قطر وإيران... توجهات مشتركة لزعزعة استقرار المنطقة
فــــي الــــوقــــت الــــــذي تــظــهــر فـيـه الـتـصـريـحـات الـقـطـريـة علناً بأنها داعــــــمــــــة لــــلاســــتــــقــــرار الــخــلــيــجــي والـعـربـي، فـي أجــواء النهار، وأمـام الـشـاشـات، نـجـد تـحـركـات الـدوحـة فـعـلـيـاً وعـلـى أرض الــواقــع تـزعـزع الأمن والاستقرار خفاءً... وما الدور الـكـبـيـر لـدعـم إيـــران وميليشياتها الـذي تقوم به الدوحة في اليمن إلا أحد هذه الشواهد.
كـــــان ذلـــــك مــــا خـــــرج بــــه عــدد مــن المـحـلـلـين والمـهـتـمـين بـالـشـأن السياسي الخليجي فـي حديثهم لــ »الـشـرق الأوســـط« أمــس، تزامناً مع التصريحات التي يطلقها وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بين حين وآخر حول حرص بلاده على دعم الاستقرار في اليمن، متناقضاً مع الأدوار المشبوهة التي قامت بها قطر وما زالت على أرض الواقع.
واســـــتـــــشـــــهـــــد المـــــتـــــحـــــدثـــــون بــــالأحــــاديــــث الـــتـــي كـــشـــف عـنـهـا وزير الخارجية البحريني الشيخ خـالـد بــن أحـمـد آل خـلـيـفـة، حـول الـدعـم اللوجيستي والمـــادي الـذي قــدَّمــتــه قــطــر لإيــــــران والـحـوثـيـين لتلحق الضرر بالتحالف العربي و»تـتـسـبـب فــي اسـتـشـهـاد ١٠ من الجنود الإماراتيين .«
ويــــعــــلــــق الــــــدكــــــتــــــور مــحــمــد الــســلــمــي رئــيــس المــعــهــد الــدولــي لــــلــــدراســــات الإيــــرانــــيــــة عـــلـــى مـا حـــاول وزيـــر الـخـارجـيـة الإيـرانـيـة تـــبـــريـــره بـــالـــقـــول: »أزمــــــــة الـيـمـن وقـيـام الـتـحـالـف الـعـربـي، بقيادة السعودية، بإخراج القوات القطرية من التحالف، أسهمت في الكشف علناً عن التحالفات المتينة بين قطر وإيـران، ولكن في الأصل التحالف الــقــطــري الإيـــــرانـــــي قـــديـــم ولـيـس حديثاً؛ فهناك تنسيق دبلوماسي وسياسي وعسكري بين الطرفين، بـل إن هـنـاك لجنة سياسية عليا مشتركة بين الدوحة وطهران وقد اجـتـمـعـت أكـثـر مــن مـــرة، ونـتـذكـر اجتماعات عام ٢٠١٤م.«
ويــضــيــف الـــدكـــتـــور الـسـلـمـي: »ولـكـن فـي أزمــة الـيـمـن حـالـيـاً ومـع المــقــاطــعــة الـخـلـيـجـيـة لـقـطـر بـــدأت تظهر على السطح المساعي القطري لـــتـــقـــويـــة المــــتــــمــــرديــــن الــحــوثــيـــين فــي الـيـمـن بـالـتـنـسـيـق مــع الـنـظـام الإيراني، وهناك عمل مشترك أيضاً بـين طـهـران والــدوحــة فيما يتعلق بتشكيل جبهة موحَّدة للضغط على التحالف العربي من خلال اللوبيات التي يشكلها الجانبان في الغرب، ويظهر لنا الدور الذي تقوم به قطر فــي الإعـــــلام الــغــربــي بــهــدف خـدمـة إيــــران وأذرعــتــهــا فــي الـيـمـن وضـد التحالف العربي في اليمن.«
وأردف: »من الجدير بالذكر أن نسلط الضوء على المكالمة الهاتفية التي تمت بين أمير قطر الشيخ تميم والـرئـيـس الإيـرانـي حسن روحـانـي حـيـث ظـهـر تـوجـه مـشـتـرك ومـوحَّـد بــين الــطــرفـين تــجــاه أحـــــداث الـيـمـن يصب في مصلحة إيران والحوثيين، وهذا يؤكد أن وجود قطر سابقاً في التحالف العربي ما كان سوى خدمة لإيـــران، بـل إصــرار الـقـوات القطرية على الوجود في الأراضي السعودي دون مـشـاركـة فعلية فـي العمليات العسكرية مع بقية قوات التحالف، كــل ذلــك يـأتـي ضــد مـصـالـح اليمن والشعب اليمني وخدمة لإيران.«
واختتم رئيس المعهد الدولي لـــلـــدراســـات الإيـــرانـــيـــة بــالــقــول إن »الـــصـــورة أصــبــحــت واضــحــة الآن لـجـمـيـع المـجـتـمـعـات الـعـربـيـة بـأن الـدوحـة وطـهـران تـقـفـان فـي خندق واحـد، ضد التحالف العربي وضد استقرار الدول العربية.«
فــــــي المـــــقـــــابـــــل، قــــــــال الــخــبــيــر الـعـسـكـري والاسـتـراتـيـجـي العميد الــــدكــــتــــور عـــلـــي الــــتــــواتــــي إن »مـــا يـحـدث لـيـس بـمـسـتـغـرب أن يـصـبّ في المصلحة الإيرانية، فقطر كانت تــعــمــل ضــــد المـــصـــالـــح الـخـلـيـجـيـة والــعــربــيــة فــي الــيــمــن مــنــذ دعـمـهـا للتحالف بـين الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح فيما يخدم الأجندة الإيرانية، واستغلت تكليف دول الخليج لها بـأن تكون حلقة الوصل مع الحوثيين وصالح في تنفيذ أجندة خاصة بها بإنشاء تحالف بين صالح والحوثيين ضد دول الـخـلـيـج، وهــذا الـتـوجـه أسهم فــي خــدمــة الـتـوجـه الإيـــرانـــي الــذي أصبح له وجود كبير في اليمن بل إن الـعـروض العسكرية للحوثيين اقـــتـــربـــت مـــن الــــحــــدود الــســعــوديــة بعد الـتـدخـلات الـقـطـريـة«، وبــيَّن أن القوة العسكرية القطرية في قوات التحالف سابقاً »لم يكن لها أي دور في دعم التحالف بل كانوا مكتفين بالوجود على الـحـدود السعودية، ومـهـمـتـهـم الأســاســيــة لــلأســف هي إيـــصـــال المــعــلــومــات لمـرجـعـيـاتـهـم القيادية في الدوحة«.
ويــــــعــــــود الـــعـــمـــيـــد الــــتــــواتــــي تــاريــخــيــاً بــالــقــول إن »الــخــلافــات الخليجية مع الدوحة قديمة، فمثلاً الـدوحـة لها نـزاعـات قديمة وقوية الإمــارات وأيـضـاً لها موقف عدائي مـــن الــبــحــريــن، مــنــذ الـــخـــلاف عـلـى جــــزر حــــــوار، إذا وقــعــت الـحـكـومـة القطرية على مضض فيما يتعلق باتفاقيات الأمم المتحدة بخصوص عودة جزيرة حوار للبحرين، وفيما يـتـعـلـق بـالـسـعـوديـة فــإن قـطـر منذ الانـــقـــلاب الـــــذي قــــام بـــه أمــيــر قـطـر السابق الشيخ حمد على والده، وكل الأعمال التي تقوم بها الدوحة ضد المصالح السعودي وتخدم المصالح الإيــرانــيــة، وقـــد اســتــمــرأت الـقـيـادة القطرية أفعالها الشائنة، التي تأتي ضد الشعب اليمني.«
من جهته، قال الباحث السياسي الدكتور فهد الشليمي تعليقاً على حديث وزير الخارجية القطري : »لقد تعودنا من السياسيين القطريين أن مـا يقولونه شـيء، ومـا يظهر على أرض الــواقــع شـــيء آخــــر، لا سيما فـي الـخـفـاء، فنحن نسمح الكلمات والجمل الرنانة التي تظهر بأنها في صالح الــدول العربية والخليجية، ولكن ما يحدث في الخفاء هو ضد المـصـالـح الـعـربـي ويــخــدم الأجـنـدة الإيرانيةتماماً.« ً
واستطرد الشليمي: »حقيقة، فـــإن أقـــل مــا تــوصــف بــه الـسـيـاسـة القطرية القول المعروف: أسمع كلامك أعــجــب، وأشــاهــد أفـعـالـك أتـعـجـب، فكل ما نشاهده فعلياً من السياسة الــــقــــطــــريــــة هــــــي خـــــدمـــــة لـــلأجـــنـــدة الإيرانية، وكذلك الإسرائيلية.«
وتــــطــــرَّق الـــدكـــتـــور الـشـلـيـمـي للسياسة القطرية من خلال الإعلام بــالــقــول إن »مــــا تــقــوم بـــه الــدوحــة والإعــــــلام الــتــابــع لــه لا يـصـب أبــداً في المصلحة العربية أو الخليجية فضلاً عن التحالف العربي لإعـادة الشرعية في اليمن الشقيق، بل كل ما يخدم الأجندة الإيرانية ولا يضرّ بها، واستشهد هنا بتعامل الإعلام القطري مع المظاهرات الشعبية التي حدثت في إيـران، فلم نشاهد ردود فـعـل أو تغطية مــن الإعـــلام الـتـابـع للدوحة إلا بعد قرابة خمسة أو ستة أيام من مظاهرات الشعب الإيراني، ولو كانت هذه المظاهرات في دولة عربية، لهب الإعلام القطري والموالي لــه لإثـارتـهـا وتـأجـيـجـهـا مــن خـلال إفراد تغطيات كبيرة لها.«
وكـــــــــــــــان وزيـــــــــــــــر الـــــخـــــارجـــــيـــــة البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة قال في وقت سابق لـ »الشرق الأوســــــــط،« إن هــنــاك »عـــمـــلاء عـبـر ســــيــــارات تــحــمــل أرقــــامــــاً قــطــريــة، وتــــذهــــب خــــــلال ســــاعــــة، ثــــم تــأتــي صواريخ وتسقط على المخيم الذي استشهد فيه عدد كبير من الضباط والأفـــــراد الإمــاراتــيــين، وكـــان معهم عدد من الضباط البحرينيين.«
وأضـــــــــاف: »ثـــــم يـــأتـــي الـشـيـخ خالد العطية وزيــر الـدولـة لشؤون الـدفـاع الـقـطـري، يقول إننا أرغمنا على الانضمام للتحالف العربي، ثم اكتشفوا بعد فترة أنهم لم يكونوا طرفاً فاعلاً وأميناً في عضوية هذا التحالف، بل عطلوا إنقاذ الشرعية اليمنية من الانقلابيين.«