اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻴﺔ ﺗﻬﺪد ﺑـ »ﺷﻞ ﺑﺎرﻳﺲ« اﻟﺴﺒﺖ اﳌﻘﺒﻞ
ﻣﺎﻛﺮون ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﳊﻮار دون اﻗﱰاح ﺣﻠﻮل
ﺑﻌﺪ »اﻟﺴﺒﺖ اﻷﺳﻮد« اﳌﺎﺿﻲ، اﻟـــﺬي ﺷـﻬـﺪ ﻧـــﺰول ﻧـﺤـﻮ ٠٠٣ أﻟـﻒ ﺷﺨﺺ ﻣـﻦ »اﻟـﺴـﺘـﺮات اﻟﺼﻔﺮاء« إﻟﻰ اﻟﻄﺮﻗﺎت واﻟﺴﺎﺣﺎت واﳌﻮاﻗﻊ اﻟــﺤــﺴــﺎﺳــﺔ ﻋــﻠــﻰ ﻛـــﺎﻣـــﻞ ﻣــﺴــﺎﺣــﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ذﻟﻚ وراء اﻟﺒﺤﺎر، وﺳﻘﻮط ﻗﺘﻴﻠﺔ و٨٣٥ ﺟﺮﻳﺤﴼ، ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣـﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋـﻦ ٧١ ﺟﺮوﺣﻬﻢ ﺑﻠﻴﻐﺔ، ﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ اﻷﺣـﺰاب واﻟﻨﻘﺎﺑﺎت ﻣﺴﺘﻤﺮة، ﺑﻞ إن اﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﺪﻋﻮن إﻟﻰ »ﺳﺒﺖ أﺳﻮد« آﺧﺮ، وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﳌﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﺎرﻳﺲ، اﻟﺘﻲ ﻳﺪﻋﻮن إﻟﻰ ﺷﻞ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﺎﻃﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﳌﺮﺑﻚ، ﺗﺘﺄرﺟﺢ اﳌـــﻮاﻗـــﻒ اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﻴــﺔ ﺑــﲔ اﻟــﺪﻋــﻮة إﻟـــﻰ اﻟـــﺤـــﻮار واﻹﻗـــﻨـــﺎع واﻟـﺘـﻤـﺴـﻚ ﺑـــــﺄﻫـــــﺪاب اﻟــــﻘــــﺎﻧــــﻮن، واﻟـــﺘـــﺤـــﺬﻳـــﺮ ﻣـــﻦ اﻟـــﻔـــﻮﺿـــﻰ وﻣـــﺜـــﻴـــﺮي اﻟــﺸــﻐــﺐ واﻟــﻌــﻨــﻒ، واﻹﺻـــــــﺮار ﻋــﻠــﻰ إﺑــﻘــﺎء اﻟـﻄـﺮﻗـﺎت ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﺑـﻮﺟـﻪ اﻟﺴﻴﺮ، وﺗﻤﻜﲔ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮدﻋﺎت اﳌﺸﺘﻘﺎت اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ.
ﺣﺘﻰ ﻳﻮم أﻣﺲ، ﺑﻘﻲ اﻟﺮﺋﻴﺲ إﻳـﻤـﺎﻧـﻮﻳـﻞ ﻣــﺎﻛــﺮون اﻟــﺬي ﻛــﺎن ﻓﻲ زﻳﺎرة دوﻟﺔ إﻟﻰ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﻠﺠﻴﻜﻴﺔ ﺻـﺎﻣـﺘـﴼ. ﻟـﻜـﻦ ﻣــﻊ اﻣــﺘــﺪاد اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺣــﺘــﺠــﺎﺟــﻴــﺔ اﻟــﺘــﻲ اﻧــﻄــﻠــﻘــﺖ ﻣﻦ رﻓﺾ واﺳـﻊ ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺮﺳﻮم ﻋﻠﻰ اﳌـﺤـﺮوﻗـﺎت، وﺗـﺪاﺧـﻞ اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻣﻊ اﻟــﺸــﻜــﺎوى ﻣـــﻦ زﻳـــــﺎدة اﻟــﻀــﺮاﺋــﺐ، وﺗـــــــﺮاﺟـــــــﻊ اﻟــــــــﻘــــــــﺪرات اﻟـــﺸـــﺮاﺋـــﻴـــﺔ ﻟــﻠــﻄــﺒــﻘــﺘــﲔ اﻟـــﻮﺳـــﻄـــﻰ واﻟـــﺪﻧـــﻴـــﺎ، واﺳﺘﻤﺮار اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻋﺎﻟﻴﺔ، وﻏـﻴـﺎب ﺛﻤﺎر اﻹﺻـﻼﺣـﺎت اﻟـــﺘـــﻲ ﻳـــﻘـــﻮم ﺑـــﻬـــﺎ ﻋـــﻬـــﺪ ﻣـــﺎﻛـــﺮون ﻣــﻨــﺬ وﺻـــﻮﻟـــﻪ إﻟــــﻰ اﻟـــﺮﺋـــﺎﺳـــﺔ، ﻟـﻢ ﻳــﻜــﻦ ﺑــﻮﺳــﻊ رﺋــﻴــﺲ اﻟـﺠـﻤـﻬـﻮرﻳـﺔ أن ﻳـﺒـﻘـﻰ ﺻــﺎﻣــﺘــﴼ. وﻣـــﺎ ﻳــﺰﻳــﺪ ﻣﻦ إرﺑﺎﻛﻪ ﺗﺪﻫﻮر ﺷﻌﺒﻴﺘﻪ وﻫﺒﻮﻃﻬﺎ إﻟـــــﻰ اﻟــﺤــﻀــﻴــﺾ، ﺣــﻴــﺚ ﻟـــﻢ ﺗـﻌـﺪ ﻧــﺴــﺒــﺔ ﻣــــﺆﻳــــﺪي ﺳــﻴــﺎﺳــﺘــﻪ ﺗــﺰﻳــﺪ ﻋﻠﻰ ٥٢ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ. وﻟـــﺬا، ﻛــﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﳌﺤﺎوﻟﺔ إﻃـــــﻔـــــﺎء ﻧـــــﻴـــــﺮان ﺣــــﺮﻛــــﺔ ﻣــﺮﺷــﺤــﺔ ﻷن ﺗــﺨــﺮج ﻋـــﻦ اﻟــﺴــﻴــﻄــﺮة، ﺑﻔﻌﻞ ﻏــﻴــﺎب ﻗـــﻴـــﺎدة واﺿـــﺤـــﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﺘﻌﺎﻃﻰ ﻣﻌﻬﺎ. وﺑﺪا واﺿﺤﴼ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﻣﺎﻛﺮون أن ﺗﺮك إدارة اﻷزﻣــــــﺔ ﻟــﺮﺋــﻴــﺲ اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﺔ إدوار ﻓــﻴــﻠــﻴــﺐ، ووزﻳـــــﺮ اﻟــﺪاﺧــﻠــﻴــﺔ ﻛﺮﻳﺴﺘﻮف ﻛﺎﺳﺘﺎﻧﻴﺮ، ﻣـﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺰﻳﺪﻫﺎ ﺗﺄزﻳﻤﴼ، ﺣﻴﺚ إن اﻷول ﻛـــــﺮر ﺗــﻤــﺴــﻚ اﻟـــﺤـــﻜـــﻮﻣـــﺔ ﺑـﺨـﻄـﻬـﺎ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدي، وﻋــﺪم ﺗﺮاﺟﻌﻬﺎ ﻋﻦ زﻳــﺎدة اﻟـﺮوﺳـﻢ، ﺑﺤﺠﺔ اﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻟـ»اﻟﻨﻘﻠﺔ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ«، أي اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟــﺒــﺘــﺮول وﻣـﺸـﺘـﻘـﺎﺗـﻪ إﻟـــﻰ اﻟـﻄـﺎﻗـﺔ »اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ«. أﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻓﻘﺪ ﻋﻜﺲ إرادة اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ أن ﺗﻜﻮن »ﺣﺎزﻣﺔ«، وأن ﺗﻄﺒﻖ ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﺒﺪأ ﺣﺮﻳﺔ اﳌﻈﺎﻫﺮة واﻹﺿﺮاب، وﺣﺮﻳﺔ اﻟــﺘــﻨــﻘــﻞ وأوﻟـــﻮﻳـــﺔ ﺑــﻘــﺎء اﻟــﻄــﺮﻓــﺎت ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ، وﻣﻌﻬﺎ اﳌﻮاﻗﻊ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟـــﺤـــﺴـــﺎﺳـــﺔ اﻟــــﻀــــﺮورﻳــــﺔ ﻟـــﻠـــﺪورة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ.
إزاء ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ، وﻓﻲ ﻣﺴﻌﻰ واﺿــــﺢ ﻣـﻨـﻪ ﻻﺳــﺘــﻌــﺎدة اﳌــﺒــﺎدرة، دﻋﺎ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ أﻣﺲ إﻟﻰ اﻟﻌﻮدة إﻟـﻰ »اﻟـﺤـﻮار« ﻟﻮﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﺤﺮﻛﺘﻬﻢ، وإﻋـﺎدة ﻓﺘﺢ اﻟﻄﺮﻗﺎت، ﺑــﻤــﺎ ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟــﺸــﺮاﻳــﲔ اﻷﺳــﺎﺳــﻴــﺔ، اﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑـ»اﻟﻄﺮق اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗـﺼـﻞ اﳌــﻨــﺎﻃــﻖ ﺑـﻌـﻀـﻬـﺎ ﺑﺒﻌﺾ، وﻓــــﻚ اﻟــﺤــﺼــﺎر ﻋـــﻦ ﻣــﺴــﺘــﻮدﻋــﺎت اﳌﺸﺘﻘﺎت اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ. وﻗﺎل ﻣﺎﻛﺮون إن »اﻟﺤﻮار واﻟﺸﺮح، واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل، وﺣﺪﻫﺎ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﳌــﺄزق«. وﻓﻲ ﻣﺴﻌﻰ ﻣـــﻨـــﻪ ﻟــﻄــﻤــﺄﻧــﺔ اﳌـــﺤـــﺘـــﺠـــﲔ، أﺷــــﺎر ﻣـﺎﻛـﺮون إﻟـﻰ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ »ﺳﻮف ﺗــــﺰﻳــــﺪ اﻟـــــﺮﺳـــــﻮم ﻋـــﻠـــﻰ اﳌــﺸــﺘــﻘــﺎت اﻟـــﺒـــﺘـــﺮوﻟـــﻴـــﺔ«، ﻟــﻜــﻨــﻬــﺎ ﻓـــﻲ اﻟــﻮﻗــﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﺳﺘﻌﻤﺪ إﻟﻰ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاء ات ﻟـــــ»ﻣــــﻮاﻛــــﺒــــﺔ اﻷﺷـــــﺨـــــﺎص اﻷﻛـــﺜـــﺮ ﻫﺸﺎﺷﺔ«، ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺪاﺑﻴﺮ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺑﺪأت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ.
وﺑــﺎت واﺿﺤﴼ ﻣﻦ ﺧـﻼل ﻛﻼم ﻣــﺎﻛــﺮون أﻧــﻪ ﻳـﺮﻳـﺪ ﺣﺼﺮ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻴﺔ ﺑـﻤـﻮﺿـﻮع اﻟـﺮﺳـﻮم اﻹﺿــــﺎﻓــــﻴــــﺔ، اﻷﻣـــــــﺮ اﻟـــــــﺬي ﻳــﻐــﺎﻳــﺮ اﻟــﻮاﻗــﻊ إﻟـــﻰ ﺣــﺪ ﺑـﻌـﻴـﺪ. وإذا ﻛـﺎن ﺻﺤﻴﺤﴼ أن ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ زﻳـﺎدة اﻟﺮﺳﻮم، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ وﺗـــﺒـــﺪﻟـــﺖ، ﺣــﻴــﺚ ﺗـــﺪاﺧـــﻞ اﻟــﺤــﺎﺑــﻞ ﺑﺎﻟﻨﺎﺑﻞ. ووﻓــﻖ اﳌﺤﻠﻠﲔ وﺧﺒﺮاء ﻋــﻠــﻢ اﻻﺟـــﺘـــﻤـــﺎع اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻲ، ﻓــﺈن اﺗــﺴــﺎﻋــﻬــﺎ واﺳــﺘــﺪاﻣــﺘــﻬــﺎ، وﻛــﺬﻟــﻚ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ اﻟـﺬي ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺛﻠﺜﻲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ، وﻓﻖ آﺧﺮ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت ﻟـــﻠـــﺮأي، ﺗــﺒــﲔ أن اﻟـــﺮﺳـــﻮم اﳌــﺸــﺎر إﻟﻴﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى »اﻟﺸﻌﺮة اﻟﺘﻲ ﻛـــﺴـــﺮت ﻇـــﻬـــﺮ اﻟـــﺒـــﻌـــﻴـــﺮ«. ﻳــﻀــﺎف إﻟـﻰ ذﻟـﻚ أﻧﻬﺎ ﺟــﺎءت ﻛـ»ﻣﺘﻨﻔﺲ« ﻟــﻼﺣــﺘــﻘــﺎﻧــﺎت اﳌــﺘــﺮاﻛــﻤــﺔ ﻟـﺸـﺮاﺋـﺢ واﺳـــﻌـــﺔ ﻣـــﻦ اﳌــﺠــﺘــﻤــﻊ اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻲ ﺗـــــﺨـــــﺎف اﻟـــﺘـــﻬـــﻤـــﻴـــﺶ، وﺗـــــــــﺮى أن وﺿـــﻌـــﻴـــﺘـــﻬـــﺎ ﺗــــﺘــــﺮاﺟــــﻊ، ﺑـــﻤـــﺎ ﻓــﻲ ذﻟــﻚ اﳌـﺘـﻘـﺎﻋـﺪﻳـﻦ. وأﻛــﺜــﺮ ﻣــﻦ ﻣــﺮة، ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺎت اﻟﺘﻠﻔﺰة رﺟﺎل وﻧﺴﺎء ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ، ﻟﻴﻌﻠﻨﻮا أﻧــﻬــﺎ »اﳌــــﺮة اﻷوﻟــــﻰ« ﻓــﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟــﺘــﻲ ﻳـﻨـﺰﻟـﻮن ﻓﻴﻬﺎ إﻟــﻰ اﻟــﺸــﺎرع، وأﻧـﻬـﻢ ﻳـﺪاﻓـﻌـﻮن ﺑـﺎﻟـﺪرﺟـﺔ اﻷوﻟــﻰ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ. وﻛــﻼزﻣــﺔ ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ، ﺗـﻌـﻮد ﺻـﻮرة ﻣـــــــﺎﻛـــــــﺮون »رﺋــــــﻴــــــﺲ اﻷﻏـــــﻨـــــﻴـــــﺎء« وﺻـﺪﻳـﻖ أرﺑــﺎب اﻟﻌﻤﻞ وأﺻﺤﺎب اﻟــــﺜــــﺮوات إﻟــــﻰ اﻟـــﻮاﺟـــﻬـــﺔ، إﺿــﺎﻓــﺔ إﻟـــﻰ ﻛــﻮﻧــﻪ »ﻣـﻨـﻘـﻄـﻌـﴼ« ﻋــﻦ »ﻋــﺎﻟــﻢ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﻣـــﻮاﻃـــﻨـــﻮه. وﺧــــــﻼل ﺗـــﺠـــﻮاﻟـــﻪ ﻓـﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﺮق وﺷﻤﺎل ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﻓﻲ اﻷﺳـــﺒـــﻮع اﻟــــﺬي ﺳــﺒــﻖ اﺣــﺘــﻔــﺎﻻت ﻣــﺌــﻮﻳــﺔ اﻧــﺘــﻬــﺎء اﻟـــﺤـــﺮب اﻟــﻌــﺎﳌــﻴــﺔ اﻷوﻟـــــــــﻰ، ﺗــﺤــﺴــﺲ ﻣــــﺎﻛــــﺮون ﻫـــﺬا اﻟــﻮﺿــﻊ، ﺣـﻴـﺚ ﻛــﺎﻧــﺖ اﳌــﻈــﺎﻫــﺮات ﻓــﻲ اﻧــﺘــﻈــﺎره ﻓــﻲ أﻛــﺜــﺮ ﻣــﻦ ﻣـﻮﻗـﻊ. ﻳﻀﺎف إﻟﻰ ذﻟﻚ أن ﺗﺪﻫﻮر ﺻﻮرﺗﻪ، ﺑﻌﺪ ﻋﺎم وﻧﺼﻒ اﻟﻌﺎم ﻣﻦ وﺻﻮﻟﻪ إﻟﻰ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ، ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻪ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ اﳌﺨﺎﻃﺮ ﻟﻠﻤﻘﺒﻞ ﻣﻦ اﻷﻳﺎم.
وﺛﻤﺔ ﻇـﺎﻫـﺮة ﺑــﺎرزة ﻳﻈﻬﺮﻫﺎ ﺗﺪاﻓﻊ اﻷﺣﺰاب ﻹﻋﻼن ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺣﺮﻛﺔ »اﻟﺴﺘﺮات اﻟﺼﻔﺮاء«. ﻓﻤﻦ أﻗﺼﻰ اﻟﻴﻤﲔ إﻟﻰ أﻗﺼﻰ اﻟﻴﺴﺎر، ﺗﻨﺼﺐ اﻻﻧﺘﻘﺎدات ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، وﻋـــﻠـــﻰ ﺷــﺨــﺺ ﻣــــﺎﻛــــﺮون. وﺣـــﺪه ﺣﺰب اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﺴﻤﻰ »اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻟـــﻰ اﻷﻣــــــﺎم« ﺗــﺄرﺟــﺢ ﺑــﲔ اﻟــﺪﻓــﺎع ﻋــﻦ ﺳـﻴـﺎﺳـﺔ اﻟـﺤـﻜـﻮﻣـﺔ واﻟـﺼـﻤـﺖ اﳌﺮﺗﺒﻚ. وﺧﻼل اﻟﺴﺎﻋﺎت اﳌﺎﺿﻴﺔ، ﺳـــﻌـــﺖ اﻟـــﺤـــﻜـــﻮﻣـــﺔ إﻟــــــﻰ اﻟــﺘــﻨــﺪﻳــﺪ ﺑـ »اﻟﻌﻨﻒ« اﻟﺬي أﺧﺬ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة »رﻳــــﻮﻧــــﻴــــﻮن« اﻟــﺘــﺎﺑــﻌــﺔ ﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﺎ، اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻓﻲ اﳌﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي، ﺣﻴﺚ اﺿـﻄـﺮت اﻟﺴﻠﻄﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﺮض ﻣﻨﻊ اﻟﺘﺠﻮل ﻟﺜﻼﺛﺔ أﻳﺎم، ﺑﻌﺪ أﻋﻤﺎل اﻟﺴﻠﺐ واﻟﻨﻬﺐ واﻟﺤﺮق واﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺒﺖ اﳌﺎﺿﻲ. ﻛﺬﻟﻚ ﺷﻬﺪت »اﻟﺤﻮاﺟﺰ« اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﻬﺎ اﳌﺤﺘﺠﻮن ﻓﻲ اﻟﻴﻮﻣﲔ اﳌﺎﺿﻴﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻗﺎت اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ، اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪاﺧﻞ اﳌﺪن اﻟﻜﺒﺮى، وأﻣـــــــــﺎم ﻣـــﺴـــﺘـــﻮدﻋـــﺎت اﳌــﺸــﺘــﻘــﺎت اﻟـﻨـﻔـﻄـﻴـﺔ، ﺻــﺪاﻣــﺎت ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑـﲔ رﺟــــــــﺎل اﻟــــﺸــــﺮﻃــــﺔ، وأﺣــــﻴــــﺎﻧــــﴼ ﻣــﻊ ﻣــﻮاﻃــﻨــﲔ آﺧـــﺮﻳـــﻦ. واﺳــﺘــﺨــﺪﻣــﺖ اﻟــﻘــﻮى اﻷﻣــﻨــﻴــﺔ اﻟـــﻐـــﺎزات اﳌﺴﻴﻠﺔ ﻟــــﻠــــﺪﻣــــﻮع واﻟــــــــﻬــــــــﺮاوات. وﻋــﺒــﺌــﺖ اﳌـﺤـﺎﻛـﻢ ﳌـﺜـﻮل ﻋــﺪد ﻣـﻦ اﳌﻘﺒﻮض ﻋﻠﻴﻬﻢ أﻣﺎﻣﻬﺎ ﺑﺄﺳﺮع وﻗﺖ، وﺑﺪأت ﺑﺈﺻﺪار أﺣﻜﺎﻣﻬﺎ، وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺴﺠﻦ ﻟﻌﺪة أﺷﻬﺮ. وﻧﻘﻠﺖ ﺻﺤﻴﻔﺔ »ﻟﻮ ﺑﺎرﻳﺰﻳﺎن«، ﻓﻲ ﻋﺪدﻫﺎ ﻟﻴﻮم أﻣﺲ، أن اﻟـﻘـﻮى اﻷﻣـﻨـﻴـﺔ أوﻗـﻔـﺖ اﻟﺴﺒﺖ اﳌﺎﺿﻲ، ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻗﻀﺎﺋﻲ ﻳﺘﻨﺎول اﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻟﻌﻤﻞ إرﻫﺎﺑﻲ، أرﺑـــﻌـــﺔ أﺷـــﺨـــﺎص ﻛـــﺎﻧـــﻮا ﻳــﻨــﻮون ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻋﺘﺪاء إرﻫﺎﺑﻲ، ﻣﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣــــــﻦ اﻧـــــﺸـــــﻐـــــﺎل اﻟــــــﻘــــــﻮى اﻷﻣـــﻨـــﻴـــﺔ ﺑـــﺤـــﺮﻛـــﺔ »اﻟــــﺴــــﺘــــﺮات اﻟـــﺼـــﻔـــﺮاء«. واﺷﺘﻜﻰ وزﻳﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ أﻣﺲ ﻣﻦ »اﻟﺘﺠﺎوزات« اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﺗﺤﺼﻞ ﻣــﻦ »رادﻳــﻜــﺎﻟــﻴــﺔ« اﳌــﺤــﺘــﺠــﲔ، ﻓﻲ ﺣـــﲔ أن زﻣــﻴــﻠــﻪ وزﻳـــــﺮ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎد ﺑـــــﺮوﻧـــــﻮ ﻟـــﻮﻣـــﻴـــﺮ ﻧــــــﺪد ﺑــــ»ﻋـــﻨـــﻒ« اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ، وﻣﻤﺎرﺳﺎت ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻨﺼﺮي.
وﻳﺒﻘﻰ اﻟﺴﺆال: ﻣﺎذا ﺑﻌﺪ؟ ﻫﻞ ﻫﻮ اﻟﺘﺼﻌﻴﺪ أم اﻟﺘﺮاﺟﻊ؟ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﺴﻠﻄﺎت ﻻ ﺗﻤﻠﻚ اﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ذﻟـــﻚ. ﻓـﺎﳌـﺤـﺘـﺠـﻮن ﻣــﺼــﺮون ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻤﺮار، واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺆﻛﺪ أﻧﻬﺎ ﻣـــﺎﺿـــﻴـــﺔ ﻓــــﻲ ﺗــﻨــﻔــﻴــﺬ ﺳــﻴــﺎﺳــﺘــﻬــﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ »ﻻ ﻣﺤﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ«، وﻓﻖ ﺗﻌﺒﻴﺮ رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. وﻟﺬا، ﻓــــﺈن اﻷﻧــــﻈــــﺎر ﺗــﺘــﺠــﻪ ﳌـــﺎ ﺳــﻴــﻘــﺮره »اﻟﺴﺘﺮات اﻟﺼﻔﺮاء«، ﺧﺼﻮﺻﴼ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﺣﻘﴼ ﻋﺎزﻣﲔ ﻋﻠﻰ ﺷﻞ ﺑﺎرﻳﺲ ﻓﻲ »ﻳﻮم أﺳﻮد« ﻣﻘﺒﻞ.