Asharq Al-Awsat Saudi Edition

اﻟﺤﺮب وأزﻣﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط اﻟﻨﻈﺎم اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ

ﺛﻼث رواﻳﺎت ﺗﺸﻴﻜﻴﺔ ﺗﺮﺟﻤﻬﺎ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺒﻠﺘﺎﺟﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ

- اﻟﻘﺎﻫﺮة: ﺣﻤﺪي ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ

ﺛـــﻼﺛـــﺔ أﻋـــﻤـــﺎ­ل رواﺋــــﻴـ­ـــﺔ ﻣــﺘــﻤــﻴ­ــﺰة ﻣـﻦ اﻷدب اﻟــﺘــﺸــ­ﻴــﻜــﻲ ﺻـــــﺪرت ﺣــﺪﻳــﺜــ­ﴼ دﻓــﻌــﺔ واﺣـــﺪة، وﺗﺮﺟﻤﻬﺎ إﻟــﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺒﻠﺘﺎﺟﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ واﺣﺪﴽ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﺘﺮﺟﻤﻲ اﻷدب اﻟﺘﺸﻴﻜﻲ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ﻧﺸﺎﻃﴼ.

اﻟــــﺮواﻳ­ــــﺔ اﻷوﻟــــــ­ﻰ ﻟـــﻸدﻳـــ­ﺐ اﻟـﺘـﺸـﻴـﻜ­ـﻲ اﳌﻌﺮوف إﻣﻴﻞ ﻫﺎﻛﻞ وﻫﻲ »ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ« ﻋـﻦ دار »اﻟﻜﺘﺐ ﺧــﺎن« ﺑـﺎﻟـﻘـﺎﻫـ­ﺮة. وﻛﺎﻧﺖ ﻗــﺪ ﺻـــﺪرت ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ اﻷﺻـﻠـﻴـﺔ ﻋــﺎم ٣١٠٢، واﻋــــﺘــ­ــﺒــــﺮت واﺣـــــــ­ـﺪة ﻣــــﻦ أﻓـــﻀـــﻞ اﻷﻋـــﻤـــ­ﺎل اﻟـﺮواﺋـﻴـ­ﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺤﻴﺎة اﳌﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ ﺑﻠﺪه.

ﻳـــﺴـــﻌـ­ــﻰ أﺑــــــﻄـ­ـــــﺎل اﻟــــــــ­ـﺮواﻳـــــ­ــــﺔ، ﺣــﺴــﺐ اﻟـــﺒـــﻠ­ـــﺘـــﺎﺟـ­ــﻲ اﻟـــــــﺬ­ي ﻳــﻌــﻤــﻞ أﺳـــــﺘــ­ـــﺎذﴽ ﻟـﻠـﻐـﺔ اﻟــﺘــﺸــ­ﻴــﻜــﻴــﺔ ﺑــﺠــﺎﻣــ­ﻌــﺔ ﻋــــﲔ ﺷـــﻤـــﺲ، إﻟـــﻰ »اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺻﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﻣﺼﺎﺋﺮﻫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ. ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺑـﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل ﺣـــﻘـــﻴـ­ــﻘـــﻴـــ­ﺔ ﺟـــــــــ­ﺎدة ﻳـــﺼـــﺒـ­ــﻐـــﻮن ذﻗــــﻮﻧــ­ــﻬــــﻢ، وﻳﺮﻓﻀﻮن ﺗﺤﻤﻞ أي ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎت«. ﻳﻔﻜﻚ ﻫﺎﻛﻞ، اﳌﻮﻟﻮد ﻓﻲ ﻣﺎرس )آذار( ٨٥٩١ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﺘﺸﻴﻜﻴﺔ ﺑــﺮاغ، ﺣﺎﻟﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟــﺘــﺸــ­ﻴــﻜــﻲ ﻓــــﻲ اﻟــــﻮﻗــ­ــﺖ اﻟـــــﺮاﻫ­ـــــﻦ. وﻳـــﻘـــﻮ­م ﺑﺘﺸﺮﻳﺢ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺮﺟﺎل، ﻣﺤﺎوﻻ ﻛﺸﻒ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﻣﻦ ﺧﻠﻒ »ﺻﻮر اﻟﻨﺠﺎح واﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟــﺠــﻮﻓـ­ـﺎء«، ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﴼ ﻟﻐﺘﻬﻢ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ، اﻟـﺘـﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﻣﺴﺘﻮى ﺗﻔﻜﻴﺮﻫﻢ اﻟـﻌـﺎدي، وﺗﻀﻴﻴﻌﻬﻢ ﺣﻴﻮاﺗﻬﻢ ﻫﺒﺎء ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ أﻟﻌﺎب ﺣﺎﺳﻮﺑﻴﺔ ﻏﺒﻴﺔ.

ﺗـــــــــ­ـﺪور رواﻳــــــ­ــــــﺔ »ﺣـــــــــ­ـﺪث ﺑــــﺎﻟـــ­ـﻔــــﻌـــ­ـﻞ«، اﻟـــﺘـــﻲ ﺣــﺼــﻠــﺖ ﻋـــــﺎم ٤١٠٢ ﻋـــﻠـــﻰ ﺟـــﺎﺋـــﺰ­ة »ﻣﺎﻧﺠﻨﻴﺰﻳﺎ ﻟﻴﺘﻴﺮا«، وﻫــﻲ أﻛـﺒـﺮ ﺟﺎﺋﺰة أدﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺘﺸﻴﻚ، ﺣـﻮل ﺛﻼث ﺷﺨﺼﻴﺎت، اﻷول أدﻳــﺐ ﻳﺘﻘﺪم ﺑـﻪ اﻟﻌﻤﺮ وﻳﺮﻓﺾ أن ﻳﻤﺎرس أي ﻋﻤﻞ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ. واﻟﺮﺟﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺼﺒﻎ ذﻗــﻨــﻪ ﻛـــﻞ ﻳـــﻮم ﺑــﻠــﻮن ﻣــﺨــﺘــﻠ­ــﻒ، ﻟــﻴــﺲ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻴﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻏﻴﺮه ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﺎ، ﺑﻞ ﳌﺠﺮد أن ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻠﻨﺎس أن »أﻓﻜﺎره ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺷـﺎﺑـﺔ«. أﻣـﺎ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﺸﺎب ﻏﺎﺿﺐ داﺋﻤﴼ، ﻳﺸﻐﻠﻪ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﳌـﻮت ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻌﺎﻃﻴﻪ اﳌــﺨــﺪرا­ت. وﻳﻨﺘﻤﻲ اﻟـﺜـﻼﺛـﺔ إﻟــﻰ ﺟﻴﻞ ﻟﻢ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﺸﻤﻮﻟﻲ اﻟﺬي اﻧﺘﻬﻰ وﻫـﻢ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﳌﺮاﻫﻘﺔ. إﻧﻬﻢ ﻳﺮﻓﻀﻮن أي اﻟﺘﺰام ﺗﺠﺎه اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻵﺧﺮﻳﻦ، ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ أو اﻟـﺰوﺟـﺔ أو اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ أو اﻷﺑﻮﻳﻦ أو ﺗـــﺠـــﺎه أﻧــﻔــﺴــ­ﻬــﻢ. اﻟــﻘــﻀــ­ﻴــﺔ اﳌــﺤــﻮرﻳ­ــﺔ ﻓــﻲ اﻟــﺮواﻳــ­ﺔ ﻫــﻲ أزﻣـــﺔ اﻟـﺤـﺮﻳـﺔ وﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧــﺴــﺎن اﻟــﻌــﺎدي، وﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻤﻪ.

وﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﺮاوي ﻓﻲ »ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ« ﺗــﻘــﻨــﻴ­ــﺎت ﺳـــﺮدﻳـــ­ﺔ ﻣــﺨــﺘــﻠ­ــﻔــﺔ ﻣــﻨــﻬــﺎ اﻟــﻜــﻼم اﳌﺒﺎﺷﺮ واﳌﺨﺎﻃﺒﺎت اﻟﺒﺮﻳﺪﻳﺔ، واﻟـﺤـﻮار وﻛـــﺬﻟـــ­ﻚ اﳌـــﻮﻧـــ­ﻮﻟـــﻮج اﻟـــﺪاﺧــ­ـﻠـــﻲ، ﺿــﻔــﺮﻫــ­ﺎ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﺑﺤﻜﺎﻳﺎت وﻣﻘﺘﻄﻔﺎت ﻣﻦ ﻋﺪة ﻛﺘﺐ،

وﺗﺼﺮﻳﺤﺎت وآراء ﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻳـﺮاﻫـﺎ اﻷدﻳـــﺐ ﻗﺮﻳﺒﺔ اﻟﺼﻠﺔ ﺑــﺎﻟــﻮﺿـ­ـﻊ ﻓـــﻲ اﻟــﺘــﺸــ­ﻴــﻚ. وﻗــــﺪ ﺣـــــﺎول ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﻳﺴﺘﺤﺚ اﻟﻘﺎرئ ﻋﻠﻰ أﻻ ﻳﺠﻠﺲ وﻳـــﺴـــﺐ وﻳــﻠــﻌــ­ﻦ اﻷوﺿــــــ­ــﺎع، ﺑـــﻞ ﻳﻨﺘﻔﺾ وﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﴼ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻷوﺿﺎع.

أﻣـﺎ اﻟـﺮواﻳـﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ »اﻟـﺴـﻮط اﻟﺤﻲ« اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ دار »ﺻﻔﺼﺎﻓﺔ«، ﻓﻬﻲ ﳌﻴﻠﻮ أورﺑﺎن )٤٠٩١ - ٢٨٩١(، وﻫﻲ أﻛﺜﺮ رواﻳﺎﺗﻪ ﺷﻬﺮة، ﻓﻬﻲ ﺷﻬﺎدة ﻋﻦ اﻟﺤﺮب وأﻫﻮاﻟﻬﺎ رﻏﻢ أﻧﻬﺎ »ﻻ ﺗﺼﻔﻬﺎ ﺑﺼﻮرة ﻣﺒﺎﺷﺮة«.

ﻳــﻘــﻮل ﻋـﻨـﻬـﺎ اﳌــﺘــﺮﺟـ­ـﻢ اﻟــﺒــﻠــ­ﺘــﺎﺟــﻲ إن »ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻛﺘﺒﻮا ﻋـﻦ اﻟــﺤــﺮوب، وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟــﺤــﺮﺑـ­ـﲔ اﻟــﻌــﺎﳌـ­ـﻴــﺘــﲔ. ﻣـﻨـﻬـﻢ ﻋــﻠــﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌـــﺜـــﺎ­ل إرﻳـــــﻚ ﻣـــﺎرﻳـــ­ﺎ رﻳـــﻤـــﺎ­رك ﻓـــﻲ رواﻳــﺘــﻪ )ﻛــﻞ ﺷــﻲء ﻫــﺎدئ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ(، أو ﻫﻴﻤﻨﻐﻮاي ﻓــﻲ واﺣـــﺪ ﻣــﻦ أﻫــﻢ أﻋـﻤـﺎل )وداﻋـــــﴼ أﻳــﻬــﺎ اﻟـــﺴـــﻼ­ح(، وﻫــﻤــﺎ ﺗـﻌـﺎﻟـﺠـﺎ­ن ﻣــــﻮﺿـــ­ـﻮع اﻟــــﺤـــ­ـﺮب ﻣــــﻦ زواﻳــــــ­ــﺎ ﻣــﺨــﺘــﻠ­ــﻔــﺔ، وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﻌﻞ أورﺑــﺎن ﻓﻲ )اﻟﺴﻮط اﻟﺤﻲ(. ﻓﺮﻏﻢ أن اﻟﺮواﻳﺔ ﻏﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب وأﻫﻮاﻟﻬﺎ وآﺛﺎرﻫﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﺪ رواﻳﺔ ﺣﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي. وﻫﺬا ﻳﺒﺪو ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺰﻫﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺤﺮب اﻟﺬي ﻏﺎﻟﺒﴼ ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻪ اﻷدب«.

ﺗﺒﺪأ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﻌﻮدة اﻟﺠﻨﺪي أوﻧﺪري ﻛﻮرﻳﻦ إﻟﻰ ﺑﻠﺪﺗﻪ ﻗﺎدﻣﴼ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﻘﺘﺎل ﻓﺎﻗﺪﴽ إﺣﺪى ذراﻋﻴﻪ، أﺧﺮس ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻼم، وﻫﻨﺎ ﺗﻨﻌﻜﺲ اﻟﺤﺮب أﻣﺎم أﻋﻴﻨﻨﺎ ﺑﻜﻞ أﻫﻮاﻟﻬﺎ: ﻣﺼﺎﺋﺮ ﺗﻌﺴﺔ ﻷﻧﺎس رﻓﻀﻮا اﻟﺤﺮب، ورﻓﻀﻮا أن ﺗﺮاق دﻣﺎؤﻫﻢ »ﻣﻦ أﺟﻞ أﻣﻮر ﻻ دﺧﻞ ﻟﻬﻢ ﺑﻬﺎ وﻻ ﺗﺨﺼﻬﻢ أﺳﺒﺎﺑﻬﺎ«.

وﺗـﺘـﻜـﻮن اﻟــﺮواﻳــ­ﺔ ﻣــﻦ ﺟــﺰأﻳــﻦ؛ اﻷول ﺑﻌﻨﻮان »اﻷﻳﺎدي اﳌﻔﻘﻮدة«، واﻟﺜﺎﻧﻲ »آدم ﻫــﻼﻓــﺎي«، ﻋﻠﻰ اﺳــﻢ أﺣــﺪ أﺑـﻄـﺎل اﻟـﺮواﻳـﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﲔ. ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻧﺠﺪ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻘﻴﺮ اﻟﺨﺎﻧﻊ ﻟﺴﻠﻄﺔ اﻷﻗــﻮﻳــﺎ­ء. أﻣــﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻨﺸﻬﺪ ﺛﻮرة ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ ﺑﻔﻀﻞ ﺑﻄﻞ اﻟـﺮواﻳـﺔ آدم ﻫﻼﻓﺎي اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻬﺔ ﻫﺮﺑﴼ ﻣﻦ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﻘﺘﺎل. وﻗﺪ ﻇﻞ اﻟﺮواﺋﻲ ﻣﻴﻠﻮ أورﺑـﺎن، رﻏـــــﻢ ﺻـــﻌـــﻮﺑ­ـــﺔ ﻣــــﻮﺿـــ­ـﻮع اﻟــــﺤـــ­ـﺮب وﻓــﻴــﴼ ﻷﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮي ﻓﻲ اﻟﺴﺮد. إﻧﻪ ﻳﺼﻒ أﻫﻮال اﻟﺤﺮب ﺑﻠﻐﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﻨﻢ ﻋﻦ رﻓﺾ وﻏﻀﺐ وﻛﺮاﻫﻴﺔ، ﻣﻘﺪﻣﴼ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﻜﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﻋﻤﻞ إﺑﺪاﻋﻲ ﻣﺘﻤﻴﺰ.

وﺗــــﺄﺗــ­ــﻲ اﻟـــــﺮوا­ﻳـــــﺔ اﻟــﺜــﺎﻟـ­ـﺜــﺔ ﺑــﻌــﻨــﻮ­ان »ﻋــــﺎم اﻟــﻠــﺆﻟـ­ـﺆ« ﺗــﺄﻟــﻴــ­ﻒ اﻟــﻜــﺎﺗـ­ـﺒــﺔ ﺳــﻮزاﻧــﺎ ﺑـﺮاﺑـﺘـﺴـ­ﻮﻓـﺎ )٩٥٩١ – ٥١٠٢(. وﻫـــﻲ ﻣﻦ ﻣــﻮاﻟــﻴـ­ـﺪ ﺑــــﺮاغ أﻳــﻀــﴼ، ﻓــﻲ أﺳــــﺮة ﺗﺸﺘﻐﻞ ﺑــﺎﻷدب، ﻓــﺎﻷب ﻧﺎﻗﺪ أدﺑــﻲ ﻣﻌﺮوف واﻷم ﻣﺘﺮﺟﻤﺔ وﻣﺤﺮرة. ﻣﻨﻌﺖ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻷﺳﺒﺎب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ إﺑـﺎن اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ، ﻓﻌﻤﻠﺖ أﻣﻴﻨﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ، ﻓﻼﺣﻘﻬﺎ اﻟــﻨــﻈــ­ﺎم وﻟـــﻢ ﺗـﺴـﺘـﻄـﻊ ﻣــﻮاﺻــﻠـ­ـﺔ ﻋـﻤـﻠـﻬـﺎ، ﺣﺘﻰ اﺿﻄﺮت إﻟﻰ أن ﺗﻘﺒﻞ وﻇﻴﻔﺔ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻧﻈﺎﻓﺔ ﻓﻲ أﺣﺪ اﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت. وﻗﺪ ﻧﺸﺮت ﺑــﺮاﺑــﺘـ­ـﺴــﻮﻓــﺎ أﻋــﻤــﺎﻟـ­ـﻬــﺎ، ﻗــﺒــﻞ اﻟـــﺜـــﻮ­رة ﻋــﺎم ٩٨٩١ اﻟﺘﻲ أﻧﻬﺖ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ، ﻓﻲ دور ﻧﺸﺮ ﺳﺮﻳﺔ. ﺛﻢ ﺻﺪرت أوﻟﻰ رواﻳﺎﺗﻬﺎ »ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ اﻟﺸﺠﺮة – ٧٨٩١« وﻛﺎﻧﺖ أول ﻣــﻦ ﺣـﺼـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﺟــﺎﺋــﺰة »ﻳــﺮﺷــﻲ أورﺗـــﻞ« اﻷدﺑــﻴــﺔ ﺑـﻬـﺎ. واﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﻌﺪ اﻟــﺜــﻮرة ﻓﻲ وزارة اﻟــﺨــﺎرﺟ­ــﻴــﺔ، ﺛــﻢ ﻋـﻤـﻠـﺖ ﻓــﻲ ﻣـﺠـﺎل اﻟــﻨــﺸــ­ﺮ. ﺣـﺼـﻠـﺖ رواﻳــﺘــﻬ­ــﺎ اﻟـﺘـﺎﻟـﻴـ­ﺔ »ﺑـﻠـﺪ اﻟـﻠـﺼـﻮص – ٥٩٩١« ﻋـﻠـﻰ اﻫـﺘـﻤـﺎم ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎد اﻷدﺑـﻴـﲔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻠﻖ ﻗﺒﻮﻻ ﻟﺪى اﻟﻘﺮاء. وﻗﺪ ﺻﺪرت ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ »ﻋﺎم اﻟﻠﺆﻟﺆ – ٠٠٠٢«، وﺗﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﻣﺒﻴﻌﴼ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺘﺸﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ وﻗﺘﻬﺎ. ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺑﺮاﺑﺘﺴﻮﻓﺎ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ إﻟﻰ أن ﻧﺸﺮت ﻋﺎم ٢١٠٢ رواﻳﺘﻬﺎ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ »اﻷﺳﻘﻒ« واﻟﺘﻲ ﺻﺪرت ﻧﺴﺨﺘﻬﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »دﻳﺘﻮﻛﺲ«.

ﺗﻌﺪ رواﻳﺔ »ﻋﺎم اﻟﻠﺆﻟﺆ«، اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮت ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ دار »اﻟﻜﺘﺐ ﺧـــﺎن«، واﺣـــﺪة ﻣﻦ أﺑﺮز اﻷﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﺘﺸﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ. إﻧﻬﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻗﺎدﺗﻬﻢ أﻗـﺪارﻫـﻢ إﻟﻰ ﻣﺼﺤﺔ ﻟـﻸﻣـﺮاض اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ، وﻣــﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﻄﻠﺔ اﻟﺮواﻳﺔ »ﻟﻮﺗﺴﻴﺎ« اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻷوﻟـﻰ، وﻫﻲ ﺗﺘﻌﺎﻓﻰ ﻣﻦ ﻋــﻼﻗــﺔ ﻣﺜﻠﻴﺔ اﺳـﺘـﻤـﺮت ﳌــﺪة ﻋــﺎم ﺳـﺮﻋـﺎن ﻣــﺎ ﺗـﺤـﻮﻟـﺖ إﻟـــﻰ ﺣــﺎﻟــﺔ ﻣـﺮﺿـﻴـﺔ ﺗــﺠــﺎوزت ﺣﺪ اﳌﻌﻘﻮل. وﺑﻠﻐﺖ ﺣﺪﴽ اﺳﺘﻌﺼﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﻮﺗﺴﻴﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻬﻤﻪ.

وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ، ﺗﻄﺮح اﻟﺮواﻳﺔ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ. وﻟﻢ ﺗﻌﺒﺮ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻋﻦ ﻫﺬه اﳌﻮﺿﻮع ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮؤﻳﺔ اﳌﺸﺘﺘﺔ واﳌﺸﺎﻫﺪ اﻟﻀﺒﺎﺑﻴﺔ اﳌﺘﺪاﺧﻠﺔ، وﻫـﻮ أﻣﺮ ﺷﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﺘﺸﻴﻜﻲ اﳌﻌﺎﺻﺮ، ﻟﻜﻦ أﻳــﻀــﴼ ﻣــﻦ ﺧـــﻼل اﻟــﻨــﻈــ­ﺮة اﻟــﺨــﺎرﺟ­ــﻴــﺔ إﻟــﻰ ﻣــﺎ ﺗـﺸـﻌـﺮ ﺑــﻪ ﻟـﻮﺗـﺴـﻴـﺎ، وﺑــﺎﳌــﺸـ­ـﺎﻫــﺪ اﻟﺘﻲ ﺗـﺘـﻌـﺮض ﻟـﻬـﺎ اﺑـﻨـﺘـﻬـﺎ. ﺗﻈﻬﺮ ﻓــﻲ اﻟــﺮواﻳــ­ﺔ ﺑﻌﺾ اﳌﻘﺎﻃﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮﺗﺴﻴﺎ ﻛﺮاوﻳﺔ ﺑﻀﻤﻴﺮ اﳌﺘﺤﺪث، وﻳﻜﻮن اﻟﺤﻜﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻀﻤﻴﺮ اﻟﻐﺎﺋﺐ، ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎوب اﻟﺴﺮد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ راو ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺟﺰاء. وﺑﺬﻟﻚ، إﻟﻰ أن ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺤﺪث ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ أﺻﻮات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺗﺮﻛﺖ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻠﻘﺎرئ.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia