المعارضة تطبق »خطة التشتيت« لحصار إردوغان
لا تــبــدو الانــتــخــابــات الـبـرلمـانـيـة أو الــرئــاســيــة المــبــكــرة الـــتـــي تـجـرى فــي تـركـيـا غــدا الأحـــد »رحــلــة« سهلة بـالـنـسـبـة لــحــزب الــعــدالــة والـتـنـمـيـة الحاكم، ورئيسه رجب طيب إردوغان. وتــخــتــلــف الانـــتـــخـــابـــات الــبــرلمــانــيــة تحديدا عن غيرها بسبب تكتل أحزاب المعارضة وسعيها لكسب نسبة مؤثرة مـن مقاعد الـبـرلمـان، كـي تـعـادل نفوذ رئـــيـــس الــجــمــهــوريــة، فـــي حــــال فــوز إردوغــان بانتخابات الرئاسة، سـواءً من الجولة الأولى أو الثانية.
مع ذلك فإن الانتخابات الرئاسية أيــضــاً لا تـخـلـو مــن مـنـافـسـة شـرسـة بــســبــب تــــعــــدد المـــنـــافـــســـين، وتــمــتــع بعضهم بشعبية لا بأس بها، ناهيك عن سعي المعارضة إلى تطبيق »خطة تشتيت الأصــوات« لحرمان إردوغـان من حسمها من الجولة الأولـى، حتى تكون هناك فرصة في الجولة الثانية لــفــوز مـرشـحـهـا حـــال الــتــوحــد خلف المـــرشــــح المــــعــــارض الــــــذي سـيـحـصـل على أعلى أصوات في الجولة الأولى. وهـنـا يـتـوقـع كـثـيـرون أن يـكـون هـذا المـرشـح، مـحـرم إيـنـجـه، مـرشـح حـزب الشعب الجمهوري، حسب ما أظهرت اســـتـــطـــلاعـــات الـــــــــرأي الأخـــــيـــــرة قـبـل الانتخابات.
أحــزاب المـعـارضـة التركية عملت وتـعـمـل عـلـى تـطـويـر الــنــمـوذج الــذي طـبـقـتـه فـــي الاســتــفــتــاء عــلــى تـعـديـل الـدسـتـور، عندما نجحت حملة »لا« لــلــتــعــديــلات الـــدســـتـــوريـــة فـــي كـسـب ٤٨٫٦ في المائة من أصـوات الناخبين، ومــنــع الــتــصــويــت لـلـتـعـديـلات الـتـي استهدفت الانـتـقـال للنظام الرئاسي بنسبة كبيرة، إذ حصلت التعديلات عـلـى تـأيـيـد ٥١٫٤ فــي المــائــة فـقـط من أصـــوات الـنـاخـبـين. وبــذا تـكـبّـد حـزب الــعــدالــة والـتـنـمـيـة الــحـاكــم (بـزعـامـة الرئيس إردوغــان) خسارة كبيرة في مـعـاقـلـه الـرئـيـسـيـة فــي المـــدن الـكـبـرى (أنقرة وإسطنبول تحديداً)، ما دفعه إلى إعادة حساباته وتجديد صفوفه وكــــــوادره الـقـيـاديـة، لمـنـع تــكــرار هـذه الخسائر غير المسبوقة منذ وصوله إلى الحكم في عام ٢٠٠٢.
وكــــــان الاســـتـــفـــتـــاء عــلــى تـعـديـل الــدســتــور قــد شـهـد تـحـالـفـات بشكل غير رسمي أو غير معلن، إذ أيد حزبا الــعــدالــة والـتـنـمـيـة الـحـاكـم والـحـركـة القومية، هذه التعديلات، وعارضتها أحزاب المعارضة بشكل عام.
ولـلـعـلـم، حـالـيـاً يـوجـد بـالـبـرلمـان الــــتــــركــــي ٤ أحــــــــــــزاب كــــبــــيــــرة تــمــثــل اتجاهات سياسية رئيسية، هي وفق ترتيب عدد المقاعد: العدالة والتنمية الحاكم (إسلامي - محافظ)، والشعب الـجـمـهـوري (عـلـمـانـي كـمـالـي - يسار الــــوســــط)، والـــشـــعـــوب الــديــمــقــراطــي (مــؤيــد لـــلأكـــراد)، والــحــركــة الـقـومـيـة (قومي). وتجرى انتخابات الغد قبل عـــام ونــصــف مــن مــوعــدهــا الأصــلــي، الذي كان محدداً بالثالث من نوفمبر (تشرين الثاني).
ويرى محللون أن إردوغـان أجبر على اتخاذ القرار بإجراء الانتخابات المــبــكــرة والــتــضــحــيــة بـــعـــام ونـصـف مـــن فــتــرة رئــاســتــه الــحــالــيــة، بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة، وحالة الغموض التي لو كانت استمرت لعام ونـصـف عــام لـــزادت الأوضــــاع ســوءاً، ولخسر مـن شعبيته وشعبية حزبه مــا يـفـقـدهـمـا الــقــدرة عـلـى الـبـقـاء في السلطة، التي حافظ على البقاء فيها لمدة ١٦ سنة.
من ناحية ثانية، لئن كانت أحزاب المعارضة لم تنجح في التوافق على مرشح واحد للرئاسة، فإنها لم تفوّت الـفـرصـة فـي الانـتـخـابـات الـبـرلمـانـيـة؛ إذ أسست »تحالف الأمــة« بـين أربعة أحــــــــزاب تــمــثــل تـــوجـــهـــات سـيـاسـيـة مختلفة، هي حزب الشعب الجمهوري العلماني، وحزب السعادة الإسلامي الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين إربكان (أحد أبرز زعماء التيار الإسلامي السياسي في تركيا)، وحزب »الجيد« القومي، والحزب الديمقراطي (يـــــمـــــين الــــــــوســــــــط). ويــــــخــــــوض هــــذا التحالف، الواسع الطيف، الانتخابات الــبــرلمــانــيــة أمـــــام »تــحــالــف الـشـعـب«