»اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ«... ﻣﻦ اﳌﺎﺋﺪة اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ ﺷﻮارع اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻳﺤﺘﻔﻞ ﺑﻴﻮﻣﻬﺎ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﰲ ٢ ﻧﻮﻓﻤﱪ
ﺗﺮﻛﻴﺒﺘﻬﺎ ﺑﺴﻴﻄﺔ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﺳﻬﻠﺔ، وﻫـﻲ ﺗﺆﻛﻞ ﺑــﺎردة وﺳﺎﺧﻨﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺼﺪر ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻔﻘﺮاء واﻷﻏﻨﻴﺎء ﻟﻄﻌﻤﻬﺎ اﻟﻠﺬﻳﺬ. إﻧﻬﺎ »اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ« اﳌـﻌـﺮوﻓـﺔ ﻓـﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣـﻦ أﺷﻬﺮ أﺻﻨﺎف اﻟﻔﻄﻮر )اﻟﺘﺮوﻳﻘﺔ(، وﻳﺮﺗﺒﻂ اﺳﻤﻬﺎ اﳌﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ »ﻧﻘﺶ« ارﺗﺒﺎﻃﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮا ﺑﺎﻟﺼﻌﺘﺮ واﻟﺴﻤﺴﻢ اﳌــﺨــﻠــﻮﻃــﲔ ﻣـــﻊ زﻳــــﺖ اﻟـــﺰﻳـــﺘـــﻮن ﺑــﺤــﻴــﺚ ﻳــﺘــﻢ ﻣــﺪ ﻫــﺬا اﳌــﺰﻳــﺞ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﻴﻨﺔ رﻗﻴﻘﺔ ﺗﺨﺒﺰ ﻓــﻲ اﻟﻔﺮن ﻓﺘﺘﺼﺎﻋﺪ ﻣﻨﻬﺎ راﺋﺤﺔ ذﻛﻴﺔ ﻳﺴﻴﻞ ﻟﻬﺎ اﻟﻠﻌﺎب.
»ﻓــﺎﳌــﻨــﻘــﻮﺷــﺔ« ﻫـــﺬه راﻓــﻘــﺖ اﻟـﻠـﺒـﻨـﺎﻧـﻴـﲔ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻣﻊ »اﳌﺸﻄﺎح«، )ﻋﺠﻴﻨﺔ ﻣـﺴـﺘـﻄـﻴـﻠـﺔ »ﻣــﻠــﻮﺗــﺔ« ﺑــﺰﻳــﺖ اﻟـــﺰﻳـــﺘـــﻮن(، ورﻏــﻴــﻒ اﳌــﺮﻗــﻮق )ﺧــﺒــﺰ اﻟــﻘــﺮﻳــﺔ اﻟـﻠـﺒـﻨـﺎﻧـﻴـﺔ( اﳌــﺨــﺒــﻮز ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺎج، وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ »ﻃﻠﻤﻴﺔ اﻟﺘﻨﻮر«، )ﺗﺨﺒﺰ ﻓﻲ ﻓــﺮن ﻋﻤﻴﻖ ﻳــﻌــﺮف ﺑــﺎﻟــﺘــﻨــﻮر(. وﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺠﲔ وﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎن. ﻓﻠﻄﺎﳌﺎ ﺷﻜﻞ اﻟﺼﻌﺘﺮ ﻣــﻜــﻮﻧــﺎ أﺳــﺎﺳــﻴــﺎ ﻷﻫــﺎﻟــﻲ اﻟــﻘــﺮى ﻳـﺼـﻨـﻌـﻮن ﻣﻨﻪ اﻷﻗﺮاص )أﻗﺮاص اﻟﺼﻌﺘﺮ اﳌﻘﺮﻣﺸﺔ( وﻳﺨﻠﻄﻮﻧﻪ أﺣـﻴـﺎﻧـﺎ ﻣــﻊ اﻟﻠﺒﻨﺔ ﻹﺿــﻔــﺎء ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﻤﻪ ﺑﻌﺪ ﺧﻠﻄﻪ ﻣـﻊ اﻟﺴﻤﺴﻢ وزﻳــﺖ اﻟـﺰﻳـﺘـﻮن. وﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن اﻷﻗﺪﻣﻮن ﻳﺘﺤﻠﻘﻮن ﺣﻮل ﺟﻠﺴﺔ ﺧﺒﺰ ﻳﻜﻮن ﻧﺠﻤﻬﺎ »اﻟـﺼـﺎج« ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻄﺐ ﻟﻴﺘﻨﺎوﻟﻮا ﻫﺬه اﻷﺻﻨﺎف ﻣﻦ اﻟﻔﻄﻮر اﳌﻐﺬي، ﻓﺈن اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﲔ اﻟــﻴــﻮم ﻳــﻘــﻔــﻮن ﻓــﻲ ﺻــﻔــﻮف ﻃــﻮﻳــﻠــﺔ أﻣــــﺎم اﻷﻓــــﺮان واﳌﺨﺎﺑﺰ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﺼﻌﺘﺮ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ زاﻟـﺖ ﺗﺘﺼﺪر ﻻﺋﺤﺔ أﻃﺒﺎق اﻟﻔﻄﻮر ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ »اﻟﺪﻟﻴﻔﻴﺮي« وﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة ﺗﺘﺰﻳﻦ ﺑﺎﻟﺨﻀﺮاوات )ﻧﻌﻨﺎع وﺑﻨﺪورة وﺧﻴﺎر( ﻳﺮاﻓﻘﻬﺎ ﻛﻮب ﺷﺎي ﺳﺎﺧﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﺘﺎء وآﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻴﺮ أو »ﻟﱭ ﻋﻴﺮان« ﺑﺎرد ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ.
ﻟﺤﻘﺖ اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ ﻓـﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺗـﻄـﻮرات ﻛﺜﻴﺮة؛ ﻓـﺒـﻌـﺪﻣـﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ أﻧــﻮاﻋــﻬــﺎ ﻣــﺤــﺼــﻮرة ﺑـﺎﻟـﺼـﻌـﺘـﺮ، ﻓـﺈﻧـﻬـﺎ اﻟــﻴــﻮم ﺗﺸﻬﺪ ﻻﺋـﺤـﺔ ﻃـﻮﻳـﻠـﺔ ﻣــﻦ اﳌـﻜـﻮﻧـﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻠﻬﺎ ﺗﺤﺖ اﺳﻤﻬﺎ اﳌﺸﻬﻮر ﻫـﺬا. وﺑﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ »ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﺼﻌﺘﺮ« وﺣﺪﻫﺎ ﺗﺘﺼﺪرﻫﺎ؛ إذ أﺿﻴﻔﺖ إﻟﻴﻬﺎ أﻧﻮاع ﻣﻨﺎﻗﻴﺶ أﺧﺮى: »ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﻜﺸﻚ« و»ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﺠﱭ« )ﻣﻦ أﻧـﻮاع اﻟﻌﻜﺎوي واﻟــﺒــﻠــﻐــﺎري واﻟــﺤــﻠــﻮم واﻟــﻘــﺸــﻘــﻮان( و»ﻣـﻨـﻘـﻮﺷـﺔ اﻟــﻘــﺎورﻣــﺎ ﻣــﻊ اﻟـﺒـﻴـﺾ« و»ﻣـﻨـﻘـﻮﺷـﺔ اﻟﺼﻌﺘﺮ ﻣﻊ اﻟـﺒـﺼـﻞ واﻟــﺴــﻤــﺎق« و»ﻣــﻨــﻘــﻮﺷــﺔ ﻟـﺒـﻨـﺔ وﺻـﻌـﺘـﺮ« و»ﻟـﺤـﻢ ﺑﻌﺠﲔ« و»ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﻜﻔﺘﺎ« ﻣـﻊ اﻟﻔﻠﻔﻞ اﻟـﺤـﺎر... وﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻛﻤﺎ ﻋﻤﺪ اﻟﺒﻌﺾ إﻟـﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻃﻌﻤﻬﺎ اﻟﺤﻠﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻓﻲ اﳌﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ رش اﻟـﻌـﺠـﻴـﻨـﺔ ﺑــﺎﻟــﺴــﻜــﺮ ﻟـﻴـﺼـﺒـﺢ اﻟـــﻴـــﻮم ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺄﻧﻮاع »اﻟﻜﺮﻳﺐ« ﻣﻊ إدﺧﺎل اﻟﺸﻮﻛﻮﻻﺗﻪ )ﻧﻮﺗﻴﻼ( وﺗﻠﻚ اﳌﺤﺸﻮة ﺑﺎﻟﺤﻼوة واﳌﻮز.
ﺗﺮﻣﺰ »اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ« إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺸﺎم ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم وإﻟﻰ ﻟﺒﻨﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص. ﻓﻤﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ وراﺋﺤﺘﻬﺎ اﻟﺸﻬﻴﺔ راﺳﺨﺔ وﻣﺤﻔﻮرة ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﲔ، ﻛــﺄﻧــﻬــﺎ ﺟـــــﺰء ﻻ ﻳــﺘــﺠــﺰأ ﻣــــﻦ ﺗـــﺮاﺛـــﻬـــﻢ اﳌــﻄــﺒــﺨــﻲ. وﻟــﺬﻟــﻚ ﻋـــﺎدة ﻣــﺎ ﻳـﻌـﺎﻧـﻲ اﳌــﻐــﺘــﺮﺑــﻮن اﻟـﻠـﺒـﻨـﺎﻧـﻴـﻮن اﳌـﻨـﺘـﺸـﺮون ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻗــﺴــﺎم اﻟــﻜــﺮة اﻷرﺿــﻴــﺔ ﻣﻦ »ﺣﻨﲔ اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ«، ﻓﻴﺴﺘﺬﻛﺮوﻧﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ رﻏﺒﻮا ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺑﻼدﻫﻢ واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻬﺎ. وﻳﻄﻠﺒﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻻﺳﻢ ﻣﻦ زاﺋﺮ ﻳﻘﺼﺪﻫﻢ أو ﺿﻴﻒ ﻳﺤﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻻﻏﺘﺮاب آﺗﻴﺎ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻷرز، ﻓﻴﻜﻮن اﻟﺠﻮاب ﻣﻘﺘﻀﺒﺎ وﻳﺨﺘﺼﺮ ﺑﻜﻠﻤﺔ واﺣﺪة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺄل ﻋﻦ اﻟﻬﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ أن ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﻟﻪ ﻣﻌﻪ، وﻫﻮ »ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ«. وﻳﻘﺼﺪون ﻓﺮن اﻟﺤﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﻜﻨﻮن ﻓﻴﻪ ﻟﻴﺘﻨﺎوﻟﻮا ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ ﻣـﻦ أﻳــﺎدي »أﺑــﻮ ﺳﺎﻛﻮ« أو »أم ﻧــﺠــﻴــﺐ«، ﻓــﻬــﻲ ﺑـﻤـﺜـﺎﺑـﺔ أول ﻧـﺰﻫـﺔ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻠﻮن أرض اﻟﻮﻃﻦ. وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺸﻤﻞ أﻳﻀﺎ اﻟـﺴـﻴـﺎح اﻷﺟــﺎﻧــﺐ؛ إذ ﻳﺒﻘﻰ ﻃـﻌـﻢ اﳌـﻨـﻘـﻮﺷـﺔ ﻣﻨﻘﻮﺷﺎ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻬﻢ إﻟﻰ ﺣﲔ ﻗـﻴـﺎﻣـﻬـﻢ ﺑــﺰﻳــﺎرة أﺧﺮى إﻟﻰ ﻟﺒﻨﺎن.
وإذا ﻣــــــﺎ ﺻــــــﺪف واﺳــﺘــﻤــﻌــﺖ إﻟﻰ ﻣﻐﺘﺮب ﻟﺒﻨﺎﻧﻲ ﻳــــــــــــﺘــــــــــــﺤــــــــــــﺪث ﻋــــــﻦ »ﻣـﻨـﻘـﻮﺷـﺔ اﻟﺼﻌﺘﺮ« اﻟـــــــﺘـــــــﻲ ﻛـــﺎن ﻳـﺸـﺘـﺮﻳـﻬـﺎ ﻣـــﻦ ﺣـــﻲ ﻳﺴﻜﻨﻪ ﻓـﺴـﻴـﺨـﻴـﻞ إﻟــﻴــﻚ وﻟــﺒــﺮﻫــﺔ أﻧــــﻪ ﻳﻠﻘﻲ ﻋــﻠــﻴــﻚ ﻗــﺼــﻴــﺪة ﺷــﻌــﺮ ﻣـــﻜـــﺴـــﻮرة اﻷﺑــــﻴــــﺎت ﻏـﻨـﻴـﺔ ﺑﻌﺒﺎرات »راﺋﺤﺘﻬﺎ ﺗﺸﻖ اﻟﻘﻠﺐ« و»ﻃﻌﻤﻬﺎ ﻳﻘﺘﻞ« و»ﻣــﻠــﻤــﺴــﻬــﺎ ﻏـــﻴـــﺮ«، وذﻟــــﻚ ﻓـــﻲ ﻣــﻘــﺎرﻧــﺘــﻬــﺎ ﺑﻄﻌﻢ اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻓﻲ أﺣﺪ اﳌﻄﺎﻋﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻐﺮﺑﺔ.
ﻳﺤﺘﻔﻞ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺑـ »اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﻠﻤﻨﻘﻮﺷﺔ« ﻓﻲ ٢ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ( ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋـﺎم، وﻗﺪ اﺳﺘﺤﺪﺛﺖ ﻫـﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓـﻲ ﻋـﺎم ٧١٠٢ ﻣـﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻄﻌﻢ »زﻋﺘﺮ وزﻳﺖ« ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺸﻬﻴﺮ ﺑﻮﺻﻔﺎت اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ.
ﻛﻤﺎ ذاع ﺻﻴﺖ »اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ« ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻴﺼﻞ إﻟـﻰ أﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ واﳌﻜﺴﻴﻚ ودﺑـﻲ وﺗﺮﻛﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ. ووﺻــﻠــﺖ ﺷﻬﺮﺗﻬﺎ إﻟــﻰ أﻣـﻴـﺮﻛـﺎ ﻣــﻦ ﺧــﻼل ﻣﻄﻌﻢ »ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ« ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻧﻮﻟﻴﺘﺎ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ زﻳـــﺎد ﻫــﺮﻣــﺰ، ﻓﺸﻜﻞ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻔﺎرﻗﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻄﻮر ﻓﻴﻬﺎ. وﻛــﺎن ﻫﺮﻣﺰ ﻗﺪ ﻗﻄﻊ ﻋﻬﺪا ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄن ﻳﻀﻊ ﺣﺪا ﻟﺤﻨﲔ اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟــﺬي ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ ﻣﻨﺬ ﻫﺠﺮﺗﻪ إﻟـﻰ أﻣﻴﺮﻛﺎ، ﻓﻌﺎد أدراﺟﻪ إﻟﻰ ﻟﺒﻨﺎن ﻟﻴﺘﻌﻠﻢ أﺻﻮل ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺤﻀﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ أرﺑﺎﺑﻬﺎ، وﺣﻤﻞ ﻣﻌﻪ إﻟـﻰ أﻣﻴﺮﻛﺎ دروﺳﻪ ﻫﺬه؛ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻠﺪه اﻷم ﻟﻴﻌﻄﻴﻬﺎ ﻓﺮﺻﺔ »اﻟﻨﺠﻮﻣﻴﺔ« اﳌﻄﻠﻘﺔ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ. وﻳﻘﻮل ﻣﻌﻠﻘﺎ: »ﻛﻨﺖ أﻋﻴﺶ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﻗﺒﻞ أن أﻧﺘﻘﻞ إﻟـﻰ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻋﺸﺖ ٠١ ﺳﻨﻮات، ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻤﺮ ﻳﻮم ﻣﻦ دون أن أﺷﻌﺮ ﺑﺤﻨﲔ إﻟﻰ اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ، وﻟﻢ أﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ واﺣﺪة ﻫﻨﺎك. وﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﺑﺤﺜﻲ وﺳﺆاﻟﻲ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ، أدرﻛﺖ أﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻋﻤﺎ أﺗﻜﻠﻢ، ﻓﻜﺎن اﻷﻣـﺮ ﺻﺎدﻣﴼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟـﻲ. ﻓﻘﺮرت اﺑﺘﻜﺎر ﻣﻜﺎن ﻟﻴﺸﻌﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺘﻘﺪون ﻟﺒﻨﺎن ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﺎ زاﻟﻮا ﻫﻨﺎك، وﳌﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻪ ﻗﺒﻼ ﻟﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮف إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل )اﳌﻨﻘﻮﺷﺔ(«.
ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻋـﺪد ﻣﻄﺎﻋﻢ اﳌﻨﺎﻗﻴﺶ ﻫﻮ اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن؛ ﻓﺒﲔ ﻓﺮن وآﺧﺮ ﻳﺼﻨﻌﻬﺎ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﺣﻴﺎء، ﻫﻨﺎك ﺛﺎﻟﺚ ﻳﺨﺒﺰﻫﺎ وﻳﻘﺪﻣﻬﺎ إﻟﻰ زﺑﺎﺋﻨﻪ ﺳﺎﺧﻨﺔ وﻃﺎزﺟﺔ ﻓﻲ ﺷﺎرع وﻃﺮﻳﻖ آﺧﺮﻳﻦ. وﺗﻄﻮل أﺳﻤﺎء اﻷﻓﺮان واﳌﻄﺎﻋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻟﺘﺸﻤﻞ »أرﺧﺺ ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ« و»أﻃـﻴـﺐ ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ« و»ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ ﻋﺎﻟﻨﺖ« )ﺗﻄﻠﺐ ﻋﺒﺮ وﺳـﺎﺋـﻞ اﻻﺗــﺼــﺎل اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ( و»ﺑـﺲ ﻣــﻨــﻘــﻮﺷــﺔ« و»ﻋـــﺎﻟـــﺼـــﺎج«... وﻏــﻴــﺮﻫــﺎ ﻣــﻦ اﻷﺳــﻤــﺎء اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﳌﻄﺎﻋﻢ اﺷﺘﻬﺮت ﺑﺘﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﺑﻄﺮق ﺣﺪﻳﺜﺔ وأﺧــﺮى ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﺜﻞ »اﻟﻔﻠﻤﻨﻜﻲ« و»زﻋـﺘـﺮ وزﻳـﺖ« و»اﻟﺴﻨﻴﻮر«... وﻏﻴﺮﻫﺎ. وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺘﺮاوح ﺳﻌﺮﻫﺎ ﺑﲔ أﻟﻒ ﻟﻴﺮة ﳌﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﺼﻌﺘﺮ، وﻣﺎ ﻓﻮق ٠٠٥١ و٣ آﻻف ﻟﻴﺮة ﳌﻨﻘﻮﺷﺔ إﻛﺴﺘﺮا )ﻣﻠﻔﻮﻓﺔ ﻣﻊ اﻟﺨﻀﺮاوات واﻟﺰﻳﺘﻮن( أو ﻷﺧﺮى ذات ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻣﻐﺎﻳﺮة.
وﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﺼﻌﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ رﺑــﺔ اﳌــﻨــﺰل إﻻ أن ﺗﺤﻀﺮ ﻋﺠﻴﻨﺔ ﻋــﺎدﻳــﺔ، وﻣــﻦ ﺛﻢ ﺗﻘﻄﻌﻬﺎ إﻟﻰ أرﻏﻔﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﺗﺮﻗﻘﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺸﻮﺑﻚ )ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﻗﻄﺮﻫﺎ ٥٢ ﺳﻨﺘﻴﻤﺘﺮا( ﻟﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻠﻴﻂ اﻟﺼﻌﺘﺮ ﻣﻊ اﻟﺴﻤﺴﻢ وزﻳﺖ اﻟﺰﻳﺘﻮن )ﻧﺼﻒ ﻛﻮب ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺘﺮ اﳌﺨﻠﻮط ﻣﻊ اﻟﺴﻤﺴﻢ اﳌﺤﻤﺺ وﻣﻊ ﻛﻮب ﻣﻦ زﻳﺖ زﻳﺘﻮن( وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ اﻟﺮﻏﺒﺔ )ﺑﻜﻤﻴﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ أو ﻛﺒﻴﺮة(. وﻟﻴﺘﻢ وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ اﻟﻔﺮن ﳌﺪة ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز ٢١ دﻗﻴﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺎر ﻗﻮﻳﺔ وﺗﻘﺪم ﺳﺎﺧﻨﺔ ﻣﻊ ﻃﺒﻖ ﻣﻦ اﻟﺨﻀﺮاوات اﻟﻄﺎزﺟﺔ. وﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﺳﺘﺒﺪال أي ﻣﻜﻮﻧﺎت أﺧﺮى ﺗﺮﻏﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﻌﺘﺮ؛ ﻛﺸﻚ ﻣﻊ اﻟﺒﺼﻞ واﻟﺒﻨﺪورة، أو ﻣﻊ ﺷﺮاﺋﺢ اﻟﺠﱭ ﻋﻠﻰ أﻧﻮاﻋﻪ، وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﻟﻠﺤﻢ اﳌﻔﺮوم واﻟﺒﺼﻞ واﻟﺒﻨﺪورة واﻟﻔﻠﻔﻞ اﻷﺧــﻀــﺮ اﻟـﺤـﻠـﻮ، ﻣـﻤـﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻣــﺎﺋــﺪة ﻓﻄﻮر ﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز.