ﻟﻴﺒﻴﺎ وﻣﺸﻮار اﻟﺒﺮاءة ﻣﻦ »ﻟﻮﻛﺮﺑﻲ«
ﻋـﺎدت ﻗﻀﻴﺔ ﻟﻮﻛﺮﺑﻲ إﻟﻰ اﻟﺴﻄﺢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر أدﻟﺔ وﺷﻮاﻫﺪ ﺗﺒﺮئ ﻟﻴﺒﻴﺎ وﺗﺪﻳﻦ إﻳﺮان ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﻔﺠﻴﺮ ﻃﺎﺋﺮة اﻟـ»ﺑﺎﻧﺎم« ﻓﻮق ﺑﻠﺪة ﻟﻮﻛﺮﺑﻲ ﻋﺎم ٨٨٩١، اﻟﺘﻲ أدﻳـﻦ ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﻠﻴﺒﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﺳﻂ اﳌﻘﺮﺣﻲ دون اﻟـﻨـﻈـﺎم رﻏــﻢ ﺷــﻬــﺎدات ﻣــﻦ وزﻳـــﺮ اﻟــﻌــﺪل ﻓــﻲ ﻧﻈﺎم اﻟــﻘــﺬاﻓــﻲ، اﻟـــﺬي ﻗـــﺎل إن »اﻟــﻘــﺬاﻓــﻲ ﻫــﻮ ﻣــﻦ أﻋــﻄــﻰ اﻷﻣــﺮ ﺷﺨﺼﻴﴼ ﺑﺘﻔﺠﻴﺮ ﻃﺎﺋﺮة اﻟــ)ﺑـﺎﻧـﺎم(« رﻏـﻢ ﻋـﺪم ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ أي دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أﻗﻮاﻟﻪ ﺳﻮى اﻟﻌﺪاء ﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺬاﻓﻲ.
اﳌﻘﺮﺣﻲ ﻫﻮ اﳌﺪان اﻷوﺣﺪ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﻔﺠﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻓﺮﻳﺪة ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﻓﻮق أرض ﻫﻮﻟﻨﺪﻳﺔ ﺑﻘﻀﺎء اﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي، ﺗﺤﺎﻛﻢ ﻣﻮاﻃﻨﴼ ﻟﻴﺒﻴﴼ، واﻧﺘﻬﺖ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﺑـﺈداﻧـﺔ اﻟـﺮاﺣـﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﺳﻂ اﳌﻘﺮﺣﻲ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺰاﻋﻢ ﻟـﺘـﺎﺟـﺮ ﻣــﻼﺑــﺲ ﻣـﺎﻟـﻄـﻲ )اﻟــﺸــﺎﻫــﺪ اﻷوﺣــــــﺪ(، ﺑــﺄﻧــﻪ رأى اﳌﻘﺮﺣﻲ ﻳﺸﺘﺮي ﻣﻼﺑﺲ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ اﺣـﺘـﻮت اﻟﻘﻨﺒﻠﺔ، وﻛـﺎﻧـﺖ ﻣـﺰاﻋـﻢ اﻟﺘﺎﺟﺮ اﳌﺎﻟﻄﻲ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺤﺎدﺛﺔ؛ اﻷﻣـﺮ اﻟـﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟـﻌـﺎﻗـﻞ اﻟـﻘـﺒـﻮل ﺑــﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﻟـﺘـﺎﺟـﺮ ﻣـﻼﺑـﺲ ﺗـﺬﻛـﺮ ﺟﻤﻴﻊ اﻟــﺰﺑــﺎﺋــﻦ؛ ﺧﺼﻮﺻﴼ اﻟـﻌـﺎﺑـﺮﻳـﻦ ﳌــﺮة واﺣـــﺪة؛ ﺑــﻞ وﺗﺬﻛﺮ ﻣﺸﺘﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ﺑﻬﺬه اﻟﺪﻗﺔ؟!
اﳌﻘﺮﺣﻲ ﺑﻌﺪ أن أﻓﺮﺟﺖ ﻋﻨﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳﺔ ﺑﻌﺪ إﺻﺎﺑﺘﻪ ﺑﺴﺮﻃﺎن اﻟﺒﺮوﺳﺘﺎﺗﺎ، ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ )أﻳﺎر( ٢١٠٢، ﻇﻞ ﻣﺘﻤﺴﻜﴼ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﺒﺮاء ﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻣﻤﺎﺗﻪ.
ﺗﻔﺠﻴﺮ ﻃﺎﺋﺮة ﻟﻮﻛﺮﺑﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺷﻮاﻫﺪ ﻛﺜﻴﺮة ﺗﺆﻛﺪ أﻧﻪ ﻛﺎن اﻧﺘﻘﺎم اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻟﻄﺎﺋﺮة اﻟﺮﻛﺎب اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺳﻘﻄﺘﻬﺎ أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻃﺎﺋﺮة ﻣﻌﺎدﻳﺔ، إذ أﻛﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ دوﻏﻼس ﺑﻮﻳﺪ أن وﻛﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات ﺑـــﻮزارة اﻟــﺪﻓــﺎع اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ أﺻـــﺪرت ﺑﻴﺎﻧﴼ ﻓـﻲ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ )أﻳـﻠـﻮل( ٩٨٩١ ﺗﻘﻮل ﻓﻴﻪ إن »اﻟﺘﻔﺠﻴﺮ ﺗﻢ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻪ واﻷﻣــــﺮ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬه وﺗـﻤـﻮﻳـﻠـﻪ ﻣــﻦ ﺟــﺎﻧــﺐ وزﻳـــﺮ اﻟـﺪاﺧـﻠـﻴـﺔ اﻹﻳـﺮاﻧـﻲ اﻷﺳﺒﻖ ﻋﻠﻲ أﻛﺒﺮ ﻣﻮﻫﺘﺸﺎﻣﻴﺒﻮر، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻢ اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ أﺣﻤﺪ ﺟﺒﺮﻳﻞ زﻋﻴﻢ اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ«. وﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺻﺤﻴﻔﺔ »اﻟﺪﻳﻠﻲ ﻣﻴﻞ« اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب دوﻏﻼس ﺑﻮﻳﺪ اﻟﺬي رﻓﺾ ﻓﺮﺿﻴﺔ وﻗﻮف ﻟﻴﺒﻴﺎ وراء ﺗﻔﺠﻴﺮ ﻃﺎﺋﺮة ﻟﻮﻛﺮﺑﻲ، ﻣﺆﻛﺪﴽ أن إﻳﺮان ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﺳﻘﻄﺘﻬﺎ.
ﻓـﻘـﺪ اﻋــﺘــﺎد اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﻓــﻲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻪ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﻣــﺰدوﺟــﺔ، واﻟــﺸــﻮاﻫــﺪ ﻛـﺜـﻴـﺮة، وﻟـﻴـﺲ آﺧـﺮﻫـﺎ ﻗﻀﻴﺔ اﺗﻬﺎم ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮرط ﻓﻲ ﺗﻔﺠﻴﺮ ﻃﺎﺋﺮة اﻟـ »ﺑﺎﻧﺎم« اﻟﺘﻲ ﺳﻘﻄﺖ ﻓـﻮق ﺑﻠﺪة ﻟﻮﻛﺮﺑﻲ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳﺔ، ﺣﻴﺚ دﻓـﻌـﺖ اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ اﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻣـﻠـﻴـﺎرات اﻟــــﺪوﻻرات ﺗﻌﻮﻳﻀﴼ ﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻃـﺮﻓـﴼ وﻻ ﺷﺮﻳﻜﴼ ﻓﻴﻬﺎ، وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻠﻴﺒﻲ وﻗﺘﻬﺎ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻓﻀﻞ اﻟﺮﺿﻮخ ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﻨﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺘﺢ ﻣﻠﻔﺎت أﺧﺮى ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺤﺔ، ﻓﻜﺎن اﻟﻀﺤﻴﺔ ﻣﻮاﻃﻨﴼ ﻟﻴﺒﻴﴼ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺤﺎدث، وﻟﻜﻦ ﺣﻈﻪ اﻟﻌﺎﺛﺮ ﺟﻌﻠﻪ ﻛﺒﺶ ﻓﺪاء.
ﺣﲔ اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻠﻴﺒﻴﻮن اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﻠﻴﺒﻲ اﻟﺒﺮيء ﻣﻦ دم »ﻟﻮﻛﺮﺑﻲ« اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻷﺑﻄﺎل ﺑﻌﺪ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺗـﻔـﺎﻗـﻢ ﻣــﺮﺿــﻪ )اﻟــﺴــﺮﻃــﺎن(، اﻏــﺘــﺎظ واﻣـﺘـﻌـﺾ واﺳــﺘــﺎء اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن ﺑﺤﺠﺔ اﻟﺘﻬﺎون ﺑﻤﺸﺎﻋﺮ أﻫﺎﻟﻲ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ، ﻓﻲ ﺣﲔ ﳌﺲ أﻏﻠﺐ اﻟﻠﻴﺒﻴﲔ، ﺣﺘﻰ اﳌﻌﺎرﺿﻮن ﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺬاﻓﻲ، أن ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ اﳌﻘﺮﺣﻲ ﺟﺎﻧﺒﴼ ﻛﺒﻴﺮﴽ ﻣﻦ ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪاﻟﺔ، ﻓﺎﳌﻘﺮﺣﻲ ﺿﺤﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﺑﻬﺎ، وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﺗﻢ ﺗﺴﻴﻴﺲ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ، ﺑﻞ ﻳﺤﻖ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻄﺎﻟﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳﺔ ﺧﺼﻮﺻﴼ ﺑﻤﻠﻒ اﳌﻘﺮﺣﻲ اﻟﻄﺒﻲ وﺑﺈﻳﺠﺎد ﻟﺠﻨﺔ ﻃﺒﻴﺔ ﻣﺤﺎﻳﺪة ﻟﺘﺒﻴﺎن ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺟﺮاء ات اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻧﺤﻮ اﳌﻘﺮﺣﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻢ أﺛﻨﺎء اﻋﺘﻘﺎﻟﻪ وﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻠﻘﻰ إﻫﻤﺎﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻃﺒﺎء اﻟﺴﺠﻦ؛ ﻟﺘﻔﺸﻲ اﳌﺮض ﻓﻲ ﺟﺴﺪه.
اﳌـﻘـﺮﺣـﻲ ﺗـﻌـﺮض ﻟﻠﻈﻠﻢ ﻣــﺮﺗــﲔ؛ ﻣــﺮة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻤﺖ إداﻧـﺘـﻪ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺴﻴﺴﺔ، وﻣــﺮة أﺧــﺮى ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺟﺒﺮه اﻟـــﻘـــﺎﻧـــﻮن اﻻﺳــﻜــﻮﺗــﻠــﻨــﺪي ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺘــﺨــﻠــﻲ ﻋـــﻦ ﺣــﻘــﻪ ﻓـﻲ اﺳﺘﺌﻨﺎف ﻃﺮﻳﻖ ﺑﺮاء ﺗﻪ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﺴﺘﻜﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ﻣﻊ واﻟﺪﺗﻪ وأﻃﻔﺎﻟﻪ.
اﳌﻘﺮﺣﻲ اﻟــﺬي رﺣـﻞ ﻋﻦ ﻋﺎﳌﻨﺎ ﻛـﺎن ﺿﺤﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣـﺪﻓـﻮﻋـﺔ اﻟـﺜـﻤـﻦ، وﺳـﻴـﺄﺗـﻲ ﻳــﻮم ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ؛ ﻓﺎﳌﻘﺮﺣﻲ، أو »اﳌﻘﺮاﺣﻲ« ﻛـﻤـﺎ ﺗــﻌــﻮد اﻟـﻠـﺴـﺎن اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﻧـﻄـﻘـﻪ، ﺑـــﺮيء، وﻫــﻮ اﻵﺧــﺮ إﻧﺴﺎن ﻟﻪ ﺷﻌﺐ ﻋﻨﺪه ﻣﺸﺎﻋﺮ.