ﻣﺘﻌﺔ اﻟﺘﺤﺎور ﻣﻊ إﻧﺠﻠﻴﺰي
ﻟﻔﺘﺘﻨﻲ ﺣﺎدﺛﺔ وﺻﻔﺘﻬﺎ إﺣﺪى وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم، ﻗﺒﻞ أﻳﺎم، ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ« ﻓﻲ ﺣﻠﺒﺎت اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻄﺔ (MMA) ﻓﻲ ﻟﻨﺪن، وذﻟﻚ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺠﺢ اﳌﻘﺎﺗﻞ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺑـﻴـﺪج ﻓـﻲ إﻗﻨﺎع ﺧﺼﻤﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﺴﻼم ﺑﻌﺪ أن ﺳﺪد إﻟﻴﻪ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻟﻜﻤﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻧﺰﻓﺖ ﻋﻠﻰ إﺛﺮﻫﺎ ﻋﻴﻨﻪ ﺑـﺎﻟـﺪم. ﻓﻄﻠﺐ اﳌﺘﻀﺮر ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ اﻻﻧﺴﺤﺎب ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ.
ﻫــــﺬه اﻟـــﺤـــﺎدﺛـــﺔ، ﻋـــﺮﺿـــﺖ ﻓـــﻲ ذﻫـــﻨـــﻲ ﺷــﺮﻳــﻂ ذﻛﺮﻳﺎﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻓﺌﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻤﻬﺎرات ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻺﻋﺠﺎب أﺛﻨﺎء اﻟﺘﺤﺎور. وﻗـﺪ وﺻـﻒ ﺳﻔﻴﺮ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن اﻷدﻳﺐ واﻟﺸﺎﻋﺮ د. ﻏﺎزي اﻟﻘﺼﻴﺒﻲ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﻦ أﻓﻀﻞ ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻮار، وﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺤﻮار وﻣﻌﺎﻳﺸﺔ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ وﻏﻴﺮه.
واﻟــﺤــﻮار ﻓــﻲ رأﻳـــﻲ ﻳــﺄﺗــﻲ ﻣــﻦ ﺛـﻘـﺎﻓـﺔ اﻟﺸﻌﺐ، وﻳــﻌــﻮد إﻟــﻰ درﺑـــﺔ اﻟــﺘــﺤــﺎور ﻓــﻲ اﻟـﺒـﻴـﺖ واﳌــﺪرﺳــﺔ وﺣﺘﻰ ﺑﲔ اﳌﺆﺳﺴﺎت. ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺺ واﺣﺪ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﺋﺮ اﻟﺸﻌﺐ ﻫﻨﺎ، وﻳﺴﻴﺮﻫﻢ ﺣﺴﺐ اﺟﺘﻬﺎداﺗﻪ أو ﻣﺰاﺟﻪ. ﻓﺎﻟﺒﺮﳌﺎن، ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل، ﻳﻤﺘﺪ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ ﻋـﺎم، وﻫﻮ ﻣﺎ أﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻗﺒﻮل اﻵراء وﺗﻘﺒﻞ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت. ﻓﺤﲔ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﻨﺎخ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﻀﻄﺮ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام ﻛﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺤﻮار ﻹﻗﻨﺎع ﻣﻦ ﺗﺤﺎور ﺑﻮﺟﺎﻫﺔ رأﻳﻚ. وﻫﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ ﻵﺧﺮ، وﺗﻌﺰزﻫﺎ اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻤﺎرس ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻌﻠﻢ ﻗﻤﻊ اﻵراء أو ﺗﺴﻔﻴﻬﻬﺎ.
ﻛﻤﺎ أن وﺿــﻮح اﻟـﻠـﻮاﺋـﺢ واﻟـﻘـﻮاﻧـﲔ ﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻫــﻨــﺎك ﻣــﺴــﺎﺣــﺔ ﻟــﻼﻧــﻔــﺮاد ﺑـــﺎﻟـــﺮأي أو »اﻟــﻔــﻬــﻠــﻮة«، ﻓﺘﻀﻄﺮ داﺋﻤﴼ ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻗـﻮة ﻣﻮﻗﻔﻚ ﺑﺤﻮار ﻫﺎدئ وﻋــﻘــﻼﻧــﻲ. أذﻛــــﺮ أﻧــﻨــﻲ رأﻳــــﺖ إﻧـﺠـﻠـﻴـﺰﻳـﴼ ﻏـﺎﺿـﺒـﴼ، ﻟـﻜـﻨـﻨـﻲ ﻟــﻢ أﺷــﻌــﺮ ﺑــﻤــﺪى ﺿــﺠــﺮه إﻻ ﻣــﻦ ﺗﻌﺎﺑﻴﺮ اﻟـﻄـﺎوﻟـﺔ اﳌــﺠــﺎورة واﻟــﻨــﺎدل اﻟــﺬي ﻳﺒﺪو أﻧــﻪ أﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﻃﺒﻘﻪ، وﻷن اﻟﺰﺑﻮن ﻛﺎن ﻳﺸﺘﻜﻲ ﺑﻨﺒﺮة ﺻﻮت ﺧﻔﻴﻀﺔ؛ وﻫﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺳﺎﺋﺪة. ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺘﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إذا ﻟﻢ ﺗﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﻚ ﺳﺘﻜﻮن ﺿﺤﻴﺔ ﻋـﺪم اﻛﺘﺮاث اﻵﺧـــﺮﻳـــﻦ ﺑـﺠـﺪﻳـﺔ ﺷـــﻜـــﻮاك، ﺗـﻤـﺎﻣــﴼ ﻋـﻜـﺲ اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ.
ورﺑـــﻤـــﺎ ﻛــــﺎن ﻟــﻠــﻜــﻴــﺎﺳــﺔ واﻷدب اﻟــﺠــﻢ وﺣــﺲ اﻟﺪﻋﺎﺑﺔ اﻟﺬي اﺷﺘﻬﺮ ﺑﻪ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ دور ﻓﻲ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﻠﺠﻮن ﺑﺮﺷﺎﻗﺔ ﻓﻲ أي ﺣﻮار، وﻳﺨﺮﺟﻮن ﻣﻨﻪ ﺑﺄﻗﻞ ﺿﺮر ﻣﻤﻜﻦ. وﻣﻦ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﻫﻮ أدﻋﻰ ﻟﻠﺘﻘﺒﻞ ﻣــﻦ اﳌــﺘــﺤــﺎورﻳــﻦ ﻣـﻬـﻤـﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺧﻠﻔﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ.
وﻣﻦ ﻳﺼﻐﻲ إﻟﻰ إﻧﺠﻠﻴﺰي ﻳﺠﺪ ﻏﺰارة وﺗﻨﻮﻋﴼ ﺟﻤﻴﻼ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻟﻠﻤﻔﺮدات. ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﺼﺖ إﻟــــﻰ ﻣــﻌــﻠــﻖ إﻧــﺠــﻠــﻴــﺰي وآﺧـــــﺮ أﻣــﻴــﺮﻛــﻲ ﻳــﺮﺗــﺠــﻼن ﺗﻌﻠﻴﻘﴼ رﻳﺎﺿﻴﴼ أو ﻏﻴﺮه، ﺳﺘﺠﺪ ﻓﺎرﻗﴼ ﻣﻠﺤﻮﻇﴼ. واﻟﺒﻮن ﺷﺎﺳﻊ ﺑﲔ ﺧﻄﺎﺑﺎت اﻟﺮؤﺳﺎء اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ ورؤﺳـﺎء اﻟـﻮزراء اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﺘﺎرﻳﺦ. وﺣﺘﻰ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺗﺮﻣﺐ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺣﻠﻞ ﻋﻠﻤﺎء ﺧﻄﺎﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﺗﺒﲔ أن ﻣﻔﺮداﺗﻪ اﳌـﺴـﺘـﺨـﺪﻣـﺔ ﻫــﻲ اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺔ ﻓــﻲ اﳌــﺮﺣــﻠــﺔ اﻟـﺴـﺎدﺳـﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ. اﺳﻤﻊ ﻓﻘﻂ ﻛﻴﻒ ﻋﺒﺮت رﺋﻴﺴﺔ اﻟﻮزراء ﺗﺮﻳﺰا ﻣﺎي ﻋﻦ ﻋﻈﻤﺔ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻬﺎ اﻟﻌﺼﻤﺎء.
وﻗﺪ ﳌﺴﺖ ﺷﻴﺌﴼ ﻏﺮﻳﺒﴼ وﻣﺮﻳﺤﴼ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺎور أو اﻟــﺘــﻔــﺎوض ﻣــﻊ إﻧـﺠـﻠـﻴـﺰ. ﻓـﺘـﺠـﺪ أن ﻟـﺪﻳـﻬـﻢ ﺛﻘﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻌﺒﺮون ﻋﻦ اﻷﻣﻮر ﺑﺼﻮرة ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ .(understate) رﺑﻤﺎ ﻳﺘﻼءم ﻫﺬا ﻣـﻊ ﺧﺼﻠﺔ اﻟـﺤـﺬر اﳌﻨﺘﺸﺮة ﺑﻴﻨﻬﻢ. وﻫــﺬا ﻳﻌﻄﻲ اﻧـﻄـﺒـﺎﻋـﴼ ﺟــﻴــﺪﴽ ﻟـــﺪى ﻣــﺤــﺎورﻳــﻬــﻢ، ﺧـﺼـﻮﺻـﴼ ﻣﻦ ﻳــﺤــﺎول ﺷـــﺮاء ﺳـﻠـﻌـﺔ أو ﺧــﺪﻣــﺔ، ﻟﻴﻜﺘﺸﻒ ﻻﺣﻘﴼ أﻧﻬﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ وﺻﻔﻬﺎ ﻟﻪ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي! واﻟﺴﺒﺐ أن ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ ﻣﻌﻚ ﻗﺪ ﺧﻔﺾ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻚ، ﻓﺼﺎر اﻟﻮاﻗﻊ أﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻮﻗﻌﺖ.
ﻟﻜﻞ ﻗﺎﻋﺪة ﺷﻮاذ، وﻳﺼﻌﺐ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺐ ﺑﺄﺳﺮه، ﻟﻜﻦ إﻗﺎﻣﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﺄن ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻚ ﺟﺎﻧﺒﴼ ﻣﻦ ﻟﺬة اﻟﺘﺤﺎور ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺐ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي.