Asharq Al-Awsat Saudi Edition

اﳌﻬﺎﺟﺮون اﳌﻄﺮودون ﻣﻦ اﻟﺠﺰاﺋﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﻴﺠﺮ: »اﶈﻈﻮﻇﻮن« ﻳﺼﻠﻮن أﺣﻴﺎء... واﻟﺼﺤﺮاء ﺗﺒﺘﻠﻊ اﻟﺒﻘﻴﺔ

- اﻟﺴﻤﻜﺔ )اﻟﻨﻴﺠﺮ( - اﳉﺰاﺋﺮ: »اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ«

ﻣـﻦ ﺑﻠﺪة اﻟﺴﻤﻜﺔ اﳌﻌﺰوﻟﺔ ﻓـﻲ ﻋﻤﻖ رﻣـــﺎل اﻟــﺼــﺤــ­ﺮاء ﻋـﻠـﻰ ﺣـــﺪود اﻟﻨﻴﺠﺮ ﻣﻊ اﻟﺠﺰاﺋﺮ، ﻳﻤﻜﻦ رؤﻳﺔ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ اﳌﻄﺮودﻳﻦ ﻓــﻲ اﻷﻓـــﻖ ﺑــﺎﳌــﺌــ­ﺎت. ﺑـــﺪوا، ﻛـﻤـﺎ وﺻﻔﺘﻬﻢ وﻛﺎﻟﺔ »أﺳﻮﺷﻴﻴﺘﺪ ﺑﺮس«، ﻛﻨﻘﺎط ﺻﻐﻴﺮة ﻣـﻦ ﺑﻌﻴﺪ، ﻳﺴﻴﺮون ﺑﺒﺆس ﺗﺤﺖ ﺷﻤﺲ ﺣــﺎرﻗــﺔ ﻓــﻲ ﺑـﻘـﻌـﺔ ﻣــﻦ أﺻــﻌــﺐ ﺗـﻀـﺎرﻳـﺲ اﻷرض.

وﻫــــﺆﻻء ﻫــﻢ ﻣــﻦ ﻧـﺠـﺢ ﻓــﻲ اﻟــﻮﺻــﻮل ﺣﻴﴼ.

ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻃﻮﻳﻞ، ﺗﺮﻛﺖ اﻟﺠﺰاﺋﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٣١ أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ اﻟﺸﻬﻮر اﻟـ٤١ اﳌﺎﺿﻴﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻧﺴﺎء ﺣﻮاﻣﻞ وأﻃﻔﺎل... ﺗﺮﻛﻮا ﺑـﻼ ﻃـﻌـﺎم أو ﻣــﺎء، وأرﻏــﻤــﻮ­ا ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺮ، أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﺤﺖ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﺣﺮارة ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ٨٤ درﺟﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ.

ﻳﺴﻴﺮ اﳌﺤﻈﻮﻇﻮن ﻣﻦ ﺑﲔ اﳌﺮﺣﻠﲔ ﻗﺮاﺑﺔ ٥١ ﻛﻠﻢ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺑﻠﺪة اﻟﺴﻤﻜﺔ، وﻫــــﻲ ﻋـــﺒـــﺎر­ة ﻋـــﻦ ﻣــﺠــﻤــﻮ­ﻋــﺔ ﻣـــﻦ اﳌــﺒــﺎﻧـ­ـﻲ اﻟـﻐـﺎرﻗـﺔ ﻓـﻲ رﻣــﺎل اﻟـﺼـﺤـﺮاء. آﺧـــﺮون ﻣﻦ ﺑﲔ اﳌﺮﺣﻠﲔ، ﺳــﺎروا ﻷﻳــﺎم وﻫـﻢ ﺗﺎﺋﻬﻮن وﻋﻄﺸﻰ، ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺜﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺮﻳﻖ إﻧﻘﺎذ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة. ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻋﺪدﴽ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوف ﻣﻤﻦ ﻣﺎﺗﻮا ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ. وﺗﺤﺪث أﻛــﺜــﺮ ﻣــﻦ ٤٢ ﺷـﺨـﺼـﴼ ﻣــﻦ اﻟــﻨــﺎﺟـ­ـﲔ ﻣﻤﻦ ﻗﺎﺑﻠﺘﻬﻢ وﻛــﺎﻟــﺔ »أﺳﻮﺷﻴﻴﺘﺪ ﺑــﺮس« ﻋﻦ أﺷــﺨــﺎص ﻓــﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﻬﻢ ﻟــﻢ ﻳﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣـــﻦ ﻗــﻄــﻊ اﻟــﺮﺣــﻠـ­ـﺔ و»اﺧـــﺘـــﻔ­ـــﻮا« ﻓـــﻲ رﻣـــﺎل اﻟﺼﺤﺮاء.

ﻗـــﺎﻟـــﺖ ﺟـــﺎﻧـــﻴ­ـــﺖ ﻛـــــﺎﻣــ­ـــﺎرا )وﻫـــــــﻲ ﻣـﻦ ﻟـﻴـﺒـﻴـﺮﻳ­ـﺎ(: »ﻛــﺎﻧــﺖ ﻫــﻨــﺎك ﻧــﺴــﺎء ﻣــﻤــﺪدات أرﺿـــــﺎ ﺑــﻌــﺪ وﻓـــﺎﺗـــ­ﻬـــﻦ، ورﺟــــــﺎ­ل أﻳـــﻀـــﴼ... أﺷــﺨــﺎص آﺧـــﺮون ﺿــﺎﻋــﻮا ﻓــﻲ اﻟـﺼـﺤـﺮاء ﻷﻧـــﻬـــﻢ ﻟـــﻢ ﻳــﻌــﺮﻓــ­ﻮا اﻟـــﻄـــﺮ­ﻳـــﻖ«. وأﺿـــﺎﻓــ­ـﺖ ﺟﺎﻧﻴﺖ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻣﻼ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ: »ﻛــــﻞ ﺷــﺨــﺺ ﻛــــﺎن ﺑـــﺤـــﺎﻟ­ـــﻪ«، ﺑــﺤــﺴــﺐ ﻣﺎ ﻧﻘﻠﺖ ﻋﻨﻬﺎ »أﺳﻮﺷﻴﻴﺘﺪ ﺑﺮس«. وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺟﺎﻧﻴﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﺑـﺎﻷﻟـﻢ ﺟــﺮاء ﻋﻤﻠﻴﺔ وﻻدة ﻃﻔﻠﻬﺎ اﳌﻴﺖ ﺧﻼل اﻟﺮﺣﻠﺔ، واﻟـﺬي ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻣــﺪﻓــﻮﻧـ­ـﴼ ﻓـــﻲ رﻣــــﺎل اﻟـــﺼـــﺤ­ـــﺮاء. وﺟـﺎﻧـﻴـﺖ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ اﻵن إﻟﻰ ارﻟﻴﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﻴﺠﺮ، ﺗـﻘـﻮل إﻧـﻬـﺎ ﻣــﺎ زاﻟـــﺖ ﺗـﻌـﺎﻧـﻲ ﻣــﻦ رﺣﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻴﻪ »اﻟﺒﺮﻳﺔ« ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺎم ﻋﻠﻰ رﻣﺎل اﻟﺼﺤﺮاء. ﺗﻘﻮل: »ﻟﻘﺪ ﺧﺴﺮت اﺑـﻨـﻲ؛ ﻃﻔﻠﻲ«. وﺗﻀﻴﻒ أن اﻣـــﺮأة أﺧـﺮى ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﺣﻠﺔ أﻧﺠﺒﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻜﻦ ﻃﻔﻠﻬﺎ ﻣﺎت. وﻛﺎﻧﺖ ﺟﺎﻧﻴﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﻓــﻲ ﺑـﻴـﻊ اﻟـﻄـﻌـﺎم واﳌــﺸــﺮو­ﺑــﺎت ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ إﻟﻰ أن ﺗﻢ ﻃﺮدﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ )أﻳﺎر( اﳌـــﺎﺿـــ­ﻲ. وﺑـــــﺪأت اﻟــﺠــﺰاﺋ­ــﺮ ﻣــﻨــﺬ أﻛــﺘــﻮﺑـ­ـﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻷول( ٧١٠٢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻃﺮد ﺟﻤﺎﻋﻲ ﻟــﻠــﻤــﻬ­ــﺎﺟــﺮﻳــ­ﻦ اﻷﻓــــﺎرﻗ­ــــﺔ ﻓـــﻲ ﻇـــﻞ ﺿــﻐــﻮط أوروﺑــﻴــ­ﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪي ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟـﻬـﺠـﺮة ﻋﺒﺮ اﳌﺘﻮﺳﻂ ﻣﻦ ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ إﻟﻰ أوروﺑــﺎ. وﻳﺄﺗﻲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻫﺆﻻء اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ دول ﻣﺎ وراء اﻟﺼﺤﺮاء ﻣﺜﻞ ﻣﺎﻟﻲ وﻏﺎﻣﺒﻴﺎ وﻏﻴﻨﻴﺎ وﺳﺎﺣﻞ اﻟﻌﺎج واﻟﻨﻴﺠﺮ... وﻏﻴﺮﻫﺎ.

وﻗــــــــ­ــﺎل ﻣــــﺘــــ­ﺤــــﺪث ﺑـــــﺎﺳــ­ـــﻢ اﻻﺗـــــﺤـ­ــــﺎد اﻷوروﺑــﻲ ﻟﻮﻛﺎﻟﺔ »أﺳﻮﺷﻴﻴﺘﺪ ﺑـﺮس« إن اﻻﺗﺤﺎد ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻄﺮد اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﺰاﺋﺮ، وﻟﻜﻦ »اﻟـﺪول ذات اﻟﺴﻴﺎدة« ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻃــﺮد اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣـﺎ داﻣــﺖ ﺗﻠﺘﺰم ﺑﺎﻟﻘﻮاﻧﲔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ.

وﻟـﻢ ﺗﻘﺪم اﻟﺠﺰاﺋﺮ أرﻗـﺎﻣـﴼ ﻋـﻦ أﻋـﺪاد اﻟﺬﻳﻦ رﺣﻠﺘﻬﻢ. وﻟﻜﻦ ﻋﺪد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻠﻮن إﻟــــﻰ اﻟــﻨــﻴــ­ﺠــﺮ ﺳـــﻴـــﺮﴽ ﻣـــﻦ اﻟـــﺠـــﺰ­اﺋـــﺮ ارﺗــﻔــﻊ ﺑـﺎﺿـﻄـﺮاد ﻣﻨﺬ أن ﺑــﺪأت ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻬﺠﺮة اﻟﺪوﻟﻴﺔ إﺣﺼﺎءﻫﻢ ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ ٧١٠٢، ﺣﲔ ﺗﻢ ﺗﺮك ٥٣١ ﺷﺨﺼﴼ ﻋﻨﺪ اﳌﻌﺒﺮ اﻟﺤﺪودي. وﻓﻲ أﺑﺮﻳﻞ )ﻧﻴﺴﺎن( ٨١٠٢، ﺑﻠﻎ ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ ٨٨٨٢ ﺷﺨﺼﴼ. وﺑﺤﺴﺐ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻬﺠﺮة اﻟــﺪوﻟــﻴ­ــﺔ، ﺑـﻠـﻎ ﻣـﺠـﻤـﻮع اﻟــﺮﺟــﺎل واﻟـﻨـﺴـﺎء واﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺠﺤﻮا ﻓﻲ إﻛﻤﺎل اﻟﺮﺣﻠﺔ أﺣــﻴــﺎء ٦٧٢١١ ﺷﺨﺼﴼ. وﺑــﺎﻹﺿــﺎ­ﻓــﺔ إﻟﻰ ﻫـﺆﻻء، أرﻏـﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ٠٠٥٢ ﺷﺨﺺ آﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺮ ﻋﺒﺮ ﻃﺮﻳﻖ ﺻﺤﺮاوﻳﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ اﻟﻌﺎم اﳌﺎﺿﻲ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺎﻟﻲ، وﺳــﻂ ﺗـﻘـﺎرﻳـﺮ ﻋــﻦ ﺣـﺼـﻮل وﻓـﻴـﺎت أﻳﻀﴼ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ.

وﻗـــﺎﻟـــ­ﺖ ﺳــﻠــﻄــﺎ­ت اﻟــﻨــﻴــ­ﺠــﺮ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻫــــﺬا اﻟــﺸــﻬــ­ﺮ إﻧــﻬــﺎ ﻋــﺜــﺮت ﻋــﻠــﻰ ﺟــﺜــﺚ ٤٣ ﻣـــﻬـــﺎﺟ­ـــﺮﴽ، ﺑــﻴــﻨــﻬ­ــﻢ ٠٢ ﻃـــﻔـــﻼ، ﻗــــﺮب ﺑــﻠــﺪة اﻟﺴﻤﻜﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﺤﺪودﻳﺔ، وإن ﻫﺆﻻء اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﺎﺗﻮا ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻋﻄﺸﴼ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺨﻠﻰ ﻋﻨﻬﻢ أﺣﺪ اﳌﻬﺮﺑﲔ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻠﻬﻢ ﺷﻤﺎﻻ.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia