إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﳌﺎزﻧﻲ: إذا ﻛﺎن اﻟﺼﻤﺖ ﺷﺎﻗﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺎء أﺷﻖ
اﳌﺮأة ﻋﻤﻮﻣﺎ، واﳌـﺮأة اﻷدﻳﺒﺔ ﺑــــﻮﺟــــﻪ ﺧـــــــﺎص، ﻣـــﻄـــﺒـــﻮﻋـــﺔ ﻋــﻠــﻰ ﻏﻠﺒﺔ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ وﺳﺮﻋﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻒ واﻷﺷﺨﺎص واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺮﻳﺞ ﻋـــﻦ اﳌــﺸــﺎﻋــﺮ اﳌــﻜــﻈــﻮﻣــﺔ ﺑــﺎﻟــﺒــﻮح واﻹﻓﻀﺎء واﻟﻠﻬﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ )ﻛﺘﺐ اﻷدﻳﺐ اﳌﺼﺮي إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﳌـﺎزﻧـﻲ ﻳﻮﻣﺎ ﻳﻘﻮل: إﻧﻪ إذا ﻛﺎن اﻟﺼﻤﺖ ﺷﺎﻗﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺎء أﺷﻖ(. ﻫﺬه ﻛﻠﻬﺎ ﺻــﻔــﺎت ﺗــﺆﻫــﻞ اﳌــــﺮأة –إذا ﺗــﻮاﻓــﺮ ﻟﺪﻳﻬﺎ اﻻﺳﺘﻌﺪاد اﻷدﺑﻲ اﻟﻔﻄﺮي واﻟــﺜــﻘــﺎﻓــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗــﺼــﻘــﻞ اﳌــﻮﻫــﺒــﺔ - ﻷن ﺗـﻨـﺒـﻎ ﻓــﻲ ﻛــﺘــﺎﺑــﺔ اﻟــﺮﺳــﺎﺋــﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ )إﻟـــﻰ زوج أو ﺣﺒﻴﺐ أو أﺑﻨﺎء أو ﺻﺪﻳﻘﺎت أو أﺻﺪﻗﺎء( ﻋــﻠــﻰ ﻧــﺤــﻮ ﻗـــﺪ ﺗــﺘــﻔــﻮق ﻓــﻴــﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل.
وﺧـــــــــﻼل ﻋــــــــﺎم ٧١٠٢ ﺻــــﺪر ﻛﺘﺎﺑﺎن ﻣﻦ أدب اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ أﺗﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪﻫﻤﺎ ﻫﻨﺎ: أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﻠﺮواﺋﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )روﺳﻴﺔ اﳌﻮﻟﺪ( ﻧﺎﺗﺎﻟﻲ ﺳـــــﺎروت )ﻛـــــﺎدت ﻓــﻲ ﺣـﻴـﺎﺗـﻬـﺎ أن ﺗﺘﻢ ﻗﺮﻧﺎ ﻛﺎﻣﻼ إذ وﻟﺪت ﻓﻲ ٠٠٩١ وﺗــﻮﻓــﻴــﺖ ﻓـــﻲ ٩٩٩١(. واﻟــﻜــﺘــﺎب اﻵﺧﺮ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺳﻴﻠﻔﻴﺎ ﺑﻼث )٢٣٩١ - ٣٦٩١(.
ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﻧـــﺎﺗـــﺎﻟـــﻲ ﺳــــــﺎروت ﻣـﻦ أﻋــــــﻼم »اﻟـــــﺮواﻳـــــﺔ اﻟـــﺠـــﺪﻳـــﺪة« ﻓـﻲ ﻓـــﺮﻧـــﺴـــﺎ ﻓــــﻲ ﺧــﻤــﺴــﻴــﻨــﺎت اﻟـــﻘـــﺮن اﳌـــــﺎﺿـــــﻲ ﺑــــﺮواﻳــــﺎﺗــــﻬــــﺎ »ﺻـــــــﻮرة رﺟــﻞ ﻣـﺠـﻬـﻮل« )٨٤٩١( و»اﻟـﻘـﺒـﺔ اﻟــﺴــﻤــﺎوﻳــﺔ« )٩٥٩١( و»اﻟــﻔــﺎﻛــﻬــﺔ اﻟـــﺬﻫـــﺒـــﻴـــﺔ« )٣٦٩١( و»اﻟـــﻔـــﺘـــﺢ« )٧٩٩١( ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻻت ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ »ﻋﺼﺮ اﻟﺸﻚ« )٦٥٩١( اﻟﺬي ﻳﺒﺴﻂ ﻧﻈﺮﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺮواﻳﺔ. و»اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« اﺳﻢ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎل ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷدﺑــﺎء اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ )آﻻن روب ﺟـــﺮﻳـــﻴـــﻪ وﺳــــــــﺎروت وﻛﻠﻮد ﺳﻴﻤﻮن وﻣﺮﺟﺮﻳﺖ دوراس وﻣﻴﺸﻴﻞ ﺑﻴﺘﻮر( رﻓﻀﻮا اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻘﺺ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻣﺜﻞ اﺳـﺘـﺨـﺪام ﺣﺒﻜﺔ زﻣﻨﻴﺔ وﺗﺤﻠﻴﻞ دواﻓﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت.
وﻛﺘﺎب ﺳﺎروت اﻟﺬي ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪه ﻫﻨﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻨﻮان »رﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ أﻣﻴﺮﻛﺎ«، ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ ﻛــﺎري ﻻﻧﺪ ﻓﺮﻳﺪ وأوﻟﻴﻔﻴﻪ واﺟﻨﺮ، وﻫﻮ ﻛﺘﺎب ﻗﺼﻴﺮ )٦٢١ ﺻﻔﺤﺔ( ﺻــﺎدر ﻋﻦ دار ﺟﺎﻟﻴﻤﺎر ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ
ﻛﺎﻧﺖ ﺳـﺎروت – ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ - روﺳﻴﺔ اﳌﻮﻟﺪ ﻷﺑﻮﻳﻦ ﻳﻬﻮدﻳﲔ ﺟﺎء ت إﻟﻰ ﺑﺎرﻳﺲ ﻓﻲ ٩٠٩١ ﺣﲔ ﻃﻠﻖ واﻟـﺪﻫـﺎ واﻟـﺪﺗـﻬـﺎ، ﺛـﻢ ﻗﻀﺖ ﻃــﻔــﻮﻟــﺘــﻬــﺎ ﻣــﺘــﻨــﻘــﻠــﺔ ﺑــــﲔ ﻓــﺮﻧــﺴــﺎ وروﺳـــــﻴـــــﺎ )ﻟــــﻬــــﺎ ﻛــــﺘــــﺎب ﻋــﻨــﻮاﻧــﻪ »اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ« ٣٨٩١ وﻫﻮ ﻋﻦ ذﻛﺮﻳﺎت ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ(. درﺳﺖ اﻷدب وﻗﻀﺖ ﻓــﺘــﺮة ﻓــﻲ ﺟـﺎﻣـﻌـﺔ أﻛــﺴــﻔــﻮرد ﻋـﺎم ٢٢٩١ ﺛــــﻢ اﺳـــﺘـــﻘـــﺮ ﻋـــﺰﻣـــﻬـــﺎ ﻋـﻠـﻰ دراﺳــﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻗﺘﺮﻧﺖ ﺑﺰﻣﻴﻞ ﻟــﻬــﺎ ﻓــﻲ اﻟـــﺪراﺳـــﺔ ﻳــﺪﻋــﻰ رﻳــﻤــﻮن ﺳﺎروت. ﻛﺎن زوﺟﻬﺎ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﻟﺔ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ وﻳﺒﻌﺚ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺼﺤﻒ واﳌﺠﻼت. وﳌﺎ ﻛــﺎن ﻣﺤﺎﻣﻴﺎ ﻧـﺎﺟـﺤـﺎ ﻓـﻘـﺪ ﺗـﻮاﻓـﺮ ﻟــﻬــﻤــﺎ ﻣـــﻦ اﻟـــﺪﺧـــﻞ ﻣـــﺎ ﻣـﻜـﻨـﻬـﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺮغ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ.
وﻛــــــــﻤــــــــﺎ ﻳــــــــﻘــــــــﻮل ﺟـــــﺎﺑـــــﺮﻳـــــﻞ ﺟــﻮﺳــﻴــﺒــﻮﻓــﺘــﺸــﻲ ﻓــــﻲ ﻣــﻘــﺎﻟــﺔ ﻟـﻪ ﺑـــ»ﻣــﻠــﺤــﻖ اﻟــﺘــﺎﻳــﻤــﺰ اﻷدﺑـــــــﻲ« )٦ أﻛـــﺘـــﻮﺑـــﺮ/ ﺗــﺸــﺮﻳــﻦ اﻷول ٧١٠٢( ﻓــﺈن ﻛــﺘــﺎب »رﺳــﺎﺋــﻞ ﻣــﻦ أﻣـﻴـﺮﻛـﺎ« ﻳــﻀــﻢ رﺳــﺎﺋــﻞ ﻣــﻮﺟــﻬــﺔ ﻛـﻠـﻬـﺎ ﻣﻦ ﺳــﺎروت إﻟــﻰ زوﺟـﻬـﺎ وذﻟــﻚ أﺛﻨﺎء ﺟـﻮﻟـﺔ ﻣــﺤــﺎﺿــﺮات ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌـﺘـﺤـﺪة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓــــﻲ ﻓـــﺒـــﺮاﻳـــﺮ )ﺷـــــﺒـــــﺎط( وﻣــــــﺎرس ٤٦٩١. وﺗﻨﻢ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ وﺛﺎﻗﺔ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﲔ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺰوﺟﲔ واﳌﻮدة اﳌــﺘــﺒــﺎدﻟــﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ )إﻧــﻬــﺎ ﺗـﺪﻋـﻮه »اﻟﻜﻠﺐ - اﻟﺬﺋﺐ« وﺗﻮﻗﻊ ﺧﻄﺎﺑﻬﺎ ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺜﻌﻠﺐ«(. ﻟﻜﻦ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ، ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ، ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺬات ﻗﻴﻤﺔ ﻛﺒﻴﺮة. ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺳــﺎروت زاﺋــﺮة ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻓـﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ وذﻟـــﻚ ﻓــﻲ وﻗــﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ »اﻟــﺮواﻳــﺔ اﻟـﺠـﺪﻳـﺪة« ﻓـﻲ أوج ازدﻫﺎرﻫﺎ. وﻗﺪ ﻧﻈﻤﺖ ﻟﻬﺎ وزارة اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻴـﺔ ﻫـــﺬه اﻟـﺠـﻮﻟـﺔ وﺗــﻮﻟــﻰ ﺗــﻮﻓــﻴــﺮ ﻛــﻞ ﺳــﺒــﻞ اﻟــﺮاﺣــﺔ ﻟــﻬــﺎ اﳌــﻠــﺤــﻖ اﻟــﺜــﻘــﺎﻓــﻲ اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻲ ﻓـــﻲ أﻣـــﻴـــﺮﻛـــﺎ وﻧـــﺎﺷـــﺮ ﻛــﺘــﺒــﻬــﺎ ﻓـﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ وأﺻﺪﻗﺎؤﻫﺎ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻓﻲ ﻧـــﻴـــﻮﻳـــﻮرك واﳌــﻌــﺠــﺒــﻮن ﺑــﻬــﺎ ﻣـﻦ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﲔ.
ﻻ ﺗـــﻌـــﺪو ﻫـــــﺬه اﻟـــﺮﺳـــﺎﺋـــﻞ أن ﺗـﻜـﻮن ﺳﺠﻼ ﻻﻧﺘﻘﺎﻻﺗﻬﺎ. وﺣﲔ ﺗﺘﺒﺴﻂ ﻓــﻲ اﻟـﺤـﺪﻳـﺚ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻜﻠﻒ ﻟﻠﻌﻈﻤﺔ وﺳﻠﻮك ﻣﺘﺤﺬﻟﻖ ﻣﺘﺒﺎه ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﲔ: ﻓﻬﻲ ﺗﺘﺒﺎﻫﻰ ﺑــﺄﻧــﻬــﺎ ﺟـﻠـﺴـﺖ ﻓــﻲ ﻧــﻔــﺲ اﻟـﻐـﺮﻓـﺔ اﻟــــﺘــــﻲ ﻛــــــﺎن اﻟـــﺮﺋـــﻴـــﺲ اﻷﻣـــﻴـــﺮﻛـــﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻴﻨﺪون ﺟﻮﻧﺴﻮن ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻴﻬﺎ، وأن ﺣﺎﻛﻢ إﺣـﺪى اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﻣــــﻴــــﺮﻛــــﻴــــﺔ ﻛـــــــﺎن ﻫـــــﻮ اﻟـــﺠـــﺎﻟـــﺲ ﺑــﺠــﻮارﻫــﺎ ﻋــﻠــﻰ ﻣـــﺎﺋـــﺪة اﻟــﻌــﺸــﺎء، وأن اﳌﻤﺜﻠﺔ ﻛﺎﺛﺮﻳﻦ ﻫﺒﻮرن ﺗﺸﻐﻞ اﻟـﻐـﺮﻓـﺔ اﳌــﺠــﺎورة ﻟـﻐـﺮﻓـﺘـﻬـﺎ. وﻛـﻞ ﺷﻲء ﺗﺮاه ﻳﺜﻴﺮ إﻋﺠﺎﺑﻬﺎ: أﻣﺴﻴﺔ راﺋـــــﻌـــــﺔ، ﺳـــﻤـــﻚ ﻣـــﻤـــﺘـــﺎز، ﻣــﺘــﺤــﻒ راﺋﻊ. وﺗﻜﺘﺐ: »ﻟﻘﺪ أﺣﺐ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣـﺤـﺎﺿـﺮﺗـﻲ« و»اﻧــﺘــﺸــﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ ]ﺑــﻤــﺎ ﻗـــﻠـــﺖ[«. ﻳـﻌـﺠـﺐ اﳌــــﺮء ﻛﻴﻒ أن أوروﺑـﻴـﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺘﺎدة ﻋﻠﻰ رواﺋﻊ اﻟﻔﻦ وﻓﻨﻮن اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟـﺤـﻤـﺎس ﻟـــ »اﻟــﺮواﻳــﺔ اﻟــﺠــﺪﻳــﺪة« - ﺳﻌﺪت ﺑـﺄن ﺗـﺮى اﻟﻨﺎس ﻣﺎ زاﻟـﻮا ﻳـــﺮﻏـــﺒـــﻮن ﻓــــﻲ اﻻﺳــــﺘــــﻤــــﺎع إﻟــﻴــﻬــﺎ واﻻﻟﺘﻘﺎء ﺑﻬﺎ؟ أم أﻧﻬﺎ )وﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺧﺎﻓﻴﺎ ﺑﲔ اﻟﺴﻄﻮر( ﻛﺎﻧﺖ ﺗـﺤـﺎول إﻏــﺮاء زوﺟـﻬـﺎ ﺑــﺄن ﻳﻠﺤﻖ ﺑـﻬـﺎ ﻓــﻲ أﻣــﻴــﺮﻛــﺎ؟ إﻧـــﻪ ﻣـﻬـﻤـﺎ ﻳﻜﻦ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﺈن ﻧﺸﺮ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻻ ﻳﻀﻴﻒ ﻛﺜﻴﺮا إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ.
وﻟـﻴـﺲ اﻷﻣـــﺮ ﻛـﺬﻟـﻚ ﻓــﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻧﻌﺮﺿﻪ ﻫﻨﺎ، ﻓﻬﻮ ﻛـﺘـﺎب ذو ﻗﻴﻤﺔ ﻣــﺆﻛــﺪة. إﻧﻪ ﻛﺘﺎب ﺿﺨﻢ )٨٨٣١ ﺻﻔﺤﺔ( ﻳﺤﻤﻞ ﻋـــﻨـــﻮان »رﺳـــﺎﺋـــﻞ ﺳـﻴـﻠـﻔـﻴـﺎ ﺑـــﻼث، اﻟﺠﺰء اﻷول ٠٤٩١ - ٦٥٩١« ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺑﻴﺘﺮ ﺳﺘﺎﻳﻨﺒﺮج وﻛـﺎرﻳـﻦ ﻛﻮﻛﻴﻞ )دار ﻓﻴﺒﺮ وﻓﻴﺒﺮ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﺑﻠﻨﺪن(.
)وﻗـــﺪ ﺗــﺮﺟــﻢ ﻫــﺬا اﻟــﺠــﺰء إﻟـﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﺒﺎس اﳌﻔﺮﺟﻲ، وﻧﺸﺮﺗﻪ دار »اﳌﺪى اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ« أﺧﻴﺮﴽ(.
ﻛـﺎﻧـﺖ ﺳﻴﻠﻔﻴﺎ ﺑــﻼث ﺷـﺎﻋـﺮة اﺣﺘﺮاﻓﻴﺔ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﺪﻳﻮان اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ روﺑـﺮت ﻟﻮﻳﻞ »دراﺳـﺎت ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة« وﻋﻤﺪت ﻓﻲ ﺷﻌﺮﻫﺎ إﻟــــــﻰ ﺗـــﺼـــﻮﻳـــﺮ أﻋــــﻤــــﻖ اﳌــــﺨــــﺎوف واﻟﺮﻏﺒﺎت واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت. إﻧﻬﺎ ﺗﻤﺘﺎز ﺑـﻘـﺼـﺪ اﻟــﻌــﺒــﺎرة ووﺿــــﻮح اﻟـﺨـﻂ وﻧـــﻘـــﺎء اﳌــﻌــﺠــﻢ اﻟــﻠــﻔــﻈــﻲ ﺑــﺨــﻼف ﻛــﺜــﻴــﺮات ﻣــﻦ ﺑــﻨــﺎت ﺟﻨﺴﻬﺎ ﻣﻤﻦ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻦ اﻟﻔﻴﺾ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ واﻧــــﻌــــﺪام اﻟــﺼــﻘــﻞ اﻟـــﻔـــﻨـــﻲ. وﻛــﻤــﺎ ﻳﻘﻮل ﺟﻮﻧﺎﺛﺎن ﺑﻴﺖ )وﻫﻮ ﻣﺆﻟﻒ ﻛـﺘـﺎب ﻋـﻦ ﺗـﺪﻫـﻴـﻮز( ﻓـﻲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻟﻪ ﺑﺠﺮﻳﺪة »ذا ﺗﺎﻳﻤﺰ« اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ )٠٣ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ أﻳـﻠـﻮل ٧١٠٢( ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺣﺮرﻫﺎ اﺛﻨﺎن ﻣــﻦ ﻛــﺒــﺎر اﳌـﺘـﺨـﺼـﺼـﲔ ﻓــﻲ أدب ﺳــﻴــﻠــﻔــﻴــﺎ ﺑــــــﻼث رﺳـــــﺎﺋـــــﻞ ﺗــﻤــﺘــﺎز ﺑﺎﻟﻔﻄﻨﺔ واﻟﺤﻴﻮﻳﺔ وﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻌﺪد أﺻﻮاﺗﻬﺎ وﺗﻌﺎﻗﺐ ﺣﺎﻻﺗﻬﺎ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ: ﻓﻬﻲ ﺻﺮﻳﺤﺔ أو ﻛﺘﻮم، ﻣﺮﺣﺔ أو ﺣﺰﻳﻨﺔ، ﺣﻜﻴﻤﺔ أو ﺣﻤﻘﺎء ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ. وﺗﻀﻢ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺗﺄﻣﻼت ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻟـﻌـﺎﳌـﻴـﺔ اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ وﻣـﺼـﻴـﺮ أﳌﺎﻧﻴﺎ )ﻛﺎن أﺑﻮﻫﺎ أوﺗﻮ، اﻟﺬي ﺗﻮﻓﻲ وﻫﻲ ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ، أﺳﺘﺎذا ﺟﺎﻣﻌﻴﺎ ﻣﻦ أﺻﻮل أﳌﺎﻧﻴﺔ(.
واﻟﺨﺒﺮة اﳌﺤﻮرﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﺑﻼث ﻫﻲ ﺑﻼ ﺷﻚ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺰوﺟﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﺗﺪ ﻫﻴﻮز. ﻟﻘﺪ اﻟﺘﻘﻴﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻤﺒﺮدج )ﺣﲔ ﻛــــﺎﻧــــﺖ ﻓــــﻲ زﻳـــــــــﺎرة ﻟــﺒــﺮﻳــﻄــﺎﻧــﻴــﺎ( وﺗــﺰوﺟــﺎ ﻓــﻲ ٦٥٩١ وأﻧـﺠـﺒـﺎ وﻟــﺪا وﺑﻨﺘﺎ. وﻫــﺎ ﻫـﻲ ﺗﻜﺘﺐ ﻷﻣﻬﺎ ﻓﻲ ٦٥٩١: »إن أﻫــﻢ ﺷــﻲء ﻣـﺰﻋـﺰع ﻫﻮ أﻧــــﻲ ﺧــــﻼل اﻟــﺸــﻬــﺮﻳــﻦ اﳌــﺎﺿــﻴــﲔ وﻗﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺮوع وﻫـــﻮ ﻣـــﺎ ﻻ ﻳـﻤـﻜـﻦ أن ﻳــــﺆدي إﻟــﻰ ﻏــﻴــﺮ ﺟـــﺮح أﻟــﻴــﻢ )ﻧـــﺒـــﻮءة ﺻــﺎدﻗــﺔ ﻣـﻨـﻬـﺎ(. ﻟﻘﺪ اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑــﺄﻗــﻮى رﺟﻞ ﻓـــﻲ اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ، وﻫــــﻮ ﺧــﺮﻳــﺞ ﺳـﺎﺑـﻖ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻤﺒﺮدج، ﺷﺎﻋﺮ ﻻﻣﻊ أﺣﺒﺒﺖ ﺷﻌﺮه ﻗﺒﻞ أن اﻟﺘﻘﻲ ﺑﻪ«.
ﻋـﺎﺷـﺖ ﺑــﻼث ﻣـﻊ ﻫـﻴـﻮز ﺳﺘﺔ أﻋـــﻮام وﻧـﺼـﻒ ﻋــﺎم. اﻓـﺘـﺮﻗـﺎ ﻓﺘﺮة ﻛــﺎﻧــﺖ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺗـﻌـﻴـﺶ ﻓــﻲ ﻛـﻤـﺒـﺮدج ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن. وﺗﻜﺘﺐ إﻟﻴﻪ: »ﻛـﻢ أﺣﺒﻚ. أرﻳــﺪك أن ﺗﺸﻌﺮ ﺑـــﻬـــﺬا وأن ﺗــﻔــﻜــﺮ ﻓــــﻲ إذ أﺟــﻠــﺲ ﻫﻨﺎ ﺑﺠﺴﺪي وأﺣـﺒـﻚ ﺑﻜﻞ ﻋﻘﻠﻲ وﻗﻠﺒﻲ وﺑﺪﻧﻲ. إﻧﻲ أﺳﻴﺮ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﻔﻜﻴﺮي ﻓﻴﻚ وﺣﺒﻲ ﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻏﻤﺪ ﻣﻦ اﻹﺷﻌﺎع ﻳﺤﻔﻈﻨﻲ«.
وﻓــــــﻲ رﺳــــﺎﻟــــﺔ أﺧـــــــﺮى ﺗـﻜـﺘـﺐ ﻟــﻪ ﺑــﻤــﺎ ﻳـﺸـﺒـﻪ اﳌــﺎذوﻛــﻴــﺔ: »ﻳـﺠـﺐ أن ﺗـــﺆﻧـــﺒـــﻨـــﻲ، أن ﺗـــﻀـــﺮﺑـــﻨـــﻲ، أن ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﻲ«.
ﻟـﻜـﻨـﻨـﺎ ﺟـﻤـﻴـﻌـﺎ ﻧــﻌــﺮف ﻛﻴﻒ اﻧـــﺘـــﻬـــﺖ اﻟـــﻘـــﺼـــﺔ. ﻓـــﻤـــﻦ ﻣــﻨــﻈــﻮر اﻟﺒﻌﺪ اﻟـﺰﻣـﻨـﻲ اﻟــﺬي ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻮراء ﻧﺪرك اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﳌـﺄﺳـﺎوﻳـﺔ ﻟـﻬـﺬا اﻟــﻐــﺮام اﳌﺸﺒﻮب ﺑـــﲔ زوﺟـــــﲔ ﺷــﺎﻋــﺮﻳــﻦ ﻧــﺎﺑــﻐــﲔ. ذﻟـــﻚ أن ﻫــﻴــﻮز )وﻛــــﺎن زﻳـــﺮ ﻧﺴﺎء ﻛـﺒـﻴـﺮا ﻻ ﻳـﻔـﻮﻗـﻪ ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﻟـﺼـﺪد ﺳﻮى اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺎﻳﺮون ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ( ﻫﺠﺮ زوﺟﺘﻪ ﻓﻲ ذات ﻳﻮم ﻣﻦ أﺟﻞ اﻣﺮأة أﺧﺮى اﻗﺘﺮن ﺑﻬﺎ )ﻗﺪر ﻟﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ –ﻳﺎ ﻟـﻠـﻤـﻔـﺎرﻗـﺔ - أن ﻣــﺎﺗــﺖ ﻣـﻨـﺘـﺤـﺮة(. ﻛــــﺎﻧــــﺖ اﻟــــﺼــــﺪﻣــــﺔ أﻗــــــــﻮى ﻣـــــﻦ أن ﺗﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺑــﻼث ﻣـﺮﻫـﻔـﺔ اﳌﺸﺎﻋﺮ ذات اﻟــﺠــﻬــﺎز اﻟــﻌــﺼــﺒــﻲ اﻟــﻬــﺶ. وﻓـــﻲ ﺻــﺒــﺎح ﺷــﺘــﺎء ﺑـــﺎرد ﻓــﻲ ١١ ﻓــﺒــﺮاﻳــﺮ ٣٦٩١ )ﻛـــﺎن ذﻟـــﻚ اﻟـﺸـﺘـﺎء ﻫﻮ أﺑﺮد ﺷﺘﺎء ﻣﺮ ﺑﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ( وﻫﻲ وﺣﻴﺪة ﻓﻲ ﺷﻘﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻢ روز ﻫﻴﻞ ﺑﺸﻤﺎﻟﻲ ﻟﻨﺪن ﻓﺘﺤﺖ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻣﻮﻗﺪ اﻟﻐﺎز وأﺳﻠﻤﺖ ذاﺗﻬﺎ ﻟﻐﻴﺒﻮﺑﺔ ﻟﻢ ﺗﻔﻖ ﻣــﻨــﻬــﺎ. ﻫــﻜــﺬا ﺗـﻨـﻘـﻠـﺐ ﺑــﻨــﺎ –ﻧـﺤـﻦ اﻟــﺒــﺸــﺮ - ﻋــﺠــﻠــﺔ اﻟـــﺤـــﻆ ﺻــﻌــﻮدا وﻫـــﺒـــﻮﻃـــﺎ، ﺳــــﻌــــﻮدا وﻧـــﺤـــﻮﺳـــﺎ، وﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﻨﺎ اﻷﻗﺪار –وﻋﻠﻰ ﻃﺮف ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻃﻴﻒ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺳـﺎﺧـﺮة –إﻟــﻰ أن ﺗﻀﻊ ﻟﺤﻴﺎﺗﻨﺎ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺨﺘﺎم.