اﻟﻜﻮاﺑﻴﺲ واﻻﻧﺘﻘﺎم واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻼذ ﻓﻲ »اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎري داﺧﻞ اﻟﺤﻠﻢ«
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﺼﺼﻴﺔ ﻟﻠﺮواﺋﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ أﺣﻤﺪ ﺳﻌﺪاوي ﺗﺘﻀﻤﻦ ٠١ ﻧﺼﻮص
»اﻟـﻮﺟـﻪ اﻟـﻌـﺎري داﺧــﻞ اﻟﺤﻠﻢ« ﻣــــﺠــــﻤــــﻮﻋــــﺔ ﻗـــﺼـــﺼـــﻴـــﺔ ﻟــــﻠــــﺮواﺋــــﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ أﺣﻤﺪ ﺳﻌﺪاوي، ﺗﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺣﻼم إﻟﻰ ﻛﻮاﺑﻴﺲ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺮار ﻣﻨﻬﺎ، إﻻ أن اﻻﺳﺘﻔﺎﻗﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻔﻀﻲ إﻻ إﻟــﻰ اﻟـﺘـﻮرط ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﳌــــﻌــــﺎش اﳌــﻔــﻌــﻢ ﺑــﺎﻟــﻘــﻠــﻖ واﻟــــﺘــــﺄزم واﻹﺧــــﻔــــﺎﻗــــﺎت. ﻧـــﺸـــﺮت اﳌــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﻋﻦ »دار اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ« ﻋﺎم ٨١٠٢، وﻳﺼﻞ ﻋﺪد ﺻﻔﺤﺎﺗﻬﺎ إﻟﻰ ٩٧٢ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﳌﺘﻮﺳﻂ.
ﺗﺪور أﺣﺪاث ﻫﺬه اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻓﻲ أﺣﻴﺎء ﻣﺨﺘﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟـﻌـﺮاق. وﻳﺄﺗﻲ ﻫــﺬا اﻹﺻــــﺪار ﺗـﺎﻟـﻴـﴼ ﻷﻋــﻤــﺎل أدﺑـﻴـﺔ أﺧــــﺮى، ﻣـﺜـﻞ رواﻳــــﺔ »ﻓـﺮاﻧـﻜـﺸـﺘـﺎﻳـﻦ ﻓـﻲ ﺑـﻐـﺪاد« اﻟﺤﺎﺋﺰة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟـﻌـﺎﳌـﻴـﺔ ﻟــﻠــﺮواﻳــﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﻓــﻲ ﻋـﺎم ٤١٠٢، واﻟــﺘــﻲ ﺗـﻠـﺘـﻬـﺎ رواﻳــــﺔ »ﺑــﺎب اﻟﻄﺒﺎﺷﻴﺮ« ﻓﻲ ﻋﺎم ٧١٠٢. وﻳﺘﻤﺜﻞ »اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎري داﺧﻞ اﻟﺤﻠﻢ« ﺑﻌﺸﺮ ﻗﺼﺺ ﻃﻮﻳﻠﺔ أو رواﻳــﺎت ﻗﺼﻴﺮة »ﻧﻮﻓﻴﻼت«، ﻳﺘﻔﺎوت ﻋﺪد ﺻﻔﺤﺎت ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﲔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ وﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎوز اﻷرﺑــﻌــﲔ ﺻـﻔـﺤـﺔ، وﺗــﻘــﻞ ﻛــﻞ ﻗﺼﺔ ﻣــﻨــﻬــﺎ اﻟـــــﻘـــــﺎرئ إﻟـــــﻰ ﻋـــﺎﻟـــﻢ أﺛـــﻴـــﺮي ﻣﺴﺘﻘﻞ، ﻳﻐﻮص ﻓﻲ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻔﺎوت ﺗــﺎرة ﺑـﲔ »اﻟﺪﻳﺴﺘﻮﺑﻴﺎ«، وﺗﺎرة أﺧﺮى اﻟﺠﺎﻧﺐ »اﻟﻔﺎﻧﺘﺎزي«. وإن ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﺗــﻨــﻀــﺢ ﺑــــﺎﻷﻟــــﻢ، ﻓـﻬـﻲ ﺗــﺤــﻤــﻞ أﺳـــﻠـــﻮﺑـــﴼ ﻓــﻜــﺎﻫــﻴــﴼ ﺳـــﺎﺧـــﺮﴽ ﺑـــــﺮﺷـــــﺎﻗـــــﺔ ﻣـــــــﻦ اﻟــــــــﻮاﻗــــــــﻊ اﳌــــﻌــــﺎش ﺑـــﺘـــﺼـــﻮرات ﻣـــﺪﻫـــﺸـــﺔ، ﺗـــﺘـــﺪرج ﻓـﻲ ﺗﻮﻏﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﻓﻲ آﺧﺮ ﻗﺼﺔ، ﻣﻌﻨﻮﻧﺔ ﺑـ»ﺷﺎﻣﻴﺮام وﻓﻀﻴﻞ«، إﻟﻰ رﺣﻠﺔ ﻣﻜﻮﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ٠٧٠٢ ﺑﻄﺮاز ﺧﻴﺎل ﻋﻠﻤﻲ، ﺗﻄﺎرد ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺎﻣﻴﺮام زوﺟــــﻬــــﺎ ﺑـــﺄﺳـــﻠـــﻮب ﺧــــﺮاﻓــــﻲ ﺣـﺘـﻰ ﺗﻠﺘﺤﻖ ﺑﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟـﻨـﺠـﺎة اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﻴﺔ ﻣﻦ ﻫـﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺘﻮﺟﻬﻬﺎ إﻟــــﻰ اﳌـــﺮﻳـــﺦ، ﻟـﻴـﺴـﺘـﻤـﺮ ﻓــﻀــﻴــﻞ ﻓﻲ ﺗﺄزﻣﻪ اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ، ﻣﻮﻟﻪ ﺑﻬﺎ ﻣﺒﻐﺾ ﻟـﻬـﺎ، ﺑﺘﻨﺎﻗﺾ ﻏــﺮاﺋــﺒــﻲ. وﻳﺘﺠﻠﻰ إﻣﻌﺎن اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻌﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻼذ آﻣﻦ، ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻠﻖ ﻣــﻜــﺎن ﻣــــــﻮاز ﻟـــﻠـــﻮاﻗـــﻊ، ﻣــﺜــﻞ اﻟـﺴـﻔـﺮ اﻻﻋــﺘــﺒــﺎري أو اﺧـﺘـﻴـﺎر دول أﺧــﺮى ﻋﺮﺑﻴﺔ أو ﻋـﺎﺑـﺮة ﻟـﻠـﻘـﺎرات أو ﺣﺘﻰ ﻧـــﺎﺑـــﺬة ﻟــﻜــﻮﻛــﺐ اﻷرض، ﺑـﺎﺧـﺘـﻴـﺎر ﻛــــﻮﻛــــﺐ اﳌـــــﺮﻳـــــﺦ. اﻷﻣـــــــﺮ ﻳـﺴـﺘـﺤـﻴـﻞ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻤﻌﻨﺔ ﻟﻠﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﳌﺴﺘﻔﺤﻞ ﻣﻦ اﻟﺬﻋﺮ واﻷﻟﻢ واﻟﺪﻣﺎر، وذﻟﻚ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻳﻐﻮص ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺜﻴﺔ اﻟــﺴــﺎﺧــﺮة، وﻳـﺤـﻤـﻞ ﻫـﺎﺟـﺴـﴼ داﺋـﻤـﴼ ﺑـــﺎﻟـــﺮﻏـــﺒـــﺔ ﺑــﺘــﻐــﻴــﻴــﺐ اﻟـــــﺤـــــﻮاس أو اﻟﻔﺮار، أو ﺣﺘﻰ اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻠﻤﻮت، ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﳌﺮور اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ، أو ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ، إﻻ اﻟﺘﺸﻔﻲ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ أو اﻧﺘﻈﺎر ﻓﻨﺎﺋﻬﻢ.
وﺗﻈﻬﺮ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ اﺳﺘﻤﺮارﴽ ﻟـ »ﺛﻴﻤﺔ« اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ أﺣﻤﺪ ﺳﻌﺪاوي اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺴﺪ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﳌﺘﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟـﻌـﺮاق، واﻧﻌﻜﺎﺳﺎت اﻟــــﺼــــﺮاﻋــــﺎت اﻷﻫـــﻠـــﻴـــﺔ واﻟــﻄــﺎﺋــﻔــﻴــﺔ ﻓــﻴــﻬــﺎ، وﻳــﻤــﺘــﺪ ذﻟــــﻚ ﻟـﻴـﻌـﻜـﺲ ﺣــﺎل ﺗــﺄزم اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻜﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺣــﺪاث ﻣﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ، ﻣﺜﻞ اﻧﻌﺪام اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺠﺎب ﻣﺎ ﺑﲔ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺳﺎﻫﺮ واﻟﺴﻮرﻳﺔ ﻧﺴﺮﻳﻦ، ﻓﻲ ﻗﺼﺔ »اﻟﺸﻬﺮزادﻳﻮن«، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻧﺠﺎة ﻣﻦ اﻟـــﻜـــﻮارث اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻻ ﺗﻔﻀﻲ إﻻ إﻟـﻰ اﻟﻔﻨﺎء، وﻻ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ إﻻ ﻣــﺤــﺎوﻟــﺔ اﻻﺣــﺘــﻔــﺎظ ﺑــﺎﻟــﻘــﺪرة ﻋﻠﻰ ﺳﺮد اﻟﺤﻜﺎﻳﺎ واﳌﻮروﺛﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، ﺣﻴﺚ إن ﻫﺪف اﻟﺤﻜﻲ اﻷﺻﻠﻲ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ »أن ﻳﺪﻓﻊ اﳌــﻮت ﺑﻌﻴﺪﴽ«، وﻛﺄن ﺗـﺨـﻠـﻴـﺪ اﻟــﻮاﻗــﻊ ﻟــﻦ ﻳـﺘـﺤـﻘـﻖ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺨﺮاﻓﺎت، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﺸﻜٍﻞ ﻛـــﺒـــﻴـــﺮ ﻗـــــــﺪرة ﺳـــــﻌـــــﺪاوي ﻓــــﻲ ﺧـﻠـﻖ ﻧــﻔــﺴــﻴــﺎت ﻗــﻠــﻘــﺔ ﺗــﺒــﻐــﺾ اﻵﺧـــﺮﻳـــﻦ وﺗـﺸـﻜـﻚ ﻓــﻲ ﻧــﻮاﻳــﺎﻫــﻢ ﺣـﺘـﻰ ﻳﺼﻞ ﺑﻬﻢ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ إﺑﺎدﺗﻬﻢ، ﻣﺜﻞ ﻗﺼﺔ »ﻋﺸﺒﺔ اﻟﻨﺪم« اﻟﺘﻲ إن ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺪم ﻣﺘﺠﺮﻋﻬﺎ ﻟﻠﻤﺎدة اﻟﻌﺸﺒﻴﺔ ﻓﻴﻨﻔﺠﺮ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء، ﺗﻌﺮض ﻟﻠﻤﻮت، وﻛـــــــــﺄن ﻋـــﻠـــﻰ اﻟـــﺠـــﻤـــﻴـــﻊ اﻟـــﺘـــﻌـــﺮض ﻟــــﺘــــﺄزم وﺟــــــــﻮدي ﺟـــﻤـــﺎﻋـــﻲ، وﻫــﻨــﺎ ﺗــﻈــﻬــﺮ ﺷـﺨـﺼـﻴـﺔ ﺣـــﻨـــﻮن اﻟــﺴــﺎﺣــﺮ اﻟــﺬي ﻳﺘﺒﺮم ﺣﲔ ﻳﻨﺘﻘﺪه ﺻﺪﻳﻘﻪ، وﻳـﺠـﻴـﺒـﻪ ﺑـﻜـﻞ ﺑـﺴـﺎﻃـﺔ ﻣــﺪاﻓــﻌــﴼ ﻋﻦ ﺟﺮاﺋﻤﻪ: »أﻧـﺎ ﻟﻢ أﻗﺘﻠﻬﻢ. ﻫﻢ ﻗﺘﻠﻮا أﻧـﻔـﺴـﻬـﻢ. ﻟــﻢ ﻳـﻜـﻮﻧـﻮا ﻓــﻲ أﻋﻤﺎﻗﻬﻢ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﺑﺎﻟﻨﺪم«.
»ﻛـــــــــــــــــــــــــــﻞ ﺷـــــــــــــﻲء ﻳــــﺘــــﺪاﻋــــﻰ وﻳــــﺘــــﺨــــﺮب ﻓــــــﻲ ﻫــــــــﺬه اﳌــــﺪﻳــــﻨــــﺔ«. ﺗــﺄﺗــﻲ »اﻟــﺜــﻴــﻤــﺎت« ﻓﻲ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ اﻷﺧـــــــــﻴـــــــــﺮة اﻣــــــــﺘــــــــﺪادﴽ ﻟــــﻠــــﺘــــﻮﺟــــﻪ اﻟـــــــﺮواﺋـــــــﻲ ذاﺗــــــــــــــﻪ ﻟـــــــﺴـــــــﻌـــــــﺪاوي، اﻟــــــــــﺬي ﻳـــــﻔـــــﺮض ﻋــﻠــﻰ اﻟــــــﺸــــــﺨــــــﻮص ﺧـــــﻴـــــﺎرﴽ ﺧﻴﺎﻟﻴﴼ ﻳﻐﻨﻴﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻌﻴﺶ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﳌﺘﺮدي ﻣﻦ ﺧـﻼل ﻋﺎﻟﻢ آﺧـﺮ ﻣـﻮاز، ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺴـﻖ رواﻳــﺘــﻪ اﻷﺧــﻴــﺮة »ﺑــﺎب اﻟﻄﺒﺎﺷﻴﺮ« اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﻣـﻊ ﻗﺼﺔ »ﺳﻔﺮ ﻓﻠﺴﻔﻲ« ﻓـــﻲ ﻫــــﺬه اﳌــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ، ﻓــﻴــﻤــﺎ ﻳﻤﺘﺪ ﻋــﺒــﺮ اﻟــﻘــﺼــﺺ اﻷﺧــــــﺮى اﳌـﺨـﺘـﻠـﻔـﺔ اﺳﺘﻌﺮاض ﻟﻠﺤﺎﻟﺔ اﳌﺰرﻳﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة، ﺑـــﺂﻻﻣـــﻬـــﺎ وإرﻫــــﺎﺻــــﺎﺗــــﻬــــﺎ اﻟـــﺘـــﻲ ﻻ ﺗﺨﻠﻒ إﻻ اﻟﺪﻣﺎر واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻨﺒﺬ واﻟﺠﺜﺚ واﻷرواح اﳌﻌﻄﻮﺑﺔ، اﻷﻣﺮ اﳌﺸﺎﺑﻪ ﻟﺮواﻳﺔ ﺳﻌﺪاوي اﻟﺒﻮﻛﺮﻳﺔ »ﻓﺮاﻧﻜﺸﺘﺎﻳﻦ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد«.
»اﻹﻧﻜﺎر ﻫﻮ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ«. ﺗﺪاﻋﻴﺎت اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﺼﺔ ﺗﺪﻓﻌﻚ ﻟﻠﻐﺮق ﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ اﳌﻜﺜﻔﺔ، وﻋﺪم اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟــﻘــﻠــﻴــﻠــﺔ اﳌــﺨــﺼــﺼــﺔ ﻟــﻜــﻞ واﺣــــﺪة ﻣــﻨــﻬــﺎ، ﺑــــﻞ ﺗــﺴــﺘــﺤــﻴــﻞ ﻛــــﻞ واﺣـــــﺪة ﻣﻨﻬﺎ إﻟــﻰ رواﻳـــﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ، ﺗﻨﻀﺢ ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻛﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ، ﻣﺜﻞ ﻫﻮس إﺣـــــــﺪى اﻟــﺸــﺨــﺼــﻴــﺎت ﺑــﺎﻟــﺘــﻤــﺮﻳــﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ اﻵﺧـﺮﻳـﻦ أو ﻣﺤﺎﻛﻤﺘﻬﻢ، وﻫﻨﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﺒﻠﻎ ﻗﻠﻖ اﻟﺸﺨﻮص، ووﻗــﻮﻋــﻬــﺎ ﺑـﺘـﺄﻧـﻴـﺐ ﺿﻤﻴﺮ ﻣﻔﺮط ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ »اﻟﺘﻤﺮﻳﻦ« و»اﻟـــﺮوﻣـــﺎﻧـــﺴـــﻲ«، ﺑــﻤــﺎ ﻫﻮ أﺷـــــﺒـــــﻪ ﺑــــــﺘــــــﺄزم ﻟــﺸــﺨــﺼــﻴــﺔ دوﺳﺘﻮﻳﻔﺴﻜﻴﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺟﻠﺪ اﻟــﺬات، واﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﺐ اﻷﺣﺪاث واﻻﺣﺘﻤﺎﻻت، أو اﺣﺘﺒﺎس ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻗﺼﺔ أﺧـــﺮى ﻓــﻲ ﻛـﻮاﺑـﻴـﺲ ﻣــﻜــﺮرة، ﻳـﺘـﻌـﺮض ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻣـــﺮارﴽ، أو ﺗﻌﺮض ﺷﺨﺺ ﻃﺎﻋﻦ ﻓﻲ اﻟـﺴـﻦ ﻟـﻼﺧـﺘـﻄـﺎف، ﻟﻴﻜﺘﺸﻒ ﻣـــــــﺪى ﺗــــﻤــــﺰق ﺣــــﻴــــﺎﺗــــﻪ، ﻋــﻠــﻰ ﺷﺎﻛﻠﺔ رواﻳــﺔ »ﻋﻘﺪة اﻷﻓﺎﻋﻲ« ﻟﻔﺮﻧﺴﻮا ﻣﻮرﻳﺎك، اﳌﺘﻮﻏﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺤﻘﺪ واﻟﺒﺨﻞ واﻟـــﺠـــﺸـــﻊ واﻛـــﺘـــﺸـــﺎف ردود ﻓـﻌـﻞ اﳌﺤﻴﻄﲔ ﺑﻪ.
»اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎري داﺧـﻞ اﻟﺤﻠﻢ« ﺗــﺤــﻤــﻞ أﺳــﻠــﻮﺑــﴼ رﺷــﻴــﻘــﴼ ﻓـــﻲ ﻃــﺮح اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺪ أدﺑﴼ ﺷﺎﺋﻌﴼ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧــــﻴــــﺮة، وﻫــــﻲ ﺑــﺸــﻜــﻞ أو ﺑــﺂﺧــﺮ ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎرئ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ ﻗـــﺮاءة اﻟـﻜـﺘـﺎب دون ﺷـﻌـﻮر ﺑﺎﳌﻠﻞ، ﻓﺎﳌﺸﺎﻫﺪ ﻣﻜﺜﻔﺔ واﻷﺣﺪاث ﻗﺼﻴﺮة ﻣــﻔــﻌــﻤــﺔ ﺑــﺘــﻮﺻــﻴــﻒ اﻟــﺸــﺨــﺼــﻴــﺎت اﳌﺘﺄزﻣﺔ أو اﳌﻬﻮوﺳﺔ.