صحيفة إسرائيلية: خطة السلام لا تضمن إخلاء البؤر الاستيطانية
نتنياهو بحث مع كوشنر تفاصيلها وموعد طرحها
بعد لقاء دام أربع ساعات متواصلة، بين رئيس الـوزراء الإسرائيلي بنيامين نـــتـــنـــيـــاهـــو، وجــــــاريــــــد كـــوشـــنـــر كـبـيـر مـسـتـشـاري الـرئـيـس الأمـيـركـي دونـالـد تـــرمـــب، كــشــف مــصــدر مـــســـؤول فـــي تل أبيب أن واشنطن ما زالت مترددة بشأن نشر مضمون خطتها للسلام في الشرق الأوسط، المعروفة باسم »صفقة القرن«، خصوصاً وأن هناك في الجانب الأميركي من يؤيد نشرها فوراً لكي تحدث حراكاً سياسياً حولها، لكن فـي المقابل هناك تــيــار يــــرى أن نــشــرهــا فـــي هــــذا الــوقــت الـذي يقاطع فيه الفلسطينيون الإدارة الأميركية سيتسبب فـي تـأزم الأوضـاع بشكل أكبر.
وكشف هـذا المـسـؤول، الـذي تحفظ عــلــى ذكـــــر اســــمــــه، أن نــتــنــيــاهــو أبــلــغ كـوشـنـر والــوفــد المــرافــق لــه بــأنــه يـؤيـد نــشــر مــضــمــون الــخــطــة »حـــتـــى يـتـبـين للفلسطينيين والـعـرب وللعالم كله أن الـقـيـادة الفلسطينية رافــضــة« للخطة، مضيفاً أن نتنياهو يعتقد أن نشر الخطة الآن سيفتح مـرحـلـة جــديــدة فــي مسار التسوية، إذ إن الخطة ورغـم احتوائها على عناصر لا يؤيدها ويتحفظ عليها، هـــو والـــيـــمـــين المـــتـــطـــرف، حــســب رأيـــــه، لكنها تشكل على الأقـل قاعدة لانطلاق المــفــاوضــات بـشـكـل أفــضــل مـمـا طـرحـه الأميركيون في الإدارات السابقة. وعليه فإن موقفه منها سيكون »القبول المبدئي، لكن مع التحفظ على بعض البنود«.
وعلى الرغم من أن مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، قد أكدت أن الخطة شبه جاهزة وستنشر في القريب، إلا أن مصادر مطلعة أوضحت أن الإدارة الأميركية لم تحدد بعد موعداً لنشر خطتها. لكن الاتجاه السائد هو أن تطرح في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وكـان مكتب نتنياهو قد نشر بعد ظـهـر أمـــس بـيـانـاً مـقـتـضـبـاً عــن الـلـقـاء المــــذكــــور، جــــاء فــيــه أن رئــيــس الــــــوزراء نتنياهو »التقى اليوم المستشار الكبير للرئيس ترمب جاريد كوشنر، والممثل الــخــاص لـلـرئـيـس تــرمــب لـلـمـفـاوضـات الـدولـيـة جـيـسـون غـريـنـبـلات، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان فـي مكتبه بــ(أورشـلـيـم). وحضر اللقاء أيضاً السفير الإسرائيلي لدى الولايات المـتـحـدة رون ديـرمـر. وقـد أعــرب رئيس الــــوزراء نتنياهو عـن تـقـديـره للرئيس تــرمــب عــلــى دعــمــه لإســـرائـــيـــل. وبـحـث الــــطــــرفــــان دفــــــع عــمــلــيــة الــــســــلام قــدمــاً والتطورات الإقليمية والأوضاع الأمنية والإنسانية في قطاع غزة.«
وقــبــيــل وصـــــول الـــوفـــد الأمــيــركــي، نشرت صحيفة »هآرتس« العبرية صباح أمس تقريراً، ذكرت فيه أن خطة الرئيس الأمــيــركــي المــرتــقــبــة لـتـسـويـة الـقـضـيـة الـفـلـسـطـيـنـيـة تـتـضـمـن عــــرض الإدارة الأميركية على الفلسطينيين مقترح أن تـكـون عـاصـمـة دولـتـهـم المستقبلية في تجمع يضم عدداً من أحياء مدينة القدس الشرقية الواقعة خارج الأسـوار، عوضاً عــن الــقــدس نـفـسـهـا، ومـنـهـا أحــيــاء أبـو ديس وشعفاط وجبل المكبر والعيساوية و٣ إلـــى ٥ قـــرى مــن بــلــدات عـربـيـة تقع شمال وشرق المدينة المقدسة. أما البلدة القديمة من القدس فتبقى تحت السيطرة الإسرائيلية.
وذكــر المحلل العسكري للصحيفة الإسرائيلية عاموس هرئيل، أن الخطة الأميركية المعروفة بـ »صفقة الـقـرن«، لا تـضـمـن إخـــلاء الــبــؤر الاسـتـيـطـانـيـة في الـضـفـة الـغـربـيـة المـحـتـلـة، بـمـا فــي ذلـك المــســتــوطــنــات »المـــعـــزولـــة«، كــمــا تـكـون منطقة الأغـــوار تحت سيطرة الاحـتـلال الإسرائيلي الكاملة.
وأضــــــــــــــــاف هـــــرئـــــيـــــل أن الــــــدولــــــة الـفـلـسـطـيـنـيـة، وفـقـاً لـلـرؤيـة الأمـيـركـيـة التي تترجمها »صفقة القرن،« ستكون »دولـة ناقصة،« بـدون جيش أو أسلحة ثقيلة، مقابل ما وصفه هرئيل بـ »حزمة من الحوافز المادية الضخمة.«
كـــمـــا أشـــــــــارت الــصــحــيــفــة إلــــــى مـا اعـتـبـرتـه »تـخـوفـات« أردنـيـة مـن سحب الامـــتـــيـــاز الأردنــــــــي فـــي الإشــــــــراف عـلـى الأوقــاف الدينية الإسلامية والمسيحية فــي المـديـنـة المــقــدســة، عـلـمـاً بـــأن رئـيـس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو كان قد التقى الاثنين الماضي ملك الأردن عبد الله الثاني بـن الحسين فـي عمان، ونقل له التزام إسرائيل بـ »الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة« في القدس المحتلة.
واعتبر هرئيل أن العرض الأميركي، إذا تطابق مع التسريبات المتوفرة، فإنه لـــن يــرضــي طــمــوحــات الـفـلـسـطـيـنـيـين، الذين قطعوا فعلاً علاقاتهم مع الولايات المتحدة، إثر إعلان ترمب اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر (كـــــانـــــون الأول) المـــــاضـــــي، ولا يـمـكـن اعتبارها نقطة يمكن أن تستأنف منها المفاوضات المجمدة منذ العام ٢٠١٤.
فــــــي المـــــقـــــابـــــل، أشــــــــــــارت صــحــيــفــة »معريب« في عددها الصادر أمس، إلى تخوفات إسرائيل من أن تتضمن »صفقة القرن « إقامة قنصلية أميركية في الأحياء الشرقية لمدينة القدس لتوفير الخدمات للمقدسيين، بالإضافة إلـى التخلي عن السيادة الإسرائيلية، وبالتالي انسحاب إسرائيل من ٤ أحياء في المدينة المحتلة تقع خلف الخط الأخضر، وهي: شعفاط وجبل المكبر والعيساوية، وأبو ديس.
وفـــــي تـعـقـيـب عــلــى هـــــذه الأنـــبـــاء، قـالـت عـضـو الـلـجـنـة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. حنان عشراوي، إن الـــولايـــات المـتـحـدة الأمـيـركـيـة أنـهـت الــشــروط الأسـاسـيـة لأي حــل سـيـاسـي، وتـعـد لـصـفـقـة مـشـبـوهـة، مــشــددة على أنــــه لـــن يـــكـــون هـــنـــاك اتـــفـــاق ســــلام مـن دون الالـتـزام الـراسـخ بـقـرارات وقـوانـين الـشـرعـيـة الــدولــيــة، والـتـطـبـيـق الفعلي لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
وأكــدت عـشـراوي، خـلال لقائها في مدينة رام الله، أمس، مع وزير خارجية مـالـطـا، كارميلو أبـيـلاه، أن السياسات الأمـيـركـيـة الأخــيــرة اتـسـمـت بـتـداعـيـات سلبية جداً على المنطقة، بعد اعترافها بـــالـــقـــدس عــاصــمــة لإســــرائــــيــــل، ونــقــل سـفـارتـهـا إلــيــهــا، وتـقـويـضـهـا لـحـقـوق الـــلاجـــئـــين الــفــلــســطــيــنــيــين عـــبـــر وقـــف تمويل وكـالـة غـوث وتشغيل اللاجئين »الأونـــروا«، ورفضها الاعـتـراف بحدود الـعـام ١٩٦٧ وحـل الـدولـتـين، وإسقاطها مــصــطــلــح »احـــــــتـــــــلال« مـــــن قــامــوســهــا الــــســــيــــاســــي، ومـــــحـــــاولاتـــــهـــــا إضــــفــــاء الشرعية على المستوطنات بأثر رجعي، وتحركاتها المناهضة للحق الفلسطيني في المنظمات والهيئات الدولية، بما فيها مجلس الأمــن والجمعية الـعـامـة للأمم المتحدة.
وقــالــت عــشــراوي فــي هـــذا الـسـيـاق »لـقـد أنـهـت الــولايــات المـتـحـدة الـشـروط الأســاســيــة لأي حـــل ســيــاســي. نـاهـيـك عـن ترتيبها وإعــدادهــا لصفقة نهائية مشبوهة، عملت بشكل حثيث على دعم ومساندة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي المتطرف والعنصري الأســوأ فـي تاريخ إسرائيل، ومكنت الاحتلال وكافأته على انتهاكاته وجرائمه، واستخدمت جميع وسـائـل الضغط والابــتــزاز ضـد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة«.