ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻟﻐﺮب ـ ﻋﻼﻗﺔ اﻻﺳﺘﻘﻮاء أم اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء؟

ﺑـــﺼـــﺮف اﻟـــﻨـــﻈـــﺮ ﻋــــﻦ ﻧــﺘــﺎﺋــﺞ اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﺎت اﳌــﺒــﻜــﺮة ﻓــﻲ ﺗـﺮﻛـﻴـﺎ، ﻓﻤﻦ اﳌـﺮﺟـﺢ أن ﺗﺴﻔﺮ ﻋـﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات اﳌﻌﻴﻨﺔ أو ﺿﺒﻂ ﻹﻳﻘﺎع ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ إزاء ﻋﻼﻗﺎت أﻧـــﻘـــﺮة ﻣـــﻊ اﻟـــﻐـــﺮب واﻟـــﺘـــﻲ ﻋــﺎﻧــﺖ اﻟــﺘــﻮﺗــﺮ واﳌــﺰﻳــﺪ ﻣــﻦ اﻟــﺘــﺮاﺟــﻊ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ وﻟـﻜـﻦ ﻟﻴﺲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮد ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﳌﺎﺿﻴﺔ.

وﺑــﻌــﺪ ﺗــﺄﺳــﻴــﺴــﻬــﺎ ﻣـــﻦ ﺧــﻼل ﺣﺮب اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﲔ ﻋﺎﻣﻲ ٨١٩١ و٣٢٩١ ﺿـﺪ اﻟــﻐــﺰاة اﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﻓﻲ أﻋــــﻘــــﺎب ﻫـــﺰﻳـــﻤـــﺔ اﻹﻣــــﺒــــﺮاﻃــــﻮرﻳــــﺔ اﻟــﻌــﺜــﻤــﺎﻧــﻴــﺔ، ﻳـﻤـﻤـﺖ اﻟـﺠـﻤـﻬـﻮرﻳـﺔ اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺔ ﺷـﻄـﺮ اﻟــﻐــﺮب واﻋـﺘـﻤـﺪت اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﻓــﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ذي اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﳌﺴﻠﻤﺔ.

ودﺷـــــــــــــﻦ ﻣــــﺼــــﻄــــﻔــــﻰ ﻛــــﻤــــﺎل أﺗـــــــــــﺎﺗـــــــــــﻮرك، اﻟــــــــــــﺬي ﻗــــــــــﺎد ﺣـــــﺮب اﻻﺳـــــــــــﺘـــــــــــﻘـــــــــــﻼل، ﺳـــــﻠـــــﺴـــــﻠـــــﺔ ﻣــــﻦ اﻹﺻــــــﻼﺣــــــﺎت ﻟـــﺘـــﻮﺟـــﻴـــﻪ اﻟـــﻨـــﻈـــﺎم اﻟﺘﺮﻛﻲ اﻟﻨﺎﺷﺊ وﻓﻖ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﺛﻨﺎء. وﺑﺎدئ ذي ﺑﺪء، ﺗﻢ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻋﻦ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﺑﻬﺪف ﻓـﺼـﻞ اﻟــﺪﻳــﻦ ﻋــﻦ اﻟــﺪوﻟــﺔ. ﺛــﻢ ﺗﺒﻊ ذﻟـﻚ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﳌﻘﺎﻳﻴﺲ إﻟـﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﳌــﺘــﺮي، وﺗـﻐـﻴـﻴـﺮ اﻟـﻠـﻐـﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻣـــــﻦ اﻟـــﻌـــﺮﺑـــﻴـــﺔ إﻟـــــــﻰ اﻟـــﻼﺗـــﻴـــﻨـــﻴـــﺔ، وإﻧــﻔــﺎذ اﻟــﻘــﺎﻧــﻮن اﳌــﺪﻧــﻲ وﻗــﺎﻧــﻮن اﻻﻧــــﺘــــﺨــــﺎﺑــــﺎت ﻟــــﻔــــﺮض اﳌــــﺴــــﺎواة ﺑـﲔ اﻟﺠﻨﺴﲔ، وﻟــﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳـﺴـﺘـﻨـﺪ إﻟـــﻰ اﻟـﺘـﻌـﺎﻟـﻴـﻢ اﻟــﻘــﺮآﻧــﻴــﺔ، وﺑـــﺪأت اﻹﺻــﻼﺣــﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓـﻲ ﺟـﺬب اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟـــﺨـــﺎرﺟـــﻴـــﺔ إﻟــــــﻰ اﻟــــﺒــــﻼد واﻟـــﺘـــﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺮورﻳﺔ ﻟﺘﺼﺐ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻊ اﻟﻐﺮب.

وﻛــــﺎﻧــــﺖ اﻟـــﻌـــﻼﻗـــﺎت اﻟــﺠــﻴــﺪة ﻣـــﻊ اﻟـــﻐـــﺮب ﻣـــﻦ اﻷﻫـــﻤـــﻴـــﺔ ﺑـﻤـﻜـﺎن ﻟــﻠــﺠــﻤــﻬــﻮرﻳــﺔ اﻟــﺘــﺮﻛــﻴــﺔ اﻟــﻮﻟــﻴــﺪة ﻷﺳــﺒــﺎب أﻣـﻨـﻴـﺔ ﻛــﺬﻟــﻚ، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﻛـــﺎﻧـــﺖ روﺳـــﻴـــﺎ، ﺟــﺎرﺗــﻬــﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ وﻣﻨﺎﻓﺴﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، ﺗـــﺤـــﺖ ﻗــــﻴــــﺎدة ﺟــــﻮزﻳــــﻒ ﺳــﺘــﺎﻟــﲔ وﺣــﺰﺑــﻪ اﻟــﺸــﻴــﻮﻋــﻲ آﻧـــــﺬاك. وﺑـﻌـﺪ ﻧﺠﺎﺣﻬﺎ ﻓــﻲ اﻟــﻨــﺄي ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ آﺗﻮن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻣﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺮاوﻏﺎت واﳌﻨﺎورات، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﻦ أواﺋﻞ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺎﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻟﺬي أﻋﻠﻦ ﻋﻨﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟـﺮاﺣـﻞ ﻫـﺎري ﺗـــــﺮوﻣـــــﺎن ﻓــــﻲ )ﻣــــﺒــــﺪأ ﺗـــــﺮوﻣـــــﺎن(، وﺑﻌﺪ إرﺳﺎل اﻟﻘﻮات اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟـﺤـﺮب اﻟـﻜـﻮرﻳـﺔ ﻋــﺎم ٠٥٩١ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﺪﻓﺎﻋﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﳌــــــﻌــــــﺮوف ﺑــــﺎﺳــــﻢ ﺣــــﻠــــﻒ ﺷـــﻤـــﺎل اﻷﻃﻠﺴﻲ )اﻟﻨﺎﺗﻮ(.

ﻏﻴﺮ أن ﻫـﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻟﻢ ﺗﺨﻞ ﻗـــﻂ ﻣـــﻦ اﳌــﺸــﺎﻛــﻞ. وﻳــﻤــﻴــﻞ ﻫـــﺆﻻء اﳌﺮاﻗﺒﻮن، وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص اﳌــــﺮاﻗــــﺒــــﻮن ﻓــــﻲ ﻣــﻨــﻄــﻘــﺔ اﻟـــﺸـــﺮق اﻷوﺳﻂ، إﻟﻰ رؤﻳﺔ اﻟﺼﺪع اﻟﺮاﻫﻦ ﺑﲔ ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻣﻦ زاوﻳﺔ أﻧﻪ ﺣﺪث ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻞ ﺑﲔ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ، وﻳﺘﻐﺎﻓﻠﻮن ﻋﻦ ﻓﺮض اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة ﺑـﺎﻟـﻔـﻌـﻞ ﺣﻈﺮ اﻷﺳﻠﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم ٥٧٩١، ﻓﻲ أوج اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي دﻓﻊ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ إﻟﻰ إﻏﻼق ﻗـــﻮاﻋـــﺪﻫـــﺎ، ﺑــﻤــﺎ ﻓـــﻲ ذﻟــــﻚ ﻗــﺎﻋــﺪة أﻧﻐﺮﻟﻴﻚ اﻟﺠﻮﻳﺔ اﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ، ﻓــــــﻲ وﺟـــــــﻪ اﻟـــــﻘـــــﻮات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﳌﺪة ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﻛﺎﻣﻠﺔ.

وﻣـــــــــــــــــﻊ ذﻟـــــــــــــﻚ، ﻓـــــﺈن أﺣـــــــﺪاث اﻟــﻴــﻮم ﺗـــــﺨـــــﺘـــــﻠـــــﻒ ﺑــــﻌــــﺾ اﻟﺸﻲء ﻧﻈﺮﴽ ﻟﻮﺟﻮد ﺛــــــــــﻼﺛــــــــــﺔ أﺳــــــــﺒــــــــﺎب رﺋـــﻴـــﺴـــﻴـــﺔ ﻟــﻠــﺼــﺪع اﳌﺸﺎر إﻟﻴﻪ، وﻫﻮ ﻻ ﻳــﺘــﻌــﻠــﻖ ﺑــﺎﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌـــــﺘـــــﺤـــــﺪة ﻓــﺤــﺴــﺐ وإﻧﻤﺎ ﺛﺎرت اﻷﺳﺒﺎب ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ إﺛــﺮ اﻧــــﺪﻻع اﻧـﺘـﻔـﺎﺿـﺎت اﻟـــــﺮﺑـــــﻴـــــﻊ اﻟـــــﻌـــــﺮﺑـــــﻲ، وﻻ ﺳــﻴــﻤــﺎ ﺧـــﻼل اﻟــﺤــﺮب اﻷﻫــﻠــﻴــﺔ اﻟــﺴــﻮرﻳــﺔ اﳌــﺴــﺘــﻤــﺮة. وﺗــﻠــﻚ اﻷﺳـــﺒـــﺎب ﻫــﻲ: اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻮﺣﺪات ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟـﻜـﺮدﻳـﺔ – واﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻣﺘﺪاد ﺳـﻮري ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻌﺪو ﺗـﺮﻛـﻴـﺎ اﻟــﻠــﺪود اﳌـﺘـﻤـﺜـﻞ ﻓــﻲ ﺣـﺰب اﻟــﻌــﻤــﺎل اﻟــﻜــﺮدﺳــﺘــﺎﻧــﻲ اﳌــﺤــﻈــﻮر – ﻓــــﻲ ﻣـــﻮاﺟـــﻬـــﺔ ﺗــﻨــﻈــﻴــﻢ داﻋــــﺶ اﻹرﻫـــﺎﺑـــﻲ ﻓــﻲ ﺳــﻮرﻳــﺎ واﻟـــﻌـــﺮاق. اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺘﺮﻛﻲ اﳌﻨﺸﻖ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻏﻮﻟﻦ اﳌﻘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة واﳌﺘﻬﻢ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻻﻧــﻘــﻼب اﻟـﻌـﺴـﻜـﺮي اﻷﺧــﻴــﺮ ﺿﺪ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ اﻟــﺘــﺮﻛــﻲ اﳌـﻨـﺘـﺨـﺐ رﺟـﺐ ﻃـــﻴـــﺐ إردوﻏــــــــــﺎن ﻓــــﻲ ﻋـــــﺎم ٦١٠٢ )اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎﻃﴼ وﺛﻴﻘﴼ ﺑـﺎﻋـﺘـﻘـﺎل اﻟـﻘـﺲ اﻹﻧـﺠـﻴـﻠـﻲ أﻧــﺪرو ﺑــﺮوﻧــﺴــﻮن ﻓــﻲ ﺗــﺮﻛــﻴــﺎ(. وأﺧــﻴــﺮﴽ، ﻗــــــﺮار ﺗــﺮﻛــﻴــﺎ ﺑــﺎﺑــﺘــﻴــﺎع ﻣـﻨـﻈـﻮﻣـﺔ اﻟﺪﻓﺎع اﻟﺠﻮي اﻟﺮوﺳﻴﺔ اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻹﻋـــــــــﻼن ﻋـــــﻦ ﺣــﺎﻟــﺔ اﻟــﻄــﻮارئ ﻓـﻲ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺣﺰب اﻟـــﻌـــﺪاﻟـــﺔ واﻟــﺘــﻨــﻤــﻴــﺔ اﻟﺘﺮﻛﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ ﻣـــﺤـــﺎوﻟـــﺔ اﻻﻧــــﻘــــﻼب اﻟـــــﻔـــــﺎﺷـــــﻠـــــﺔ ﻓـــــــﻲ ٥١ ﻳــﻮﻟــﻴــﻮ ﻟــﻌــﺎم ٦١٠٢، وﺧــــــــﺼــــــــﻮﺻــــــــﴼ ﻓـــﻲ ﻣــــﺠــــﺎﻻت اﺳــﺘــﻘــﻼل اﻟـــﻘـــﻀـــﺎء واﳌـــﺤـــﺎﻛـــﻢ اﳌــــــﺪﻧــــــﻴــــــﺔ، وﺣـــــﺮﻳـــــﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ، وﺣﺮﻳﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. واﻟــﺮﺋــﻴــﺲ رﺟــﺐ ﻃـﻴـﺐ إردوﻏــــﺎن، اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻷﺗﺮاك ﺗﻔﻀﻴﻼ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺣـــﺎﻣـــﻞ ﻟـــــــﻮاء اﻟـــﺪﻳـــﻤـــﻘـــﺮاﻃـــﻴـــﺔ ﻓـﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أوﻟﺌﻚ اﻟـﺬﻳـﻦ ﻇﻨﻮا أن اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﺿــﺪ اﳌــﺰﻳــﺪ ﻣــﻦ اﻟـﺪﻳـﻤـﻘـﺮاﻃـﻴـﺔ ﻓﻲ اﻟــﺒــﻼد ﻫــﻲ اﳌــﺆﺳــﺴــﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ.

وﻟـــﻜــــﻦ ﻓــــﻲ اﻟــــﻮﻗــــﺖ اﻟــــﺮاﻫــــﻦ، أﺻـــﺒـــﺢ ﻣــــﻦ ﺑــــﲔ أﻛـــﺜـــﺮ اﻟـــﺰﻋـــﻤـــﺎء ازدراء ﻣـــﻦ ﻗــﺒــﻞ وﺳـــﺎﺋـــﻞ اﻹﻋــــﻼم اﻟــــﻐــــﺮﺑــــﻴــــﺔ وﻟــــــــــﺪى اﻟـــــﻌـــــﺪﻳـــــﺪ ﻣــﻦ اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﻛﺬﻟﻚ. وﻳﻮﺟﻪ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ إردوﻏـــــــﺎن، ﻓـــﻲ اﳌــﻘــﺎﺑــﻞ، اﻻﻧــــــــﺘــــــــﻘــــــــﺎدات اﻟـــــــﺸـــــــﺪﻳـــــــﺪة ﺿـــﺪ اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﺎت اﻷوروﺑـــﻴـــﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑــــﺸــــﺄن ﻋــــــﺪم إﻇـــــﻬـــــﺎر اﻟــﺘــﻀــﺎﻣــﻦ اﻟــــﻜــــﺎﻓــــﻲ ﻋـــﻨـــﺪﻣـــﺎ ﻳـــﺘـــﻌـــﻠـــﻖ اﻷﻣـــــﺮ ﺑــﺎﻻﻋــﺘــﺒــﺎرات واﳌــﺨــﺎوف اﻷﻣﻨﻴﺔ اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺔ، ﻋـﻠـﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌــﺜــﺎل، ﻣﻦ ﻳـــﺒـــﺪو أن آﻓــــــﺎق اﻧـــﻀـــﻤـــﺎم ﺗــﺮﻛــﻴــﺎ إﻟـــﻰ ﻋـﻀـﻮﻳـﺔ اﻻﺗــﺤــﺎد اﻷوروﺑــــﻲ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻹﻣﻜﺎن، ﻏﻴﺮ أن أﻳﴼ ﻣﻦ اﻟــﻄــﺮﻓــﲔ ﻻ ﻳــﺮﻏــﺐ ﺣـﻘـﴼ ﻓــﻲ ﻗﻄﻊ اﻟــﻌــﻼﻗــﺎت، ﺑــﻞ ﺣـﺘـﻰ ﻛــﻲ ﻻ ﻳﻜﻮن اﻟــﻄــﺮف اﻟــــﺬي ﻳﻘﻄﻌﻬﺎ أوﻻ. وﻻ ﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺘﺠﺎرة ﺑﲔ ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻻﺗـﺤـﺎد اﻷوروﺑـــﻲ، واﺳﺘﻀﺎﻓﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ، وﻟــﻴــﺴــﺖ اﳌــﻨــﻈــﻮﻣــﺔ اﻟــﺠــﻐــﺮاﻓــﻴــﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻋـــﻨـــﺪ ﻣـــﻔـــﺘـــﺮق ﻃـــــﺮق اﻟـــﻌـــﺪﻳـــﺪ ﻣـﻦ ﻣـــﺴـــﺎرات اﻟــﻨــﻘــﻞ اﻹﺳــﺘــﺮاﺗــﻴــﺠــﻴــﺔ، وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ اﻟﺪور اﳌﺤﻮري اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟـﺬي ﺗﻠﻌﺒﻪ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﻣﻦ أوروﺑــــﺎ، وﻟـﻜـﻨـﻪ ﻣـﺰﻳـﺞ ﻣـﻤـﺎ ﺳﺒﻖ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻔﺮض ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ، وﺗﺮﻛﻴﺎ واﻟﻐﺮب ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم، ﻟﻠﺒﻘﺎء ﻣـﺮﺗـﺒـﻄـﲔ وﻣـﺘـﺸـﺒـﺜـﲔ ﺑﺒﻌﻀﻬﻢ اﻟﺒﻌﺾ ﻷﻃﻮل ﻓﺘﺮة ﻣﻤﻜﻨﺔ.

ﻋـــﻠـــﻰ ﺳــﺒــﻴــﻞ اﳌــــﺜــــﺎل، أوﻟـــﺌـــﻚ اﻟـــــﺬﻳـــــﻦ اﻋــــﺘــــﻘــــﺪوا أن اﻟـــﻌـــﻼﻗـــﺎت اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ - اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﻼﻋﻮدة ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﺑــﻌــﺾ أﻋــﻀــﺎء ﻣـﺠـﻠـﺲ اﻟـﺸـﻴـﻮخ اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻲ ﻣــﻦ اﻹدارة اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ ﺑﺈﻗﺼﺎء ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﳌﺸﺘﺮك ﻟﻠﻤﻘﺎﺗﻼت اﻟﻨﻔﺎﺛﺔ ﻣﻦ ﻃــﺮاز إف٥٣، وﻓﻮﺟﺌﻮا ﺑﺎﺳﺘﻌﺪاد اﻹدارة ﻟﺘﺴﻠﻴﻢ اﻟﺪﻓﻌﺔ اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﳌﻘﺎﺗﻼت إﻟﻰ اﻟﻘﻮات اﻟﺠﻮﻳﺔ اﻟــﺘــﺮﻛــﻴــﺔ اﻋــﺘــﺒــﺎرا ﻣــﻦ ١٢ ﻳـﻮﻧـﻴـﻮ )ﺣــــﺰﻳــــﺮان(. ﻛـــﺬﻟـــﻚ، ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ أﻋـﻠـﻦ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺘﺮﻛﻲ ﺟﺎوﻳﺶ أوﻏـﻠـﻮ أﻧــﻪ، ﻛﻤﺎ اﺗﻔﻘﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟـــﺘـــﺮﻛـــﻴـــﺔ ﻣــــﻊ وزﻳـــــــﺮ اﻟـــﺨــﺎرﺟـــﻴـــﺔ اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻲ ﻣــﺎﻳــﻚ ﺑــﻮﻣــﺒــﻴــﻮ ﺑـﺸـﺄن اﻧﺴﺤﺎب وﺣــﺪات ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻜﺮدﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻨﺒﺞ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺳــﻮف ﻳﺒﺪأ اﻋـﺘـﺒـﺎرا ﻣـﻦ ٤ ﻳﻮﻟﻴﻮ )ﺗــﻤــﻮز( اﳌـﻘـﺒـﻞ. ﻓـﺮﺑـﻤـﺎ ﻳـﻔـﺎﺟـﺄون ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﻳـــــﺮون ﺗــﺮﻛــﻴــﺎ ﻛـــﺠـــﺰء ﻣـﻦ ﻣﺸﺮوع اﻟﻨﺎﺗﻮ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟــﺬي ﻣﻦ اﳌﻘﺮر أن ﻳﻄﺮح ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻤﺔ اﳌﻘﺒﻠﺔ ﻓﻲ ١١ - ٢١ ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ.

ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ، ارﺗﺄت ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻟﻐﺮب أن اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺮاﻫﻦ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮار وأﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺐ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ أي ﻃﺮف ﻣﻦ اﻷﻃﺮاف.

واﻟـــﺤـــﻤـــﻠـــﺔ اﳌــــﻌــــﺎرﺿــــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻳــﻨــﻈــﻤــﻬــﺎ ﻣـــﺤـــﺮم إﻳــﻨــﺠــﻪ ﻣــﺮﺷــﺢ ﺣﺰب اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺠﻤﻬﻮري اﻟﺘﺮﻛﻲ اﳌــﻌــﺎرض واﻟــﺘــﻲ ﺗـــﺮوج ﻟﻌﻼﻗﺎت أﺣﺴﻦ ﻣﻊ اﻟﻐﺮب ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻤﺎرﺳﺔ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ أﻓﻀﻞ ﻗﺪ وﺟﺪت آذاﻧﴼ ﺻﺎﻏﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﺮﻛﻲ. وﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣــﺮ ﻣـﻊ اﻟـﻐـﺮب ﻓﺤﺴﺐ. ﻓـــﻘـــﺪ دﻋــــــﺎ ﻛــــﺎﻓــــﺔ اﳌــــﺮﺷــــﺤــــﲔ ﻓــﻲ اﻟـﺤـﻤـﻼت اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ اﳌـﻌـﺎرﺿـﺔ إﻟﻰ إﻗــــﺎﻣــــﺔ ﻋــــﻼﻗــــﺎت أﻓـــﻀـــﻞ ﻣــــﻊ دول اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﺑﺪءﴽ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ.

ﻳﺒﺪو أن ﻫﻨﺎك زﺧﻤﴼ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺿﺒﻂ إﻳﻘﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎر أﻛﺜﺮ ﺗﻮاﻓﻘﴼ ﻗﺪ ﻧﺸﻬﺪ ﺛﻤﺎره ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ.

* رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺻﺤﻴﻔﺔ »ﺣﺮﻳﺎت دﻳﻠﻲ ﻧﻴﻮز« اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ

ﺑﺎﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ