اﳌﺄزق اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﺑﺮاﺛﻦ اﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ
ﻓـــﻲ اﻟــــــﺪورة اﻷرﺑـــﻌـــﲔ ﳌـﻨـﺘـﺪى أﺻﻴﻠﺔ ﺑﺎﳌﻐﺮب ﻧﺎﻗﺸﺖ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﳌﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻌﺮب ﻣﻮﺿﻮع اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ، وﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺨﺮوج ﻣـﻦ ﻣــﺄزق اﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ إﻟــﻰ اﻧﻔﺮاﺟﺔ وﻟــﻮ ﺷﺒﻪ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ. وﻛـﺎﻧـﺖ وﻻ ﺗـــﺰال ﻣﻼﺣﻈﺘﺎن ﻣﻨﻬﺠﻴﺘﺎن ﻋﻠﻰ أي ﺣـــــﻮار ﻋـــﺮﺑـــﻲ ﺣــــﻮل اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﺔ واﳌﺠﺘﻤﻊ.
اﳌﻼﺣﻈﺔ اﻷوﻟـﻰ ﺗﺨﺺ ﻏﻴﺎب اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﻗﺮاء ة اﳌﺠﺘﻤﻊ واﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ. ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻣــﺜــﻼ ﺗـــﻔـــﺮج اﻟـــﺪوﻟـــﺔ ﻋـــﻦ وﺛـﺎﺋـﻘـﻬـﺎ ﻛﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻟﺘﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﲔ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻘﺮاءة أﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ ﺟﺎدة ﳌﺎ ﺟﺮى. وﻫﺬا ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺎح ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﻓﻘﺪ ﻣﺮت ﺧﻤﺴﻮن ﻋﺎﻣﴼ ﻋﻠﻰ ﻫﺰﻳﻤﺔ ٧٦٩١ وﻟـﻢ ﺗﻔﺮج أي دوﻟﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ وﺛﺎﺋﻘﻬﺎ ﻟﻨﻌﺮف ﻃــﺒــﻴــﻌــﺔ اﻟــﻨــﻘــﺎش ﺣــــﻮل ﻣـــﺎ ﺟـــﺮى، وﻛﻴﻔﻴﺔ اﺗــﺨــﺎذ اﻟــﻘــﺮار. ﻓــﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ أﻓﺮﺟﺖ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻦ وﺛﺎﺋﻘﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة. وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل: إﻧﻨﺎ ﻧﻌﺮف ﻋﻦ اﳌﻨﺎﻗﺸﺎت اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ دارت ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻧﻌﺮف ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﳌﺠﺮدة وﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﻠﻰ اﻟــﺘــﻄــﻮر أو اﻻﻧــﺘــﻘــﺎل ﻣــﻦ ﺣـــﺎل إﻟـﻰ ﺣﺎل.
أﺗـــﺬﻛـــﺮ ﻓـــﻲ ﺛــﻤــﺎﻧــﻴــﻨــﺎت اﻟــﻘــﺮن اﳌـﺎﺿـﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺎﺑﻌﴼ ﻧﻬﻤﴼ ﻟﻠﺠﻨﺔ اﺳﺘﻤﺎع اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺣـــﻮل ﻣـــﺎ ﻋــــﺮف أﻳــﺎﻣــﻬــﺎ ﺑﻔﻀﻴﺤﺔ »إﻳـــــــﺮان – ﻛـــﻮﻧـــﺘـــﺮا« واﻟـــﺘـــﻲ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺗــــﺪور ﺣـــﻮل اﻟــﺒــﻴــﻊ ﻏــﻴــﺮ اﻟـﻘـﺎﻧـﻮﻧـﻲ ﻟﻠﺴﻼح ﻹﻳﺮان ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، واﺳـــﺘـــﺨـــﺪام اﻷﻣــــــﻮال اﻟــﻨــﺎﺗــﺠــﺔ ﻋﻦ ﻫــــﺬا اﻟــﺒــﻴــﻊ ﻟــﺪﻋــﻢ ﺣــﺮﻛــﺔ اﻟـﻜـﻮﻧـﺘـﺮ اﳌـــﺘـــﻤـــﺮدة ﻋــﻠــﻰ ﺣﻜﻢ ﺣـــﺰب اﻟﺴﻨﺪاﺗﻴﺴﺘﺎ اﻟـــــــــــــﻴـــــــــــــﺴـــــــــــــﺎري ﻓـــــﻲ ﻧـــﻴـــﻜـــﺎراﻏـــﻮا. اﻟـﻘـﺼـﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ،
وﻟــــــــﻜــــــــﻦ اﳌـــــﻬـــــﻢ ﻓــــــﻴــــــﻬــــــﺎ ﻟــــﺴــــﻴــــﺎﻗــــﻨــــﺎ ﻛــــــــــــﺎﻧــــــــــــﺖ ﺷـــــــــﻬـــــــــﺎدة روﺑــﺮت ﻏﻴﺘﺲ اﻟـﺬي ﻛــــــﺎن ﻧـــﺎﺋـــﺒـــﴼ ﻟــﻮﻛــﺎﻟــﺔ اﳌــــــﺨــــــﺎﺑــــــﺮات ﺗــﺤــﺖ وﻟــــﻴــــﻢ ﻛـــﻴـــﺴـــﻲ. ﻗـــﺎل ﻳـــﻮﻣـــﻬـــﺎ ﻏـــﻴـــﺘـــﺲ إن اﻟﺮﺋﻴﺲ روﻧﺎﻟﺪ رﻳﻐﺎن ﻛﺎن ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت »ﻣﻠﻮﻧﺔ أو ﻣﺴﻴﺴﺔ« أو ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻠﻮﺛﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮدة وﻫــــــــﺬا ﻣـــــﺎ ﺟـــﻌـــﻠـــﻪ ﻳـــﺘـــﺨـــﺬ ﻗــــــــﺮارات ﺧﺎﻃﺌﺔ. وﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ وﻫﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ ﺗﺮن ﻓﻲ رأﺳﻲ وﺗﺸﻜﻞ ﻓﻬﻤﻲ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣـــﻦ اﻷﻣــــــﻮر. اﻷﺳـــــﺎس ﻓـــﻲ ﻓــﻬــﻢ أي ﺷــــﻲء ﻫـــﻲ اﳌــﻌــﻠــﻮﻣــﺎت واﻟــﺤــﻘــﺎﺋــﻖ اﳌﺠﺮدة ﻻ اﳌﻠﻮﻧﺔ أو اﳌﻠﻮﺛﺔ.
ﻓـــﻲ ﻋــﺎﳌــﻨــﺎ اﻟــﻌــﺮﺑــﻲ ﻛــﺜــﻴــﺮ ﻣﻦ اﻵراء وﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت، ﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟــﻘــﺮار ﻣــﻦ ﻣــﺬﻛــﺮات ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻛـﺎن ﻣﻨﻤﻘﴼ واﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻓﻴﻪ إﻣـﺎ ﻣﻠﻮﻧﺔ وإﻣـﺎ ﻣﺴﻴﺴﺔ، ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺤﻠﻞ ﺗﻠﻚ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻟﻨﺼﻞ إﻟﻰ ﺗﺸﺨﻴﺺ أو ﻧﺘﺎﺋﺞ؟
اﳌﻼﺣﻈﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺨﺺ اﻟﻨﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﻓﻔﻲ اﻟﻐﺮب ﺣﺘﻰ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺴﻴﺎرة ﺗﺨﻀﻊ ﳌﻌﺎﻳﻴﺮ ﺻﺎرﻣﺔ ﳌﺎ ﻳﻨﺸﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ. أﻣﺎ ﻧـﺸـﺮ اﻟـﻜـﺘـﺐ ﻓـﻠـﻜـﻞ دار ﻧـﺸـﺮ ﻟﺠﻨﺔ ﺗـﺤـﻜـﻴـﻢ داﺧــﻠــﻴــﺔ وﻣــﺤــﻜــﻢ ﺧـﺎرﺟـﻲ ﻳﻘﺮظ اﻟﻜﺘﺎب ﻗﺒﻞ اﻟﻨﺸﺮ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺻﺎرﻣﺔ ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ أو رأي أو ﺗﺨﻤﲔ. أﻣﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻼ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻫﻨﺎك. إذ ﻳــﻤــﻜــﻦ ﻟــﻠــﺸــﺨــﺺ أن ﻳــﻨــﺸــﺮ آراءه ﺳــــﻮاء ﻛــــــﺎﻧــــــﺖ ﺳـــــــﺪﻳـــــــﺪة أو ﻏﻴﺮ ذﻟــﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺘﻪ اﻟـــﺨـــﺎﺻـــﺔ، وﻟــﻸﺳــﻒ ﻳﻮﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟــﻜــﺘــﺐ ﻓــﻲ اﳌـﻜـﺘـﺒـﺎت ﻟﺘﻘﺮأه اﻷﺟـﻴـﺎل ﻛﺄﻧﻪ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت.
إذن ﻛﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﺳﺘﺒﺪاد أو ﻋـــــــــــــﻦ ﺗـــــــﺤـــــــﻮل دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻻ ﻧﻌﺮف ﻋﻨﻪ ﺷﻴﺌﴼ إﻻ ﺑﺎﻟﺘﺨﻤﲔ وﺿـــﺮب اﻟـــﻮدع وﻗـــﺮاءة اﻟﻔﻨﺠﺎن؟ إذا ﻣﺎ ﻗﺎرﻧﺎ ﺑﲔ اﻟﺨﺮوج ﻣـﻦ ﻣــﺄزق اﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ﺑـﲔ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﻣﺼﺮ، وﺑﲔ اﻟﺠﻨﺮال ﻓﺮاﻧﻜﻮ اﻟﺬي ﺣﻜﻢ ﳌﺪة ﺳﺘﺔ وﺛﻼﺛﲔ ﻋﺎﻣﴼ وﺑﲔ اﻟﺠﻨﺮال ﻣﺒﺎرك اﻟﺬي ﺣﻜﻢ ﳌﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﺛﻼﺛﲔ ﻋﺎﻣﴼ إﻻ أﻳﺎﻣﴼ، ﻧﺠﺪ أﻧﻨﺎ ﻧــﻌــﺮف اﻟــﻜــﺜــﻴــﺮ ﻋـــﻦ ﺣــﻜــﻢ ﻓــﺮاﻧــﻜــﻮ، واﻟﻘﻠﻴﻞ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ ﻣﺒﺎرك ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳌــﻌــﻠــﻮﻣــﺎت اﳌــــﺠــــﺮدة. وﻟـــﺬﻟـــﻚ ﻛــﺎن ﻟﺪى اﻹﺳﺒﺎن اﳌﺎدة اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻠﻠﻮﻧﻬﺎ وﻳــﻔــﻬــﻤــﻮن أﺧـــﻄـــﺎء ﻫـــﻢ ﻟــﻴـﻨــﺘـﻘــﻠـﻮا إﻟـﻰ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﺮف اﳌﺼﺮﻳﻮن إﻻ اﻟﻨﺬر اﻟﻴﺴﻴﺮ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ ﺑـﻼدﻫــﻢ. اﻹﺳــﺒــﺎن ﻳﻘﻮﻟﻮن إﻧـﻬـﻢ ﻻ ﻳــﻌــﺮﻓــﻮن ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﻻ ﺗـــﻜـــﻮن ﻟـﺪﻳـﻬـﻢ اﻟـﻮﺛـﺎﺋـﻖ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳـﺪﻋـﻲ اﳌﺼﺮﻳﻮن اﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺨﻤﲔ وﺣﻜﺎوي اﻟﻘﻬﺎوي. ﻓﻜﻴﻒ ﳌﻦ ﻻ ﻳﻌﺮف أﺳﺒﺎب اﻟﻌﻠﺔ أن ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻌﻼج؟ وﻛﻴﻒ ﳌﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺆﻛﺪة ﻋﻤﺎ ﺣﺪث ﺧﻼل ﺛﻼﺛﲔ ﻋﺎﻣﴼ أن ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ ﻧﻈﺎم ﺟﺪﻳﺪ أو ﻋﻦ اﻧﻔﺮاﺟﺔ؟ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ دراﺳـﺎت ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﲔ ﺗﺠﻤﻌﺎت إﻧــﺴــﺎﻧــﻴــﺔ ﻣــﺘــﺒــﺎﻳــﻨــﺔ، ﻓــﻨــﺤــﻦ ﻟﺴﻨﺎ وﺣــﺪﻧــﺎ ﻓــﻲ ﻫـــﺬا اﻟـــﻜـــﻮن، ﻛــﻤــﺎ أﻧـﻨـﺎ ﻟﺴﻨﺎ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺒﺸﺮي، إذ ﻳﺠﺮي ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮ ﻛﺎﻓﺔ.
ﻳــــﺪﻋــــﻲ ﻛــﺜــﻴــﺮ ﻣــــﻦ اﻟــــﻌــــﺮب أن أﺳﺒﺎب ﺗﺨﻠﻔﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ اﻷﻣﻢ ﻫﻮ آﻓــﺎت ﻣﺜﻞ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻻﺳﺘﺒﺪاد واﻟﻌﺴﻜﺮ. وﻟﻜﻦ إذا ﻣﺎ ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻰ دول اﻧﺘﻘﻠﺖ إﻟــﻰ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺠﺪ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻵﻓــﺎت أﺿـﻌـﺎف ﻣـﺎ ﻋﺎﻧﻰ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ.
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻣﺜﻼ، ﻓﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ وﻣــﺪة اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻳـﻤـﻜـﻨـﻨـﺎ اﻟـــﻘـــﻮل ﺑــــﺄن اﻟــﺘــﺎرﻳــﺦ ﻛــﺎن ﻛـــﺮﻳـــﻤـــﴼ ﻣــــﻊ اﻟــــﻌــــﺮب، أﻣـــــﺎ أﻓــﺮﻳــﻘــﻴــﺎ اﻟـﺘـﻲ ﺳﻴﻖ أﻫـﻠـﻬـﺎ ﻓــﻲ اﻷﻏـــﻼل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻛﻌﺒﻴﺪ، ﻓﻼ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﲔ اﻟﻌﺮب. إذ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻌﺒﺪ اﻟﻌﺮب ﺗﺎرﻳﺨﻴﴼ وﻟﻢ ﻳﻤﺮوا ﺑﻤﺤﻨﺔ اﻷﻓــﺎرﻗــﺔ، وﻣــﻊ ذﻟــﻚ اﻧﺘﻘﻞ اﻷﻓـﺎرﻗـﺔ إﻟﻰ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وﻟﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ اﻟﻌﺮب.
أﻣـــــــﺎ ﻋـــﻨـــﺪ ﻣــــﻘــــﺎرﻧــــﺔ ﻋــﺴــﻜــﺮﻧــﺎ ﺑﻌﺴﻜﺮ أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻧـــﺠـــﺪﻫـــﻢ أﻗــــــﻞ دﻣــــﻮﻳــــﺔ ﻣــــﻦ ﻋـﺴـﻜـﺮ أﻓـﺮﻳـﻘـﻴـﺎ وأﻣــﻴــﺮﻛــﺎ اﻟـﻼﺗـﻴـﻨـﻴـﺔ، وﻣـﻊ ذﻟــــﻚ اﻧــﺘــﻘــﻠــﺖ اﻟـــﺒـــﺮازﻳـــﻞ وﺗـﺸـﻴـﻠـﻲ وﻏــﺎﻧــﺎ وﻧـﻴـﺠـﻴـﺮﻳـﺎ إﻟــﻰ ﺣــﺎﻟــﺔ ﺷﺒﻪ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ.
إذن ﻣــــﺎ أﺳــــﺒــــﺎب اﻷزﻣـــــــــﺔ: ﻫـﻞ ﻫـﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺘﻨﻮﻳﻌﺎﺗﻬﺎ اﳌﺤﻠﻴﺔ أم أﻧﻈﻤﺔ إدارة اﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت أم ﻣﺎذا؟ اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮة، وﻟــﻜــﻦ ﻓــﻲ ﻏــﻴــﺎب اﳌـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت ﻳﺒﻘﻰ أﻛﺜﺮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻣﺠﺮد ﺗﺨﻤﲔ.
وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺤﻴﺔ ﳌﻨﺘﺪى أﺻﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮاره ﻷرﺑﻌﲔ ﻋﺎﻣﴼ ﻳﻨﺎﻗﺶ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺸﺎﺋﻜﺔ.