ﺗﺮﻣﺐ واﻷﻃﻠﺴﻲ... ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺮﺑﺢ اﻟﺴﺮﻳﻊ
ﻧﻘﻠﺖ اﻹدارة اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻬﺪﻫﺎ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻌﻤﻞ واﻻﻗﺘﺼﺎد إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺰ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ. ﻓﺒﻌﺪ ﺑـــﺮوز »اﻻﻗــﺘــﺼــﺎد اﻟـﺴـﺮﻳـﻊ« )أو اﻗﺘﺼﺎد »اﻟﻐﻴﻎ«( اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎل واﳌﺘﻌﺎﻗﺪﻳﻦ اﳌـــﺆﻗـــﺘـــﲔ اﻟــــﺬﻳــــﻦ ﻳـــــــﺆدون ﻣـــﻬـــﻤـــﺎت ﻣــــﺤــــﺪدة ﻟـــﺮب اﻟـﻌـﻤـﻞ ﻣـﻘـﺎﺑـﻞ أﺟـــﺮ وﻟــﻔــﺘــﺮة ﻣـــﺤـــﺪودة، ﻋـﻠـﻰ ﻧﺤﻮ ﻳـﻀـﻤـﻦ اﻷرﺑـــــﺎح اﻟــﺴــﺮﻳــﻌــﺔ ﻟـﻠـﻤـﺆﺳـﺴـﺔ وﻳــﺤــﺮرﻫــﺎ ﻣـﻦ اﻻﻟــﺘــﺰاﻣــﺎت واﻟـﻀـﻤـﺎﻧـﺎت اﻟـﺘـﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳌﻮﻇﻔﻮن اﻟﺜﺎﺑﺘﻮن، ﺗﺮﻳﺪ واﺷﻨﻄﻦ، ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﺪا ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت اﻟﺮﺋﻴﺲ دوﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﻣﺐ ﻗﺒﻞ ﻗﻤﺔ ﺣﻠﻒ ﺷﻤﺎل اﻷﻃﻠﺴﻲ، ﻧﻘﻞ ﻫﺬا اﳌﻔﻬﻮم ﻣﻦ ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل إﻟﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ.
»ﻏــﻴــﻎ« ﻋــﺒــﺎرة ﺗــﻄــﻮرت ﻓــﻲ اﻟــﻌــﻘــﻮد اﳌـﺎﺿـﻴـﺔ ﻟــﺘــﻨــﺘــﻘــﻞ ﻣــــﻦ ﻛـــﻮﻧـــﻬـــﺎ ﺻـــﻔـــﺔ ﻟـــﻠـــﻌـــﺮﺑـــﺎت اﻟــﺨــﻔــﻴــﻔــﺔ واﻟﺴﺮﻳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮﻫﺎ ﺣﺼﺎن واﺣﺪ إﻟﻰ ﺣﻔﻼت اﻟﻌﺮض اﻟﻮاﺣﺪ اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ، ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟﺬي ﺗﻐﺰوه ﺷﺮﻛﺎت ﻣﺜﻞ »أوﺑﺮ« ﻟﺴﻴﺎرات اﻷﺟـــﺮة اﻟـﺘــﻲ ﺗﺤﻘﻖ أرﺑــﺎﺣــﻬــﺎ، ﻣــﻦ دون أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻮﻇﻔﻮن داﺋﻤﻮن، ﺣﺘﻰ ﺳﻴﺎرات.
ﻛﺎن ﻫﺬا اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﺮﻳﻊ ﺟﺰءﴽ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻟــﻨــﻘــﺎﺷــﺎت اﻟــﺘــﻲ ﺷــﻬــﺪﺗــﻬــﺎ اﻟــﺤــﻤــﻠــﺔ اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﻴــﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻷﺧﻴﺮة، ﺣﲔ دﻋﺖ اﳌﺮﺷﺤﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻫﻴﻼري ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن إﻟﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺤﺮ وﺗﻘﻨﻴﻨﻪ ﺿﻤﻦ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻮق اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻓﻌﻮن، رﻏﻢ ﻋﺪم ارﺗﺒﺎﻃﻬﻢ ﺑﺄي ﻣﺆﺳﺴﺔ ارﺗــﺒــﺎﻃــﺎ ﺛــﺎﺑــﺘــﴼ، اﻟــﻀــﺮاﺋــﺐ ذاﺗـــﻬـــﺎ اﻟــﺘــﻲ ﻳـﺪﻓـﻌـﻬـﺎ أﺗﺮاﺑﻬﻢ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﺑﻌﻘﻮد ﺛﺎﺑﺘﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎ أن ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟـﺪراﺳـﺎت واﻟﺘﻘﺪﻳﺮات ﻳﺸﻴﺮ إﻟـﻰ ﺑﻠﻮغ ﻧﺴﺒﺔ اﳌﻮﻇﻔﲔ واﻟﻌﻤﺎل اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺸﻄﻮن ﻓﻲ إﻃــﺎر ﺻﻴﻐﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻫــﺬه، اﻷرﺑـﻌـﲔ ﻓـﻲ اﳌـﺎﺋـﺔ، ﻣﻦ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ.
واﺿﺢ أن ﺗﻐﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ ﺳﻴﻔﻀﻲ إﻟﻰ ﺗﺒﺪﻻت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺒﺪﻻت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﺼﺮ ﺑﻌﺪ إﻟﻰ دراﺳﺘﻬﺎ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻮاﻓﻴﺔ. ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺗـــﻮﻓـــﺮ ﻟــﻠــﻤــﻮﻇــﻔــﲔ ﻏــﻴــﺮ اﻟــﺜــﺎﺑــﺘــﲔ وﻗـــﺘـــﺎ إﺿــﺎﻓــﻴــﺎ ﻳﺨﺼﺼﻮﻧﻪ ﳌﺸﺎﻏﻠﻬﻢ اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ أو ﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﻓﻲ ﺣﲔ ﻳﺮى آﺧـﺮون أن اﻻﻧﻌﻜﺎﺳﺎت اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺤﺮ اﳌﺆﻗﺖ ﺳﺘﻔﻮق اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺎت اﳌﺬﻛﻮرة، وأن اﻟﺮاﺑﺢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ رب اﻟﻌﻤﻞ، ﻓﻲ ﺣــﲔ ﻳﻀﻄﺮ اﳌــﻮﻇــﻔــﻮن إﻟــﻰ اﻟـﺘـﻨـﻘـﻞ ﻣــﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ إﻟــﻰ أﺧــﺮى، وﻣــﻦ إدارة إﻟــﻰ أﺧــﺮى، ﻣﺤﺮوﻣﲔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻨﻔﺴﻲ، وﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﺘﺮاﻛﻢ اﳌﻬﻨﻲ.
ﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ أﻣﺮ، ﻋﻜﺴﺖ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت ﺗﺮﻣﺐ اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﺸﺮﻛﺎء اﻷوروﺑﻴﲔ ﻓﻲ اﻷﻃﻠﺴﻲ ﺑﺘﺤﻤﻞ أﻗــﺴــﺎط أﻛــﺒــﺮ ﻣــﻦ ﻣــﺼــﺎرﻳــﻒ اﻟــﺤــﻠــﻒ اﳌــﺎﻟــﻴــﺔ ﻫــﺬه اﻟﺘﺒﺪﻻت، ﻣﻌﺘﺒﺮا أن اﻟﺤﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻌﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻣﺠﺤﻔﺔ ﺑﺤﻘﻬﺎ وﺑﺤﻖ داﻓﻌﻲ اﻟﻀﺮاﺋﺐ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ، ﺑﻞ ذﻫﺐ إﻟﻰ اﺗﻬﺎم أﳌﺎﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﺨﻀﻮع ﻹﻣـﻼءات روﺳﻴﺎ، ﻧﻈﺮا إﻟﻰ اﺳﺘﻴﺮاد ﺑﺮﻟﲔ ﺳﺘﲔ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﻠﻜﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻜﻮ، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﺮوس.
وﻋــــﻠــــﻰ ﺟــــــــﺎري ﻋــــــــﺎدة اﻟــــﺮﺋــــﻴــــﺲ اﻷﻣــــﻴــــﺮﻛــــﻲ، ﺗـﺤـﺘـﺎج ﺗـﺼـﺮﻳـﺤـﺎﺗـﻪ إﻟـــﻰ ﺗـﺪﻗـﻴـﻖ ﺛـــﺎن ﻣــﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻷرﻗــــﺎم واﻟـﻨـﺴـﺐ اﳌـﺌـﻮﻳـﺔ واﻟــﺒــﻴــﺎﻧــﺎت.ٍ ﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ، ﻓﻲ اﳌـﻘـﺎﺑـﻞ، ﺗﻌﻜﺲ ﺑـﺼـﺪق ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺒـﻴـﺖ اﻷﺑــﻴــﺾ ﻣـﻨـﺬ ﺗــﻮﻟــﻲ اﻹدارة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻬﻤﺎﺗﻬﺎ. ﻓﺘﺮﻣﺐ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻠﻐﺘﻪ اﳌﺒﺎﺷﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻹدارات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺤﺚ ﺣﻠﻔﺎءﻫﺎ ﻋـﻠـﻴـﻪ ﻣـﻨـﺬ ﻧـﻬـﺎﻳـﺔ اﻟــﺤــﺮب اﻟـــﺒـــﺎردة، إﻋــــﺎدة ﺗـﻮزﻳـﻊ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺑﻌﺪ اﻧﺤﺴﺎر اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ اﻟـﺬي ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺗﻘﻮد اﳌﻮاﺟﻬﺔ ﺿﺪه. ﻋﺪم ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻹﻧﻔﺎق اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻓﺎع، ﺑﺎﳌﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﺤﻠﻔﺎء اﻷوروﺑﻴﲔ، ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻳﻌﺎد ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت »اﻟﻨﺎﺗﻮ« وﻗﻤﻤﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﺪورﻳﺔ، ﻋﻠﻰ ﻏﺮار اﻟﻘﻤﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﺮوﻛﺴﻞ.
اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓـﻲ اﳌﺴﺄﻟﺔ أن ﺗﺮﻣﺐ ﺟــﺎء إﻟــﻰ اﻟﻘﻤﺔ اﻷﻃـﻠـﺴـﻴـﺔ ﺣــﺎﻣــﻼ ﺗــﺼــﻮرات اﻻﻗــﺘــﺼــﺎد اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻲ اﻟﺴﺎﺋﺮ ﻧﺤﻮ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺮﺑﺢ اﻵﻧﻲ واﻟﻔﻮري. وﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ أن اﻟﺸﺮﻛﺎء اﻷوروﺑﻴﲔ ﻻ ﻳﺒﺪون ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاد ﳌﺮاﺟﻌﺔ ﻫــﺬا اﻟــﻘــﺪر ﻣــﻦ اﻻﺗــﺴــﺎع ﻟـــﺪور اﻟـﺤـﻠـﻒ وﺗﺮﻛﻴﺒﺘﻪ، ﻓﺈن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻌﻮﻳﺾ ﺳﺮﻳﻊ ﻟﻸﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﻘﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ أوروﺑــﺎ، وﻓﻲ ﺗﺤﻤﻞ اﳌﻬﻤﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻟﻠﺤﻠﻒ، ﺗﻌﻮﻳﺾ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺗﺤﻤﻴﻞ »اﳌﻮﻇﻔﲔ« اﻷوروﺑﻴﲔ ﻋــــﺐء اﻟـــﺪﻓـــﺎع ﻋـــﻦ أﻧــﻔــﺴــﻬــﻢ، وﻳــﺠــﻌــﻞ ﻣـــﻦ اﻟـﺠـﻬـﺪ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻓﻲ اﻷﻃﻠﺴﻲ اﺳﺘﺜﻤﺎرﴽ ﻣﺮﺑﺤﴼ وآﻧﻴﴼ.