮرﻣـــــﺎن ﺑــﺎﻳــﻨــﻴــﺰ ﻟــﻴــﺘــﺨــﺮج ﻣﻨﻬﺎ ﻻﺣـﻘـﴼ ﺑـﺸـﻬـﺎدة اﻟــﺪﻛــﺘــﻮراه ﻋﻦ رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ. وﻫﻮ درس أﻳﻀﴼ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎرﻳﺲ ﻋﻠﻰ ﻳـــﺪ ﻟــﻮﻳــﺲ ﻣـﺎﺳـﻴـﻨـﻴـﻴـﻮن اﳌـﺴـﺘـﺸـﺮق اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻲ اﳌـــﻌـــﺮوف ﻗــﺒــﻞ أن ﻳﻨﺨﺮط ﻓــــﻲ اﻟـــﺨـــﺪﻣـــﺔ اﻟــﻌــﺴــﻜــﺮﻳــﺔ ﺑــﺎﻟــﺠــﻴــﺶ اﻟــــﺒــــﺮﻳــــﻄــــﺎﻧــــﻲ، وﻳـــﻨـــﺘـــﻘـــﻞ ﻣـــﻨـــﻬـــﺎ إﻟـــﻰ ﻋـــﺎﻟـــﻢ اﻟــﺠــﻮاﺳــﻴــﺲ ﻋــﻤــﻴــﻼ ﻣــﺘــﺠــﻮﻻ ﻟـﻠـﻤـﺨـﺎﺑـﺮات اﻟـﺒـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻴـﺔ ﻓــﻲ اﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳــــــــﻂ ﻟـــﻴـــﻌـــﻮد ﺑـــﻌـــﺪ اﻟــــﺤــــﺮب إﻟـــﻰ اﻷﺟـــﻮاء اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ أﺳـﺘـﺎذا ﺟﺎﻣﻌﻴﴼ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻨﺪن ﻟﺮﺑﻊ ﻗﺮن، وﻻﺣﻘﴼ – ﺑﻌﺪ ﻓﻀﻴﺤﺔ ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ ﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ إﺛﺮﻫﺎ زوﺟــﺘــﻪ – اﻧـﺘـﻘـﻞ إﻟـــﻰ اﻟــﺠــﺎﻧــﺐ اﻵﺧــﺮ ﻣـــﻦ اﻷﻃــﻠــﺴــﻲ ﻣـــﺪرﺳـــﴼ ﻓـــﻲ ﺟـﺎﻣـﻌـﺎت ﺑﺮﻳﻨﺴﺘﻮن وﻛﻮرﻧﻴﻞ.
ﺗﺨﺼﺺ ﻟﻮﻳﺲ ﻣﺒﻜﺮﴽ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺸﺮق اﻷدﻧﻰ وﺗﺤﺪﻳﺪﴽ ﺳﻮرﻳﺎ، ﻟﻜﻨﻪ ﻛﻴﻬﻮدي وﺻﺪﻳﻖ ﻣﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ – ﻛﺎن اﻟﺼﺪﻳﻖ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻟـﻐـﻮﻟـﺪا ﻣﺎﺋﻴﺮ وﺗــﻨــﺎول اﻟـﺸـﺎي ﻣﻌﻬﺎ ﻓـــﻲ ﻣـﻄـﺒـﺦ ﻣــﻨــﺰﻟــﻬــﺎ - ﺧــﺸــﻲ اﻟـﺘـﻨـﻘـﻞ ﻓﻲ اﻟــﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻴﺴﺘﻜﻤﻞ أﺑﺤﺎﺛﻪ ﺑﻌﺪ ﺣﺮب ﻓﻠﺴﻄﲔ ٨٤٩١ وﻟﺬا ﺗﺤﻮل إﻟــﻰ اﻟــﺪراﺳــﺎت اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﺎﻣﺾ أرﺷﻴﻔﺎت اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻓﻜﺎن أول ﻏﺮﺑﻲ ﺗﺴﻨﺢ ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ اﻻﻃــﻼع ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ. وﻗﺪ ﻋﻤﺪ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺎم ٠٥٩١ إﻟﻰ ﻧﺸﺮ ﺧﻼﺻﺔ أﺑﺤﺎﺛﻪ وﻗﺮاء اﺗﻪ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺸﺮق ﻓﻲ ﻛﺘﺐ )ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﲔ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻴﺪ اﻟــــﺘــــﺪاول( وﻣـــﺌـــﺎت ﻣـــﻘـــﺎﻻت اﻟـﺼـﺤـﻒ واﳌــﺠــﻼت ﻋـــﺪ ﺑـﻌـﻀـﻬـﺎ ﻣـﺮﺟـﻌـﻴـﴼ ﻓﻲ ﻣــﺠــﺎﻟــﻪ )ﺻـــﻌـــﻮد ﺗــﺮﻛــﻴــﺎ اﻟــﺤــﺪﻳــﺜــﺔ - ١٦٩١( ﻛﻤﺎ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺟﺬور اﻟﻐﻀﺐ اﻹﺳﻼﻣﻲ )٠٩٩١( اﻟﺘﻲ ﻧﺤﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮ »ﺻﺪام اﻟﺤﻀﺎرات« - ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻮﻟﻰ زﻣﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ﻫﺎﻧﺘﻐﻨﺘﻮن ﺗﻌﻤﻴﻢ اﻟﻔﻜﺮة ﻋــﻠــﻰ ﻧـــﻄـــﺎق واﺳـــــــﻊ. ﻟـــﻮﻳـــﺲ اﳌـــــﺆرخ ﺗــﺤــﻮل إﻟـــﻰ ﺻــﺎﻧــﻊ ﻟــﻠــﺘــﺎرﻳــﺦ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﺑﻔﻀﻞ ﻋﻼﻗﺎﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟــﻮﺛــﻴــﻘــﺔ ﺑـــﻌـــﺮاب اﳌــﺤــﺎﻓــﻈــﲔ اﻟــﺠــﺪد اﻟـــﺴـــﻴـــﻨـــﺎﺗـــﻮر ﻫـــﻨــــﺮي ﺟـــﺎﻛـــﺴـــﻮن ﻣـﻦ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﻣﺴﺘﺸﺎرﴽ ﻣﻘﺮﺑﴼ ﻣـﻦ ﻓﺮﻳﻖ ﺗﻼﻣﺬة ﺟﺎﻛﺴﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﻟﻮا اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓــﻲ اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌـﺘـﺤـﺪة وﻧـﻈـﻤـﻮا ﻏـﺰو اﻟﻌﺮاق: دﻳﻚ ﺗﺸﻴﻨﻲ وﺑﻮل ووﻟﻔﻮﻳﺘﺰ ورﻳـــﺘـــﺸـــﺎرد ﺑـــﻴـــﺮل. وﻳـــﻘـــﺎل ﺑــﺄﻧــﻪ ﻛــﺎن أﺣــــﺪ أﻋـــﻀـــﺎء اﻟــﻔــﺮﻳــﻖ اﻟــﻀــﻴــﻖ اﻟـــﺬي اﺳﺘﺪﻋﺎه اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑـﻮش إﻟـﻰ ﻣﺨﺒﺌﻪ اﳌﺤﺼﻦ ﻏـــﺪاة ﻫـﺠـﻮم اﻟــﺤــﺎدي ﻋﺸﺮ ﻣـــﻦ ﺳـﺒـﺘـﻤـﺒـﺮ )أﻳــــﻠــــﻮل( ﻟــﺼــﻴــﺎﻏــﺔ رد اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة. وﻗﺪ اﺳﺘﻔﺎد وﻗﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﻄﺶ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ اﻟﻄﺎرئ ﻟﻔﻬﻢ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳــﻂ ﻓﺄﺻﺪر ﻛﺘﺎﺑﻴﻪ )أﻳﻦ اﻟــﺨــﻠــﻞ؟ - ٢٠٠٢( و)أزﻣــــــﺔ اﻹﺳـــــﻼم - ٣٠٠٢( ﻓﺤﻈﻴﺎ ﺑﺎﻧﺘﺸﺎر واﺳـﻊ ﻛﺮس ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻓــﻲ اﻟــﻐــﺮب ﻛﻤﺮﺟﻌﻴﺔ أوﻟــﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺸﺆون اﻹﺳﻼم واﻟﺸﺮق اﻷوﺳــﻂ. ﻟﻜﻦ رﻏـﻢ ﺗﻤﻜﻨﻪ اﻟﻔﺎﺋﻖ ﻣﻦ اﻟــﻨــﺜــﺮ اﻷدﺑــــــﻲ، وﺳــﻌــﺔ اﻃـــﻼﻋـــﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎدر ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﻠﻐﺎت ﻋـﺪة وﻗﺮﺑﻪ ﻣـــﻦ ﻣــﻄــﺎﺑــﺦ ﺻــﻨــﻊ اﻟـــﻘـــﺮار وﻣـﺼـﺎﻧــﻊ اﻟـــﺤـــﺪث ﻓـــــﺈن ﻛــﺘــﺒــﻪ ﻣــﺘــﺸــﺮﺑــﺔ ﺑـــﺮوح اﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ ﻓﺎﺋﺮة وازدراء اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﻟﻠﻌﺮب وﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ وﺗﺤﻠﻴﻼﺗﻪ ﺗﻔﺘﻘﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﺰاﻫﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، وﺗﻌﻜﺲ – وﻓﻖ إدوارد ﺳﻌﻴﺪ – »دﻳﻤﺎﻏﻮﺟﻴﺔ ﻗﺎﺻﺮة ﻣــﻮﻓــﻮرة اﻟـﺠـﻬـﻞ وﺗﻌﻤﻴﻤﻴﺔ« وﺗـﻘـﺪم وﺻـﻔـﺎت ﻣﺴﻤﻮﻣﺔ ﺗـﺮﻛـﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺧﻄﻮط اﻻﻧﻘﺴﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ، وﺗﻨﻈﺮ ﻟﺼﻌﻮد اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺴﺘﺪﻋﻴﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ اﻟﺼﺪام اﻟﻌﻨﻔﻲ ﺑﲔ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ إﻋﺠﺎﺑﻪ اﻟــﺪاﺋــﻢ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻛﺮم ﻛﻮاﺣﺪ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﲔ ﺷﺨﺼﻴﺔ أﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻗﺪﻣﺖ ﺧﺪﻣﺎت ﻻ ﺗﻘﺪر ﺑﺄﺛﻤﺎن ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺮﻳﺔ. وﻳﻄﺮح ﻟﻮﻳﺲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﺠﺪل ﻳﻌﺰو ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻓﺸﻞ ﻓﻲ ﻧــﻬــﻀــﺔ اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ اﻟــﻌــﺮﺑــﻲ إﻟــــﻰ ﻗـﺼـﻮر ذاﺗـﻲ ﻣﺤﺾ ﻣﺒﺮﺋﴼ ﺗﺮﻛﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣـﻦ أي ذﻧــﺐ. وﻟـﻢ ﻳـﺘـﻮرع ﻋﻦ وﺻﻒ ﻫﻮﻳﺎت ﺷﻌﻮب اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﺑــﺎﳌــﺘــﺨــﻴــﻠــﺔ واﳌــﺘــﻨــﺎﻗــﻀــﺔ ﻣـﺴـﺘـﺜـﻨـﻴـﴼ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ - اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ واﻗﻌﴼ أﻛﺜﺮ ﻣــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ ﻓـــﻲ اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ ﺗــﻌــﻴــﺶ وﻫــﻢ اﻟﻬﻮﻳﺎت اﳌﺼﻨﻮﻋﺔ. وﻗــﺪ ﻋــﺎب ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮاﺣﻞ إدوارد ﺳﻌﻴﺪ ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ اﻟﺴﻄﺤﻲ ﻣـــﻊ اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ اﻹﺳــــﻼﻣــــﻲ ﻛـــﻜـــﻞ، واﺣــــﺪ ﻣﺼﻤﺖ، واﻋﺘﺒﺮه ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﴼ ﻟﻠﻤﺴﺘﺸﺮق اﻟﺨﺎدم ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ، وﻋﺒﺪ اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺮاء ة اﻟﺸﺮق وﻓﻨﺪ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ اﻟــﺮﺋــﻴــﺴــﻴــﺔ )اﻻﺳـــﺘـــﺸـــﺮاق( و)ﺗـﻐـﻄـﻴـﺔ اﻹﺳــﻼم(، واﻋﺘﺒﺮ أن ﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮق اﻷوﺳـــــــﻂ واﳌـــﻘـــﺘـــﺼـــﺮة ﻋــﻠــﻰ رﺣــــﻼت اﻟﺘﺠﺴﺲ ﻓﻲ أرﺑﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ذات ﻗﻴﻤﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺘﻬﺎ ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻘﻮد ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ.
ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺳﻤﻌﺔ ﻟﻮﻳﺲ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ إﻟــــــــﻰ أزﻣــــــــــﺔ ﺣـــﻘـــﻴـــﻘـــﻴـــﺔ ﺑـــﺴـــﺒـــﺐ ﻧــﻘــﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﻷﻋـﻤـﺎﻟـﻪ، ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ﻣﻘﺎﺑﻼﺗﻪ اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻴــﺔ ﻟــﻠــﺮد ﻋـﻠـﻴـﻪ ﻣـﺘـﻬـﻤـﴼ إﻳـــﺎه ﺑﺘﺴﻴﻴﺲ اﻟﻌﻤﻞ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ، واﻧﺴﺤﺐ ﻣﻦ ﺟﻤﻌﻴﺔ دراﺳــﺎت اﻟﺸﺮق اﻷوﺳـﻂ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎدون ﻟﻼﺳﺘﺸﺮاق وﺗﻼﻣﺬة ﺳﻌﻴﺪ ﻟﻴﻄﻠﻖ ﺟﻤﻌﻴﺔ أﺧـﺮى ﻣﻮازﻳﺔ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺻﺪﻳﻘﻪ - اﳌﺴﺘﺸﺮق ﺑﺪوره - ﻓﺆاد ﻋﺠﻤﻲ. وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺷﻚ أﻧـــﻪ ﺗـﻨـﻔـﺲ اﻟــﺼــﻌــﺪاء ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﺧﻄﻒ اﳌــــﻮت ﺳـﻌـﻴـﺪ اﻟــــﺬي ﻛـــﺎن ﺗــﺤــﻮل إﻟــﻰ أﺳــــﻄــــﻮرة ﻋـــﺎﳌـــﻴـــﺔ ﻓـــﻲ اﻟــﻘــﺒــﺾ ﻋـﻠـﻰ ﻫــﻔــﻮات اﳌــﺴــﺘــﺸــﺮﻗــﲔ واﻧــﺤــﻴــﺎزاﺗــﻬــﻢ وﻛــﺸــﻒ ﺗـﻠـﻔـﻴـﻖ إﻣــﺎﻣــﻬــﻢ – ﻛــﻤــﺎ ﻛــﺎن ﻳﺴﻤﻴﻪ ﻣﺮﻳﺪوه. ﻟﻜﻦ ﻟﻮﻳﺲ ﻟﻢ ﻳﻬﻨﺄ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﺑﻐﻴﺎب ﺳﻌﻴﺪ، إذ ﺻـﻮب ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﺳﻬﺎم ﻧﻘﺪﻫﻢ ﳌﺸﺎرﻛﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻟﻐﺰو اﻟﻌﺮاق اﻟﺬي ﺗـﺴـﺒـﺐ ﻓــﻲ ﺧــﺴــﺎﺋــﺮ ﺑــﺸــﺮﻳــﺔ ﻓــﺎدﺣــﺔ، وﺗـــﺎﻟـــﻴـــﴼ ﻹﻧــــﻜــــﺎره اﳌـــﺬﺑـــﺤـــﺔ اﻷرﻣـــﻨـــﻴـــﺔ ﻓـﻲ اﻟﻄﺒﻌﺎت اﻟـﻼﺣـﻘـﺔ ﻣـﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺘﺮﻛﻲ وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻼﺗﻪ اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻴــﺔ ﻣــﻌــﺘــﺒــﺮﴽ أﻧــﻬــﺎ »اﻟـــﺮواﻳـــﺔ اﻷرﻣﻨﻴﺔ ﻷﺣﺪاث ﻣﻠﺘﺒﺴﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻗـﻠـﻘـﺔ ﻣــﻦ ﺗــﺎرﻳــﺦ ﺗــﺮﻛــﻴــﺎ دون وﺟــﻮد دﻻﺋـــــﻞ ﻋــﻠــﻰ ﺣــﻤــﻠــﺔ رﺳــﻤــﻴــﺔ ﻣـﻨـﻈـﻤـﺔ ﻹﺑــــــﺎدة اﻷرﻣــــــــﻦ«، وأﺧــــﻴــــﺮﴽ ﻟـﺘـﻬـﻮﻳـﻠـﻪ اﻟـــﺘـــﻬـــﺮﻳـــﺠـــﻲ ﻣــــﻦ اﻟــﻘــﻨــﺒــﻠــﺔ اﻟـــﻨـــﻮوﻳـــﺔ اﻹﻳـــﺮاﻧـــﻴـــﺔ ﻛــﻤــﺎ ﻟـــﻮ ﻛــــﺎن ﻋــــﺮاﻓــــﴼ ﻳــﻘــﺮأ اﻟﻔﻠﻚ. وﻗﺪ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت ﻟﻮﻳﺲ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ وﻣﻘﺎﻻﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺿﺨﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ أﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﻻدن - ﺟﺎﻋﻼ ﻣﻨﻪ رﻣﺰﴽ ﻣﺠﺴﺪﴽ ﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺮﻣﺘﻪ - ﺑﺎﻧﺘﻘﺎدات واﺳﻌﺔ ﻋﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ »ﻟـﻘـﺪ ﺟﻌﻠﻨﻲ أﺳـﺎﻣـﺔ ﺑـﻦ ﻻدن ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺸﻬﻮرة«.
ﻳــﺘــﺮك ﻟــﻮﻳــﺲ ﺑـﻌــﺪ ﻏــﻴــﺎﺑــﻪ ﺗــﺮاﺛــﴼ ﻏﺎﻳﺔ ﻓـﻲ اﻟﺨﻄﻮرة ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻧﺼﻮﺻﻪ اﳌﻨﺤﺎزة واﻟﺘﻲ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻧﻘﺪﻫﺎ وﺗﻔﻜﻴﻚ ﻣﻘﻮﻻﺗﻬﺎ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ أﺟﻴﺎل ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﺬﺗﻪ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﲔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﳌﺜﻘﻔﲔ ﻓـﻲ اﻟـﻐـﺮب - واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻳﻀﴼ - اﻟﺬﻳﻦ ﻗـﺮأوا ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳـﻼم واﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﻴﻨﻲ ﻟـﻮﻳـﺲ وﺗــﺸــﺮﺑــﻮا ﺗﻌﻤﻴﻤﺎﺗﻪ اﳌﻨﺤﺎزة دون اﻣﺘﻼك اﻷدوات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻨﻘﻀﻬﺎ، ﻓﺄﺻﺒﺤﻮا ﻛﻤﺎ ﻧﺨﺒﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وأﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﺼﺎﺑﺔ ﺑﻌﻤﻰ أﻟﻮان ﻻ ﺷﻔﺎء ﻣﻨﻪ ﺗﺠﺎه ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﻏﺮﺑﻴﴼ. ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ اﳌﻌﺎرف اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻟﻮﻳﺲ ﻣﻦ أدوات ﻟﺒﻨﺎء ﺟﺴﻮر اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﲔ اﻟﺤﻀﺎرات إﻟـــــﻰ ﻣـــﺘـــﺎرﻳـــﺲ ﺣــــــﺮوب ﺑــــﲔ ﺷــﻌــﻮب ﻣﺘﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻦ ﺗﺘﻼﻗﻰ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ.