Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﺟﻼل أﻣﲔ: اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻜﺒﲑ

-

ﻛﺎن ﻛﻤﺎل اﳌﻼخ ﻋﺎﻟﻢ آﺛﺎر وﻣﺜﻘﻔﴼ ﻛﺒﻴﺮﴽ وﻧﺎﻇﻤﴼ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻷﺧــﻴــﺮة ﻓــﻲ »اﻷﻫـــــﺮا­م« اﻟــﺘــﻲ ﺻﻤﻤﻬﺎ ﻣـﺜـﻞ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ. وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺑﺘﻜﺎره ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻠﺼﻔﺤﺔ اﻷﺧﻴﺮة، اﺑﺘﻜﺮ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺔ «.د» ﺑﺪل »دﻛﺘﻮر« ﻛﺎﻣﻠﺔ، اﺧﺘﺼﺎرﴽ ﻟﻠﺤﺒﺮ واﻟﻮرق. وﺗﺼﺎدﻓﺖ ﻓﻜﺮﺗﻪ ﻣﻊ ﺗﻜﺎﺛﺮ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﺑﺤﻴﺚ ﻓﻘﺪ اﻟﻠﻘﺐ ﻗﻴﻤﺘﻪ. ﻟﻜﻦ »دال ﻧﻘﻄﺔ« ﻇﻠﺖ ﻧﻮﻋﴼ ﻣﻦ ﺗﺎج ﻋﻠﻰ رؤوس اﳌﺴﺘﺤﻘﲔ. وﻟﻢ ﻳﺨﻄﺮ ﻓﻲ ﺑﺎﻟﻲ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻳﻮﻣﴼ، أو ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋـﻨـﻪ، أو ﻛﺘﺒﺖ ﻋـﻨـﻪ، إﻻ ﻣﺴﺒﻮﻗﴼ ﺑﻤﺮﺗﺒﺘﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وﻣﻜﺎﻧﺘﻪ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ.

وﻣﻨﺬ وﻓﺎﺗﻪ ﻻ ﻳـﺰال أﻫـﻞ اﻟﻔﻜﺮ واﻷدب ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺧﺎرﺟﲔ إﻟﻰ رﺛﺎﺋﻪ، ﻳﻌﺜﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﻮاﺣﻲ ﻓﻜﺮه وآﺛﺎره. ورﻏﻢ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺟﺪﻟﻴﴼ ﻧﻤﻮذﺟﻴﴼ، ﻓﻘﺪ أﻇﻬﺮ ﻏﻴﺎﺑﻪ إﺟﻤﺎﻋﴼ ﻋﻠﻰ أي ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ »اﻟﺪال أﻟﻒ« ﻛﺎن ﻳﻨﺘﻤﻲ.

ﻛﺎن ﺟﻼل أﻣﲔ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺸﺮي وﺟﺐ ﻧﻘﺪه إذا ﻟﺰم. ﻓﻲ اﻟﻔﻦ وﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ وﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ. وﻛﺎن ﻳﺆﻣﻦ أن اﻟﻔﻨﺎن ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ أوﻻ، ورﺳﺎﻟﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﴼ، وﻟﺬا ﻻ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺘﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﻓﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ. وﻓﻲ ﺟﺮأﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺮدد ﻓﻲ إﻏﻀﺎب اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻬﺎﺋﻤﺔ ﺑﻜﺒﺎر اﻟﺮﻣﻮز.

ﺳﻮف أﺧﺘﺎر ﻧﻤﺎذج ﻏﻴﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺌﻼ ﻳﻘﺎل إن ﻟﻜﻞ رﺟﻞ ﻫﻮى ﻻ ﻳﻌﺎﺗﺐ ﻓﻴﻪ وﻻ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻪ: ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب وﺗﻮﻓﻴﻖ اﻟﺤﻜﻴﻢ وﻣﺴﻠﺴﻞ )وﻟﻴﺲ اﻟﺴﻴﺪة( أم ﻛﻠﺜﻮم وﻳﻮﺳﻒ ﺷﺎﻫﲔ. وﻫﺬه أﺳﻤﺎء ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻘﺪ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ. وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻳﻌﺮف ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺟﻼل أﻣﲔ. ﻓﻬﻮ، ﻛﺄﺳﺘﺎذ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺑﺮج ﻋﺎﺟﻲ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ اﻟﻨﺎس، ﺑﻞ ﻛﺎن »ﺑﻠﺪي« اﻟﻬﻤﻮم واﻻﻧﺸﻐﺎل واﳌﺸﺎﻋﺮ.

ﻳﻌﺮف ﻋﻨﻪ ﺣﺒﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻷم ﻛﻠﺜﻮم وﺗﻘﺪﻳﺮه ﻟﻬﺎ وﺗﻘﺪﻳﺮه ﻟﻬﻴﺎم اﻟﻨﺎس ﺑﻬﺎ ...» وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﳌﺆﻛﺪ أﻳﻀﴼ أن أم ﻛﻠﺜﻮم ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻦ اﻵﻟﻬﺔ، ﺑﻤﻌﻨﻰ اﺳﺘﻘﺼﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ أي ﺻﻮرة ﻣﻦ ﺻﻮر اﻟﻀﻌﻒ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﺑﻞ ﻳﻜﺎد اﳌﺮء أن ﻳﻘﻮل أﻳﻀﴼ إن ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﺎح وﻛﻞ ﻫﺬا اﳌﺠﺪ، ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﺤﻘﻘﺎ ﻟﻮ ﺧﻠﺖ أم ﻛﻠﺜﻮم ﻣﻦ ﺑﻌﺾ أوﺟﻪ اﻟﻀﻌﻒ اﻟﺨﻄﻴﺮة«.

ﻳﻘﻮل ﻣﻌﻠﻘﴼ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﺴﻞ »أم ﻛﻠﺜﻮم«: »إﻧﻲ أﺗﻔﻖ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻣﻊ اﻟـﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻌﺪم ﺗﺼﻐﻴﺮ اﻟﻜﺒﺎر ورﻓـﺾ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ أوﺟﻪ اﻟﻀﻌﻒ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ... وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ واﻟﻈﻠﻢ أﻳﻀﴼ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺑــﺮاز اﻟﻌﻈﻤﺎء وﻛﺄﻧﻬﻢ آﻟﻬﺔ، وﺗﻜﺮﻳﺲ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻟﺪى اﻟﻨﺎس ﺑﺄن ﻫـﺆﻻء اﻟﻌﻈﻤﺎء ﺻﻨﻒ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮ، وﺟﻮدﻫﻢ ﻣﻌﺠﺰة وﻇﻬﻮر أﻣﺜﺎﻟﻬﻢ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ«.

إﻟﻰ اﻟﻠﻘﺎء...

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia