»ﻣﺜﻠﺚ ﺑﺎدﻣﻲ« ﻣﻔﺠﺮ اﻟﺨﻼف اﻹﺛﻴﻮﺑﻲ ـ اﻹرﻳﺘﺮي
وﻗـﻊ ﻓـﻲ ﺟـﺪة أﻣـﺲ اﺗـﻔـﺎق اﻟﺴﻼم ﺑـﲔ ﻛـﻞ ﻣـﻦ إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ وإرﻳـﺘـﺮﻳـﺎ ﻟﻴﻨﻬﻲ ﺑــــﺬﻟــــﻚ ﻓـــﺼـــﻼ ﻣــــﻦ ﻓــــﺼــــﻮل اﻟــﻘــﻄــﻴــﻌــﺔ واﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت ﻋﻼﻗﺘﻬﻤﺎ ﻃﻮال ٠٢ ﻋﺎﻣﴼ، ﻣﻨﺬ اﻧﺪﻻع اﻟﺤﺮب ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﻣﺜﻠﺚ ﺑﺎدﻣﻲ«.
وﺗﻮﻗﻴﻊ اﺗـﻔـﺎق اﻟـﺴـﻼم ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ إﻋﻼن ﺗﻄﻮرات ﺳﺮﻳﻌﺔ اﺳﺘﻬﻠﻬﺎ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻹﺛﻴﻮﺑﻲ أﺑﻲ أﺣﻤﺪ وﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺑــﺘــﺒــﻌــﻴــﺔ ﻣــﺜــﻠــﺚ »ﺑـــــﺎدﻣـــــﻲ« اﳌـــﺘـــﻨـــﺎزع ﻹرﻳــﺘــﺮﻳــﺎ وأن ﻗــﻮاﺗــﻪ ﺳـﺘـﻨـﺴـﺤـﺐ ﻣﻦ اﳌـﺜـﻠـﺚ، وﺗﻨﻔﻴﺬ ﻗــﺮار اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻷﻣﻤﻴﺔ اﻟـــﺼـــﺎدر ﻓـــﻲ ٢٠٠٢ ﺑـﺘـﺒـﻌـﻴـﺔ اﳌـﻨـﻄـﻘـﺔ ﻷﺳـــــﻤـــــﺮا، وﻓــــﻘــــﺎ ﻻﺗـــﻔـــﺎﻗـــﻴـــﺔ اﻟـــﺠـــﺰاﺋـــﺮ )٠٠٠٢(، اﻟﺘﻲ أﻧﻬﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﺤﺪودﻳﺔ ﺑــﲔ اﻟــﺪوﻟــﺘــﲔ )٨٩٩١ - ٠٠٠٢( واﻟـﺘـﻲ أزﻫﻘﺖ أرواح أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠٨ أﻟﻒ ﻗﺘﻴﻞ.
وﻛــــﺎن اﻟــﺮﻓــﺾ اﻹﺛــﻴــﻮﺑــﻲ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻗــــــﺮار ﻟــﺠــﻨــﺔ اﻟــﺘــﺤــﻜــﻴــﻢ اﻟـــﺪوﻟـــﻴـــﺔ، ﻫـﻮ اﻟـﺴـﺒـﺐ ﻓــﻲ اﺳــﺘــﻤــﺮار اﻟــﺤــﺮب اﻟــﺒــﺎردة ﺑﲔ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻟﻌﻘﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن، ﻇﻠﺖ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ اﻟــﻌــﻼﻗــﺎت ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻣـﻨـﺬ ذﻟـﻚ اﻟﻮﻗﺖ، وﺳﻂ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ.
واﺳــﺘــﻘــﻠــﺖ إرﻳــﺘــﺮﻳــﺎ ﻋــﻦ إﺛـﻴـﻮﺑـﻴـﺎ ﺑـﺎﺳـﺘـﻔـﺘـﺎء ﻓــﻲ ٣٩٩١، ﺑـﻌـﺪ أن ﻃــﺮدت اﻟﻘﻮات اﻹﺛﻴﻮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ أﺳﻤﺮا وﺑﻘﻴﺔ اﻷراﺿﻲ اﻹرﻳﺘﺮﻳﺔ ١٩٩١. وأﻧﻬﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﺮب اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟﻜﻔﺎح اﳌﺴﻠﺢ، اﻟﺬي اﺷﺘﻌﻞ ﺑﲔ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ اﻟﺠﺎرﻳﻦ ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺴﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ.
ﺑﺎﻧﺪﻻع اﻟﺤﺮب ﻃﺎﺣﻨﺔ ﻣﺠﺪدا ﺑﲔ اﻟﺤﻠﻴﻔﲔ، ﻓﻘﺪت إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ اﻟﺪوﻟﺔ اﳌﻐﻠﻘﺔ أي ﻣﻨﻔﺬ ﺑﺤﺮي، ﻓﺎﺿﻄﺮت ﻻﺳﺘﺨﺪام اﳌﻮاﻧﻲ اﻟﺠﻴﺒﻮﺗﻴﺔ واﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ ﻣﻨﻔﺬا ﻟﺼﺎدراﺗﻬﺎ ووارداﺗﻬﺎ.
وﺑﺘﻮﻗﻴﻊ وﺛﻴﻘﺔ اﻟﺴﻼم، ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ إﺛــــﻴــــﻮﺑــــﻴــــﺎ اﻻﺳـــــﺘـــــﻔـــــﺎدة ﻣـــــﻦ اﳌــــﻮاﻧــــﻲ اﻹرﻳﺘﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ »ﻋﺼﺐ وﻣﺼﻮع«، وإﻋﺎدة ﻟﺤﻤﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﲔ اﻟﺸﻌﺒﲔ اﳌﺘﺪاﺧﻠﲔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ وﻋﺮﻗﻴﴼ.
واﺧﺘﻴﺮ اﻟﺮﺋﻴﺲ أﺑﻲ أﺣﻤﺪ رﺋﻴﺴﺎ ﻟـﻠـﻮزراء ﻓﻲ أﺑﺮﻳﻞ )ﻧﻴﺴﺎن( اﳌﺎﺿﻲ، وﻛـــــﺎن ﺟــﻠــﻮﺳــﻪ ﻋــﻠــﻰ ﻛـــﺮﺳـــﻲ رﺋــﺎﺳــﺔ اﻟﻮزارة إﻳﺬاﻧﺎ ﺑﺒﺪاﻳﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮات ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ واﻟﻘﺮن اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ واﻟـﻘـﺎرة، إذ أﻋﻠﻦ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻧﻔﺘﺎﺣﻴﺔ ﺳــﻴــﺎﺳــﻴــﺎ واﻗــﺘــﺼــﺎدﻳــﺎ واﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻴــﴼ، وﺗﻌﺪ اﳌﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻊ إرﻳﺘﺮﻳﺎ أﻫﻢ ﺗﺤﻮل ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻹﻗﻠﻴﻢ.
واﺳـــــﺘـــــﺠـــــﺎﺑـــــﺖ إرﻳــــــﺘــــــﺮﻳــــــﺎ ﻟــــﻬــــﺬه اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة، وﻓـﻲ ٦٢ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( اﳌﺎﺿﻲ أرﺳﻠﺖ وﻓﺪا رﻓﻴﻌﺎ ﻷدﻳــﺲ أﺑـﺎﺑـﺎ، أﻋﻠﻦ أﺛـﻨـﺎء اﻟـﺰﻳـﺎرة ﻋﻦ ﻟﻘﺎء ﺑﲔ أﺑﻲ أﺣﻤﺪ وآﺳﻴﺎس أﻓﻮرﻗﻲ ﻓﻲ أﺳﻤﺮا.
وﻛــﺎﻧــﺖ إرﻳــﺘــﺮﻳــﺎ ﺗـﺎﺑـﻌـﺔ ﻹﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﻣﻨﺬ اﺳﺘﻘﻼل اﻷﺧﻴﺮة ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟـﺒـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻲ، ﻟـﻜـﻦ ﺗـﺤـﺎﻟـﻔـﺎ ﺑــﲔ اﻟــﺜــﻮار اﻹرﻳﺘﺮﻳﲔ واﻹﺛﻴﻮﺑﻴﲔ، أﻓﻠﺢ ﻓﻲ ﻃﺮد ﻗﻮات ﻣﻨﻐﺴﺘﻮ ﻫﻴﻼ ﻣﺮﻳﺎم »اﻟﺪرق« ﻓﻲ ١٩٩١، واﺳﺘﻌﺎد ﺛﻮار إرﻳﺘﺮﻳﺎ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ أﺳﻤﺮا وﻛﻞ أﻧﺤﺎء ﺑﻼدﻫﻢ.
ﺑــــﻌــــﺪ وﻗـــــــﺖ ﻗـــﺼـــﻴـــﺮ ﻣـــــﻦ ﻫــﺰﻳــﻤــﺔ ﻗــﻮات اﻟـﺠـﻨـﺮال ﻣﻨﻐﺴﺘﻮ ﻫﻴﻼ ﻣﺮﻳﺎم ﻓﻲ إرﻳﺘﺮﻳﺎ، دﺧـﻞ اﻟـﺜـﻮار اﻹﺛﻴﻮﺑﻴﻮن اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ أدﻳﺲ أﺑﺎﺑﺎ وأﺳﻘﻄﻮا ﺣﻜﻢ اﻟــﺪﻳــﻜــﺘــﺎﺗــﻮر ﻫــﻴـﻼ ﻣــﺮﻳــﺎم، ﺑـﻤـﺴـﺎﻋـﺪة ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺜﻮار اﻹرﻳﺘﺮﻳﲔ.
ﻟﻜﻦ اﳌﻴﺎه ﺗﻌﻜﺮت ﺑﲔ اﻟﺤﻠﻴﻔﲔ، إذ اﻧﺪﻟﻌﺖ اﻟـﺤـﺮب ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓـﻲ اﻟﻌﺎم ٨٩٩١ واﺳــــﺘــــﻤــــﺮت ﻋـــــﺎﻣـــــﲔ، ﺑــﺴــﺒــﺐ ﺧــــــﻼﻓــــــﺎت ﺣـــــــﺪودﻳـــــــﺔ ﻋــــﻠــــﻰ ﻣــﻨــﻄــﻘــﺔ ﻣــﺜــﻠــﺚ »ﺑـــــﺎدﻣـــــﻲ«، وﺑـــﺠـــﻬـــﻮد دوﻟــﻴــﺔ وﻗـﻊ اﻟﻄﺮﻓﺎن اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ٠٠٠٢ اﻟـــﺘـــﻲ أﻧـــﻬـــﺖ اﻟـــﻘـــﺘـــﺎل اﳌــــﺒــــﺎﺷــــﺮ، ﻟـﻜـﻦ ﺣـﺎﻟـﺔ اﻟــﻼﺣــﺮب واﻟـﻼﺳـﻠـﻢ واﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﺗﻮاﺻﻠﺖ ﺑﲔ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ رﻓﺾ أدﻳﺲ أﺑﺎﺑﺎ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻗﺮار اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﺤﺪود، اﻟﺬي ﻗﻀﻰ ﺑﺘﺒﻌﻴﺔ اﳌﺜﻠﺚ اﳌﺘﻨﺎزع ﻹرﻳﺘﺮﻳﺎ.
وأﻣﺲ أﻓﻠﺤﺖ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻓـــﻲ إﻧـــﻬـــﺎء اﻟــﺘــﻮﺗــﺮ ﻓـــﻲ ﻣـﻨـﻄـﻘـﺔ اﻟــﻘــﺮن اﻷﻓــﺮﻳــﻘــﻲ، ﺑــﻤــﺎ ﻳــﺆﻣــﻦ ﻣـﻨـﻄـﻘـﺔ اﻟـﺒـﺤـﺮ اﻷﺣﻤﺮ ﺧﺎﺻﺮة اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺑﺈﻧﻬﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺗﺴﻮد اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﲔ.