Asharq Al-Awsat Saudi Edition

اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر

-

ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻘﺎل رأي ﻧﺸﺮ اﻟﻌﺎم اﳌﺎﺿﻲ، ﺗـﺴـﺎءﻟـﺖ ﻓـﻴـﻪ ﻋـﻤـﺎ إذا ﻛــﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋـﻠـﻰ اﻟــﻨــﺎس ﺷــﺮاء ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﳌـﺆﺷـﺮات اﳌﺘﺪاوﻟﺔ اﺳﺘﻨﺎدﴽ إﻟـﻰ ﻗﻴﻢ دﻳﻨﻴﺔ. ﻟـﻴـﺴـﺖ ﻟـــﺪي ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓــﻲ ﺳـﻌـﻲ اﻟــﻨــﺎس إﻟـــﻰ اﻹﺣــﺴــﺎس ﺑــﺎﻟــﺮﺿـ­ـﺎ ﻋــﻦ اﺳـﺘـﺜـﻤـﺎ­راﺗـﻬـﻢ، ﻟﻜﻨﻨﻲ أرﻳــﺪﻫــﻢ أﻳــﻀــﴼ أن ﻳﺪرﻛﻮا ﻣﺪى ﺗﺄﺛﻴﺮ اﺧﺘﻴﺎراﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺪاﺗﻬﻢ.

واﻟـــﻴـــ­ﻮم، أرﻳــــﺪ أن أرى ﻣــﺎ ﻓـﻌـﻠـﻪ ﻣــﺆﺷــﺮ اﻟـﺒـﻮرﺻـﺔ »إﻧﺴﺒﺎﻳﺮ ﻏﻠﻮﺑﺎل ﻫﻮب ﻻرج ﻛﺎب إي ﺗﻲ إف«، اﳌﺼﺤﻮب ﺑﻜﻠﻤﺔ »ﺑﻠﻴﺲ« اﳌﺨﺘﺼﺮة، ﻓﻲ ﻋﺎﺋﺪاﺗﻬﻢ. أوﻻ، إن اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻨﺪوق اﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟﻬﲔ، ﻷن ﻣﻤﺘﻠﻜﺎت اﻟﺼﻨﺪوق ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ٠٥ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ أوراق ﻣﺎﻟﻴﺔ داﺧﻞ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة، و٠٤ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ أوراق ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ دول ﻧﺎﻣﻴﺔ، و٠١ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻲ اﻷﺳـﻮاق اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ. وﻳﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟﺼﻨﺪوق ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺎت ﺑﺮأﺳﻤﺎل ﻳﻔﻮق ٥ ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر أﻣﻴﺮﻛﻲ، واﳌﺆﺷﺮات اﻷﻗﺮب ﻟﻠﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻫﻲ ﻣﺆﺷﺮ »ﺑﻼك روك إﻧﻜﺲ ﺷﻴﺮز، وورﻟﺪ ﺗﻲ ﻓﻲ ﺗﻲ« أو »ﺳﺘﻴﺖ ﺳﺘﺮﻳﺖ ﻛﻮرب إس ﺑﻲ دي آر ٠٠٥ إي ﺗﻲ إف ﺗﺮاﺳﺖ«.

وﻳﺘﺄﺧﺮ اﻟﺼﻨﺪوق ﻋﻦ ﻛﻼ اﳌﺆﺷﺮﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺷﻬﻮر وﺳﺘﺔ ﺷﻬﻮر وﻋﺎم، ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﻓﻲ ٨٢ ﻓﺒﺮاﻳﺮ )ﺷﺒﺎط( ٧١٠٢.

وﻳــﺘــﻤــ­ﺜــﻞ اﻟـــﻌـــﺎ­ﻣـــﻞ اﻟـــﺜـــﺎ­ﻧـــﻲ ﻓــــﻲ ﺗــﻜــﻠــﻔ­ــﺔ ﺻـــﻨـــﺪو­ق »إﻧﺴﺒﺎﻳﺮ«، اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ١٦٫٠ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ، وﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﻣﻨﺘﺞ ﻣﺆﺷﺮ »ﺑﻼك روك«، اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ٤٢٫٠ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ، وﻫﻲ أﻋﻠﻰ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺞ ﻣﺆﺷﺮ »ﺳﺘﻴﺖ ﺳﺘﺮﻳﺖ«، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﺜﻞ ﻋﺒﺌﴼ ﻛﺒﻴﺮﴽ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ.

ﻓﻠﺴﻔﺘﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻫﻲ أن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺳﻨﺪاﺗﻚ اﳌﺎﻟﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﳌﺆﺷﺮات ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ، وﻳﺠﺐ أن ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ أﻻ ﺗﻜﻮن ﺑﻌﺾ ﺳﻨﺪاﺗﻚ ﺿﻤﻦ ﻣﺆﺷﺮات اﻷﺳﻬﻢ، ﻟﻜﻦ أﺗﻤﻨﻰ ﻟﻮ أن ﻟﺪﻳﻚ ﺳﺒﺒﴼ وﺟﻴﻬﴼ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻨﺴﺐ اﳌﺌﻮﻳﺔ ﻋﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻣﺆﻛﺪﴽ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻗﺪ ﻳﺒﺪو أو ﻻ ﻳﺒﺪو ﺑﺪﻳﻼ أﻓﻀﻞ. ﻛﻨﺖ دوﻣﴼ أﻣﻴﻞ إﻟﻰ ﻧﻤﻮذج وﻋﺎﻣﻞ »ﻓﺎﻣﺎ ﻓﺮﻳﻨﺶ«، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﻘﻴﻤﺔ واﻟﺤﺠﻢ واﻟﻨﻮﻋﻴﺔ. وإن أردت اﻟﺤﻴﺎد ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ ذﻟﻚ، ﻓﻴﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ ﺳﺒﺐ وﺟﻴﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻪ.

وﻟﺬﻟﻚ، ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﺼﺮف ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ٥ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﺪاﺗﻚ اﳌﺎﻟﻴﺔ ﻓـﻲ اﳌـﻐـﺎﻣـﺮا­ت، ﻣﺜﻞ اﳌـﻀـﺎرﺑـﺎ­ت أو ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﳌﻮﺟﻬﺔ، ﻟﻜﻦ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ أﺳﻬﻢ »ﺑﻴﺘﺎ« أو ﻋﺎﺋﺪات اﻷﺳﻮاق اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ، ﺳﻌﻴﴼ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻋﺎﺋﺪات اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ أﻋـﻠـﻰ، ﻣﺜﻞ ﺳـﻨـﺪات »أﻟــﻔــﺎ«، أو ﻷي ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى، ﺳﻴﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺨﺎﻃﺮ.

ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺗﺘﻌﻘﺪ اﻷﻣﻮر ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺘﺤﻮل ﻓـــﻲ اﻟــﺴــﻨــ­ﺪات اﳌــﺎﻟــﻴـ­ـﺔ ﻋــﻠــﻰ ﻋـــﻮاﻣـــ­ﻞ أﺧــــﺮى ﻏــﻴــﺮ اﻷداء واﻟــﺴــﻴـ­ـﺎﺳــﺔ واﻻﺳــﺘــﺜ­ــﻤــﺎر اﳌــﺴــﺘــ­ﺪام، وإدارة اﻟــﺸــﺮﻛـ­ـﺎت واﻟﺪواﻓﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻓﻜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺪواﻓﻊ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻊ ﺣﻠﻮل وﺳﻂ.

وﻣـــﻦ ﺿــﻤــﻦ اﻟــﺴــﻨــ­ﺪات ذات اﻟــﻌــﻮاﻣ­ــﻞ ﻏــﻴــﺮ اﳌـﺎﻟـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﻻﺣﻈﺘﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺪات »ﺑﻮﻳﻨﺖ ﺑﺮﻳﺪج ﺟﻲ أوﺑﻲ ﺳﺘﻮك ﺗﺮاﻛﺮ إي إف ﺗﻲ«. وﻗﺪ ﺣﻤﻠﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺪات اﺳﻤﴼ ﻣﺨﺘﺼﺮﴽ ﻫﻮ »إم إﻳﻪ ﺟﻲ إﻳﻪ«، وﺷﻌﺎرﻫﺎ ﻫﻮ »اﺳﺘﺜﻤﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﴼ«، وﻫﻮ اﻟﺸﻌﺎر اﻟﺬي ﻳﻘﻮل ﻛﺜﻴﺮون إن ﻟﻪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﻴﺔ. وﺑﺤﺴﺐ وﻛﺎﻟﺔ أﻧﺒﺎء »ﺑﻠﻮﻣﺒﻴﺮغ«، ﻓﺈن ﺳﻨﺪات »آي ﺗــﻲ إف« ﻻ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﺳــﻮى ﻓــﻲ اﻟـﺸـﺮﻛـﺎت اﳌـﻮاﻟـﻴـﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ دوﻧــﺎﻟــﺪ ﺗـﺮﻣـﺐ وﻟـﻠـﺤـﺰب اﻟـﺠـﻤـﻬـﻮ­ري، وﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺎت ذات اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة أو اﻷﺳﺮع ﻧﻤﻮﴽ أو ذات اﻟﻌﺎﺋﺪات واﻷرﺑــﺎح اﻟﺠﺬاﺑﺔ، أو ﻷي ﺳﺒﺐ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎر. اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﺨﺘﺎر اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﺗﺒﺮﻋﺎت أﻛﺒﺮ ﻟﻠﻤﺮﺷﺤﲔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﲔ.

ﻣـﺎ أﻏــﺮب ﺗﻠﻚ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴ­ﺔ اﻻﺳـﺘـﺜـﻤـ­ﺎرﻳـﺔ! ﻓﺬﻟﻚ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻗﺪ ﻳﺮﺿﻲ اﺣﺘﻴﺎﺟﴼ وﻣﻴﻼ ﻋﺎﻃﻔﻴﴼ ﻣﻌﻴﻨﴼ، ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎرة. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق، أوﺿﺤﺖ اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ أن اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﺎرﺑﺘﻬﺎ اﻹدارة ﻛﺎﻧﺖ أﻓﻀﻞ أداء ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺘﻲ أﺣﺒﻬﺎ.

رد اﻟﻔﻌﻞ ﻏﻴﺮ اﳌﺤﺴﻮب ﺳﻴﻜﻮن: ﻣـﺎذا ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ وﻋﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺒﻴﺌﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻫﻲ أن اﻟﺠﺎﻧﺒﲔ اﻷول واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹدارة وﺛﻴﻘﺎ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻷداء.

اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺪﻳﻦ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺗﺤﻜﻤﻬﻤﺎ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ، وﻟﺬﻟﻚ إن ﻛـﺎن ﻳﻌﻨﻴﻚ ﻫــﺬان اﻷﻣــﺮان ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻓﻴﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﻌﻜﺲ ﺳﻤﺎﺗﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻚ، ﺑﺄن ﺗﻜﻮن ﺷﺨﺼﴼ ﻟﻄﻴﻔﴼ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻼﺗﻚ، وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ.

* ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ »ﺑﻠﻮﻣﺒﻴﺮغ«

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia