اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ دﺧﻞ إﻟﻰ أوروﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ
ﻧﺸﺄت ﻟﺘﻜﻮن »رﻗﻌﺔ« ﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻷدﻳﺎن
ﻳﺠﻤﻊ اﳌﺆرﺧﻮن ﻋﻠﻰ أن ﻟﻌﺒﺔ اﻟــﺸــﻄــﺮﻧــﺞ اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻌــﻮد ﺟــﺬورﻫــﺎ اﳌﻌﺮوﻓﺔ إﻟــﻰ اﻟـﻘـﺮن اﻟـﺴـﺎدس ﻓﻲ ﺑــﻼد اﻟﻬﻨﺪ وﻓـــﺎرس، ﻗـﺪ اﻧﺘﺸﺮت ﻓــﻲ أوروﺑــــﺎ وأﻣــﻴــﺮﻛــﺎ ﻣــﻦ اﻟـﺒـﻮاﺑـﺔ اﻹﺳـﺒـﺎﻧـﻴـﺔ ﺣـﻴـﺚ ﻛــﺎﻧــﺖ ﻣﻨﺘﺸﺮة ﻓــﻲ أوﺳــــﺎط اﻟـﻨـﺒـﻼء وأﻫـــﻞ اﻟـﺪﻳـﻦ واﻟــــﻌــــﻠــــﻮم، ﻓــــﺘــــﻄــــﻮرت ﻗـــﻮاﻋـــﺪﻫـــﺎ وﺗـــﻌـــﺪﻟـــﺖ ﺣــﺘــﻰ وﺻـــﻠـــﺖ إﻟــــﻰ ﻣـﺎ ﻫــﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟــﻴــﻮم. وﻛـــﺎن اﻻﻋـﺘـﻘـﺎد اﻟـﺴـﺎﺋـﺪ ﺑــﲔ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـﲔ أن اﻟـﻌـﺮب ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﻤﻠﻮا ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ إﻟﻰ اﻟـــﻐـــﺮب ﺧـــــﻼل اﻟــﻔــﺘــﺢ اﻷﻧــﺪﻟــﺴــﻲ ﻟــﺸــﺒــﻪ اﻟـــﺠـــﺰﻳـــﺮة اﻹﻳـــﺒـــﻴـــﺮﻳـــﺔ ﺑـﲔ ﻣﻄﺎﻟﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ وأواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ.
وﻗﺪ ذﻫﺒﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﺠﺰر اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﺧﻞ اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ إﻟــــﻰ ﺑــــﻼد اﻟـــﻐـــﺮب، اﺳـــﺘـــﻨـــﺎدﴽ إﻟــﻰ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة ﻟﻮﻳﺲ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳﺔ، واﳌــﺤــﻔــﻮﻇــﺔ ﺣــﺎﻟــﻴــﴼ ﻓـــﻲ اﳌـﺘـﺤـﻒ اﻟــــﺒــــﺮﻳــــﻄــــﺎﻧــــﻲ ﺑــــﻠــــﻨــــﺪن وﻣــﺘــﺤــﻒ أدﻧﺒﺮه. وﺗﻀﻢ ﻫﺬه اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ٨٧ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎج ٤١ ﻟﻮﺣﺔ ﻳﺮﺟﺢ أﻧﻬﺎ ﻣﻦ أﺻﻞ إﺳﻜﻨﺪﻳﻨﺎﻓﻲ.
ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻣﺆﺧﺮﴽ ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ ﻗﻄﻊ ﺷﻄﺮﻧﺞ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﻴﺮزو اﻟــﻮاﻗــﻌــﺔ ﻓـــﻲ اﻟــﺸــﻤــﺎل اﻹﺳــﺒــﺎﻧــﻲ ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ اﳌﻴﻼدي، ﺟﺎء ﻟﻴﺆﻛﺪ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إن اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﻤﻠﻮا ﻫــﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ إﻟــﻰ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ دﺧــــﻠــــﻮا اﻷﻧـــــﺪﻟـــــﺲ ﻣــﻄــﻠــﻊ اﻟـــﻘـــﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ، وإن اﻟﻨﺴﺎك اﳌﺴﺘﻌﺮﺑﲔ ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻘﻠﻮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﺪﻟﺲ إﻟﻰ اﳌـﻨـﺎﻃـﻖ اﻟـﺸـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟﺘﻨﺘﺸﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ أوروﺑﺎ.
وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ »ﻛﺘﺎب اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ واﻷﻟــﻌــﺎب« اﻟـــﺬي وﺿـﻌـﻪ اﻟﻌﺎﻫﻞ اﻹﺳــــﺒــــﺎﻧــــﻲ أﻟـــﻔـــﻮﻧـــﺴـــﻮ اﻟـــﻌـــﺎﺷـــﺮ »اﻟﺤﻜﻴﻢ« ﻋﺎم ٣٨٢١ ﻓﻲ إﺷﺒﻴﻠﻴﺔ: »إن اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺑﲔ اﳌﺴﻠﻤﲔ واﻟﻴﻬﻮد واﳌﺴﻴﺤﻴﲔ«. وﻳـﻮﺟـﺪ ﻣﺨﻄﻮط اﻟــــﻜــــﺘــــﺎب ﻣـــﺤـــﻔـــﻮﻇـــﴼ ﻓـــــﻲ ﻣــﻜــﺘــﺒــﺔ ﻗﺼﺮ اﻷﺳﻜﻮرﻳﺎل اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣــﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ. وﻳـــﺴـــﺘـــﻔـــﺎد ﻣـــــﻦ اﻷﺑــــــﺤــــــﺎث اﻟــﺘــﻲ أﺟــــﺮﻳــــﺖ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻘــﻄــﻊ اﻷرﺑـــــــﻊ أن اﻟــــﺮﻫــــﺒــــﺎن اﳌـــﺴـــﺘـــﻌـــﺮﺑـــﲔ، اﻻﺳـــــﻢ اﻟـﺬي ﻛـﺎن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﻴﺤﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟــﺨــﺎﺿــﻌــﺔ ﻟـﺤـﻜـﻢ اﳌــﺴــﻠــﻤــﲔ، ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺴﺨﻮﻫﺎ وﺣﻤﻠﻮﻫﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮروا اﻟﻬﺠﺮة إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺸﻤﺎل.