اليونان تؤكد انتهاء أزمتها المالية... لكن شروط الدائنين مستمرة
اتـفـق دائـنـو الـيـونـان مـسـاء أول من أمس على آليات خروج أثينا من بـرامـج المـسـاعـدة الـتـي تتلقاها منذ ثماني سـنـوات، وهـو بمثابة إعـلان لانـتـهـاء أزمــة الـيـونـان المـالـيـة المـؤلمـة التي دفعت البلاد لتطبيق سياسات تقشفية خلال السنوات الأخيرة.
وقال ديمتريس تزاناكوبولوس، الــنــاطــق بــاســم الــحــكــومــة، أمـــس إن »الـيـونـان تـطـوي صـفـحـة، إن دينها أصبح الآن قابلا للسداد«، مضيفا: »أعـتـقـد أنــه أصـبـح بـإمـكـان الشعب الــيــونــانــي أن يـبـتـسـم وأن يـتـنـفـس مجددا«. وأضاف للتلفزيون الرسمي: »هذا قرار تاريخي«.
وبــمــوجــب اتـــفـــاق تــوصــل إلـيـه وزراء مالية منطقة اليورو بصعوبة ليل الخميس، أصبح بإمكان اليونان الخروج من برنامج إنقاذها المالي في ٢٠ أغسطس (آب).
واعـتـبـر بـيـيـر موسكوفيتشي، مـــــفـــــوض الـــــــشـــــــؤون الاقــــتــــصــــاديــــة الأوروبــــــــي، أن الــتــوصــل إلـــى اتـفـاق بشأن إنهاء برنامج الإنـقـاذ الحالي لـلـيـونـان يـمـثـل لـحـظـة »تـاريـخـيـة«. كـمـا أشـــاد رئـيـس مـجـمـوعـة الـيـورو ماريو سينتينو بالاتفاق، قائلاً إن اليونان »ستخرج أخيراً من (برنامج) مساعداتها المالية«.
واشتملت شروط خروج اليونان من برنامج مساعدات الإنقاذ الثالث، إجــــــراءات تـخـفـيـف الـــديـــون وتـقـديـم شريحة مالية أخيرة تبلغ ١٥ مليار يــورو (١٧٫٤ مـلـيـار دولار)، حسبما أفـاد رئيس مجموعة الـيـورو ماريو سيتينو.
وتـــهـــدف الــحــزمــة، الــتــي تـمـثـل نـهـايـة بــرنــامــج المــســاعــدات الـثـالـث لليونان، إلى ضمان أن تكون البلاد قادرة على تسديد الدين وألا تتراجع أثينا عن إصلاحاتها في الوقت الذي تـهـدف فـيـه إلــى الــعــودة إلــى أســواق رأس المال.
وحصلت اليونان خـلال ثماني ســـنـــوات عــلــى مــســاعــدات تــزيــد عـن ٢٧٣ مليار يورو من دائنيها، منطقة الـــيـــورو وصـــنـــدوق الــنــقــد الـــدولـــي، وزعت على ثلاثة برامج مساعدات.
فـي المقابل، اضطر اليونانيون إلـى تطبيق العديد مـن الإصـلاحـات الــتــي غـالـبـا مــا كــانــت مــؤلمــة، وكــان هدفها بشكل أساسي تصحيح المالية العامة.
وعـلـق وزيـــر المـالـيـة الـيـونـانـي، يوكليد تساكالوتوس، أمـس بقوله إن حـكـومـتـه »لا تـنـسـى ولـــن تنسى أبـدا معاناة الشعب اليوناني خلال تلك السنوات الثمانية، ونحن نعلم أنه لجعل هذا الأمر يستحق العناء.. نـحـتـاج إلـــى الــتــأكــد مــن أن الـشـعـب اليوناني سيرى ثمارا ملموسة من هذا الاتفاق الجيد قريبا جدا.«
وأشـــــار تــســاكــالــوتــوس إلـــى أن الــشــروط الأخــيــرة المـتـفـق عليها مع الـــدائـــنـــين كـــانـــت بــالــفــعــل جــــــزءاً مـن خطة النمو التي تتبناها الحكومة اليونانية أو التي تبقت بعد برنامج الإنقاذ الحالي. وأكد أنه »لا يتم وضع شروط وأحكام جديدة هنا«.
وبلغ معدل النمو باليونان في الـبـلاد الـعـام المـاضـي ١٫٤ فـي المـائـة. ومــن المـتـوقـع أن يـرتـفـع إلــى ١٫٩ في المائة هذه السنة و٢٫٣ في المائة السنة المـقـبـلـة. كـمـا بـاتـت الــيــونــان تسجل فائضا فـي الميزانية بنسبة ٠٫٨ في المـائـة بعد عجز بلغ ١٥٫١ فـي المائة عام ٢٠٠٩.
ووفـــقـــا لـــرؤيـــة صـــنـــدوق الـنـقـد الدولي، فإنه من غير المرجح أن تواجه أثينا مشكلات بشأن ســداد ديونها عـلـى الأجــــل المــتــوســط، ولــكــن هـنـاك شكوك بهذا الشأن على المدى الطويل.
وقــــــالــــــت مــــــديــــــرة الــــصــــنــــدوق لــلــصــحــافــيــين فــــي لــوكــســمــبــورغ: »لـــيـــس هـــنـــاك شـــك فـــي رؤيــتــنــا أن الـيـونـان ستكون فـي وضـع يمكنها مـن الـعـودة لـطـرق الأســـواق المـالـيـة، وبــالــتــأكــيــد عــلــى المــــــدى المــتــوســط نحن مطمئنون،« لكنها أشارت إلى تحفظات الصندوق بشأن توقعات المدى الطويل.
وخـــلال فـتـرة تـلـقـي المـسـاعـدات اقـتـربـت أثـيـنـا مـرتـين مــن مـخـاطـرة الخروج من الاتحاد الأوروبــي، كما قـال موسكوفيتشي، مضيفا: »كان هناك تضحيات هائلة«. ولكن حتى بــعــد انــتــهــاء بــرنــامــج الإنـــقـــاذ هــذا الصيف ستكون سياسات اليونان الاقـتـصـاديـة تحت مـراقـبـة صـارمـة، كـــمـــا قــــالــــت صــحــيــفــة الــــغــــارديــــان البريطانية.
وأصبحت اليونان تعتمد بشكل أسـاسـي على ديــون منطقة الـيـورو مـنـذ ٢٠١٠، عـنـدمـا صـــارت عـاجـزة عــن طـــرق الأســـــواق لـلـحـصـول على التمويل في ظل تضخم عجز الموازنة وارتفاع الديون العامة وتـردي أداء الاقتصاد، وفقا للغارديان.
ويقول موقع »إي يو أوبرزفر« إن الـــحـــزمـــة الأخــــيــــرة مــــن الـــديـــون المـقـدمـة لليونان ستوفر لها حزمة مـالـيـة بــــ٢٤٫١ مـلـيـار يــورو ستسمح لـهـا بــســداد ديـونـهـا بــــدون الـلـجـوء للأسواق لفترة تتراوح بين ٢٢ و٢٤ شهرا.
كـمـا وافــقــت مـجـمـوعـة الــيــورو عــلــى حــزمــة مـــن إجــــــــراءات المـخـفـفـة لأعـبـاء الـديـون Debt relief) ( لجعل ديـــون الـيـونـان مـسـتـدامـة ولطمأنة الأسواق والمستثمرين الأجانب على الـوضـع فـي الـبـلاد خــلال المستقبل، كما تضيف »إي يو أوبرزفر«.
وبـحـسـب المــوقــع فـــإن الـيـونـان ستدفع فوائد على ديـون اقتراضها مـن أوروبــــا بـعـد ٢٠٣٢ وتـنـتـهـي من ســـدادهـــا فـــي ٢٠٦٦، كــمــا ستتلقى ٣٫٣ مـلـيـار يــــورو مــن الأربـــــاح الـتـي حققتها مجموعة اليورو على ديون سابقة. وستتلقى جـزءا من الأمـوال كل ستة أشهر تحت شرط أن تستمر في تطبيق الإصلاحات التي بدأتها مع برنامج الإنقاذ، ويقول الموقع إن هذه المشروطية كان مهمة للمقرضين لضمان أن الحكومات المستقبلية لن تـرتـد عـن الإصــلاحــات الـتـي بـدأتـهـا خلال السنوات الثماني الماضية.
وبـجـانـب المـراقـبـة المـعـتـادة من المـــفـــوضـــيـــة الأوروبـــــــيـــــــة سـتـخـضـع الــيــونــان لـرقـابـة مــعــززة عـلـى الأقــل لــــلأربــــع ســــنــــوات المــقــبــلــة، وسـيـتـم كتابة تقارير عنها كـل ستة أشهر، كما وضعت مجموعة اليورو قائمة بــتــعــهــدات مـــحـــددة ســتــلــتـزم أثـيـنـا بتطبيقها خلال السنوات المقبلة.
وتشمل هذه التعهدات الحفاظ على فائض أولي في الموازنة لا يقل عـن ٣٫٥ فـي المـائـة حتى ٢٠٢٢، وبين ٢٠٢٣ حــتــى ٢٠٦٠ سـتـلـتـزم الــبــلاد بـتـحـقـيـق فـائـض أولـــي فــي المــوازنــة بنسبة ٢٫٢ في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لجعل ديونها مستدامة.