اﻟﺴﻨﻮار ﻓﻲ »ﻳﺪﻳﻌﻮت«
ﻳﺤﻴﻰ اﻟﺴﻨﻮار ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺗﻔﻮق ﻣﺴﻤﺎه اﻟﺮﺳﻤﻲ، ﻓﻤﻨﺬ اﻧﺘﺨﺒﺘﻪ »ﺣﻤﺎس« ﻗﺎﺋﺪﴽ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﺰة، واﻟﺮﺟﻞ ﻳﺤﺎول ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻧﻤﻂ ﻗﻴﺎدي ﻣﺨﺘﻠﻒ، ﻓﻼ ﻫﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺸﻌﻞ ﺑﺎﻋﺘﺪاﻟﻪ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﺮﺿﻪ اﳌﻜﺎن، وﻻ ﻫﻮ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺰﻫﺎر ﺑﺘﺸﺪده اﳌﻔﺮط.
ﻓﻤﻨﺬ ﺗﻮﻟﻴﻪ اﳌﻨﺼﺐ ﻧﺠﺢ ﻓـﻲ أن ﻳـﻜـﻮن ﻣﺤﻮر اﻻﻫــﺘــﻤــﺎم ﻓــﻲ اﻷﻣـــﺮ اﻟـــﺬي ﻳـﺨـﺺ اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ ﻛــﻠــﻪ، وﻫـﻮ اﻟﺘﻬﺪﺋﺔ ﻣـﻊ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ ﺑﺎﺗﻔﺎق أو دون اﺗــﻔــﺎق، ورﻓـﻊ اﻟﺤﺼﺎر ﻋﻦ ﻏﺰة ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺘﻬﺪﺋﺔ اﳌﻨﺸﻮدة.
ﺣﺪﻳﺚ اﻷﺳـﺒـﻮع ﻓـﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻫـﻮ ﻣـﺎ ﻧﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﺴﻨﻮار ﻓﻲ »ﻳﺪﻳﻌﻮت أﺣﺮوﻧﻮت«، وﻷن اﻷﻗﻼم واﻷﻟــﺴــﻦ ﻓــﻲ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ ﻣﻨﻔﻠﺘﺔ اﻟـﻌـﻘـﺎل وﻻ ﻣﺤﺎذﻳﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﻟﻜﺘﺎب ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ، ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺪدت ﺗﻘﻮﻳﻤﺎت أﻗـﻮال اﻟﺴﻨﻮار وﺗﻔﺎوﺗﺖ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺗﻬﺎ ﺑﲔ ﺣــﺪ أدﻧــــﻰ ﻳـــﺮى ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺧــﺪاﻋــﴼ وﺗــﻤــﻮﻳــﻬــﴼ ﻋــﻠــﻰ ﻧـﻴـﺎت ﻋــﺪواﻧــﻴــﺔ، وﺑــﲔ ﺣــﺪ أﻗـﺼـﻰ اﻋـﺘـﺒـﺮﻫـﺎ ﻣــﺒــﺎدرة ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺴﺘﺤﻖ أن ﺗﻔﺘﺢ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ ﻟﻬﺎ ﺣـــﻮارﴽ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮﴽ ﻣﻊ »ﺣﻤﺎس« ﻓﻲ ﻏﺰة وﻣﻊ ﻗﺎﺋﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﺬات، ﺣﺘﻰ أن ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ وﺟﻬﻮا ﻟﻮﻣﴼ ﻣﺒﺎﺷﺮﴽ ﻟﻨﺘﻨﻴﺎﻫﻮ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺴﻨﻮار، ﻣﻊ أن اﻻﺛﻨﲔ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎن ﻋﻠﻰ ﺧﻂ ﻋﺪم اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺣﺮب ﺟﺪﻳﺪة.
ﻗﺮأت أﻗﻮال اﻟﺴﻨﻮار وأﻧﺎ ﻣﻦ اﳌﺘﺎﺑﻌﲔ ﻟﻪ ﻣﻨﺬ أن اﻗﺘﺤﻢ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻹﻋــﻼم ﺑﻠﻐﺘﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة، ﻟﻢ ﻳﻌﺠﺒﻨﻲ ﻣﺎ ﺻﺪر ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺴﺎوﻳﲔ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮات ﻟﻴﺲ ﳌﺎ ﻗﺎل اﻟﺮﺟﻞ وإﻧﻤﺎ ﻷﻳﻦ ﻗﺎل، ﺑﺪا أن ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺴﺎوﻳﲔ ﻳﻌﺘﺒﺮون ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟـ»ﻳﺪﻳﻌﻮت« ﺳﻘﻄﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮات وﻟﻮ ﻣﻠﻔﻘﺔ ﻟﺘﻐﻄﻴﺘﻬﺎ أو ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋـﻨـﻬـﺎ، وﻧـﻘـﻄـﺔ اﻻرﺗــﻜــﺎز ﻋـﻨـﺪ ﻫـــﺆﻻء، ﻫــﻲ أن اﻟـﺮﺟـﻞ أﻋــﻄــﻰ ﺣـﺪﻳـﺜـﴼ ﻟﺼﺤﻴﻔﺔ إﻳـﻄـﺎﻟـﻴـﺔ وأن »ﻳــﺪﻳــﻌــﻮت« اﺷﺘﺮت اﳌﻘﺎﺑﻠﺔ وﻧﺸﺮﺗﻬﺎ، إذن ﻓﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺴﻨﻮار ﻓﻲ أﻣﺮ اﻹﻋﻼم ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ »ﺣﻤﺎس« ﻓﻲ أﻣﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، إذ ﻣـﻦ اﳌﻤﻨﻮع واﳌـﺤـﺮم ﻟﻘﺎء اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ ﻋﻠﻰ أي ﻣﺴﺘﻮى وﻓﻲ أي ﻣﻮﺿﻮع، وﻣﺴﻤﻮح أن ﻳﻜﻮن اﻟﻠﻘﺎء ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻹﻋﻼم.
ﻟــﻮ أن ﻣــﺎ ﻗـﺎﻟـﻪ اﻟـﺴـﻨـﻮار ﻧـﺸـﺮ ﻓــﻲ أي ﻣـﻜـﺎن ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﻔﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﳌـﺎ اﻧﺘﺒﻪ إﻟﻴﻪ أﺣــﺪ، ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﻳـــﺄت ﺑـﺠـﺪﻳـﺪ ﻳــﺤــﺪث ﻣــﻔــﺎﺟــﺄة وﻳـﺜـﻴـﺮ اﻟــﺪﻫــﺸــﺔ، وﻟـﻢ ﻳـــﺨـــﺮج ﻋـــﻦ اﻟـــﺨـــﻂ اﻷﺳــــﺎﺳــــﻲ ﻟــــ»ﺣـــﻤـــﺎس« ﻓـــﻲ أﻣــﺮ اﳌﻘﺎﻳﻀﺔ ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﺋﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ رﻓﻊ اﻟﺤﺼﺎر، ﻓﻬﺬا ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻌﻠﻦ إن ﺑﻠﻐﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﺣﺘﻰ ﻓـﻲ ﺧﻄﺐ اﻟﺠﻤﻌﺔ وﺗﺼﺮﻳﺤﺎت أﺑﻮ ﻣـﺮزوق، وﻻ أﺧﺎل اﻟﺴﻨﻮار ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺎرﻓﴼ ﺑﺮدود اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﺪﺛﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ ﳌﻨﺪوﺑﺔ ﺻﺤﻴﻔﺔ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﺔ ﺣـﺘـﻰ ﻟــﻮ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻣـﻤـﻮﻫـﺔ ﺑــﺮداء إﻳﻄﺎﻟﻲ، وﻣﻌﺮﻓﺘﻪ اﳌﺴﺒﻘﺔ ﺑﺬﻟﻚ وإﺻﺮاره ﻋﻠﻰ إﺟﺮاء اﳌﻘﺎﺑﻠﺔ وﻋﺪم اﻋﺘﺬاره ﻋﻦ ﺧﻄﻴﺌﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﺼﺤﻴﻔﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ، ﺗﻀﻊ اﻟـﺮﺟـﻞ ﻓـﻲ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻀﻤﻴﺮ اﳌﻌﻠﻦ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﺠﻬﺎ »ﺣﻤﺎس«، وﻷن أﻗــﺮب ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﲔ ﻧﻘﻄﺘﲔ ﻫﻲ اﻟﺨﻂ اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ، ﻓﻘﺪ ذﻫﺐ اﻟﺴﻨﻮار إﻟﻰ »ﻳﺪﻳﻌﻮت« وﺣﻘﻖ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ وﻫﻮ ﺑـﺎﻟـﻀـﺒـﻂ ﻣــﺎ ﺗــﺮﻳــﺪه ﺣــﺮﻛــﺔ »ﺣــــﻤــــﺎس«... ﻋــﻼﻗــﺔ ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﻴﻞ دون إﻗﺎﻣﺔ وزن ﺣﺎﺳﻢ ﻟﻜﻮن اﻷﻓﻀﻞ أن ﺗﺘﻢ ﻋﺒﺮ ﻃﺮف ﺛﺎﻟﺚ.
ﻣﻨﺬ أن اﺳﺘﻮﻟﺖ »ﺣﻤﺎس« ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﻏﺰة، وﻣﻨﺤﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺻﻼﺣﻴﺎت ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻹدارة واﻟﺤﻜﻢ واﻟﺘﺤﻜﻢ، وﻫﻲ ﻻ ﺗﻐﻔﻞ ﺗﻬﻴﺌﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ وﻏﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻟﻘﺒﻮﻟﻬﺎ ﻛﺮﻗﻢ ﺳﻴﺎﺳﻲ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻷول ﻓﻬﻮ اﻷﻫــﻢ، وﻛــﺎن اﻟـﻄـﺮف اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﻌﻤﻞ ﺑـﺪأب ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ﺣﺘﻰ إن اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻹﻋﻼن ﺑﺄن ﺑﻘﺎء »ﺣﻤﺎس« ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﻏﺰة ﻫﻮ ﻣﺼﻠﺤﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ.
ﺑــﺎﻷﻣــﺲ ﺗــﺪﻓــﻖ اﻟـــﻮﻗـــﻮد ﻟـﺘـﻐـﺬﻳـﺔ ﻣـﺤـﻄـﺔ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓـﻲ ﻏــﺰة، واﻟـﻴـﻮم أوﻗــﻒ ﻫـﺬا اﻟﺘﺪﻓﻖ ﺑﻘﺮار إﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﺑﻔﻌﻞ رﻓﻊ وﺗﻴﺮة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺤﻤﺴﺎوي ﻋﻠﻰ اﻟـﺴـﻴـﺎج، وﻗــﺪ ﻋــﺎدت اﳌـﻌـﺎدﻟـﺔ إﻟــﻰ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ اﻷﺻﻠﻲ ﺣﻴﺚ وﻻ ﻗﻄﺮة وﻗــﻮد دون ﺿﺒﻂ اﻟـﺤـﺪود ﻣﻊ ﻏﺰة، وأن ﺗﺼﻤﺖ ﺻﻤﺖ اﻟﻘﺒﻮر.
وﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﳌﺴﺎوﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ وﻛﺎدت ﺗﻔﺮز اﺗﻔﺎق ﺗﻬﺪﺋﺔ ﺗﺮﻋﺎه ﻣﺼﺮ وﺗﻤﻮﻟﻪ ﻗﻄﺮ، ﻓﺈن ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺴﻨﻮار ﻟـ »ﻳﺪﻳﻌﻮت« ﺳﻮف ﻳﺘﺤﻘﻖ أﺧﻴﺮﴽ، وﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺼﻌﻴﺪ اﻷﺧﻴﺮ اﳌﺘﺒﺎدل ﻫﻮ أﻋﺮاض ﻣﺨﺎض.