اﻟﺤﺮﻳﺮي واﻟﻐﻀﺐ اﻟﺴﺎﻃﻊ ﻟﻸﻣﲔ اﻟﻌﺎم!
ﻣـــﺎ ﺗـــــﺮك اﻷﻣــــــﲔ اﻟـــﻌـــﺎم ﻟـــــ»ﺣــــﺰب اﻟــﻠــﻪ« ﻓـــﻲ ﻛــﻠــﻤــﺘــﻪ ﻳــــﻮم ٠١-١١ أﺣـــــﺪﴽ ﻣـــﻦ اﻟــﻔــﺮﻗــﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﺪﻳﻨﻴﲔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن إﻻ وأﻇﻬﺮ ﻏﻀﺒﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﻗﺮﻓﻪ ﻣﻨﻪ واﺳﺘﺨﻔﺎﻓﻪ ﺑﻪ. ﺑﻞ إﻧﻪ أﺿﺎف ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺬﻛﻴﺮه ﻟﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﺑﺎﳌﺎﺿﻲ اﻟﻘﺮﻳﺐ، ﺣﻴﺚ ﺣﻮﻟﻬﻢ إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻘﲔ: ﺷﻬﺪاء أو ﺧﺎﺿﻌﲔ. وﻛــﺎن اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻟـــﺬﻟـــﻚ اﻟــﻐــﻀــﺐ اﻟـــﺴـــﺎﻃـــﻊ إﺑــــﺎءﻫــــﻢ ﺟـﻤـﻴـﻌـﴼ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ )دﻋﻤﴼ ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﻜﻠﻒ ﺳﻌﺪ اﻟـﺤـﺮﻳـﺮي( ﻣﻄﻠﺐ اﻟـﺤـﺰب ﺗـﻮزﻳـﺮ واﺣـــﺪ ﻣﻦ ﺣـﻠـﻔـﺎﺋـﻪ اﻟـﺴـﻨـﺔ ﻓــﻲ اﻟـﺤـﻜـﻮﻣـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻳـﺤـﺎول اﻟﺤﺮﻳﺮي ﺗﺸﻜﻴﻠﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻗﺮاﺑﺔ اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺴﺘﺔ. وﻛﺎن ﻣﻨﻄﻖ اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم، أﻧﻪ ﻣﺎ داﻣﺖ ﻋﻘﺪة ﺟﻨﺒﻼط ﻗﺪ أﺧــﺮت ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أرﺑﻌﺔ أﺷـــﻬـــﺮ، وﻋـــﻘـــﺪ ﺟــﻌــﺠــﻊ ﻗـــﺪ أﺧــــــﺮت ﺗـﺸـﻜـﻴـﻞ اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﺔ ﺧـﻤـﺴـﺔ أﺷـــﻬـــﺮ، ﻓـــﻼ ﺣـــﺮج إذا ﻟﻢ ﺗﺘﺸﻜﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ )ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻘﺪﺗﻪ ﻫـﻮ( ﻋﺎﻣﴼ أو أﻟــــﻒ ﻋـــــﺎم! وﳌــــــﺎذا؟ ﻷﻧــــﻪ وﻓـــــﻲ ﻟـﺤـﻠـﻔـﺎﺋـﻪ! وﻛـﺎﻧـﺖ وﺟـﻬـﺔ ﻧـﻈـﺮي ووﺟـﻬـﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻦ اﳌـﺮاﻗـﺒـﲔ أن ﻧﺼﺮ اﻟـﻠـﻪ ﻻ ﻳـﺮﻳـﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓـﻲ ﻟﺒﻨﺎن اﻵن إﻻ إذا اﺳﺘﻮﻓﺖ ﻛـﻞ ﺷﺮوﻃﻪ وﻣـﻌـﺎﻳـﻴـﺮه )واﻟــﺘــﻲ ﻟـﻴـﺲ ﻣﻨﻬﺎ ﺑـﺎﻟـﻀـﺮورة ﺗــﻮزﻳــﺮ واﺣــــﺪ ﻣــﻦ ﺣــﻠــﻔــﺎﺋــﻪ!(، وأﻫــﻤــﻬــﺎ ﻋــﺪم اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻠﻌﻘﻮﺑﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻋﻠﻰ إﻳـﺮان، وﻋﻠﻰ اﻟﺤﺰب )وﻗﺪ اﻧﻀﻢ اﺑﻦ ﻧﺼﺮ اﻟﻠﻪ ﻳﻮم اﻟﺜﻼﺛﺎء ٣١-١١ إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﳌﻌﺎﻗﺒﲔ(، وﻟﺒﻨﺎن ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ذﻟـﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. ﻓﻘﺪ أﻋﻠﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﳌﺼﺮﻓﻲ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﺰام اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت، ﺑﻞ وأﻋــﻠــﻦ ﻣـﻄـﺎر رﻓـﻴـﻖ اﻟــﺤــﺮﻳــﺮي ﺑـﺒـﻴـﺮوت ﻋﻦ ﻋــﺪم ﺗــﺰوﻳــﺪ اﻟــﻄــﺎﺋــﺮات اﻹﻳــﺮاﻧــﻴــﺔ ﺑـﺎﻟـﻮﻗـﻮد. وإذا ﺻـﺢ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳــﺮاد ﺗﺸﻜﻴﻠﻬﺎ ﺳﻴﻜﻮن وزﻳﺮ اﻟﺼﺤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺰب؛ ﻓﺈن اﳌــﺴــﺎﻋــﺪات اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ ﻟـــــﻮزارات اﻟــﺨــﺪﻣــﺎت، وﻟــﻠــﺠــﻴــﺶ، ﺳــﺘــﺘــﻌــﺮض ﳌــﺨــﺎﻃــﺮ اﳌــﻘــﺎﻃــﻌــﺔ واﻻﻧﻘﻄﺎع، ﻛﻤﺎ ﻫـﺪد ﻣﺴﺆوﻟﻮن أﻣﻴﺮﻛﻴﻮن ﻓﻲ ﻋﺪة ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت.
ﻟـــﻘـــﺪ ﺷـــﻌـــﺮ ﺟــﻤــﻴــﻊ اﳌــــﺴــــﺆوﻟــــﲔ اﻟـــﺬﻳـــﻦ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻠﻤﻬﺎﻧﺔ ﻣـﻦ اﻷﻣــﲔ اﻟـﻌـﺎم ﻟﻠﺤﺰب ﺑﺎﻻﻧﺰﻋﺎج واﻟﺨﻮف، ﻟﻜﻨﻬﻢ اﻋﺘﺬروا ﺑﺄﻋﺬار ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻣﺜﻞ اﻻﻧـﻬـﻴـﺎر اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدي، وﻣﺜﻞ اﻟﻔﻮﺿﻰ، وﻣﺜﻞ ﺗﺤﻄﻢ اﻟﻄﺎﺋﻒ واﻟﺪﺳﺘﻮر إذا ﻟـﻢ ﺗﺘﺸﻜﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ﻟـﻜـﻦ ﻧﺎﺋﺒﴼ ﻋﻮﻧﻴﴼ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪه ﺧﺸﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، إذ ﻗﺎل: »ﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﺳﺪ إذا زأر، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻪ إذا ﻫﺠﻢ«!
وﻳــــــﻮم اﻟـــﺜـــﻼﺛـــﺎء ٣١-١١، ﺧــــﺮج رﺋــﻴــﺲ اﻟـــﻮزراء اﳌﻜﻠﻒ ﺳﻌﺪ اﻟﺤﺮﻳﺮي ﻋـﻦ ﺻﻤﺘﻪ، وﻗــــﺎل ﻓـــﻲ ﻣــﺆﺗــﻤــﺮ ﺻــﺤــﺎﻓــﻲ إﻧـــﻪ ﺑـــﻲ )أﺑـــﻮ( اﻟﺴﻨﺔ، رﻏﻢ أن ﺗﻴﺎر اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﺰﻋﻤﻪ ﻋـﺎﺑـﺮ ﻟﻠﻄﻮاﺋﻒ. وإﻧــﻪ ﻣﻨﺬ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﻟــﻰ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻮﺗﺢ ﺑﺸﺄن ﺗﻮزﻳﺮ ﻧﺎﺋﺐ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ آذار؛ ﻓﺈﻧﻪ رﻓﺾ ذﻟﻚ رﻓﻀﴼ ﻗﺎﻃﻌﴼ، ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺸﻜﻠﻮن ﻛﺘﻠﺔ، ﺑﻞ ﻫﻢ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ ﺛﻼث ﻛﺘﻞ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓـــﻲ اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﺔ: ﻛـﺘـﻠـﺔ »أﻣــــﻞ«، وﻛــﺘــﻠــﺔ »ﺣــــﺰب اﻟـــﻠـــﻪ«، وﻛـﺘـﻠـﺔ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻓﺮﻧﺠﻴﺔ، ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻤﺜﻴﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. وﻓﻲ ﺣــﲔ اﺣــﺘــﻜــﺮ اﻟــﺤــﺰب وﺣــﺮﻛــﺔ »أﻣﻞ« ﺗﻤﺜﻴﻞ اﻟﺸﻴﻌﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺎ ﻋﺎد ﻣﻦ ﺣﻘﻬﻢ أن ﻳﻔﺮﺿﻮا ﺗﻤﺜﻴﻞ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻷﺧﺮى. وﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺜﻠﻬﻢ، أي اﺣﺘﻜﺎري؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻋﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻴﻘﺎﺗﻲ أن ﻳﺮﺷﺢ أﺣﺪﴽ ﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻪ، ﻷن ﻋﻨﺪه ﻛﺘﻠﺔ. ورد اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﺮﻳﺮي ﻋﻠﻰ اﺗﻬﺎﻣﺎت اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺤﺰب ﺑﺎﻟﺘﺠﻴﻴﺶ اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ، واﻟﻔﺘﻨﺔ. وﻗﺎل إﻧﻪ ﺗﻌﺐ ﻣﻦ اﳌﻄﺎﻟﺒﺎت ﺑﺎﻟﺘﻨﺎزل اﳌﺘﻜﺮر ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره »أم اﻟﺼﺒﻲ«، وإﻧﻪ ﺳﺌﻢ ﻣﻦ ﻟﻌﺐ ﻫﺬا اﻟﺪور وﻫﻮ وﺣــﺪه ﻣﻦ دون اﻵﺧـﺮﻳـﻦ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ اﻷﺑـﻌـﺎد اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﳌﻤﻜﻨﺔ ﻟﺘﻌﻄﻴﻞ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، ﻧﻔﻰ ذﻟﻚ، وﻗﺎل إﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻋﻘﺪة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺳﺒﺐ ﻣﺤﺪد وﻣﺤﻠﻲ، وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﻨﻴﺎت، واﻟﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬا اﳌﻄﻠﺐ اﳌﺤﻠﻲ اﳌﺤﺪد: ﺗﻮزﻳﺮ ﻧﺎﺋﺐ ﺳﻨﻲ ﻣﻦ ﺣﻠﻔﺎء اﻟﺤﺰب. ﻟﻘﺪ واﻓـﻖ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮن اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، وﻛﺎن ﻳﻌﺮف أﻧﻪ ﺳﻴﺨﺴﺮ، وﺧﺴﺮ ﻋﺪة ﻧﻮاب ﺑــﺎﻟــﻔــﻌــﻞ، وﻫـــﻮ ﻻ ﻳــﺮﻳــﺪ أن ﻳــﺪﻓــﻊ اﻟــﻔــﺎﺗــﻮرة ﻣﺮﺗﲔ. ﻟﻘﺪ ﻧﺺ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﻜﻠﻒ ﻳﺘﻌﺎون ﻣـﻊ رﺋـﻴـﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻃـﺮف ﺛﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ، ﺣﺴﺐ اﻟﺪﺳﺘﻮر.
وﻇــــﻞ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ اﻟــﺤــﺮﻳــﺮي ﻓــﻲ ﻣـﺆﺗـﻤـﺮه اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﺷﺪﻳﺪ اﻻﻟـﺘـﺰام ﺑﺴﻘﻒ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﻬﺪ اﻷوﻟــــﻰ. وﻟــﺬﻟــﻚ ﻓـﻘـﺪ اﻋـﺘـﺒـﺮ أن اﻷﻣـــﲔ اﻟـﻌـﺎم ﻟﻠﺤﺰب ﻣﺎ اﻋﺘﺪى ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺣﻴﺎت رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ.
ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻬﻢ اﻟﻮﺿﻊ اﻵن ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺑﻌﺪ ﺧﻄﺎب اﻷﻣــﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺤﺰب، واﳌﺆﺗﻤﺮ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﻜﻠﻒ؟ اﻟـﺬي ﻳﺒﺪو أن أﻓــﻖ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻧـﺴـﺪ أو ﺻــﺎر أﻛﺜﺮ اﻧـــــﺴـــــﺪادﴽ. واﻟــــﻮﺿــــﻊ اﻟــﻨــﻔــﺴــﻲ أو اﳌــﻌــﻨــﻮي ﻟﻠﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﺗﺤﺴﻦ أو ارﺗﻔﻊ، ﻷﻧﻬﻢ رأوا زﻋـﻴـﻤـﻬـﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺣـﺎﻣـﻴـﴼ ﳌﺼﺎﻟﺤﻬﻢ، ﻛﻤﺎ رﻓــﺾ ﻃﻠﺒﴼ ﻟـــ»ﺣــﺰب اﻟــﻠــﻪ«، ﻻ ﻳــﺮاه ﻫﻮ وﻻ ﻫــــﻢ ﻣــﺸــﺮوﻋــﴼ. ﻟــﻜــﻦ ﺳــﺎﺋــﺮ اﻟـﻠـﺒـﻨـﺎﻧـﻴـﲔ ازدادوا ﺗﺸﺎؤﻣﴼ ﺑﺸﺄن اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﳌﻌﻴﺸﻲ واﳌﺎﻟﻲ - اﳌﺼﺮﻓﻲ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎب ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ. ﻋﻠﻰ أن ﻗﺴﻤﴼ ﻣﻦ اﻟﻌﻮﻧﻴﲔ ﻳﺘﺴﺎءﻟﻮن ﻋﻦ ﺟـﺪوى ﻫـﺬه اﻟﺨﺼﻮﻣﺔ اﻵن واﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﺐ أﺿﺮارﴽ ﻛﺒﺮى ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼد، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﺒﺪو ﺗﻮزﻳﺮ أﺣﺪ أو ﻋﺪم ﺗﻮزﻳﺮه أﻣﺮﴽ ﻳﺠﻮز ﻣﻦ أﺟﻠﻪ أﻻ ﺗﺘﺸﻜﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. وﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻧﺎﺋﺐ ﻋﻮﻧﻲ آﺧﺮ ﻓﺈن ﻣﻦ ﻳﺸﺮب اﻟﺒﺤﺮ، ﳌﺎذا ﻳﻐﺺ ﺑﺎﻟﺴﺎﻗﻴﺔ؟
ﻟﻘﺪ ﻗﺪﻣﺖ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎدﻫﺎ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﺮﻳﺮي ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻣﲔ، ﺧﺪﻣﺎت ﻛﺒﺮى ﻟﻠﺤﺰب وﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ. ﻓﺒﻌﺪ اﻧﺘﺨﺎب اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻤﺒﺎدرة ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺮي، ﺟﺮى ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺤﺰب وﻟﻠﺮﺋﻴﺲ اﻷﻛـﺜـﺮﻳـﺔ ﻓﻴﻬﺎ. ﺛـﻢ ﺟﺮى ﺗـﺸـﺮﻳـﻊ ﻗــﺎﻧــﻮن اﻻﻧــﺘــﺨــﺎب اﻟـــﺬي ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺧـــﺴـــﺎرة اﻟــﺤــﺮﻳــﺮي أﻛــﺜــﺮ ﻣـــﻦ ﻋــﺸــﺮة ﻧـــﻮاب. وﺑــﻀــﻐــﻮط اﻷﻣــــﲔ اﻟـــﻌـــﺎم ﻟــﻠــﺤــﺰب ورﺋــﻴــﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﺟﺮى ﺗﻔﻮﻳﺖ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻓﻲ »ﺣﺮب اﻟﺠﺮود« ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻴﺶ أن ﻳﻜﻮن ﻗﻮة ﻣﻘﺎﺗﻠﺔ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻟﺒﻨﺎن ﺿﺪ اﻹرﻫﺎب، واﺳﺘﻄﺮادﴽ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أﻣﻞ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻦ دﻋﻮى اﻟﺤﺰب أﻧﻪ اﻟﺤﺎﻣﻲ ﻟــــﻠــــﺒــــﻨــــﺎن. وﻣــــــــﺎ اﺳـــﺘـــﻄـــﺎﻋـــﺖ ﺣــﻜــﻮﻣــﺔ اﻟـــﻮﻓـــﺎق اﻟــﻮﻃــﻨــﻲ أن ﺗﻤﻨﻊ اﻟﺤﺰب -ﺑﺪاﻋﻲ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻨﺄي ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ - ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛﺔ أو اﺳـــﺘـــﻤـــﺮارﻫـــﺎ ﻓـــﻲ اﻟــﺤــﺮب اﻟﺴﻮرﻳﺔ. وﻗﺪ اﺷﺘﻜﻰ اﻟﺴﻨﺔ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ اﻋﺘﺪاء رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ وأﻧﺼﺎره ﻋــﻠــﻰ ﻣـﻨـﺎﺻـﺒـﻬـﻢ أو ﺣـﺼـﺘـﻬـﻢ ﻓـــﻲ وﻇــﺎﺋــﻒ اﻟﺪوﻟﺔ دون أن ﻳﺘﺬﻣﺮ رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﻨﻤﺮ اﻵن ﺿـﺪ اﻟــﺤــﺰب. وﻓــﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟـﻘـﻮي وﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟـﺤـﺮﻳـﺮي ازدادت ﺳﻴﻄﺮة اﻟـﺤـﺰب ﻓـﻲ اﳌـﻄـﺎر واﳌـﺮﻓـﺄ واﻟﺠﻴﺶ وﺳﺎﺋﺮ اﳌـﺆﺳـﺴـﺎت. وﻣــﺎ ﻓــﻮت رﺋـﻴـﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ، وﻻ رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ إﻻ وداﻓﻌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﺰب ﺑﺎﻟﺰﻋﻢ اﳌﺴﺘﻤﺮ أﻧﻪ »ﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﺳﻼﺣﻪ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ«. ﺑﻞ إن رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻗـﺎل ﻋـﺪة ﻣــﺮات إن ﻟﺒﻨﺎن ﻳﺤﺘﺎج إﻟـﻰ ﺳﻼح اﻟﺤﺰب ﻷن اﻟﺠﻴﺶ ﺿﻌﻴﻒ. وﻫﻨﺎك ﺷﻜﻮى ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺗــﺰاﻳــﺪات ﻓــﻲ اﻟﺴﻨﺘﲔ اﻷﺧـﻴـﺮﺗـﲔ ﻣﻦ أن ﻟﺒﻨﺎن )ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺰب( ﻻ ﻳﻠﺘﺰم ﺑﺎﻟﻘﺮار اﻟﺪوﻟﻲ رﻗﻢ ١٠٧١ ﺑﺸﺄن ﺟﻨﻮب ﻟﺒﻨﺎن. وﻗﺒﻞ أﻳﺎم، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻳﻘﺪم ﺗﻘﺮﻳﺮﴽ ﳌﺠﻠﺲ اﻷﻣــﻦ ﻋﻦ إﻧﻔﺎذ اﻟﻘﺮار رﻗﻢ ٩٥٥١ )ﻣﻨﻊ اﻟﺴﻼح ﺑﺎﻟﺪاﺧﻞ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ إﻻ ﻟﻠﺠﻴﺶ واﻟﻘﻮى اﻷﻣﻨﻴﺔ( ذﻛﺮ أن »ﺣﺰب اﻟﻠﻪ« ﺑﺴﻼﺣﻪ وﺗﻬﺪﻳﺪاﺗﻪ ﺑﺼﻮارﻳﺨﻪ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺠﺮ ﻟﺒﻨﺎن إﻟﻰ اﻟﺤﺮب.
إن ﻣﺎ أﻗﺼﺪه ﻣﻦ وراء اﻟﺘﻌﺪﻳﺪ ﻟﺒﻨﻮد اﻟـــﺘـــﻐـــﻮل ﻣـــﻦ ﺟـــﺎﻧـــﺐ اﻟـــﺤـــﺰب ﻋــﻠــﻰ ﻟـﺒـﻨـﺎن وأﻣـﻨـﻪ وﺳـﻴـﺎدﺗـﻪ وﺣـﻴـﺎة اﻟـﻨـﺎس وﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟـﻘـﻮاﻧـﲔ ﻓـﻴـﻪ، ﻟﻴﺲ ﻣــﻦ ﻏـﺮﺿـﻪ اﻟﺘﺸﻨﻴﻊ ﻋـﻠـﻰ اﻷﻣـــﲔ اﻟــﻌــﺎم ﻟـﻠـﺤـﺰب اﻟـــﺬي ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﻟﻜﺮاﻣﻲ أو ﻣــﺮاد؛ دون أن ﻳﻔﻜﺮ ﺑـﺎﻟـﻮﻓـﺎء أو اﻟـﻌـﺮﻓـﺎن ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ ﻟـﻠـﺮﺟـﻞ أو اﻟﺮﺟﻠﲔ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺧﺪﻣﺎه ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺘﲔ اﳌــﺎﺿــﻴــﺘــﲔ. ﻓــﻬــﺬا ﻫــﻮ اﳌـﻨـﺘـﻈـﺮ ﻣــﻦ زﻋـﻴـﻢ ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﺻـﺎرت ﺗﺰﻋﻢ أﻧﻬﺎ ﺟﺰء ﻣــﻦ اﳌــﻌــﺎدﻟــﺔ اﻹﻗـﻠـﻴـﻤـﻴـﺔ )وﺻــــﺪق دﻋــﻮاﻫــﺎ رﺋـﻴـﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗــﺎل إن ﺳﻼح اﻟﺤﺰب ﻟﻦ ﻳﻨﺰع إﻻ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء أزﻣﺔ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ!(. وﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺤﺰب ﻳﺘﻮﻋﺪ اﻟﺤﺮﻳﺮي ﺑﺎﻟﻮﻳﻞ واﻟﺜﺒﻮر، ﻛـــﺎن ﻳــﻄــﻮف ﻋـﻠـﻰ اﻷزﻣـــــﺎت اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ اﻧــﺘــﺼــﺎرات ﻣــﻦ ﻏــﺰة إﻟــﻰ اﻟﻴﻤﻦ وإﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ وﺳﻮرﻳﺎ، إﻟﺦ... إﻧﻤﺎ اﻟﻘﺼﺪ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻣﻦ اﻻﻧﺼﻴﺎع ﻣــﻦ ﺟــﺎﻧــﺐ راﺋــــﺪي اﻟـﺘـﺴـﻮﻳـﺔ، ﻣــﺎ اﻟــﻘــﺪرات اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻤﻮد ﺣﺘﻰ ﻣﻦ وراء ﻣﺜﻞ رﻓﺾ ﺗﻮزﻳﺮ ﻫﺬا أو ذاك؟!
إن اﻟﺬي أراه أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻦ ﺗﺘﺸﻜﻞ إﻻ إذا ﺑــﺪأت اﳌـﻔـﺎوﺿـﺎت اﻟﺴﺮﻳﺔ ﺑـﲔ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة وإﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، وإﻳﺮان ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ، أو ﺳﻘﻄﺖ اﻟﺤﺪﻳﺪة ﻓﻲ أﻳﺪي اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، أو رﺿﻲ ﻋﻨﺎ ﺑﺸﺎر اﻷﺳﺪ، أو أﺳﻌﻔﺖ ﺳﻌﺪﴽ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﳌﺸﻬﻮدة واﳌﻌﺮوﻓﺔ ﻋﻦ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ!