Asharq Al-Awsat Saudi Edition

كرة القدم في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي... تاريخ كراهية وعنصرية وتمييز

منتخب فلسطين شارك في تصفيات كأس العالم سنة ١٩٣٤

- مأمون كيوان *

في شباك السياسات

يبين التاريخ السياسي لكرة القدم فـي الـشـرق الأوســـط، مـحـطـات وأشـكـال الــتــداخ­ــل والــتــأث­ــر والــتــأث­ــيــر المــتــبـ­ـادل، سلباً وإيجاباً، بين هذه الرياضة، على نحو حـصـري، وسـيـاسـات الحكومات، والاستغلال السياسي لها من قبل بعض الأنظمة السياسية.

وبما أن لكرة القدم جماهير غفيرة مـــن الـــشـــب­ـــاب، وهــــم الـــقـــو­ة الأســاســ­يــة فــي المـجـتـمـ­ع، فـــإن الــنــظــ­ام الـسـيـاسـ­ي، يستفيد من انخراطهم في نوادٍ رياضية وانـشـغـال­ـهـم بـالـتـعـص­ـب الـــكـــر­وي بــدلاً مـن انـخـراطـه­ـم فـي نـشـاطـات سياسية. أو يـسـتـغـل تــلــك الــــنـــ­ـوادي جـمـاهـيـر­يـاً وسياسياً، ويقوم بتوجيهها إعلامياً، وبذل المال والامتيازا­ت لقادتها وفرقها مـن الأمــوال الـعـامـة. فـضـلاً عـن تسخير كـــرة الــقــدم نـفـسـهـا لـلـتـنـفـ­يـس وتـفـريـغ الـضـغـوط والأزمــــ­ــات الـنـفـسـي­ـة مـؤقـتـاً، داخــل المـلاعـب وأمـــام شـاشـات الـعـرض في المقاهي والساحات العامة.

ويعتقد جيمس دورســي، صاحب المدونة »العالم المضطرب لكرة القدم في الشرق الأوسط«، أن ملاعب كرة القدم في مختلف أنحاء الشرق الأوسـط وشمال أفريقيا: »أصبحت، على مدار السنوات الكثيرة الماضية، ميادين معارك للحقوق الـسـيـاسـ­يـة والـجـنـسـ­انـيـة والـعـمـال­ـيـة، فـــضـــلاً عـــن قــضــايــ­ا الــهــويـ­ـة الـوطـنـيـ­ة والآيديولو­جية والعرقية. وأن فحص الدور الحديث والتاريخي لمشجعي كرة الــقــدم المـتـشـدد­يـن فــي مـصـر، والأردن، وإيران، وبلدان أخرى، يمكن أن يساعد في إلقاء الضوء على موقف كل مجتمع حيال هذه القضايا في الوقت الحاضر«.

الصراع الرياضي الفلسطيني - الإسرائيلي قدم الكراهية

ساهم عـدد مـن الباحثين والكتاب فـي الإجـابـة عـن رزمــة الأسـئـلـة الُمـثـارة، ودرســـــو­ا أثـــر الألــعــا­ب الـريـاضـي­ـة على الـسـيـاسـ­ة والــعــلا­قــات الــدولــي­ــة. فأثبت محمد مفتي، في كتابه »الدور السياسي للألعاب الرياضية«، العلاقة بين الألعاب الرياضية والسياسة الدولية. وأوضح محمد السيد سليم، في كتابه »تحليل السياسة الخارجية«، أن الـدول توظف الألعاب الرياضية في تنفيذ سياستها الخارجية؛ ذلـك لأن الألـعـاب الرياضية تمتاز بخصائص عـدة، فهي أداة آمنة لتنفيذ السياسة الخارجية.

وتحدث أندريه ماركوفيتز ولارس رينسمان، عن قضية تحويل العالم إلى قرية صغيرة، وتوحيد ثقافة البشر، في كتاب » ‪Gaming the world: how sports are‬ ‪.«reshaping global politics and culture‬ وقـام المحرران روجـر ليفرمور وأدريـان باد، في كتاب »‪Sport And Internatio­nal‬ ‪«Relations، An Emerging Relationsh­ip‬ بجمع الكثير من الدراسات التي كتبت حـــول مــوضــوع الــعــلاق­ــة بــين الـريـاضـة والسياسة، وتـركـزت حـول بناء الدولة والعلاقات بين الدول بمساعدة الألعاب الرياضية.

وأســس فـلاسـفـة وعـلـمـاء اجـتـمـاع، تــيــاراً أطـلـقـوا عـلـيـه »الـنـظـريـ­ة الـنـاقـدة لـلـريـاضـ­ة«، وفــي مقدمتهم جــان مـاري بـــروم، مـؤلـف كـتـاب »السوسيولوج­يا السياسية للرياضة«، ومارك بيريلمان، وروبير ريديكه، ولوي - فانسان توما. وأكــــــد الــفــرنـ­ـســي فـــابـــي­ـــان أولـــيـــ­يـــه فـي كتاباته، أن الرياضة وسيلة قمع، وأن قطاعها هـو مـجـال لنمو الـرأسـمـا­لـيـة، وأنــــــه­ــــــا مـــصـــنـ­ــع لأدلــــــ­جــــــة الأجــــــ­ســــــاد، ونـمـذجـتـ­هـا. وأصـــــدر الـكـتـب الـتـالـيـ­ة: »الــــوهــ­ــم الــــريــ­ــاضــــي: ســوســيــ­ولــوجــيـ­ـا الآيديولوج­يا الشمولية«، »تزمت كرة الــــقـــ­ـدم«، مــحــلــل­اً فــيــه، وبــالــتـ­ـعــاون مع هــنــري فـــوغـــر­ان، مــونــديـ­ـال عـــام ٢٠٠٢، بــحــيــث قـــدمـــه كــاحــتــ­فــالــيــ­ة لــتــكــر­يــس المـجـاعـة الـسـيـاسـ­يـة والاقــتــ­صــاديــة في الـعـالـم؛ »الـهـوس الـكـروي: نقد لظاهرة شـمـولـيـة«؛ »مـــرض الـــــPCF الـطـفـولـ­ي«؛ وكتاب »أساطير رياضية وقمع جنسي« عن الإرث السوفياتي للحزب الشيوعي الفرنسي وعلاقته بالرياضة.

تتكثف علاقة معقدة بين السياسة والـريـاضـ­ة، وعـلـى نحو خـاص رياضة كرة القدم والصراع العربي - الصهيوني في مستواه الفلسطيني - الإسرائيلي. فالقضية الفلسطينية تبدو أقـرب إلى الـكـرة، وجغرافية فلسطين هي الملعب، وحدودها الانتدابية هي حدود الملعب، بينما حــدود الاحـتـلال لـعـام ١٩٦٧ هي حـــدود الــتــمــ­اس، والــقــدس هــي منطقة الــــجـــ­ـزاء، والمــســت­ــوطــنــو­ن والمــتــط­ــرفــون الإســـرائ­ـــيـــلــ­ـيـــون هـــم الــهــولـ­ـيــغــانـ­ـز، أو المـشـجـعـ­ون المـتـعـصـ­بـون. وتــحــل روح الــكــراه­ــيــة والــعــنـ­ـصــريــة مــحــل الـــــروح الــريــاض­ــيــة. ويـــقـــو­م رئــيــس الـحـكـومـ­ة الإسرائيلي­ة بدور المدرب وليبيرو الفريق الإسرائيلي، ويقابله الفريق الفلسطيني الذي يفتقد خطة لعب سياسي واضحة المعالم، في أشواط المفاوضات وركلاتها الترجيحية أو المباشرة.

تــعــود جـــــذور الــحــركـ­ـة الـريـاضـي­ـة فـي فلسطين إلــى نـهـايـة الـقـرن التاسع عـشـر، عندما بــدأت بعض الإرسـالـي­ـات الأجـنـبـي­ـة فـي تـأسـيـس مـــدارس خاصة بها فـي الكثير مـن المــدن الفلسطينية. وجـــرى تـشـكـيـل أول فــريــق لــكــرة الـقـدم على مستوى مدرسي، في عام ١٩٠٨ في مدرسة المطران ‪St. George‬ في القدس.

ويعتبر الاتحاد الفلسطيني الذي تأسس عام ١٩٢٨، من أوائـل الاتحادات العربية والآسيوية التي شاركت، لمرتين متتاليتين، فـي تصفيات كــأس العالم عام ١٩٣٤ و١٩٣٨، وهو أكثر الاتحادات نشاطاً وحيوية، ونجح رغم الصعوبات الكبيرة التي ما زالـت تعترض طريقه، فــي تـنـظـيـم ســت مـسـابـقـا­ت لـبـطـولـت­ـي الـدوري والكأس لأندية الضفة الغربية وقطاع غزة.

وانضمت فلسطين رسمياً، للاتحاد الدولي لكرة القدم عام ١٩٢٩، وشاركت فـي تـصـفـيـات كــأس الـعـالـم، الـــذي أقيم في إيطاليا سنة ١٩٣٤، وكانت نتيجة مـــبـــار­اتـــي فـلـسـطـين أمــــــام مـــصـــر، هـمـا الفاصلتان فـي الـوصـول إلـى نهائيات مـونـديـال إيـطـالـيـ­ا ١٩٣٤. وقــد خسرت فلسطين مباراتيها أمام مصر في القدس والقاهرة، وتأهلت مصر إلى النهائيات. وشـاركـت فلسطين فـي تصفيات كـأس الـــعـــا­لـــم ١٩٣٨، وفـــــي ضـــــوء ذلـــــك كــان المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم، أول منتخب عربي آسـيـوي يـشـارك في تصفيات كأس العالم.

وازدهـــــ­رت الــكــرة الفلسطينية في بداية الثلاثينات والأربعينا­ت، ونشأت فـرق فلسطينية منها: نــادي الدجاني والأرثــــ­ـوذكـــــس­ـــــي فــــي الــــقـــ­ـدس، ونـــــادي إسلامي يافا وإسلامي حيفا، والنادي القومي وعكا الرياضي في عكا، ونادي غزة الرياضي والنادي العربي والنادي الأرثــــو­ذكــــســـ­ـي فــــي غـــــــزة. ومـــــن أشــهــر اللاعبين الفلسطينيي­ن في تلك الفترة، جبر الـزرقـة، جــورج مـارديـنـي، ميشيل الـطـويـل، عبد الـرحـمـن الـهـبـاب وحيدر عبد الشافي.

وشهد قطاع غزة في ستينات القرن المــاضــي، تـقـدمـاً كـرويـاً فـي ظـل انتظام المسابقات الرسمية لـلـدوري والـكـأس، حـيـث شــاركــت الــفــرق الفلسطينية في الــضــفــ­ة الــغــربـ­ـيــة بـمـسـابـق­ـات الـــــدور­ي الأردني.

ومـــــــع عـــــــــ­ودة الـــســـل­ـــطـــة الــوطــنـ­ـيــة الفلسطينية إلى الوطن عام ١٩٩٤، دخلت الكرة الفلسطينية عهداً جديداً بإعادة تشكيل وانتخاب الاتـحـاد الفلسطيني لكرة القدم، وإعادة عضويته في الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الآسيوي.

أدركــــت الـحـركـة الـصـهـيـو­نـيـة منذ تأسيسها، أن عليها العمل مع القطاعات كـافـة، بـمـا فيها الـشـبـاب. فعملت على صقل هـويـة الـشـاب الـيـهـودي الجديد، الـــــذي ارتـــبـــ­ط بـشـكـل كـبـيـر بـالـريـاض­ـة بشتى فروعها، وبدأت في تطبيق الفكرة عمليّاً منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بـازل عـام ١٨٩٧. وأسـس في ألمانيا أول نادٍ يهودي للألعاب البدنية عام ١٨٩٨، تــحــت اســــم »بـــــار كـــوخـــب­ـــا«. وفــــي عــام ١٩٠٣، أقامت الحركة الصهيونية حركة النوادي الرياضية البدنية.

ومـــع بــدايــة الــهــجــ­رات الـكـبـرى في أواســــط الـعـشـريـ­نـات والـثـلاثـ­يـنـات من الـقـرن المـاضـي، بـدأت تتأسس الـنـوادي والاتـــحـ­ــادات المـصـبـوغ­ـة آيـديـولـو­جـيّـاً. فـتـأسـس اتــحــاد هـبـوعـيـل سـنـة ١٩٢٧،

ّ التابع للتيار القومي، الذي يمثله اليوم حزب العمل، واتحاد بيتار التابع للتيار

ّ اليميني غير الديني، والذي يمثله اليوم حـزب الليكود وحــزب إسـرائـيـل بيتنا، وكـــذلـــ­ك نـــــادي إلــيــتــ­ســور ذو الـصـبـغـة اليمينية الدينية، وهو »اتحاد رياضي ديني، أقيم من قِبل حركات الصهيونية

ّ الدينية، ويمثلها حزب البيت اليهودي حاليّاً، والاسـم توراتي نسبة إلى زعيم قبيلة روبن في فترة تيه بني إسرائيل في سيناء .«

ويــعــود إلـــى سـنـة ١٩٢٨ تـأسـيـس الاتـحـاد الإسـرائـي­ـلـي لـكـرة الـقـدم، الـذي نشط ضمن إطار ألعاب »فيفا«. في سنة ١٩٢٩ حاول ممثلو الاتحاد الإسرائيلي إقامة منتخب وطني من أجل المشاركة

ُ في ألعاب المونديال الأولى، التي أقيمت في الأوروغواي سنة ١٩٣٠، لكن سلطات الانتداب البريطاني، التي سيطرت على البلاد، قاطعت، في ذلك الوقت، منظمة »فـيـفـا« الـتـي تأسست مـن قِـبـل فرنسا؛ لذلك لم يتمكن المنتخب من المشاركة في المونديال.

اعتمد اتحاد كرة القدم الإسرائيلي (إفا( IFA عضواً في »فيفا« منذ ١٩٢٩. وهو أيضا عضو في »يويفا« )الاتحاد الأوروبـــ­ـــــي لــكــرة الــــقـــ­ـدم). و»إفـــــــا« هـي جمعية غير ربحية، بإجمالي إيرادات يقدر عام ٢٠١٤، بـ٨٥ مليون شيقل (٢٣ مليون دولار)، معظمها مـن الحكومة الإسـرائـي­ـلـيـة (عـــن طــريــق الـيـانـصـ­يـب العام)، ومبيعات التذاكر وحقوق البث والأمـوال المحولة من »فيفا« و»يويفا« لـتـنـظـيـ­م مــســابــ­قــات وتــطــويـ­ـر الـبـنـيـة الـتـحـتـي­ـة. أعـلـن »إفــــا« عــام ٢٠١٣، عن ١٠٧٦ مـوظـفـاً يعملون لـديـه ويتلقون أجوراً.

وتتضمن نفقات »إفــا«، بالإضافة إلــــى الـــــروا­تـــــب، تــكــالــ­يــف دعــــم الأنــديــ­ة الإســـرائ­ـــيـــلــ­ـيـــة، وتــنــظــ­يــم المــــبــ­ــاريــــا­ت، والــتــدر­يــب، وأجــــور الــحــكّــام، وصـيـانـة »الملعب الوطني،« وتعزيز صناعة كرة القدم. ينظم »إفـا« فعاليات لأندية كرة الــقــدم الإسـرائـي­ـلـيـة، ويــعــزز أنشطتها ويـكـسـب المــــال مـنـهـا أيــضــاً، مــن خـلال مبيعات التذاكر وحقوق بث المباريات.

وتـأسـس فـيَ شهر أبـريـل (نيسان) عـام ١٩٣٠، المنتخب الأول لاتـحـاد كرة القدم، الذي نشط تحت رعاية الانتداب الــبــريـ­ـطــانــي، وتــكــون مــن سـتـة لاعـبـين يـــهـــود، ولاعــــــ­ب عـــربـــي واحــــــد َ وتـسـعـة لاعــبــين بــريــطــ­انــيــين. ولــعــب المـنـتـخ ـب ضـد فــرق محلية مـصـريـة مـن الـقـاهـرة والإسكندري­ة.

ومقابل الرواية الفلسطينية، يُزعم أنه بتاريخ ١٦ مـارس (آذار) عام ١٩٣٤،

ُ أقــيــمــ­ت، وكــجــزء مــن المــبــار­يــات الأولـــى لمــونــدي­ــال ١٩٣٤، مــبــاراة بــين المنتخب الإسرائيلي المكوّن من لاعبين يهود فقط، وبين المنتخب المصري، الذي لعب بقيادة النجم محمد مختار من فريق آرسنال، وقد فاز فيها المصريون.

ويـعـتـبـر مـنـتـخـب إســرائــي­ــل لـكـرة القدم الممثل الرسمي لدولة إسرائيل في رياضة كرة القدم، ويشرف عليه اتحاد إســرائــي­ــل لـكـرة الــقــدم الـــذي أســس عـام ١٩٢٨، وهــو عضو حـالـيـاً، فـي الاتـحـاد الأوروبي لكرة القدم منذ عام ١٩٩١.

عــنــدمــ­ا أســــس الاتـــحــ­ـاد الآســيــو­ي لكرة الـقـدم كـأس آسيا الأول عـام ١٩٥٦ فــــي هــــونـــ­ـغ كــــونـــ­ـغ، انـــتـــص­ـــر مـنـتـخـب إسـرائـيـل فـي ١ سبتمبر (أيـلـول) ١٩٥٦ عـلـى حـسـاب هـونـغ كـونـغ ٣:٢ ليضمن المركز الثاني. وفي ١٩٦٠ وصل أيضاً إلى النهائي مـع كـوريـا الجنوبية وفيتنام الجنوبية وتــايــوا­ن، حيث حصل على مركز الوصيف أيضاً. وفـي عـام ١٩٦٤، استضافت إسرائيل البطولة وفازت بها، بعد فوزها على الهند وكوريا الجنوبية وهـونـغ كـونـغ. وفـي إيــران فـي ١٩ مايو (أيـار) ١٩٦٨، لعبت إسرائيل ضد إيران لـتـخـسـر ٢:١ وتــأخــذ المــوقــع الــرابــع في الـبـطـولـ­ة، وبـــورمــ­ـا، وتـــايـــ­وان، وهـونـغ كونغ.

وشـارك عـدد من فلسطينيي ١٩٤٨ حاملي الجنسية الإسرائيلي­ة، في تركيب المـنـتـخـ­ب الإســـرائ­ـــيـــلــ­ـي، ومــنــهــ­م: عـلـي عثمان ابن قرية بيت صفافا، أول عربي يرتدي زي المنتخب الإسرائيلي. ومن ثم جاء كثيرون ومميّزون بعده، وكان من بينهم زاهي أرملي من شفاعمرو، ووليد بـديـر مـن كفر قـاسـم، الــذي سجل هدفاً ضـد فرنسا فـي تصفيات كــأس العالم لـكـرة الــقــدم ٢٠٠٦ فــي ألمــانــي­ــا. وكـذلـك، رفعت ترك من يافا، ولعب مع المنتخب في أولمبياد ١٩٧٦، وعباس صوان الذي أحرز هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة، في مباراة المنتخب مع آيرلندا في الدور التمهيدي لمونديال عـام ٢٠٠٦، وسليم طعمة ابن مدينة اللد.

أثــــــار­ت مــشــاركـ­ـة أولـــئـــ­ك الـلاعـبـي­ن الــتــوتـ­ـرات لـــدى الـفـلـسـط­ـيـنـيـين، الـذيـن قالوا إنه يجب مقاطعة المنتخب الوطني الإسرائيلي، وبين الإسرائيلي­ين على حدِّ سـواء. وعانوا من مواقف عنصرية من الجمهور الإسرائيلي.

أقدام العنصرية وكرة الكراهية

من أبرز الأندية الإسرائيلي­ة، الأندية التابعة لهبوعيل ومكابي. ففي الدرجة الممتازة في كرة القدم، يلعب أربعة عشر فــريــقــ­اً، مـنـهـا فــريــق عــربــي واحـــــد، هو فريق أبـنـاء سخنين، وسـت فـرق تابعة لهبوعيل، وثلاثة لمكابي.

واستطاع فريق أبناء سخنين، الذي يضم لاعبين يهوداً أيضاً، الوصول إلى الدرجة الممتازة في كرة القدم عام ٢٠٠٣.

ولــم تــمــوّل الـحـكـومـ­ة الإسـرائـي­ـلـيـة بناء وتجهيز أي ملعب للفرق العربية. وقــد ربـطـت وزيــــرة الـثـقـافـ­ة والـريـاضـ­ة ميري ريجف، بين الحصول على الدعم وبــين قـبـول يـهـوديـة الــدولــة. وطـالـبـت فريق أبناء سخنين بإلغاء كل المظاهر

ْ الـعـربـيـ­ة ورفـــع الـعـلـم الإسـرائـي­ـلـي فـوق أســوار الـنـادي، من أجـل الحصول على الدعم، علماً بأن كل الاتحادات الرياضية اليهودية، ســواء المكابي أو البيتار أو هـبـوعـيـل، يُـسـمـح لـهـا بـتـأكـيـد الـهـويـة الخاصة بها، والحفاظ عليها.

ومـنـذ ارتــقــاء فـريـق أبـنـاء سخنين إلــــــى الـــــدرج­ـــــة الأولـــــ­ــــى فــــي إســـرائــ­ـيـــل، تحولت اللقاءات مع بيتار القدس إلى لـقـاءات مشحونة بالمنافسة والـعـداوة؛ إذ تتسم هـذه الـلـقـاءا­ت بحضور أمني كبير، وبإبعاد الكثير من المشجعين عن المــلاعــ­ب. وفــي الـجـانـب الآخـــر، تحولت اللقاءات إلى واحدة من أفضل الأحداث الرياضية في إسرائيل لأجل الخصومة بين الطرفين.

ويــــســـ­ـود الإحـــــس­ـــــاس أثــــنـــ­ـاء هـــذه اللقاءات، بأن اللعبة تتحول إلى حرب عابرة للرياضة، وتلبس قالباً سياسياً ووطنياً، وتصبح مباراة بين إسرائيل وفــلــســ­طــين. فـيـمـتـلـ­ئ المــلــعـ­ـب بــأعــلام إسرائيل من جهة، وأعـلام فلسطين من جهة أخرى؛ ما يشعل مشاعر الطرفين.

نوادي هوليغانز المستوطنات

هــنــاك أنــديــة لــكــرة الــقــدم أعـضـاء فـــي »إفــــــا«، تـقـيـم مـلاعـبـهـ­ا الـرسـمـيـ­ة فـي مـسـتـوطـن­ـات إسـرائـيـل­ـيـة بالضفة الغربية، وهي: مكابي آرييل لكرة قدم الـــصـــا­لات؛ نـــادي آريــيــل الـبـلـدي لـكـرة الـــقـــد­م؛ بـيـتـار غـفـعـات زئــيــف شـابـي؛ بيتار معاليه أدوميم؛ هبوعل أورانيت، وفــريــق هـبـوعـيـل وادي الأردن، الــذي يلعب مـبـاريـات­ـه فـي مستوطنة تومر بالضفة الغربية، ويـتـدرب فـي إينات داخـــل إســرائــي­ــل. بـالإضـافـ­ة إلــى ذلــك، هناك نادي هبوعيل قطمون أورشليم، ولــديــه مـلـعـبـان رســمــيــ­ان فــي الـقـدس الـغـربـيـ­ة، كـمـا يلعب بـعـض المـبـاريـ­ات »عـلـى أرضـــه« فــي مستوطنة معاليه أدوميم.

وبــســبــ­ب الــتــمــ­يــيــز المـــتـــ­أصـــل فـي المـــســـ­تـــوطـــن­ـــات الإســـرائ­ـــيـــلــ­ـيـــة، لـيـس لـــلأنـــ­ديـــة خــــيــــ­ار ســــــوى تـــقـــدي­ـــم هـــذه الخدمات بطريقة تمييزية. لا يسمح الــجــيــ­ش الإســرائـ­ـيــلــي للفلسطينيي­ن بـدخـول المـسـتـوط­ـنـات، الـتـي يعتبرها مـنـاطـق عـسـكـريـة مـغـلـقـة، بـاسـتـثـن­ـاء عمال حاصلين على إذن خـاص. لهذا السبب؛ يمكن للاعبين الإسرائيلي­ين، ولــــيـــ­ـس الــفــلــ­ســطــيــن­ــيــين مـــــن الــضــفــ­ة الغربية، دخـول المستوطنات للتدرب والمنافسة. يمكن للمشاهد الإسرائيلي وليس الفلسطيني، حضور المباريات. يـمـكـن لـلأطـفـال الإسـرائـي­ـلـيـين ولـيـس الـفـلـسـط­ـيـنـيـين، الــلــعــ­ب فـــي بــطــولات الـشـبـاب أو الانـضـمـا­م إلــى معسكرات كرة القدم.

وتـعـانـي كـرة الـقـدم الفلسطينية، مـــن عـــــدم الــــقـــ­ـدرة عــلــى إقـــامـــ­ة دوري مــتــكــا­مــل؛ نـتـيـجـة تـقـطـيـع الاحـــتــ­ـلال الإسرائيلي للضفة إلى نحو ٦٤ منطقة، وعزل المناطق والمحافظات عن بعضها بـعـضـاً، إضــافــة إلـــى تـقـطـيـع غـــزة إلـى خمس مناطق.

وقد شملت الانتهاكات الإسرائيلي­ة بحق الرياضة الفلسطينية ما يلي:

- البنية التحتية: مـنـع سلطات الاحــتــل­ال وعـرقـلـتـ­هـا تشييد المـلاعـب، وكـــل مــا لــه عــلاقــة بـالـبـنـي­ـة الـتـحـتـي­ـة الأخرى، وتدمر أحياناً، ما هو موجود منها. وتقييد حركة اللاعبين المحليين أو اللاعبين الزوار والإداريين، وأعضاء مـجـلـس إدارة الاتــحــا­د والـصـحـاف­ـيـين داخـــــل أراض الــســلــ­طــة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة وخـارجـهـا. وتمنع كــذلا، أو تـؤخـر أو تـسـلـم الـشـحـنـا­ت المـرسـلـة مــن »فـيـفـا« والاتـــــ­حـــــاد الآســــيـ­ـــوي أو الــتــبــ­رعــات، الـتـي تـبـادر إلـيـهـا الاتــحــا­دات الـقـاريـة والهيئات الرياضية الأخرى. وتتدخل إسرائيل في تنظيم اللقاءات الكروية الـــــودي­ـــــة بــــين فــلــســط­ــين وغـــيـــر­هـــا مـن الاتحادات، وعادة ما تحول دون إقامة الكثير منها.

وخــلال الـحـرب الإسـرائـي­ـلـيـة على غــــزة فـــي نــوفــمــ­بــر (تــشــريــ­ن الــثــانـ­ـي) ٢٠١٢؛ قصفت الـطـائـرا­ت الحربية من نوع »إف١٦« ملعب فلسطين في غزة؛ مــا أدى إلـــى إلــحــاق أضـــــرار جسيمة في بنيته التحتية. ولـم يقتصر الأمر على الملعب؛ بـل تـعـداه ليشمل لائحة طــويــلــ­ة مــــن الأهــــــ­ــــداف، وهــــــي: مـبـنـى اللجنة الأولمبية الفلسطينية، واتحاد كـرة الـقـدم، وملعب الـيـرمـوك، وملعب رفح، ونادي اتحاد الشجاعية، ونادي الشمس، ونادي الشهداء، ونادي أهلي النصيرات، ونادي خدمات دير البلح، ونــادي شباب جباليا، ونــادي شباب رفح والمدينة الرياضية، ونادي الهلال.

ولــم تقتصر مـمـارسـة العنصرية ضد الرياضة الفلسطينية على حكومة إســرائــي­ــل، مـمـثـلـة بــوزيــرة الــريــاض­ــة، وإنما تشمل أيضاً، الجمهور اليهودي المعادي للعرب، الذي تمادى في إطلاق الـــشـــع­ـــارات الــعــنــ­صــريــة ضـــد الــعــرب، وضد وجودهم. وفيما يلي بعض هذه النماذج:

- عـنـد فـــوزه بـبـطـولـة الــكــأس عـام ،٢٠٠٤ وقــــف لاعــبــو ســخــنــي­ن الــعــرب والــيــهـ­ـود، وقــامــوا بـمـصـافـح­ـة وزيــرة الرياضة، حينها، ليمور ليفنات، في حين رفض لاعبو وإداريو نادي بيتار في موقف مماثل عام ٢٠٠٩، مصافحة وزيـر الرياضة حينها غالب مجادلة، وهو عربي من حزب العمل.

- قيام اللاعب الإسرائيلي عميت بـن شـوشـان، بالهتاف مـع الكثير من لاعـــبـــ­ي المــنــتـ­ـخــب الإســـرائ­ـــيـــلــ­ـي، ضـد زميلهم العربي المسيحي في المنتخب ســلــيــم طـــعـــمـ­ــة، ووصــــفــ­ــه بـــالمـــ­خـــرب، وهتافهم »الموت للعرب«، و»نحن نكره العرب«.

- إطلاق هتافات عنصرية من فرق بيتار، وبخاصة بيتار الـقـدس، الـذي يُعتبر قائد موجة العنصرية، ووصف اللاعبين العرب بالقردة. من يمارس »الإرهاب« الرياضي؟ زعــــــــ­م حــــايـــ­ـيــــم شــــــايـ­ـــــن، الـــكـــا­تـــب فـــي صـحـيـفـة »إســـرائــ­ـيـــل الــــيـــ­ـوم«، أن جـبـريـل الـــرجـــ­وب، رئــيــس اتــحــاد كـرة الـقـدم الفلسطيني، كــان مـن الأسـبـاب الأســـاسـ­ــيـــة لإلــــغــ­ــاء مــــبــــ­اراة مـنـتـخـب الأرجنتين مع المنتخب الإسرائيلي في القدس. واقترح إحراق قمصان ميسي، ونظّم مظاهرات أمام ممثلية الأرجنتين في رام الله، وحوّل مباراة كرة قدم إلى حدث سياسي.

ولا شـــــك أنــــــه نـــجـــح فـــــي إدخــــــا­ل الإرهاب إلى الرياضة. وتناسى شاين قــصــداً، الـسـجــل الـكـبـيـر لـلانـتـهـ­اكـات وأشـكـال الإرهــاب الإسرائيلي المتعدد الذي يصاحبه النفخ في أبواق الكراهية والحقد على العرب، وعلى نحو خاص الفلسطينيو­ن منهم.

* باحث فلسطيني

 ??  ?? أطفال فلسطينيون يلعبون الكرة في أحد المخيمات فريق الشجاعية (غزة) وفريق الأهلي (الخليل) خلال مباراة جرت على ملعب اليرموك بغزة في ٢٠١٥ (غيتي)
أطفال فلسطينيون يلعبون الكرة في أحد المخيمات فريق الشجاعية (غزة) وفريق الأهلي (الخليل) خلال مباراة جرت على ملعب اليرموك بغزة في ٢٠١٥ (غيتي)
 ??  ?? شعار فريق »أبناء سخنين«
شعار فريق »أبناء سخنين«
 ??  ?? شعار اتحاد كرة القدم الإسرائيلي
شعار اتحاد كرة القدم الإسرائيلي
 ??  ?? شعار اتحاد الكرة الفلسطيني
شعار اتحاد الكرة الفلسطيني

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia