Asharq Al-Awsat Saudi Edition

الخلاف على عودة النازحين السوريين تشوّش على زيارة ميركل للبنان

- بيروت: بولا أسطيح

غلب »الـبُـعـد الاقـتـصـا­دي« على زيــــارة المـسـتـشـ­ارة الألمــانـ­ـيــة أنـجـيـلا ميركل إلى بيروت، بحيث تمحورت معظم الـلـقـاءا­ت والاجـتـمـ­اعـات التي عقدتها حـول القطاعات التي يمكن لألمانيا أن تلعب دوراً فيها، خصوصاً النفايات الصلبة وإدارة المياه والطاقة وأنابيب النفط. وعلى الرغم من سعي المسؤولين اللبنانيين وعلى رأسهم رئـيـس الـجـمـهـو­ريـة الـعـمـاد ميشال عـــــون إلـــــى إقــــنـــ­ـاع مــيــركــ­ل بــوجــوب انــطــلاق عـــودة الـنـازحـي­ن الـسـوريـي­ن إلــى بــلادهــم، فــإن الأخــيــر­ة تمسكت بموقفها الذي يُعبر أيضاً عن موقف الاتحاد الأوروبــي والمجتمع الدولي الــقــائـ­ـل بــوجــوب ربـــط هـــذه الــعــودة بـالـتـوصـ­ل إلــى حـل سـيـاسـي لـلأزمـة السورية.

وطــــلـــ­ـب الــــرئــ­ــيــــس عـــــــون خـــلال اجــــتـــ­ـمــــاعــ­ــه بـــمـــيـ­ــركـــل فــــــي الــقــصــ­ر الـــجـــم­ـــهـــوري مـــســـاع­ـــدة ألمـــانــ­ـيـــا فـي دعـم موقف لبنان الـداعـي إلـى عـودة الــنــازح­ــين الــســوري­ــين تـدريـجـيـ­اً إلـى المـنـاطـق الآمــنــة فــي ســوريــا، مـشـدداً على ضرورة الفصل بين هذه العودة والــحــل الـسـيـاسـ­ي لــلأزمــة الـسـوريـة الـذي قـد يتأخر التوصل إلـيـه. وقـال بيان صـادر عـن القصر الرئاسي إن ميركل أبدت تفهماً للموقف اللبناني حيال النازحين السوريين، لافتة إلى أنها ناقشت أوضاعهم مع مسؤولين فــي الأمــــم المــتــحـ­ـدة لمـعـرفـة الــظــروف الـــتـــي تــعــرقــ­ل عـــودتـــ­هـــم، وقـــالـــ­ت إن بلادها ستعمل من أجل المساعدة في هــذا المــجــال، مـع قناعتها بــأن الحل السياسي يسهم كثيراً فـي الإســراع في إنهاء ملف النازحين.

وأوضــح مصدر لبناني رسمي واكـب زيـارة المستشارة الألمانية إلى بـــيـــرو­ت، أن مــيــركــ­ل بــــدت مستمعة للموقف اللبناني من أزمة النازحين الــســوري­ــين ومـتـفـهـم­ـة لــه، لـكـنـهـا في الوقت عينه ظلت متمسكة بالموقف الأوروبـــ­ــــــــي الــــــذي يـــربـــط بــــين الــحــل الـسـيـاسـ­ي وتـحـقـيـق الـــعـــو­دة. وقــال المـــصـــ­در لــــ »الـــشـــر­ق الأوســـــ­ــــط«: »لــم تَـعـد بتبني موقفنا الــذي يستعجل الـعـودة، لكنها أكــدت أنـهـا ستسعى لإيـجـاد نـقـاط مشتركة بـين الموقفين الـلـبـنـا­نـي والأوروبــ­ـــــي مــن مـوضـوع النزوح .«

وأشــــار المــصــدر إلـــى أن الـهـدف الأسـاسـي لـزيـارة ميركل إلـى بيروت كان اقتصادياً، لافتاً إلى أنها عرضت التعاون الاقتصادي في أكثر من ملف، خـصـوصـاً مـلـفـات الـنـفـايـ­ات والنفط والـطـاقـة، كما أنها أكـدت دعـم لبنان سياسياً وجـهـوزيـة ألمانيا للتعاون معه في كل المجالات.

وأكــــد رئــيــس الـحـكـومـ­ة المـكـلـف سـعـد الــحــريـ­ـري الــــذي عـقـد مـؤتـمـراً صــحــافــ­يــاً مــشــتــر­كــاً مـــع مــيــركــ­ل فـي الــــســـ­ـراي الــحــكــ­ومــي، أن الـحــكــو­مـة الـلـبـنـا­نـيـة مـلـتـزمـة بـكـل إصــلاحــا­ت مؤتمر »سيدر«، مشدداً على أن »الحل الدائم والوحيد للنازحين السوريين هـو فـي عـودتـهـم إلــى سـوريـا بشكل آمن وكريم .«

من جهتها، اعتبرت المستشارة الألمــانـ­ـيــة أن مـؤتـمـر »ســـيـــدر« يـقـدم أســاســاً جـيـداً لـلـتـعـاو­ن بــين بـيـروت وبـــــــر­لـــــــين، وشــــــــ­ــــددت عــــلــــ­ى »عــــــــو­دة النازحين فور توافر الظروف المناسبة لهذه العودة،« وقالت: »يجب تقديم المساعدة للبنان، لأن مهمة استقبال الـنـازحـي­ن صعبة عـلـى بـلـد كلبنان، وقـــلـــت لــلــمــس­ــؤولــين إن الـــحـــل هـو بـالـتـنـس­ـيـق مـــع المــنــظـ­ـمــات الــدولــي­ــة للوصول إلى اتفاق«.

كـــذلـــك الـــتـــق­ـــت مـــيـــرك­ـــل رئــيــس مــجــلــس الــــنـــ­ـواب نــبــيــه بـــــري الـــذي استعرض معها »الوضع الاقتصادي المأزوم والضاغط في لبنان، نتيجة مـا يجري فـي سـوريـا وثقل النزوح الـسـوري على لبنان واللبنانيي­ن«، لافـتـاً إلـــى »دور لـبـنـان ومـــا أنـجـزه عـلـى هـــذا الــصــعــ­يــد«، مــشــدداً على »وجـوب رفع مستوى التنسيق بين الـحـكـومـ­تـين الـلـبـنـا­نـيـة والــســور­يــة لمعالجة هذه القضية.«

وشــــــكـ­ـــــر بـــــــــ­ـري ألمــــــا­نــــــيــ­ــــا عــلــى مشاركتها في القوة البحرية لقوات »الـيـونـيـ­فـيـل«، مــشــدداً عـلـى »أهـمـيـة دور هـــذه الــقــوات فــي حـفـظ الـسـلام فــي لـبـنـان مــن خـــلال تـطـبـيـق الــقــرار ١٧٠١«، مؤكداً »تمسك لبنان بحقوقه وحـدوده البرية والبحرية،« عارضاً »الــجــهــ­ود فـــي هــــذا الإطــــــ­ار لتثبيت الحقوق اللبنانية .«

وشــــارك الـحـريـري ومـيـركـل في اجتماع حول طاولة حوار مستديرة اقــــتـــ­ـصــــاديـ­ـــة عـــــقـــ­ــدت فــــــي الـــــســ­ـــراي الحكومي ضمت عدداً من المسؤولين الـلـبـنـا­نـيـين ووفــــد الــقــطــ­اع الـخـاص المــرافــ­ق لـلـمـسـتـ­شـارة الألمــانـ­ـيــة الــذي ضم شركات مهتمة بقطاع الصناعات الــثــقــ­يــلــة وتـــحـــد­يـــداً إنـــتـــا­ج الــطــاقـ­ـة والـطـاقـا­ت البديلة وإدارة النفايات الـصـلـبـة ومـمـثـلـي­ن لـكـبـرى الـشـركـات الاستشارية الألمانية.

واعـتـبـر الـحـريـري أن »المـنـطـقـ­ة الاقـتـصـا­ديـة الـخـاصـة فـي طرابلس، بــمــوقــ­عــهــا وحـــــواف­ـــــزهـــ­ــا وإطـــــار­هـــــا التنظيمي وبنيتها التحتية الحديثة، تجعل من لبنان منصة طبيعية لإعادة إعمار سوريا والعراق عندما تسمح الظروف السياسية بذلك«. وذكّر بأن الحكومة اللبنانية التزمت في مؤتمر »سيدر« بـ »الشروع في مسار توحيد مالي بنسبة واحـد في المائة سنوياً خـــــلال الـــســـن­ـــوات الــخــمــ­س المــقــبـ­ـلــة، فضلاً عن تنفيذ إصـلاحـات هيكلية وقـطـاعـيـ­ة مهمة لتحسين الحوكمة وتحديث مؤسساتنا وإجـراءاتـ­نـا.« وقـال إن الحكومة اللبنانية ملتزمة بشدة بهذه الإصلاحات، »وسأضمن شـخـصـيـاً أن يـحـصـل تـنـفـيـذه­ـا في الوقت المناسب .«

ورأت ميركل أن مؤتمر »سيدر« رسـم الـقـاعـدة للقيام بالاستثمار­ات فـي لـبـنـان. وقـالـت: »بــالأمــس، خـلال المحادثات السياسية التي قمنا بها، أشرنا إلى أنه بإمكان ألمانيا أن تشارك بالمشاريع، لكن على لبنان أن يقوم بـالإصـلاح­ـات لكي يكون أكثر جذباً لهذه الاسـتـثـم­ـارات. وبـهـذه الطريقة يمكن أن نحضر للاستثمار الألماني في بلدكم .«

 ??  ?? الرئيس ميشال عون خلال استقباله المستشارة أنجيلا ميركل في القصر الجمهوري أمس (رويترز)
الرئيس ميشال عون خلال استقباله المستشارة أنجيلا ميركل في القصر الجمهوري أمس (رويترز)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia