ﺣﻜﻮﻣﺔ »ﻗﻴﺼﺮﻳﺔ« ﻟﻠﺒﻨﺎن
ﻟــﻢ ﻳـﻌـﺪ ﻳـﻨـﻘـﺺ ﻟـﺒـﻨـﺎن ﺳـﻮى أن ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣـﻦ وﻳﺼﺪر ﻗﺮارﴽ ﺗﺤﺖ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺪﻳﺪة، ﻗﺒﻞ أن ﻳﺪﺧﻞ دوﻣﻴﻨﻮ ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻴﺎرات اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ واﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ ﻳﺪﻓﻌﻪ إﻟﻰ ﻓﺮاغ ﻣﺪﻳﺪ ﻳﻜﺮﺳﻪ أﺧﻴﺮﴽ دوﻟﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز .
ﺧﻤﺴﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﺮت ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻠﻴﻒ اﻟـﺮﺋـﻴـﺲ ﺳـﻌـﺪ اﻟــﺤــﺮﻳــﺮي ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﺔ، ﻟــﻜــﻨــﻪ ﻣـــﺎ زال ﻳــﻮاﺟــﻪ اﻟــــﺸــــﺮوط اﻟــﻌــﺮﻗــﻮﺑــﻴــﺔ واﳌــﻄــﺎﻟــﺐ اﻟــﺘــﻌــﺠــﻴــﺰﻳــﺔ اﻟـــﺘـــﻲ أﻓــﺸــﻠــﺖ ﺣﺘﻰ اﻵن ﺻـﻴـﻐـﺘـﲔ ﻟـﺘـﺸـﻜـﻴـﻞ ﺣـﻜـﻮﻣـﺔ وﺣــﺪة وﻃﻨﻴﺔ ﻳﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﻓﻲ ﺧـﻼل ﻫـﺬه اﳌـﺪة ﺗﻠﻘﻰ اﳌﺴﺆوﻟﻮن ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﻋﻲ واﻟﺘﺪﺧﻼت واﻟﺘﻤﻨﻴﺎت، ﺛــﻢ اﻟـﺘـﻨـﺒـﻴـﻬـﺎت واﻟــﺘــﺤــﺬﻳــﺮات ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻮﺧﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﺮاوﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺮاغ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ، وﻟﻜﻦ دون ﺟﺪوى.
اﻟــﺴــﺆال اﳌــﻄــﺮوح اﻵن ﺑﻌﺪﻣﺎ أﻋــــﻠــــﻦ اﻟــــﺤــــﺮﻳــــﺮي ﻓـــــﻲ اﻷﺳــــﺒــــﻮع اﳌــــﺎﺿــــﻲ أﻧــــــﻪ ﳌــــﺲ ﺗـــــﻨـــــﺎزﻻت ﻣــﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ، وأﻧﻪ ﺳﻴﺘﻮﺻﻞ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻴﺸﺎل ﻋﻮن إﻟﻰ إﻋﻼن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺘﻴﺪة ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮة أﻳﺎم:
ﻫﻞ ﻳﺸﻬﺪ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﻮن واﻟﻌﺎﻟﻢ أﻋـﺠـﻮﺑـﺔ وﻻدة ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻗﻴﺼﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﻓﻲ ﺧﻼل ﻫﺬﻳﻦ اﻟـــﻴـــﻮﻣـــﲔ؛ وﺗـــﺤـــﺪﻳـــﺪﴽ ﺑــﻌــﺪ ﻋـــﻮدة ﻋﻮن ﻣﻦ أرﻣﻴﻨﻴﺎ، ﺣﻴﺚ ﺷﺎرك ﻓﻲ اﺟـﺘـﻤـﺎع ﻗﻤﺔ دول اﻟﻔﺮﻧﻜﻮﻓﻮﻧﻴﺔ وﻋـــﻘـــﺪ ﻋـــﻠـــﻰ ﻫــﺎﻣــﺸــﻬــﺎ ﻟـــﻘـــﺎء ﻣـﻊ اﻟـــﺮﺋـــﻴـــﺲ اﻟـــﻔـــﺮﻧـــﺴـــﻲ إﻳـــﻤـــﺎﻧـــﻮﻳـــﻞ ﻣﺎﻛﺮون، اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻌﺠﻞ اﳌﺴﺆوﻟﲔ ﻓـﻲ ﺑـﻴـﺮوت ﺑــﺎﻹﺳــﺮاع ﻓـﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟـﺤـﻜـﻮﻣـﺔ ﻟـﻠـﺒـﺪء ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣـﻘـﺮرات ﻣﺆﺗﻤﺮ »ﺳﻴﺪر« اﻟـﺬي رﺻﺪ ﻣﺒﻠﻎ ٢٫١١ ﻣـــﻠـــﻴـــﺎر دوﻻر ﻣـــﺴـــﺎﻋـــﺪات وﻗﺮوﺿﴼ ﻣﻴﺴﺮة ﳌﺴﺎﻋﺪة ﻟﺒﻨﺎن؟
ﻓﻲ اﻷﻳﺎم اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﳌﺎﺿﻴﺔ ﻛﺎن اﻟــﺮﻫــﺎن واﺿــﺤــﴼ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻌﺼﻒ رﻳـــــــــﺎح ﻳــــﺮﻳــــﻔــــﺎن ﻟــــﺘــــﺤــــﻞ اﻟـــﻌـــﻘـــﺪة اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﻴــﺔ، ﺧــﺼــﻮﺻــﴼ أن ﻫــﺬه اﻷﺟﻮاء واﻛﺒﺘﻬﺎ ﻣﻼﻣﺢ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ، ﺑﻌﺪ إﻋـﻼن اﻟﺤﺮﻳﺮي ﻋﻦ ﺗﻨﺎزﻻت ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷﻓﺮﻗﺎء وأن ﻛﻞ اﻟﻌﻘﺪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻞ، واﻷﻫـﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻣﻔﺎﺟﺄة اﻟﺤﺮﻳﺮي اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﻮن ﺗﺤﺪﻳﺪﴽ؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل إﻧﻪ إذا اﻋﺘﺬر ﻋﻦ ﻋﺪم اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻘﺒﻞ ﺑﺈﻋﺎدة ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن أي ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺳﺘﺸﺎرات ﻧﻴﺎﺑﻴﺔ ﻣـﻠـﺰﻣـﺔ وﺟــﺪﻳــﺪة ﻟﺘﻜﻠﻴﻒ رﺋﻴﺲ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺳﺘﺼﻄﺪم ﺑﻤﻮﻗﻒ ﺻﻌﺐ . ﳌﺎذا ﺗﺤﺪﻳﺪﴽ؟ ﻷﻧــﻪ ﺑﻌﺪ إﻓﺸﺎل اﻟﺤﺮﻳﺮي ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺘﻪ، ﻓــﻠــﻦ ﻳـﻘـﺒـﻞ أي زﻋـﻴـﻢ ﺳﻨﻲ ﺑﺎﳌﻬﻤﺔ، ﺣﺘﻰ ﻟـــﻮ ﻛــــﺎن ﻣـــﻦ ﺟـﻤـﺎﻋـﺔ » اﻟـــﺜـــﺎﻣـــﻦ ﻣـــﻦ آذار « ، ﻓـﺴـﻴـﻮاﺟـﻪ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ اﻷﻏـــﻠـــﺒـــﻴـــﺔ اﻟــﺴــﻨــﻴــﺔ ﻣــــﺪﻋــــﻮﻣــــﺔ ﺑــﻤــﻮﻗــﻒ ﻣﻦ »اﻟﻘﻮات اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ « و »اﻟﺤﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ« ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺒﻼد ﻓﻲ ﻓﺮاغ ﻣﺆٍذ ﻟﻠﻌﻬﺪ، اﻟﺬي ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎﻣﺎن وﻟﻢ ﻳﺒﺪأ ﺑﻌﺪ، اﻧﻄﻼﻗﴼ ﻣﻦ ﻗﻮل ﻋﻮن ﺳﺎﺑﻘﴼ إن ﻋﻬﺪه ﻳﺒﺪأ ﻣﻊ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة،
ﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﻟﻠﻐﺮاﺑﺔ ﺗﺼﻄﺪم ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺴﺔ أﺷﻬﺮ، ﺗﺎرة ﺑــﺎﻟــﺸــﺮوط واﳌــﻌــﺎﻳــﻴــﺮ اﻟــﺘــﻲ أﺷــﺎر إﻟﻴﻬﺎ ﻋــﻮن ﺑﻌﺪ رﻓــﺾ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﺔ اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ، وﺗــــﺎرة أﺧـــﺮى ﺑـﺎﻟـﻘـﻮاﻋـﺪ اﻟـــﺤـــﺴـــﺎﺑـــﻴـــﺔ ﻟــﻠــﻤــﺤــﺎﺻــﺼــﺔ ﻛــﻤــﺎ ﻳــﺤــﺪدﻫــﺎ اﻟـــﻮزﻳـــﺮ ﺟــﺒــﺮان ﺑﺎﺳﻴﻞ رﺋـــﻴـــﺲ »اﻟـــﺘـــﻴـــﺎر اﻟــﻮﻃــﻨــﻲ اﻟــﺤــﺮ« وﺻﻬﺮ ﻋﻮن .
ﺗـــﻠـــﻮﻳـــﺢ اﻟــــﺤــــﺮﻳــــﺮي ﺑــــﺄﻧــــﻪ ﻟـﻦ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻣﺮة ﺟﺪﻳﺪة إذا ﻗﺮر اﻻﻋــــﺘــــﺬار ﻻ ﻳــﻌــﻨــﻲ أﻧــــﻪ ﺳـﻴـﻌـﺘـﺬر ﻏــﺪﴽ، ﻟﻜﻦ ﻣــﻦ اﻟــﻮاﺿــﺢ أﻧــﻪ ﻳﻮﺟﻪ رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ اﻷﻣﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺤﺘﻤﻞ اﻟﻌﺮﻗﻠﺔ واﻟﺘﺄﺟﻴﻞ، وﻗـﺪ ﺟـﺎء ﻫـﺬا ﺑــﺎﳌــﻮازاة ﻣﻊ إﻋﻼن اﻟـﺮﺋـﻴـﺲ ﻧﺒﻴﻪ ﺑــﺮي ﻳــﻮم اﻷرﺑـﻌـﺎء اﳌـــﺎﺿـــﻲ أﻧــــﻪ آن اﻷوان ﻟﻴﺘﺤﻤﻞ اﻟـﺠـﻤـﻴـﻊ ﻣــﺴــﺆوﻟــﻴــﺎﺗــﻬــﻢ ﻣــﻦ أﺟــﻞ ﺣـﺴـﻢ ﻣــﻮﺿــﻮع اﻟـﺤـﻜـﻮﻣـﺔ، داﻋـﻴـﴼ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﻟــﻰ اﻟــﺘــﻮاﺿــﻊ، وﻣﻠﻮﺣﴼ ﺑــﺪوره أﻧـﻪ إذا ﻟﻢ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣــﺘــﻰ ﻧــﻬــﺎﻳــﺔ ﻫـــــﺬا اﻟـــﺸـــﻬـــﺮ، ﻓــﺈﻧــﻪ ﺳﻴﺪﻋﻮ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب إﻟﻰ ﺟﻠﺴﺔ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ .
وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق، ﻣﻌﺮوف أن ﺑـــﺮي دﻋـــﺎ إﻟـــﻰ ﺟﻠﺴﺘﲔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﺗﺸﺮﻳﻊ اﻟــــﻀــــﺮورة« اﻟــــﺬي اﻗــﺘــﻀــﺎه إﻗـــﺮار ﺑــــﻌــــﺾ اﳌــــــﺸــــــﺮوﻋــــــﺎت اﳌـــﺮﺗـــﺒـــﻄـــﺔ ﺑﻤﻘﺮرات ﻣﺆﺗﻤﺮ »ﺳـﻴـﺪر«، واﻟﺘﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺑـﺎرﻳـﺲ ﻗـﺪ ﻃﻠﺒﺖ ﻣـﻦ ﺑﺮي إﻗﺮاراﻫﺎ ﻛﻲ ﻻ ﻳﺨﺴﺮﻫﺎ ﻟﺒﻨﺎن.
اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﻋﻦ »ﻣﺒﺎدرة ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ« ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋــﻠــﻰ ﺣــــﻞ اﻟـــﻌـــﻘـــﺪة اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﻴــﺔ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟــﻪ ﻋـﻠـﻰ اﻹﻃــــﻼق؛ أوﻻ ﻷن ﺑـــﺎرﻳـــﺲ ﻟـــﻢ ﺗــﺘــﻮﻗــﻒ ﻣــــﻨــــﺬ ﺛـــــﻼﺛـــــﺔ أﺷـــﻬـــﺮ ﻋــــﻦ ﺣـــــﺾ اﻷﻓــــﺮﻗــــﺎء ﻋــﻠــﻰ ﺗـــﺠـــﺎوز اﻟـﻌـﻘـﺪ واﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ وﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟـــﺤـــﻜـــﻮﻣـــﺔ، وﺛــﺎﻧــﻴــﴼ ﻷن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺎﻛﺮون أﺑــﻠــﻎ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ ﻋــﻮن ﻓﻲ ﻳﺮﻳﻔﺎن ﺑﻀﺮورة اﻹﺳـــﺮاع ﻓـﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣــــﻜــــﻮﻣــــﺔ ﻻ ﺗــﻤــﻴــﻞ ﻟــﺼــﺎﻟــﺢ ﻃـــﺮف دون آﺧــﺮ وﻻ ﺗﻬﻤﺶ أي ﻓﺮﻳﻖ، وذﻟﻚ ﺗﻤﻬﻴﺪﴽ ﻟﻠﺒﺪء ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﺑـﺮﻧـﺎﻣـﺞ اﻹﺻــﻼﺣــﺎت اﻟـﺘـﻲ ﺗﻌﻬﺪ ﺑــﻬــﺎ ﻟــﺒــﻨــﺎن أﻣــــﺎم اﻟـــــﺪول اﳌــﺎﻧــﺤــﺔ، وﻛـــﺬﻟـــﻚ اﻟــﺘــﻘــﻴــﺪ اﻷﻣــــﲔ ﺑـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ اﻟﻨﺄي ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ !
ﺣـﻜـﻮﻣـﺔ ﻻ ﺗﻤﻴﻞ ﻟــﻄــﺮف دون آﺧﺮ وﻻ ﺗﺴﺘﺒﻌﺪ أي ﻓﺮﻳﻖ، ﺗﻌﻨﻲ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﺣﻜﻮﻣﺔ وﺣﺪة وﻃﻨﻴﺔ وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﺮﻳﺮي؛ أوﻻ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺿــﺮورة ﺗﻮاﻓﺮ وﺣﺪة وﻃــﻨــﻴــﺔ ﻓــﻲ اﻟـﺴـﻠـﻄـﺔ اﻟـﺘـﻨـﻔـﻴـﺬﻳـﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﺻــﻼﺣــﻲ اﻟــﺬي ﺗﻌﻬﺪ ﺑـﻪ ﻟﺒﻨﺎن أﻣـــﺎم ﻣـﺆﺗـﻤـﺮ ﺑــﺎرﻳــﺲ، وﺛـﺎﻧـﻴـﴼ ﻣﻦ ﻣــﻨــﻄــﻠــﻖ ﺣــﺎﺟــﺔ ﻟــﺒــﻨــﺎن اﻟــﺤــﻴــﻮﻳــﺔ واﳌــــﻠــــﺤــــﺔ إﻟـــــــﻰ ﻗـــــﺎﻋـــــﺪة ﻟـــﻠـــﻮﺣـــﺪة اﻟــﻮﻃــﻨــﻴــﺔ، ﺗــﺴــﺎﻋــﺪه ﻓــﻲ ﻣـﻮاﺟـﻬـﺔ اﻷﺧـــــﻄـــــﺎر اﻹﻗـــﻠـــﻴـــﻤـــﻴـــﺔ اﳌــﺘــﺄﺟــﺠــﺔ واﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﳌﺘﺼﺎﻋﺪة.
أﻛــﺜــﺮ ﻣـــﻦ ﻫــــﺬا؛ ﻗـــﺎل اﻟــﺪﻛــﺘــﻮر ﺳـــﻤـــﻴـــﺮ ﺟـــﻌـــﺠـــﻊ ﻳـــــــﻮم اﻷرﺑـــــﻌـــــﺎء اﳌﺎﺿﻲ إن اﻷﻃﺮاف اﻷﺳﺎﺳﻴﲔ ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ »ﺳــﻴــﺪر« أﺑـﻠـﻐـﻮا اﳌﻌﻨﻴﲔ ﺑـﺄن اﳌﻄﻠﻮب ﻫﻮ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ وﺣــــــﺪة وﻃــﻨــﻴــﺔ ﻣــــﺘــــﻮازﻧــــﺔ، ﺗـﻀـﻢ ﻣﻤﺜﻠﲔ ﻋـﻦ »اﻟــﻘــﻮات اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ«، اﻟــﺘــﻲ ﻣــﻦ دوﻧــﻬــﺎ ﺗــﻜــﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻏﺰة، وان اﻟـﺘـﺤـﺮك اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻳﺼﺐ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه .
اﳌﺼﺎدر اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ » ﻣﺒﺎدرة ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ « ﺗﻮﺟﺘﻬﺎ اﻟﻘﻤﺔ ﺑﲔ ﻣﺎﻛﺮون وﻋﻮن، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﺪ أن ﻫﻨﺎك اﻟﺘﺰاﻣﴼ ﻓﺮﻧﺴﻴﴼ ﻣﺘﻮاﺻﻼ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻣﻨﺬ أﺷﻬﺮ ﻓﻲ ﻫــﺬا اﻻﺗــﺠــﺎه، وﻗــﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻠﺴﻔﻴﺮ اﻟـــﻔـــﺮﻧـــﺴـــﻲ ﻓـــــﻲ ﺑـــــﻴـــــﺮوت ﺑـــﺮوﻧـــﻮ ﻓـــﻮﺷـــﻴـــﻪ أن زار اﻟـــــﺮؤﺳـــــﺎء ﻋـــﻮن وﺑﺮي واﻟﺤﺮﻳﺮي ﻓﻲ ٥١ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ اﳌﺎﺿﻲ، داﻋﻴﴼ إﻟﻰ ﺣﺴﻢ اﳌﻮﺿﻮع اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ. وﻋﺸﻴﺔ ﺳﻔﺮ ﻋﻮن إﻟﻰ أرﻣـﻴـﻨـﻴـﺎ وﺻــﻞ إﻟــﻰ ﺑــﻴــﺮوت ﺑﻴﺎر دوﻛﲔ اﻟﺬي ﻋﻴﻨﻪ ﻣﺎﻛﺮون ﺳﻔﻴﺮﴽ ﻣـــﻮﻟـــﺠـــﴼ ﻣـــﻠـــﻒ ﻣـــﺆﺗـــﻤـــﺮ »ﺳــــﻴــــﺪر« وﺗــﻨــﻔــﻴــﺬه، وﻗــــﺪ أﺑــﻠــﻎ اﳌــﺴــﺆوﻟــﲔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﲔ ﺑﺄﻧﻪ ﺗـﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ اﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول اﳌﺎﻧﺤﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ، ﺑﻤﺎ ﻳﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟـﻠـﺒـﻨـﺎﻧـﻲ أن ﻳــﻘــﻮم ﺑـــــﺪوره، اﻟــﺬي ﻳﺤﺘﺎج ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟـﻰ ﻗــﺮارات ﻻ ﻳـﻤـﻜـﻦ اﺗــﺨــﺎذﻫــﺎ إﻻ ﻋـﺒـﺮ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮاوح ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺴﺔ أﺷﻬﺮ ﻓﻲ ﺣﺪود ﺗﺼﺮﻳﻒ اﻷﻋﻤﺎل، ﻣــﻤــﺎ ﻳــﺴــﺘــﺪﻋــﻲ ﺗــﺸــﻜــﻴــﻞ ﺣـﻜـﻮﻣـﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ أﺳﺮع وﻗﺖ.
ﻳــﻜــﺮر اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻴــﻮن داﺋـــﻤـــﴼ أن ﻣــﻘــﺮرات ﻣـﺆﺗـﻤـﺮ »ﺳــﻴــﺪر« ﻟﻴﺴﺖ اﻟــﺘــﺰاﻣــﺎت داﺋــﻤــﺔ وﻣـﺴـﺘـﻤـﺮة وﻣـﻦ ﻃــــﺮف واﺣــــــﺪ، وﻫــــﻮ ﻣـــﺎ ﺳــﺒــﻖ أن ﺳﻤﻌﻪ اﳌﺴﺆوﻟﻮن ﻣﻦ ﻓﺮﻳﺪ ﺑﻠﺤﺎج ﻣـــﺪﻳـــﺮ اﻟـــﺒـــﻨـــﻚ اﻟــــﺪوﻟــــﻲ ﻓــــﻲ آﺳــﻴــﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، اﻟﺬي ﺣﺬرﻫﻢ ﺑﺄن اﳌﺒﺎﻟﻎ اﻟـﺘـﻲ رﺻـﺪﻫـﺎ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺑـﺎرﻳـﺲ »ﻻ ﻳـﻤـﻜـﻨـﻬـﺎ أن ﺗـﻨـﺘـﻈـﺮﻛـﻢ إﻟــــﻰ ﻣـــﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ، وﻳﻤﻜﻦ ﻟـﻠـﺪول اﳌﺎﻧﺤﺔ أن ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﺪوﻳﺮﻫﺎ وﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ إﻟﻰ دول أﺧﺮى.« وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﺤﺮﻳﺮي اﻷرﺑﻌﺎء اﳌﺎﺿﻲ »إذا اﻋﺘﺬرت ﻓﻠﻦ أﻗــﺒــﻞ اﻟـﺘـﻜـﻠـﻴـﻒ ﻣــﻦ ﺟـــﺪﻳـــﺪ«، ﻛــﺮر اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣــﻦ أن ﻫـﻨـﺎك ﻗــﺮوﺿــﴼ ﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ .
ﻟــــﻜــــﻦ اﻟــــﻘــــﺼــــﺔ ﻟـــﻴـــﺴـــﺖ ﻗــﺼــﺔ ﻗـــــــﺮوض ﻓـــﺤـــﺴـــﺐ؛ ﺑــــﻞ ﻫـــــﻲ، ﻛـﻤـﺎ ﻳـــﻘـــﻮل اﻟـــﺨـــﺒـــﺮاء اﻻﻗـــﺘـــﺼـــﺎدﻳـــﻮن، اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻷﺧﻴﺮة اﳌﺘﻮﻓﺮة ﻟﻠﺒﻨﺎن؛ ﻻ ﺑﻞ إﻧﻬﺎ » ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺤﺎﻓﺔ « ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﻲ أﺣﺪ ﻣﺪﻳﺮي اﳌﺼﺎرف، ﻷﻧﻪ إن ﻟــــﻢ ﻳــﻨــﻔــﺬ ﻟـــﺒـــﻨـــﺎن ﺑــﺸــﻜــﻞ ﺻــــﺎدق وأﻣﲔ اﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻗﻄﻌﻬﺎ أﻣﺎم اﻟـــﺪول اﳌـﺎﻧـﺤـﺔ، ﻓـﺈﻧـﻪ ﻟــﻦ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻪ أو ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻪ، ﺧﺼﻮﺻﴼ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻧﻔﺴﻪ! ﻛﻼم ﻣﺆﻟﻢ؟ رﺑـــﻤـــﺎ أﻛـــﺜـــﺮ، وﻷﺳــــﺒــــﺎب ﻋـــﺪة؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ دوﻟـﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺤﺘﺎج إﻟــــــــﻰ اﻟـــــﺘـــــﺪﺧـــــﻼت واﻟـــــﻮﺳـــــﺎﻃـــــﺎت واﻟﺘﺤﺬﻳﺮات ﻟﻜﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺣﻜﻮﻣﺎﺗﻬﺎ، وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﻣﺄزوم ﺗﻌﻠﻜﻪ ﻇﺮوف اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻌﻴﺸﻴﺔ ﻣﺘﻨﺎﻣﻴﺔ، ﻳﺮاوح ﻓﻲ اﻟﻔﺮاغ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺨﻼف ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺼﺺ واﻷﺣــﺠــﺎم وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳــﻬــﺪر ﻓــﺮﺻــﺔ ﻛـﻔـﺮﺻـﺔ »ﺳــﻴــﺪر« ﺗﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ وﻗﻒ اﻻﻧﻬﻴﺎر؛ ﻛﻲ ﻻ أﻗﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﻮض!
اﻟﺴﺆال اﳌﻠﺢ اﻵن: ﻫﻞ ﺗﻌﺼﻒ رﻳﺎح ﻳﺮﻳﻔﺎن ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻮﻟﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻗﻴﺼﺮﻳﴼ وﺑﻌﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻵﻻم؟