اﻟﻨﻤﺴﺎ واﳌﺴﻠﻤﻮن... اﻟﻘﻔﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻤﲔ اﳌﺘﻄﺮف
ﻳــﺒــﺪو أن اﻟـــﺠـــﺪل اﻟــﻘــﺎﺋــﻢ ﻓـــﻲ أوروﺑــــــﺎ ﺣــﻮل اﻟــﻌــﻼﻗــﺔ ﻣــﻊ اﻹﺳــــﻼم واﳌـﺴـﻠـﻤـﲔ ﺳـــﻮف ﻳـﻄـﻮل، وأن ﺣﻠﻘﺎت اﻟﺘﻄﺮف اﻟﻴﻤﻴﻨﻲ اﻷوروﺑــــﻲ، اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻓﻀﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﺟﺪﴽ ﻣﻦ اﻷوروﺑﻴﲔ أﻧﻔﺴﻬﻢ، ﺑﺎﺗﺖ ﺗﻌﺰف أﻟﺤﺎﻧﴼ ﻧﺸﺎزﴽ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ، ﺗﺆﺟﺞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﻴﺮان اﻟـﻌـﺪاوة واﻟـﺮﻫـﺎب ﻣﻦ اﻹﺳﻼم، وﺗﺴﻌﻰ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﻧﻌﺰاﻟﻴﺔ وأﺣﺎدﻳﺔ اﻟﺮأي.
اﻟــﺘــﻮﺻــﻴــﻒ اﻟــﺴــﺎﺑــﻖ ﻻ ﻳـﺘـﺼـﻞ ﺑــﻜــﺎﺗــﺐ ﻣﻦ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ واﻹﺳــﻼﻣــﻲ ﻓـﺤـﺴـﺐ؛ ﺑــﻞ ﻳـﺪرﻛـﻪ أﻣــﻴــﺮﻛــﻴــﻮن ﻣــﺤــﺎﻳــﺪون ﻳـــﺮون اﳌـﺸـﻬـﺪ اﻷوروﺑــــﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ.
ﺧـــــﺬ ﻟــــﺪﻳــــﻚ ﻋـــﻠـــﻰ ﺳـــﺒـــﻴـــﻞ اﳌـــــﺜـــــﺎل ﻣـــــﺎ ﻛــﺘــﺒــﻪ ﻣــﺎﻛــﺲ ﻫــﻮﻟــﻴــﺒــﺮان، ﻣــﻦ ﻣـﺠـﻠـﺔ »ﻧــﻴــﻮ رﻳﺒﺒﻠﻴﻚ« اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻴــﺔ اﳌــﻌــﺮوﻓــﺔ ﺑــﻤــﻮاﻗــﻔــﻬــﺎ اﻟــﻴــﻤــﻴــﻨــﻴــﺔ، إذ ﻳــﻘــﻮل: »ﻓـــﻲ اﻟــﺴــﻨــﻮات اﻟــﻌــﺸــﺮ اﳌــﺎﺿــﻴــﺔ، ﻗـﺎﻣـﺖ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﺠﻤﻊ ﺑـﲔ اﺋـﺘـﻼﻓـﺎت اﻟـﻨـﺎزﻳـﲔ اﻟـﺠـﺪد واﻟـﺘـﻴـﺎر اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻗﺘﺼﺎدات اﻟﺴﻮق اﻟـــﺤـــﺮة، ﻣــﻤــﺎ أدى إﻟــــﻰ ﺗـﻄـﺒـﻴـﻊ آﻳــﺪﻳــﻮﻟــﻮﺟــﻴــﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﳌﺎﺿﻲ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ وﻋـﻦ ﺣﻖ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺬﻋﺮ«.
ﻫــﻞ ﻳـﻔـﻬـﻢ ﻣــﻦ ﻫـــﺬا أن أوروﺑـــــﺎ ﻓــﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻠﻌﻮدة ﻷﻫﻮال اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ﻣﺮة أﺧﺮى؟
ﺗﻘﺮ »ﻛﺎﺗﻲ أودوﻧﻴﻞ« ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ »ﺑﻮﻟﻴﺘﻴﻜﻮ« اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ أﻳﻀﴼ: »إن اﻷﺣﺰاب اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ اﻵن ﻣﻮﻃﺊ ﻗﺪم ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن، ﻣﻦ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ إﻟـــﻰ ﻓـﻨـﻠـﻨـﺪا، ﻣـﻤـﺎ ﻳـﺜـﻴـﺮ اﳌــﺨــﺎوف ﻣــﻦ أن اﻟــﻘــﺎرة ﺗﺘﺮاﺟﻊ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ أدت إﻟﻰ ﻛﺎرﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ«.
وﻟـــﻌـــﻞ اﳌــﺜــﻴــﺮ ﻓـــﻲ اﳌــﺸــﻬــﺪ اﻷوروﺑــــــــﻲ ﻫــﺬه اﻷﻳـــﺎم، ﻫـﻮ أن اﻟﻘﻠﻖ ﻻ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻘﻂ؛ ﺑــﻞ ﺑـﺎﻟـﻴـﻬـﻮد اﻷوروﺑـــﻴـــﲔ أﻧـﻔـﺴـﻬـﻢ، اﻷﻣـــﺮ اﻟــﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻘﺎدة اﻟﻴﻬﻮد ﻣﺜﻞ ﻣﻨﺎ ﻣﺎروﻏﻮﻟﲔ، رﺋﻴﺲ اﻟــﺮاﺑــﻄــﺔ اﻟــﻴــﻬــﻮدﻳــﺔ اﻷوروﺑـــﻴـــﺔ، ﻳـﺸـﻌـﺮ ﺑﺘﻬﺪﻳﺪ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء أوروﺑﺎ.
ﳌـــــــﺎذا اﻟـــﺤـــﺪﻳـــﺚ ﻣــــــﺮة ﺟــــﺪﻳــــﺪة ﻋــــﻦ اﻟــﻴــﻤــﲔ اﻷوروﺑﻲ واﻟﻨﻤﺴﺎ واﳌﺴﻠﻤﲔ ﺗﺤﺪﻳﺪﴽ؟
اﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ اﻟﺠﺪل اﻟﺬي دار ﻓﻲ ﻓﻴﻴﻨﺎ ﻣﺆﺧﺮﴽ ﺣﻮل »ﻣﺮﻛﺰ اﳌﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﻠﺤﻮار ﺑﲔ أﺗﺒﺎع اﻷدﻳﺎن واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت«، اﳌﻌﺮوف اﺧﺘﺼﺎرﴽ ﺑﺎﺳﻢ »ﻛﺎﻳﺴﻴﺪ«، واﻟﺬي ﻳﺤﻮي ﺿﻤﻦ ﻣﺠﻠﺲ إدارﺗــﻪ ﻣﺴﻠﻤﲔ، وﻣﺴﻴﺤﻴﲔ، وﻳﻬﻮدﴽ، وﺑﻮذﻳﲔ، وﻫﻨﺪوﺳﴼ، وﺟﻞ ﻫﺪف اﳌﺮﻛﺰ ﻫﻮ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺤﻮار واﻟﺠﻮار، وﺗﻨﻤﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﳌﺸﺘﺮك ﺑﲔ اﻟﺒﺸﺮ، واﻟﻘﻔﺰ ﻋﻠﻰ ﺟﺪران اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ، وﺑﻨﺎء ﺟﺴﻮر اﳌﻮدة اﳌﻮﺻﻮﻟﺔ ﺑﲔ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب، وﺑﲔ أﺗﺒﺎع اﻷدﻳﺎن اﻹﺑﺮاﻫﻴﻤﻴﺔ.
ﻓﻲ اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻷﺧـﻴـﺮة، ﺗﻌﺮض اﳌﺮﻛﺰ اﻟﺬي ﻳـﺤـﻤـﻞ اﺳـــﻢ اﳌــﻐــﻔــﻮر ﻟــﻪ اﳌــﻠــﻚ ﻋـﺒـﺪ اﻟــﻠــﻪ، واﻟـــﺬي أﺷﺎر إﻟﻴﻪ ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﲔ اﳌﻠﻚ ﺳﻠﻤﺎن ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ رﻏﺒﺔ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ، إﻟﻰ ﺣﻤﻠﺔ ﺷﻌﻮاء ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﲔ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ اﻟﻨﻤﺴﺎوي، وﻳﺨﻴﻞ إﻟﻴﻬﻢ أﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﻬﺠﻮم ﻋﻠﻰ »ﻛﺎﻳﺴﻴﺪ«، ﺳﻮف ﻳﺴﺘﻤﻴﻠﻮن أﺻﻮات اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﲔ.
ﻟﻴﺲ ﺳﺮﴽ أن أﳌﺎﻧﻴﺎ واﻟﻨﻤﺴﺎ، وﻫﻤﺎ ﻣﺴﻘﻂ رأس اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﺗﺜﻴﺮان اﻟﻘﻠﻖ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص، ﺧﺼﻮﺻﴼ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﺮت ﻓﻲ ﻋﺎم ٧١٠٢، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﺣﺰب »اﻟﺒﺪﻳﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ أﳌﺎﻧﻴﺎ« ﻋﻠﻰ ٦٢ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ أﺻﻮات اﻟﻨﺎﺧﺒﲔ، ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺴﺒﺔ ﺣﺰب »اﻟﺤﺮﻳﺔ« اﻟﻨﻤﺴﺎوي، ٣١ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ.
ﻳـــﻤـــﻜـــﻦ اﻟـــﻘـــﻄـــﻊ ﺑــــــﺄن اﻟـــﻨـــﻤـــﺴـــﺎ وﻣــــــﻦ ﺧـــﻼل اﻟﺤﻮارات اﻟﺘﻲ دارت ﺣﻮل »ﻛﺎﻳﺴﻴﺪ« ﻗﺪ اﻧﺘﺼﺮت إﻟﻰ ﺣﲔ، ﻋﻠﻰ اﻷﺻﻮات ﺿﻴﻘﺔ اﻷﻓﻖ، ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺤﻆ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ وﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺗﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺗﺄﻛﻴﺪات وزﻳﺮة ﺧﺎرﺟﻴﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎ، ﻛﺎرﻳﻦ ﻛﻨﺴﺎﻳﻞ، ﻋﻠﻰ أن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻹﻏﻼق ﻏﻴﺮ واردة. وﻗﺪ ﺷﺪدت ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ أﺟﺮﺗﻬﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﻫﻴﺌﺔ اﻹذاﻋـﺔ واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن اﻟــﻌــﺎﻣــﺔ اﻟــﻨــﻤــﺴــﺎوﻳــﺔ، ﻋــﻠــﻰ دور اﳌــﺮﻛــﺰ ﺑﺼﻔﺘﻪ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ دوﻟﻴﺔ.
ﻳﺘﻔﻬﻢ اﳌﺮاﻗﺐ اﳌﺤﺎﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻠﻨﻤﺴﺎ رؤﻳﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻣـﻀـﺎﻓـﺔ، ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺘﻌﺰﻳﺰ ﻋﻤﻞ اﳌـﺮﻛـﺰ، ﻋﺒﺮ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻃﺮاف، واﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ، واﻟـﺘـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣــﻊ اﳌـﺆﺳـﺴـﺎت اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ، واﻟـــﺤـــﻮار داﺧــــﻞ ﺻــﻔــﻮف اﳌــﺴــﻠــﻤــﲔ، ﻓــﻀــﻼ ﻋﻦ اﻟـﺘـﺄﻛـﻴـﺪ ﻋـﻠـﻰ اﺳـﺘـﻘـﻼﻟـﻴـﺔ وﻣــﻮﺿــﻮﻋــﻴــﺔ أﻫـــﺪاف اﳌﺮﻛﺰ ﺗﺠﺎه اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﲔ واﻟﺠﻬﺎت اﳌﻌﻨﻴﺔ، وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻴﺪﴽ ﻳﺘﻔﻬﻤﻪ ﻣﺠﻠﺲ إدارة »ﻛﺎﻳﺴﻴﺪ« وﻗﻴﺎدة اﳌﺮﻛﺰ، ﻛﻲ ﺗﻤﻀﻲ اﳌﺴﻴﺮة ﻧﺤﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاﻓﻬﺎ اﳌﺮﺟﻮة.
أﺣﺴﻦ اﻟﺴﻴﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻣﻌﻤﺮ، اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﳌــﺮﻛــﺰ اﳌــﻠــﻚ ﻋــﺒــﺪ اﻟـــﻠـــﻪ، ﺣـــﲔ أﻛـــﺪ ﻋــﻠــﻰ ﺗـﺮﺣـﻴـﺒـﻪ ﺑﻤﺴﺎﻫﻤﺔ اﻟـﻮزﻳـﺮة وﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ، وإﺑـﺪاﺋـﻪ رﻏﺒﺔ ﺻـﺎدﻗـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ، وﻣــﻊ ﻓﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻀﻤﺎن ﺣﺼﻮل اﻟﻨﻤﺴﺎ ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﻤﻞ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺤﻮار ﻋﻠﻰ أراﺿﻴﻬﺎ.
ﻳـﻤـﻜـﻦ ﻟــﻠــﻤــﺮء أن ﻳــﺴــﺄل اﻷوروﺑـــﻴـــﲔ ﻋــﺎﻣــﺔ، واﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﲔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧــﺎص، ﻋـﻦ اﻟﺒﺪﻳﻞ اﳌﺘﺎح ﻟﻠﺤﻮار، وﻟﻔﺘﺢ اﻵﻓﺎق واﺳﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﳌﲔ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳــﻼﻣــﻲ، وﻫــﻞ ﻫﻨﺎك ﻃــﺮح آﺧــﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﺤﻮار ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺠﻨﺒﻬﻢ ﻧﻴﺮان اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ؟
اﻷوروﺑﻴﻮن، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﳌﺜﻘﻔﻮن ﻣﻨﻬﻢ، ﻳﺪرﻛﻮن أن رﺻــﻴــﺪﻫــﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫــﻮ اﻟـﺘـﻨـﻮﻳـﺮ، وﺗﺨﻄﻲ أزﻣـﻨـﺔ اﻻﻧــﺴــﺪاد اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ، وﻳﻌﻠﻤﻮن ﺟﻴﺪﴽ أن ﻓـﺘـﺮات اﻟﺘﻨﺎﻓﺢ واﻟـﺘـﻼﻗـﺢ اﻟـﺨـﻼق ﻣـﻊ اﻵﺧـــﺮ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺎﳌﲔ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ، إﻧﻤﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ أزﻣــﻨــﺔ ﺣــﺼــﺎد ﻓــﻜــﺮي وإﻧــﺴــﺎﻧــﻲ، ﺗـﺸـﺎرك ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﺎﻧﺒﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ إﺛـﺮاء اﻟﺴﻌﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺤﺜﻴﺚ، ﻧﺤﻮ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻟﺒﻨﻲ آدم، أﻣﺎ أزﻣﻨﺔ اﻟﺸﻮﻓﻴﻨﻴﺎت واﻟﻨﺎزﻳﺔ واﻟﻔﺎﺷﻴﺔ، ﻓﺎﻟﻘﺎﺻﻲ واﻟــﺪاﻧــﻲ ﻓـﻲ اﻟــﺪاﺧــﻞ اﻷوروﺑـــﻲ ﻋـﺎﻟـﻢ ﺑﺒﻮاﻃﻨﻬﺎ وﺑﻤﺂﺳﻴﻬﺎ، وﻋﻠﻰ أوروﺑﺎ أن ﺗﺨﺘﺎر.
ﻳﺘﺒﻘﻰ أﻣﺮ ﻣﻬﻢ آﺧﺮ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن واﺿﺤﴼ ﻛـﻞ اﻟـﻮﺿـﻮح ﻓـﻲ أﻋــﲔ ﻋﻤﻮم اﻷوروﺑــﻴــﲔ، وﻫﻮ أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ازداد اﳌﺪ اﻟﻴﻤﻴﻨﻲ اﻷوروﺑـﻲ اﳌﺘﻄﺮف، أوﺟﺪ ذﻟﻚ أﻋﺬارﴽ، ووﻓﺮ ﻣﺒﺮرات ﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻷﺻــﻮﻟــﻴــﺔ ﻋـﻠـﻰ اﻟــﺠــﺎﻧــﺐ اﻹﺳـــﻼﻣـــﻲ؛ ﺑــﻞ أﻋﻄﻰ زﺧــﻤــﴼ ﻗــﻮﻳــﴼ ﻟــﻠــﺘــﻴــﺎرات اﻹرﻫــﺎﺑــﻴــﺔ، اﻟــﺘــﻲ ﺗﺮﺣﺐ وﻻ ﺷﻚ ﺑﻜﻞ ﺟﻔﺎء وﻋﺰل ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﺼﺐ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺷﻌﺎراﺗﻬﺎ. ﻓﻬﻞ ﺗﺘﻄﻠﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ ﳌﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻄﺮوﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﻃﺎﺋﻞ ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ ﺳﻮى ﺗﺪﻋﻴﻢ رؤى ﻫﻨﺘﻨﺠﺘﻮن وﻣﻦ ﻟﻒ ﻟﻔﻪ؟
اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ، واﻟﺘﺸﺮذم، واﻟﺘﻤﺤﻮر ﻓﻲ أﻃﺮ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻟﻦ ﻳﻮﻟﺪ إﻻ ﺟـﺰرﴽ ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ ﺑﺸﺮﻳﴼ، وﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺐ اﻟﻘﺎﺗﻞ ﺳﺘﻌﻮد اﻟﺤﺮوب ﻣﻦ ﺷﺎرع إﻟــﻰ ﺷـــﺎرع، وﻣــﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ إﻟــﻰ أﺧـــﺮى. إﻧــﻪ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺼﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻬﺎوﻳﺔ.
اﻟﺨﻼﺻﺔ... اﻟﺘﻄﺮف ﻻ ﻳﻔﻴﺪ.