كرة القدم في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي... تاريخ كراهية وعنصرية وتمييز
منتخب فلسطين شارك في تصفيات كأس العالم سنة ١٩٣٤
في شباك السياسات
يبين التاريخ السياسي لكرة القدم فـي الـشـرق الأوســـط، مـحـطـات وأشـكـال الــتــداخــل والــتــأثــر والــتــأثــيــر المــتــبــادل، سلباً وإيجاباً، بين هذه الرياضة، على نحو حـصـري، وسـيـاسـات الحكومات، والاستغلال السياسي لها من قبل بعض الأنظمة السياسية.
وبما أن لكرة القدم جماهير غفيرة مـــن الـــشـــبـــاب، وهــــم الـــقـــوة الأســاســيــة فــي المـجـتـمـع، فـــإن الــنــظــام الـسـيـاسـي، يستفيد من انخراطهم في نوادٍ رياضية وانـشـغـالـهـم بـالـتـعـصـب الـــكـــروي بــدلاً مـن انـخـراطـهـم فـي نـشـاطـات سياسية. أو يـسـتـغـل تــلــك الــــنــــوادي جـمـاهـيـريـاً وسياسياً، ويقوم بتوجيهها إعلامياً، وبذل المال والامتيازات لقادتها وفرقها مـن الأمــوال الـعـامـة. فـضـلاً عـن تسخير كـــرة الــقــدم نـفـسـهـا لـلـتـنـفـيـس وتـفـريـغ الـضـغـوط والأزمــــــات الـنـفـسـيـة مـؤقـتـاً، داخــل المـلاعـب وأمـــام شـاشـات الـعـرض في المقاهي والساحات العامة.
ويعتقد جيمس دورســي، صاحب المدونة »العالم المضطرب لكرة القدم في الشرق الأوسط«، أن ملاعب كرة القدم في مختلف أنحاء الشرق الأوسـط وشمال أفريقيا: »أصبحت، على مدار السنوات الكثيرة الماضية، ميادين معارك للحقوق الـسـيـاسـيـة والـجـنـسـانـيـة والـعـمـالـيـة، فـــضـــلاً عـــن قــضــايــا الــهــويــة الـوطـنـيـة والآيديولوجية والعرقية. وأن فحص الدور الحديث والتاريخي لمشجعي كرة الــقــدم المـتـشـدديـن فــي مـصـر، والأردن، وإيران، وبلدان أخرى، يمكن أن يساعد في إلقاء الضوء على موقف كل مجتمع حيال هذه القضايا في الوقت الحاضر«.
الصراع الرياضي الفلسطيني - الإسرائيلي قدم الكراهية
ساهم عـدد مـن الباحثين والكتاب فـي الإجـابـة عـن رزمــة الأسـئـلـة الُمـثـارة، ودرســـــوا أثـــر الألــعــاب الـريـاضـيـة على الـسـيـاسـة والــعــلاقــات الــدولــيــة. فأثبت محمد مفتي، في كتابه »الدور السياسي للألعاب الرياضية«، العلاقة بين الألعاب الرياضية والسياسة الدولية. وأوضح محمد السيد سليم، في كتابه »تحليل السياسة الخارجية«، أن الـدول توظف الألعاب الرياضية في تنفيذ سياستها الخارجية؛ ذلـك لأن الألـعـاب الرياضية تمتاز بخصائص عـدة، فهي أداة آمنة لتنفيذ السياسة الخارجية.
وتحدث أندريه ماركوفيتز ولارس رينسمان، عن قضية تحويل العالم إلى قرية صغيرة، وتوحيد ثقافة البشر، في كتاب » Gaming the world: how sports are .«reshaping global politics and culture وقـام المحرران روجـر ليفرمور وأدريـان باد، في كتاب »Sport And International «Relations، An Emerging Relationship بجمع الكثير من الدراسات التي كتبت حـــول مــوضــوع الــعــلاقــة بــين الـريـاضـة والسياسة، وتـركـزت حـول بناء الدولة والعلاقات بين الدول بمساعدة الألعاب الرياضية.
وأســس فـلاسـفـة وعـلـمـاء اجـتـمـاع، تــيــاراً أطـلـقـوا عـلـيـه »الـنـظـريـة الـنـاقـدة لـلـريـاضـة«، وفــي مقدمتهم جــان مـاري بـــروم، مـؤلـف كـتـاب »السوسيولوجيا السياسية للرياضة«، ومارك بيريلمان، وروبير ريديكه، ولوي - فانسان توما. وأكــــــد الــفــرنــســي فـــابـــيـــان أولـــيـــيـــه فـي كتاباته، أن الرياضة وسيلة قمع، وأن قطاعها هـو مـجـال لنمو الـرأسـمـالـيـة، وأنــــــهــــــا مـــصـــنـــع لأدلــــــجــــــة الأجــــــســــــاد، ونـمـذجـتـهـا. وأصـــــدر الـكـتـب الـتـالـيـة: »الــــوهــــم الــــريــــاضــــي: ســوســيــولــوجــيــا الآيديولوجيا الشمولية«، »تزمت كرة الــــقــــدم«، مــحــلــلاً فــيــه، وبــالــتــعــاون مع هــنــري فـــوغـــران، مــونــديــال عـــام ٢٠٠٢، بــحــيــث قـــدمـــه كــاحــتــفــالــيــة لــتــكــريــس المـجـاعـة الـسـيـاسـيـة والاقــتــصــاديــة في الـعـالـم؛ »الـهـوس الـكـروي: نقد لظاهرة شـمـولـيـة«؛ »مـــرض الـــــPCF الـطـفـولـي«؛ وكتاب »أساطير رياضية وقمع جنسي« عن الإرث السوفياتي للحزب الشيوعي الفرنسي وعلاقته بالرياضة.
تتكثف علاقة معقدة بين السياسة والـريـاضـة، وعـلـى نحو خـاص رياضة كرة القدم والصراع العربي - الصهيوني في مستواه الفلسطيني - الإسرائيلي. فالقضية الفلسطينية تبدو أقـرب إلى الـكـرة، وجغرافية فلسطين هي الملعب، وحدودها الانتدابية هي حدود الملعب، بينما حــدود الاحـتـلال لـعـام ١٩٦٧ هي حـــدود الــتــمــاس، والــقــدس هــي منطقة الــــجــــزاء، والمــســتــوطــنــون والمــتــطــرفــون الإســـرائـــيـــلـــيـــون هـــم الــهــولــيــغــانــز، أو المـشـجـعـون المـتـعـصـبـون. وتــحــل روح الــكــراهــيــة والــعــنــصــريــة مــحــل الـــــروح الــريــاضــيــة. ويـــقـــوم رئــيــس الـحـكـومـة الإسرائيلية بدور المدرب وليبيرو الفريق الإسرائيلي، ويقابله الفريق الفلسطيني الذي يفتقد خطة لعب سياسي واضحة المعالم، في أشواط المفاوضات وركلاتها الترجيحية أو المباشرة.
تــعــود جـــــذور الــحــركــة الـريـاضـيـة فـي فلسطين إلــى نـهـايـة الـقـرن التاسع عـشـر، عندما بــدأت بعض الإرسـالـيـات الأجـنـبـيـة فـي تـأسـيـس مـــدارس خاصة بها فـي الكثير مـن المــدن الفلسطينية. وجـــرى تـشـكـيـل أول فــريــق لــكــرة الـقـدم على مستوى مدرسي، في عام ١٩٠٨ في مدرسة المطران St. George في القدس.
ويعتبر الاتحاد الفلسطيني الذي تأسس عام ١٩٢٨، من أوائـل الاتحادات العربية والآسيوية التي شاركت، لمرتين متتاليتين، فـي تصفيات كــأس العالم عام ١٩٣٤ و١٩٣٨، وهو أكثر الاتحادات نشاطاً وحيوية، ونجح رغم الصعوبات الكبيرة التي ما زالـت تعترض طريقه، فــي تـنـظـيـم ســت مـسـابـقـات لـبـطـولـتـي الـدوري والكأس لأندية الضفة الغربية وقطاع غزة.
وانضمت فلسطين رسمياً، للاتحاد الدولي لكرة القدم عام ١٩٢٩، وشاركت فـي تـصـفـيـات كــأس الـعـالـم، الـــذي أقيم في إيطاليا سنة ١٩٣٤، وكانت نتيجة مـــبـــاراتـــي فـلـسـطـين أمــــــام مـــصـــر، هـمـا الفاصلتان فـي الـوصـول إلـى نهائيات مـونـديـال إيـطـالـيـا ١٩٣٤. وقــد خسرت فلسطين مباراتيها أمام مصر في القدس والقاهرة، وتأهلت مصر إلى النهائيات. وشـاركـت فلسطين فـي تصفيات كـأس الـــعـــالـــم ١٩٣٨، وفـــــي ضـــــوء ذلـــــك كــان المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم، أول منتخب عربي آسـيـوي يـشـارك في تصفيات كأس العالم.
وازدهـــــرت الــكــرة الفلسطينية في بداية الثلاثينات والأربعينات، ونشأت فـرق فلسطينية منها: نــادي الدجاني والأرثـــــوذكـــــســـــي فــــي الــــقــــدس، ونـــــادي إسلامي يافا وإسلامي حيفا، والنادي القومي وعكا الرياضي في عكا، ونادي غزة الرياضي والنادي العربي والنادي الأرثــــوذكــــســــي فــــي غـــــــزة. ومـــــن أشــهــر اللاعبين الفلسطينيين في تلك الفترة، جبر الـزرقـة، جــورج مـارديـنـي، ميشيل الـطـويـل، عبد الـرحـمـن الـهـبـاب وحيدر عبد الشافي.
وشهد قطاع غزة في ستينات القرن المــاضــي، تـقـدمـاً كـرويـاً فـي ظـل انتظام المسابقات الرسمية لـلـدوري والـكـأس، حـيـث شــاركــت الــفــرق الفلسطينية في الــضــفــة الــغــربــيــة بـمـسـابـقـات الـــــدوري الأردني.
ومـــــــع عـــــــــودة الـــســـلـــطـــة الــوطــنــيــة الفلسطينية إلى الوطن عام ١٩٩٤، دخلت الكرة الفلسطينية عهداً جديداً بإعادة تشكيل وانتخاب الاتـحـاد الفلسطيني لكرة القدم، وإعادة عضويته في الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الآسيوي.
أدركــــت الـحـركـة الـصـهـيـونـيـة منذ تأسيسها، أن عليها العمل مع القطاعات كـافـة، بـمـا فيها الـشـبـاب. فعملت على صقل هـويـة الـشـاب الـيـهـودي الجديد، الـــــذي ارتـــبـــط بـشـكـل كـبـيـر بـالـريـاضـة بشتى فروعها، وبدأت في تطبيق الفكرة عمليّاً منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بـازل عـام ١٨٩٧. وأسـس في ألمانيا أول نادٍ يهودي للألعاب البدنية عام ١٨٩٨، تــحــت اســــم »بـــــار كـــوخـــبـــا«. وفــــي عــام ١٩٠٣، أقامت الحركة الصهيونية حركة النوادي الرياضية البدنية.
ومـــع بــدايــة الــهــجــرات الـكـبـرى في أواســــط الـعـشـريـنـات والـثـلاثـيـنـات من الـقـرن المـاضـي، بـدأت تتأسس الـنـوادي والاتـــحـــادات المـصـبـوغـة آيـديـولـوجـيّـاً. فـتـأسـس اتــحــاد هـبـوعـيـل سـنـة ١٩٢٧،
ّ التابع للتيار القومي، الذي يمثله اليوم حزب العمل، واتحاد بيتار التابع للتيار
ّ اليميني غير الديني، والذي يمثله اليوم حـزب الليكود وحــزب إسـرائـيـل بيتنا، وكـــذلـــك نـــــادي إلــيــتــســور ذو الـصـبـغـة اليمينية الدينية، وهو »اتحاد رياضي ديني، أقيم من قِبل حركات الصهيونية
ّ الدينية، ويمثلها حزب البيت اليهودي حاليّاً، والاسـم توراتي نسبة إلى زعيم قبيلة روبن في فترة تيه بني إسرائيل في سيناء .«
ويــعــود إلـــى سـنـة ١٩٢٨ تـأسـيـس الاتـحـاد الإسـرائـيـلـي لـكـرة الـقـدم، الـذي نشط ضمن إطار ألعاب »فيفا«. في سنة ١٩٢٩ حاول ممثلو الاتحاد الإسرائيلي إقامة منتخب وطني من أجل المشاركة
ُ في ألعاب المونديال الأولى، التي أقيمت في الأوروغواي سنة ١٩٣٠، لكن سلطات الانتداب البريطاني، التي سيطرت على البلاد، قاطعت، في ذلك الوقت، منظمة »فـيـفـا« الـتـي تأسست مـن قِـبـل فرنسا؛ لذلك لم يتمكن المنتخب من المشاركة في المونديال.
اعتمد اتحاد كرة القدم الإسرائيلي (إفا( IFA عضواً في »فيفا« منذ ١٩٢٩. وهو أيضا عضو في »يويفا« )الاتحاد الأوروبــــــــي لــكــرة الــــقــــدم). و»إفـــــــا« هـي جمعية غير ربحية، بإجمالي إيرادات يقدر عام ٢٠١٤، بـ٨٥ مليون شيقل (٢٣ مليون دولار)، معظمها مـن الحكومة الإسـرائـيـلـيـة (عـــن طــريــق الـيـانـصـيـب العام)، ومبيعات التذاكر وحقوق البث والأمـوال المحولة من »فيفا« و»يويفا« لـتـنـظـيـم مــســابــقــات وتــطــويــر الـبـنـيـة الـتـحـتـيـة. أعـلـن »إفــــا« عــام ٢٠١٣، عن ١٠٧٦ مـوظـفـاً يعملون لـديـه ويتلقون أجوراً.
وتتضمن نفقات »إفــا«، بالإضافة إلــــى الـــــرواتـــــب، تــكــالــيــف دعــــم الأنــديــة الإســـرائـــيـــلـــيـــة، وتــنــظــيــم المــــبــــاريــــات، والــتــدريــب، وأجــــور الــحــكّــام، وصـيـانـة »الملعب الوطني،« وتعزيز صناعة كرة القدم. ينظم »إفـا« فعاليات لأندية كرة الــقــدم الإسـرائـيـلـيـة، ويــعــزز أنشطتها ويـكـسـب المــــال مـنـهـا أيــضــاً، مــن خـلال مبيعات التذاكر وحقوق بث المباريات.
وتـأسـس فـيَ شهر أبـريـل (نيسان) عـام ١٩٣٠، المنتخب الأول لاتـحـاد كرة القدم، الذي نشط تحت رعاية الانتداب الــبــريــطــانــي، وتــكــون مــن سـتـة لاعـبـين يـــهـــود، ولاعــــــب عـــربـــي واحــــــد َ وتـسـعـة لاعــبــين بــريــطــانــيــين. ولــعــب المـنـتـخ ـب ضـد فــرق محلية مـصـريـة مـن الـقـاهـرة والإسكندرية.
ومقابل الرواية الفلسطينية، يُزعم أنه بتاريخ ١٦ مـارس (آذار) عام ١٩٣٤،
ُ أقــيــمــت، وكــجــزء مــن المــبــاريــات الأولـــى لمــونــديــال ١٩٣٤، مــبــاراة بــين المنتخب الإسرائيلي المكوّن من لاعبين يهود فقط، وبين المنتخب المصري، الذي لعب بقيادة النجم محمد مختار من فريق آرسنال، وقد فاز فيها المصريون.
ويـعـتـبـر مـنـتـخـب إســرائــيــل لـكـرة القدم الممثل الرسمي لدولة إسرائيل في رياضة كرة القدم، ويشرف عليه اتحاد إســرائــيــل لـكـرة الــقــدم الـــذي أســس عـام ١٩٢٨، وهــو عضو حـالـيـاً، فـي الاتـحـاد الأوروبي لكرة القدم منذ عام ١٩٩١.
عــنــدمــا أســــس الاتـــحـــاد الآســيــوي لكرة الـقـدم كـأس آسيا الأول عـام ١٩٥٦ فــــي هــــونــــغ كــــونــــغ، انـــتـــصـــر مـنـتـخـب إسـرائـيـل فـي ١ سبتمبر (أيـلـول) ١٩٥٦ عـلـى حـسـاب هـونـغ كـونـغ ٣:٢ ليضمن المركز الثاني. وفي ١٩٦٠ وصل أيضاً إلى النهائي مـع كـوريـا الجنوبية وفيتنام الجنوبية وتــايــوان، حيث حصل على مركز الوصيف أيضاً. وفـي عـام ١٩٦٤، استضافت إسرائيل البطولة وفازت بها، بعد فوزها على الهند وكوريا الجنوبية وهـونـغ كـونـغ. وفـي إيــران فـي ١٩ مايو (أيـار) ١٩٦٨، لعبت إسرائيل ضد إيران لـتـخـسـر ٢:١ وتــأخــذ المــوقــع الــرابــع في الـبـطـولـة، وبـــورمـــا، وتـــايـــوان، وهـونـغ كونغ.
وشـارك عـدد من فلسطينيي ١٩٤٨ حاملي الجنسية الإسرائيلية، في تركيب المـنـتـخـب الإســـرائـــيـــلـــي، ومــنــهــم: عـلـي عثمان ابن قرية بيت صفافا، أول عربي يرتدي زي المنتخب الإسرائيلي. ومن ثم جاء كثيرون ومميّزون بعده، وكان من بينهم زاهي أرملي من شفاعمرو، ووليد بـديـر مـن كفر قـاسـم، الــذي سجل هدفاً ضـد فرنسا فـي تصفيات كــأس العالم لـكـرة الــقــدم ٢٠٠٦ فــي ألمــانــيــا. وكـذلـك، رفعت ترك من يافا، ولعب مع المنتخب في أولمبياد ١٩٧٦، وعباس صوان الذي أحرز هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة، في مباراة المنتخب مع آيرلندا في الدور التمهيدي لمونديال عـام ٢٠٠٦، وسليم طعمة ابن مدينة اللد.
أثــــــارت مــشــاركــة أولـــئـــك الـلاعـبـين الــتــوتــرات لـــدى الـفـلـسـطـيـنـيـين، الـذيـن قالوا إنه يجب مقاطعة المنتخب الوطني الإسرائيلي، وبين الإسرائيليين على حدِّ سـواء. وعانوا من مواقف عنصرية من الجمهور الإسرائيلي.
أقدام العنصرية وكرة الكراهية
من أبرز الأندية الإسرائيلية، الأندية التابعة لهبوعيل ومكابي. ففي الدرجة الممتازة في كرة القدم، يلعب أربعة عشر فــريــقــاً، مـنـهـا فــريــق عــربــي واحـــــد، هو فريق أبـنـاء سخنين، وسـت فـرق تابعة لهبوعيل، وثلاثة لمكابي.
واستطاع فريق أبناء سخنين، الذي يضم لاعبين يهوداً أيضاً، الوصول إلى الدرجة الممتازة في كرة القدم عام ٢٠٠٣.
ولــم تــمــوّل الـحـكـومـة الإسـرائـيـلـيـة بناء وتجهيز أي ملعب للفرق العربية. وقــد ربـطـت وزيــــرة الـثـقـافـة والـريـاضـة ميري ريجف، بين الحصول على الدعم وبــين قـبـول يـهـوديـة الــدولــة. وطـالـبـت فريق أبناء سخنين بإلغاء كل المظاهر
ْ الـعـربـيـة ورفـــع الـعـلـم الإسـرائـيـلـي فـوق أســوار الـنـادي، من أجـل الحصول على الدعم، علماً بأن كل الاتحادات الرياضية اليهودية، ســواء المكابي أو البيتار أو هـبـوعـيـل، يُـسـمـح لـهـا بـتـأكـيـد الـهـويـة الخاصة بها، والحفاظ عليها.
ومـنـذ ارتــقــاء فـريـق أبـنـاء سخنين إلــــــى الـــــدرجـــــة الأولـــــــــى فــــي إســـرائـــيـــل، تحولت اللقاءات مع بيتار القدس إلى لـقـاءات مشحونة بالمنافسة والـعـداوة؛ إذ تتسم هـذه الـلـقـاءات بحضور أمني كبير، وبإبعاد الكثير من المشجعين عن المــلاعــب. وفــي الـجـانـب الآخـــر، تحولت اللقاءات إلى واحدة من أفضل الأحداث الرياضية في إسرائيل لأجل الخصومة بين الطرفين.
ويــــســــود الإحـــــســـــاس أثــــنــــاء هـــذه اللقاءات، بأن اللعبة تتحول إلى حرب عابرة للرياضة، وتلبس قالباً سياسياً ووطنياً، وتصبح مباراة بين إسرائيل وفــلــســطــين. فـيـمـتـلـئ المــلــعــب بــأعــلام إسرائيل من جهة، وأعـلام فلسطين من جهة أخرى؛ ما يشعل مشاعر الطرفين.
نوادي هوليغانز المستوطنات
هــنــاك أنــديــة لــكــرة الــقــدم أعـضـاء فـــي »إفــــــا«، تـقـيـم مـلاعـبـهـا الـرسـمـيـة فـي مـسـتـوطـنـات إسـرائـيـلـيـة بالضفة الغربية، وهي: مكابي آرييل لكرة قدم الـــصـــالات؛ نـــادي آريــيــل الـبـلـدي لـكـرة الـــقـــدم؛ بـيـتـار غـفـعـات زئــيــف شـابـي؛ بيتار معاليه أدوميم؛ هبوعل أورانيت، وفــريــق هـبـوعـيـل وادي الأردن، الــذي يلعب مـبـاريـاتـه فـي مستوطنة تومر بالضفة الغربية، ويـتـدرب فـي إينات داخـــل إســرائــيــل. بـالإضـافـة إلــى ذلــك، هناك نادي هبوعيل قطمون أورشليم، ولــديــه مـلـعـبـان رســمــيــان فــي الـقـدس الـغـربـيـة، كـمـا يلعب بـعـض المـبـاريـات »عـلـى أرضـــه« فــي مستوطنة معاليه أدوميم.
وبــســبــب الــتــمــيــيــز المـــتـــأصـــل فـي المـــســـتـــوطـــنـــات الإســـرائـــيـــلـــيـــة، لـيـس لـــلأنـــديـــة خــــيــــار ســــــوى تـــقـــديـــم هـــذه الخدمات بطريقة تمييزية. لا يسمح الــجــيــش الإســرائــيــلــي للفلسطينيين بـدخـول المـسـتـوطـنـات، الـتـي يعتبرها مـنـاطـق عـسـكـريـة مـغـلـقـة، بـاسـتـثـنـاء عمال حاصلين على إذن خـاص. لهذا السبب؛ يمكن للاعبين الإسرائيليين، ولــــيــــس الــفــلــســطــيــنــيــين مـــــن الــضــفــة الغربية، دخـول المستوطنات للتدرب والمنافسة. يمكن للمشاهد الإسرائيلي وليس الفلسطيني، حضور المباريات. يـمـكـن لـلأطـفـال الإسـرائـيـلـيـين ولـيـس الـفـلـسـطـيـنـيـين، الــلــعــب فـــي بــطــولات الـشـبـاب أو الانـضـمـام إلــى معسكرات كرة القدم.
وتـعـانـي كـرة الـقـدم الفلسطينية، مـــن عـــــدم الــــقــــدرة عــلــى إقـــامـــة دوري مــتــكــامــل؛ نـتـيـجـة تـقـطـيـع الاحـــتـــلال الإسرائيلي للضفة إلى نحو ٦٤ منطقة، وعزل المناطق والمحافظات عن بعضها بـعـضـاً، إضــافــة إلـــى تـقـطـيـع غـــزة إلـى خمس مناطق.
وقد شملت الانتهاكات الإسرائيلية بحق الرياضة الفلسطينية ما يلي:
- البنية التحتية: مـنـع سلطات الاحــتــلال وعـرقـلـتـهـا تشييد المـلاعـب، وكـــل مــا لــه عــلاقــة بـالـبـنـيـة الـتـحـتـيـة الأخرى، وتدمر أحياناً، ما هو موجود منها. وتقييد حركة اللاعبين المحليين أو اللاعبين الزوار والإداريين، وأعضاء مـجـلـس إدارة الاتــحــاد والـصـحـافـيـين داخـــــل أراض الــســلــطــة الـفـلـسـطـيـنـيـة وخـارجـهـا. وتمنع كــذلا، أو تـؤخـر أو تـسـلـم الـشـحـنـات المـرسـلـة مــن »فـيـفـا« والاتـــــحـــــاد الآســــيــــوي أو الــتــبــرعــات، الـتـي تـبـادر إلـيـهـا الاتــحــادات الـقـاريـة والهيئات الرياضية الأخرى. وتتدخل إسرائيل في تنظيم اللقاءات الكروية الـــــوديـــــة بــــين فــلــســطــين وغـــيـــرهـــا مـن الاتحادات، وعادة ما تحول دون إقامة الكثير منها.
وخــلال الـحـرب الإسـرائـيـلـيـة على غــــزة فـــي نــوفــمــبــر (تــشــريــن الــثــانــي) ٢٠١٢؛ قصفت الـطـائـرات الحربية من نوع »إف١٦« ملعب فلسطين في غزة؛ مــا أدى إلـــى إلــحــاق أضـــــرار جسيمة في بنيته التحتية. ولـم يقتصر الأمر على الملعب؛ بـل تـعـداه ليشمل لائحة طــويــلــة مــــن الأهــــــــــداف، وهــــــي: مـبـنـى اللجنة الأولمبية الفلسطينية، واتحاد كـرة الـقـدم، وملعب الـيـرمـوك، وملعب رفح، ونادي اتحاد الشجاعية، ونادي الشمس، ونادي الشهداء، ونادي أهلي النصيرات، ونادي خدمات دير البلح، ونــادي شباب جباليا، ونــادي شباب رفح والمدينة الرياضية، ونادي الهلال.
ولــم تقتصر مـمـارسـة العنصرية ضد الرياضة الفلسطينية على حكومة إســرائــيــل، مـمـثـلـة بــوزيــرة الــريــاضــة، وإنما تشمل أيضاً، الجمهور اليهودي المعادي للعرب، الذي تمادى في إطلاق الـــشـــعـــارات الــعــنــصــريــة ضـــد الــعــرب، وضد وجودهم. وفيما يلي بعض هذه النماذج:
- عـنـد فـــوزه بـبـطـولـة الــكــأس عـام ،٢٠٠٤ وقــــف لاعــبــو ســخــنــين الــعــرب والــيــهــود، وقــامــوا بـمـصـافـحـة وزيــرة الرياضة، حينها، ليمور ليفنات، في حين رفض لاعبو وإداريو نادي بيتار في موقف مماثل عام ٢٠٠٩، مصافحة وزيـر الرياضة حينها غالب مجادلة، وهو عربي من حزب العمل.
- قيام اللاعب الإسرائيلي عميت بـن شـوشـان، بالهتاف مـع الكثير من لاعـــبـــي المــنــتــخــب الإســـرائـــيـــلـــي، ضـد زميلهم العربي المسيحي في المنتخب ســلــيــم طـــعـــمـــة، ووصــــفــــه بـــالمـــخـــرب، وهتافهم »الموت للعرب«، و»نحن نكره العرب«.
- إطلاق هتافات عنصرية من فرق بيتار، وبخاصة بيتار الـقـدس، الـذي يُعتبر قائد موجة العنصرية، ووصف اللاعبين العرب بالقردة. من يمارس »الإرهاب« الرياضي؟ زعــــــــم حــــايــــيــــم شــــــايــــــن، الـــكـــاتـــب فـــي صـحـيـفـة »إســـرائـــيـــل الــــيــــوم«، أن جـبـريـل الـــرجـــوب، رئــيــس اتــحــاد كـرة الـقـدم الفلسطيني، كــان مـن الأسـبـاب الأســـاســـيـــة لإلــــغــــاء مــــبــــاراة مـنـتـخـب الأرجنتين مع المنتخب الإسرائيلي في القدس. واقترح إحراق قمصان ميسي، ونظّم مظاهرات أمام ممثلية الأرجنتين في رام الله، وحوّل مباراة كرة قدم إلى حدث سياسي.
ولا شـــــك أنــــــه نـــجـــح فـــــي إدخــــــال الإرهاب إلى الرياضة. وتناسى شاين قــصــداً، الـسـجــل الـكـبـيـر لـلانـتـهـاكـات وأشـكـال الإرهــاب الإسرائيلي المتعدد الذي يصاحبه النفخ في أبواق الكراهية والحقد على العرب، وعلى نحو خاص الفلسطينيون منهم.
* باحث فلسطيني