Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻜﺘﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮ

- ﺷﻌﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل ﺣﺎد ﻋﻦ أﺻﻠﻪ أو رام إدﻣﺎﺟﴼ ﻟﻪ وإﻟﻰ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻳﻨﺘﺴﺐ أو ﻗﺎل ﻣﺎت ﻓﻘﺪ ﻛﺬب رام اﳌﺤﺎل ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺐ

ﻳـــﻄـــﻞ ﻋـــﺒـــﺪ اﻟــــﻌـــ­ـﺰﻳــــﺰ ﺑــﻮﺗــﻔــ­ﻠــﻴــﻘــﺔ ﻋــﻠــﻰ اﻟﺠﺰاﺋﺮ، أﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻮﻗﻌﻪ، ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﺛﺎﺑﺖ أو ﻣﺘﺤﺮك. ﻛﺎن ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺣﺎﻛﻤﴼ أو ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻨﻬﺎ ﻻﺟﺌﴼ. ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻮﻃﻦ وﻳﺤﻤﻠﻪ ﻓﻲ رﻓﻘﺔ ﻗﺪرﻳﺔ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻫﻘﺔ إﻟـﻰ ﺣﺪ اﻹﺟـﻬـﺎز ﻋﻠﻰ اﻟـﺤـﻮاس ودم اﻟـــﺮأس. ﻗﺼﺘﻪ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﺘﻤﺎم ﻗﺼﺔ ﺑﻼد اﺳﻤﻬﺎ اﻟﺠﺰاﺋﺮ. ﻳﻌﻴﺪ ﺗﺮﺷﺤﻪ اﻟﻴﻮم ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺧﺎﻣﺴﺔ ﻟﺤﻜﻢ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﻓﻮق ﻛﺮﺳﻲ ﻣﺘﺤﺮك!! ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻧﺤﻮ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﻣﺘﺮﺷﺢ ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺳﺘﺠﺮى ﻓﻲ ٨١ أﺑﺮﻳﻞ )ﻧﻴﺴﺎن( اﳌﻘﺒﻞ. أﺳﺌﻠﺔ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺗـﺪﻓـﻘـﻬـﺎ ﻣــﻦ اﻟـــﺪاﺧــ­ـﻞ واﻟــــﺨــ­ــﺎرج؛ أﻫــﻤــﻬــ­ﺎ أﻻ ﺗﻜﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﺸﺮون اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺳـﺪة اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﺑﻌﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻟﻠﺪﺳﺘﻮر ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺳﻪ ﻟــﻴــﺴــﺘ­ــﻘــﺮ ﻓـــﻲ ﻗــﺼــﺮ اﻟــــﻘـــ­ـﺮار اﻷﻋــــﻠــ­ــﻰ؟ ﻛـﻴـﻒ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻘﻮد اﻟـﺒـﻼد وﻫـﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺤﺮﻛﺔ، وﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺟﻠﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﺮأس، ﺣﻴﺚ ﻣﻌﻤﻞ اﻟﻘﺮارات اﳌﺼﻴﺮﻳﺔ ﻟﻠﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺸﻜﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻷﻣﻨﻴﺔ واﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ. أﻟﻴﺲ ﻓـﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻣـﻦ ﻟـﻪ اﻟـﻘـﺪرة ﻋﻠﻰ ﻗـﻴـﺎدة اﻟـﺒـﻼد اﻟﺘﻲ ﻳﺒﻠﻎ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﲔ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴﻤﺔ؟ أﻟﻴﺲ ﺑﲔ ﺟﻴﺶ اﳌﺘﺮﺷﺤﲔ ﻣﻦ ﻳﺮﻗﻰ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟـﻘـﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﻮس ﻣﻜﺎن ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ؟ ﻛﻞ ﺗـﻠـﻚ اﻷﺳـﺌـﻠـﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ وﻣــﺸــﺮوﻋ­ــﺔ ﻓــﻲ ﺑـﻼد ﺗﻌﺞ ﺑـﺎﻷﺣـﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، وﺑﻬﺎ ﻗـﺪر ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺮأي واﻟﻨﺸﺎط اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ وﺗﻌﺪد اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻦ أﻗﺼﻰ اﻟﻴﻤﲔ إﻟﻰ أﻗﺼﻰ اﻟﻴﺴﺎر، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺣﺰاب ذات اﳌﺮﺟﻌﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. إذن ﳌــﺎذا اﻹﺻــﺮار ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻜﺒﻴﺮ، اﻟﺬي ﻻ ﺗﺴﻌﻔﻪ ﻗﺪﻣﺎه ﻋﻠﻰ اﳌﺸﻲ؟

أﺳﺌﻠﺔ ﻻ ﺗﻘﺎرع اﳌﻨﻄﻖ اﻟﻌﺎم اﳌﺮﺳﻞ، ﻟﻜﻦ ﺗﺸﺮﻳﺢ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ، ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻲ، ﺳﻴﺎﺳﻲ واﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻋﻘﻠﻬﺎ اﻟﺠﻤﻌﻲ، ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺴﺒﻖ ﺗﺠﻤﻴﻊ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ. اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺠﺰاﺋﺮي ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ، ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﻮر وﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻼﺷﻌﻮر ﻟﺪى ﻣﺨﺘﻠﻒ اﳌﻜﻮﻧﺎت ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ. ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن اﻟـﻴـﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟـﻢ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻨﺘﻮء اﻟﺼﻐﻴﺮ اﻟﺨﺎﺋﻦ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻤﻴﻼ ﻟــﻼﺳـــﺘـ­ــﻌـــﻤـــ­ﺎر، وﻋــــــﺮف ﺑــﺎﻟــﺤــ­ﺮﻛــﻴــﲔ اﻟـــﺬﻳـــ­ﻦ اﺻـﻄـﻔـﻮا ﻣــﻊ اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ، وﻫــﺮﺑــﻮا ﻣﻌﻪ ﺑﻌﺪ اﻻﺳــﺘــﻘـ­ـﻼل. ﻛــﺎﻧــﺖ ﺗــﻮﻧــﺲ وﻓــﻘــﴼ ﻟــ »اﺗـﻔـﺎﻗـﻴـ­ﺔ ﺑـــﺎردو« ﺗﺤﺖ اﻟـﻮﺻـﺎﻳـﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، وﻛﺬﻟﻚ اﳌﻐﺮب، ﻓﻲ ﺣﲔ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ، وﺣﻤﻞ ﻛﻞ ﺟﺰاﺋﺮي ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻮاﻃﻦ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻣﺴﻠﻢ. ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻮرﻗﺔ ﻗﻨﺒﻠﺔ ﻏﻀﺐ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﺠﺰاﺋﺮي ﻓﻲ ﺟـﻴـﺒـﻪ. أراد أﻫــﻞ اﻟـﺠـﺰاﺋـﺮ ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ اﻟـﺬاﺗـﻴـﺔ اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺟﺬورﻫﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ.

ﻗــــﺎل اﻟــﺸــﻴــ­ﺦ اﻟــﻌــﺎﻟـ­ـﻢ ﻋــﺒــﺪ اﻟــﺤــﻤــ­ﻴــﺪ ﺑﻦ ﺑﺎدﻳﺲ:

ﻛـــــﺎن اﻻﺳـــﺘـــ­ﻌـــﻤـــﺎر اﻟــﻔــﺮﻧـ­ـﺴــﻲ ﻟــﻠــﺠــﺰ­اﺋــﺮ اﺳــﺘــﻌــ­ﻤــﺎر إﻟــــﻐـــ­ـﺎء ﻟــﻬــﻮﻳــ­ﺔ ﺷــﻌــﺐ وﻛــﻴــﺎﻧـ­ـﻪ، وإدﻣــﺎﺟــ­ﻪ ﻓــﻲ اﻷﻣـــﺔ اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـ­ﻴـﺔ، وﻟــﻬــﺬا ﻛـﺎن »اﻟـــﺠـــﻬ­ـــﺎد« ﻟــﻴــﺲ ﻣـــﻦ أﺟــــﻞ ﺗــﺤــﺮﻳــ­ﺮ اﻟــﺘــﺮاب ﻓﻘﻂ، وﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﺮداد ﻛﻴﺎن وﻫﻮﻳﺔ. ﻃﺒﻮﻏﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﺗﺘﻤﺎﻫﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻀﺎرﻳﺲ اﻹﻧــﺴــﺎن واﻷرض. اﻟـﺸـﺨـﺼـﻴ­ـﺔ اﻟـﺠـﺰاﺋـﺮ­ﻳـﺔ ﺗــﻜــﻮﻳــ­ﻦ ﻣــــﻦ اﻷﻧــــﻔــ­ــﺔ واﻟــــﻌــ­ــﻨــــﺎد. ﻣــــﻦ ﻛــﻠــﻤــﺎ­ت اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺬاﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻬﺠﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ، ﻛﻠﻤﺘﺎن ﺗﺘﻜﺮران ﻓﻲ اﻷﻓﻮاه ﻳﻮﻣﻴﴼ ﻫﻤﺎ »اﻟﻨﻴﻒ واﻟﺤﻘﺮة«؛ اﻷوﻟﻰ ﺗﻌﻨﻲ اﻷﻧــﻒ، أي اﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻷﻧـﻔـﺔ، واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﻻﺣﺘﻘﺎر. ﻫﻤﺎ اﻟﻀﺪان اﻟﻠﺬان ﻳﻮﻟﺪان ﺗﻴﺎر اﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﻘﺮار اﻟﺬاﺗﻲ واﻟﻌﺎم. ﻟﻘﺪ ﺑﺮرت ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻏﺰوﻫﺎ ﻟﻠﺠﺰاﺋﺮ واﺣﺘﻼﻟﻬﺎ ﺳﻨﺔ ٠٣٨١ ﺑﺄن اﻟﺪاي ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺒﻼد ﺿﺮب ﺑﻤﺬﺑﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻟﻄﺮد اﻟﺬﺑﺎب اﻟﻘﻨﺼﻞ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ. ﻧــﻌــﻢ ﺣـــﺪث ذﻟـــﻚ ﻷن اﻟـﻘـﻨـﺼـﻞ ﺗــﻄــﺎول ﻋﻠﻰ اﻟﺪاي، ﻓﺘﻔﺎﻋﻠﺖ اﻟﻜﻠﻤﺘﺎن، اﻟﺤﻘﺮة واﻟﻨﻴﻒ، وﻻ ﺗﺰال ﻫﺬه اﻟﺒﻄﺎرﻳﺔ اﻷزﻟﻴﺔ ﺗﻔﻌﻞ ﻓﻌﻠﻬﺎ. ﻧــﻌــﻮد إﻟـــﻰ ﺧــﻀــﻢ اﻻﻧــﺘــﺨـ­ـﺎﺑــﺎت اﻟــﺠــﺰاﺋ­ــﺮﻳــﺔ واﳌﺮﺷﺢ اﻷوﻓﺮ ﺣﻈﴼ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ. ﳌﺎذا ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ؟ ﻓــﻲ ﻛــﻞ ﻋــﻤــﻞ ﺳــﻴــﺎﺳــ­ﻲ ﺗــﺘــﻜــﺪ­س ﺟـﺒـﺎل ﻣﻦ اﻻﺗﻔﺎق واﻻﺧﺘﻼف، وﻳﻜﻮن اﻷﺷﺨﺎص ﻫﻢ اﻟﺤﺠﺎرة ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﲔ. اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻟﻴﺴﺖ اﺳﺘﺜﻨﺎء، وﻟﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻊ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻻ ﺗﻐﺎدر ﻛﻞ ﻣﺴﺎرات اﻟﺤﻴﺎة. ﺣـــــﺮب اﻟـــﺘـــﺤ­ـــﺮﻳـــﺮ ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﻃـــﻮﻳـــﻠ­ـــﺔ ودﻣـــﻮﻳــ­ـﺔ اﺳـﺘـﺸـﻬـﺪ ﻓﻴﻬﺎ أﻛــﺜــﺮ ﻣــﻦ ﻣـﻠـﻴـﻮن ﻣﺠﺎﻫﺪ. ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺿﺪ دوﻟــﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﻧﻮوﻳﺔ اﻧﺘﺼﺮت ﻓــﻲ اﻟـﺤـﺮﺑـﲔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺘﲔ اﻷوﻟـــﻰ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، إﻣـﺒـﺮاﻃـﻮ­رﻳـﺔ ﻣـــﺪت ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﻓــﻲ ﻣـﺸـﺎرق اﻷرض وﻣــﻐــﺎرﺑ­ــﻬــﺎ، وﻓــﺮﺿــﺖ ﻟﻐﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮات اﳌﻼﻳﲔ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ. ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻋﺘﻠﻰ اﻟﺮﺋﻴﺲ أﺣﻤﺪ ﺑـﻦ ﺑﻠﺔ ﺳــﺪة اﻟﺤﻜﻢ وﻣـــﻌـــﻪ ﺑـــﻌـــﺾ اﻟـــــﺮﻓـ­ــــﺎق ﻣــــﻦ ﻗـــــــﺎد­ة اﻟــﻜــﻔــ­ﺎح اﻟــﻌــﺴــ­ﻜــﺮي واﻟــﺴــﻴـ­ـﺎﺳــﻲ، أﺑـــﺮزﻫــ­ـﻢ اﻟـﻌـﻘـﻴـﺪ ﻫﻮراي ﺑﻮﻣﺪﻳﻦ. اﻟﺘﻘﻰ اﻟﺮﺟﻼن ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ »اﻟــــﺠـــ­ـﻬــــﺎد« ﺿــــﺪ اﻻﺳـــﺘـــ­ﻌـــﻤـــﺎر اﻟــﻔــﺮﻧـ­ـﺴــﻲ، واﺧــﺘــﻠـ­ـﻔــﺎ ﻓــﻲ اﻟـــﺮؤﻳــ­ـﺔ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـ­ﻴـﺔ وﻛﻴﻔﻴﺔ إدارة اﻟـﺒـﻼد وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، وﻗﺮر ﺑﻮﻣﺪﻳﻦ وﻣﻌﻪ اﻟﻄﺎﻫﺮ اﻟﺰﺑﻴﺮي وﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ إزاﺣـﺔ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ وﺗﻮﻟﻰ ﺑﻮﻣﺪﻳﻦ ﻗﻴﺎدة اﻟﺒﻼد. ﻛﺎن ﻫﻮاري ﺑﻮﻣﺪﻳﻦ ﻣﺜﻘﻔﴼ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن وﻗﺎم ﺑﺘﺪرﻳﺴﻪ ﻓـﻲ ﻗﺮﻳﺘﻪ وﻛـﺬﻟـﻚ ﺗـﺪرﻳـﺲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، رﻓﺾ اﻟﺘﺠﻨﻴﺪ اﻟﻘﺴﺮي ﻓﻲ ﺟﻴﺶ اﻻﺣﺘﻼل وﻓﺮ ﻫﺎرﺑﴼ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻫﺮة واﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ اﻷزﻫﺮ. ﺧﻄﻴﺒﴼ ﻣﻔﻮﻫﴼ ﺑﺎﻟﻠﻐﺘﲔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟـــﻔـــ­ﺮﻧـــﺴـــﻴ­ـــﺔ، ﻫــــﻮ اﻟـــﺴـــﻴ­ـــﺎﺳـــﻲ واﳌـــﺠـــ­ﺎﻫـــﺪ واﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺴﻜﺮي. وﺿﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﴼ واﺳﻌﴼ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﺐ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ، وأﺻــﺮ ﻋﻠﻰ إدﺧـﺎل اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻐﺔ رﺳﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة، وﺗﻌﻬﺪ ﺑـﺪﻓـﻊ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ذﻟــﻚ، وﻛــﺎن أول ﻣﻦ ﺗﺤﺪث ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺒﺮ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﺑﻌﺪ اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ. ﺗﻌﺎون ﻣﻊ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ، وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻌﻪ. اﺧﺘﻠﻒ ﻣﻊ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة، ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻋﺪاء أو ﺻﺪام ﻣﻌﻬﺎ. دﻋﻢ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ، وﻋﻠﻰ رأﺳـــﻬـــ­ﺎ اﻟــﻘــﻀــ­ﻴــﺔ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻄ­ـﻴـﻨـﻴـﺔ وﺣــﺮﻛــﺎت اﻟـﺘـﺤـﺮﻳـ­ﺮ اﻷﻓـﺮﻳـﻘـﻴ­ـﺔ ﺿــﺪ اﳌـﻴـﺰ اﻟﻌﻨﺼﺮي. ﻟﻢ ﻳﻘﻞ أﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮي ﻣﺜﻞ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﺑﻞ ﻗﺎل أﻧﺎ ﻋﺮﺑﻲ. ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﻮل إن ﻫﻮاري ﺑﻮﻣﺪﻳﻦ أﺳـــﺲ ﳌـﻨـﻬـﺞ »اﻟــﺒــﻮﻣـ­ـﺪﻳــﻨــﻴـ­ـﺔ« اﻟــــﺬي ﻋﺼﺮ ﺣﺒﺮه ﻣﻦ وﺟﺪان اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮي اﳌﻤﺘﻠﺊ ﺑﺘﺎرﻳﺨﻪ وﻧﻔﺴﻴﺘﻪ وﻛﺘﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎت ﻣﻦ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮي. ﺑﻌﺪ رﺣﻴﻞ ﺑﻮﻣﺪﻳﻦ ﺗــﻮاﻟــﻰ ﻣــﻦ ﻳـﺤـﻤـﻠـﻮن رﺗــﺒــﴼ ﻋــﻠــﻰ اﻷﻛــﺘــﺎف، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟـﻢ ﻳﺤﻤﻠﻮا اﻟـﺴـﺆال ﻋﻠﻰ رؤوﺳـﻬـﻢ: أﻳﻦ اﻟﺠﺰاﺋﺮ؟ اﻟﺠﺰاﺋﺮ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻠﻐﻢ واﳌﺼﻴﺮ واﻟـــﺴـــ­ﺆال. اﻟــﺸــﺎذﻟ­ــﻲ ﺑــﻦ ﺟــﺪﻳــﺪ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟــﺠــﻨــ­ﺮال اﻟــﺮﺋــﻴـ­ـﺲ، ﻟــﻜــﻦ اﻟــﺠــﺰاﺋ­ــﺮ ﻣـــﺎ زال ﺳﺆاﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻀﻤﻴﺮ، واﻷﻛﺘﺎف وﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣــﻦ ﻧــﺠــﻮم ﻻ ﺗــﺠــﻴــﺐ. ﺟـــﺎء اﻟــﺴــﻴــ­ﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎف ﻟﻴﻜﻮن رﺋﻴﺴﴼ ﺑﻼ ﻧﺠﻮم، ﻗﺘﻞ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮاء وﻣﻀﻰ. اﻟﻴﺎﻣﲔ زروال ﺟﻨﺮال ﻣﻀﻰ وآﺧــﺮون. ﺟﻨﺮال ﺑﻌﺪ ﺟﻨﺮال وﺣﺎل ﻳﺨﻠﻔﻪ ﺣﺎل.

ﻳﺘﻜﺮر اﻟﺴﺆال: ﳌﺎذا ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻜﺮﺳﻴﻪ اﳌﺘﺤﺮك ﻳﻜﻮن اﻟﺮﺋﻴﺲ؟

اﻟــــﺠـــ­ـﻮاب ﻷﻧـــــﻪ اﻟــﺘــﻜــ­ﻮﻳــﻦ اﻟــــــﺬي ﻳـﺴـﻴـﺮ ﺑــﺎﻟــﺠــ­ﺰاﺋــﺮ ﻣــﻊ اﻟــﺼــﻤــ­ﺖ اﳌــﺘــﺤــ­ﺮك. اﻟـﻜـﺮﺳـﻲ ﻳـﻀـﻴـﻒ وﻻ ﻳـﺨـﺼـﻢ ﻣــﻨــﻪ. ﻫــﻮ ﻛــﻞ اﻟــﺮﻓــﺾ واﻟﻘﺒﻮل. اﳌﻘﺎﺗﻞ ﻓﻲ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ. اﻟﻮزﻳﺮ اﻟﺸﺎب ﻓﻲ أول ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل. ﻫﻮ اﳌﻘﺎﺗﻞ واﳌﺠﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ، وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟـﺸـﺎب اﻟــﺬي ﻛــﺮس ﻓـﻜـﺮة اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟـــﺜـــﺎ­ﻟـــﺚ، ﻫـــﻮ ﻣـــﻦ أﻧـــﻬـــﻰ اﻟـــﺴـــﻨ­ـــﻮات اﻟــﻌــﺸــ­ﺮ اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻟﻴﻪ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ. أﻧـﺰل ٧٢ أﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ واﺣﺪ ﺑﻘﺎﻧﻮن اﻟﻮﺋﺎم واﻟﻌﻔﻮ اﻟﻌﺎم. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻗﺒﻠﻪ ﺗﻌﺎﻧﻲ أزﻣﺔ ﺳﻜﻦ ﻓــﻈــﻴــﻌ­ــﺔ، ﻛـــــﺎن ﻫـــﻨـــﺎك ﻣــــﺎ ﻳـــﻌـــﺮف ﺑــﺎﻟــﺴــ­ﺮﻳــﺮ اﻟﺴﺎﺧﻦ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻨﺎوب اﻷﻫـﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮﻳﺮ اﻟﻮاﺣﺪ ﻟﻴﻼ وﻧﻬﺎرﴽ.

ﺑــﻮﺗــﻔــ­ﻠــﻴــﻘــﺔ أﺳــــﺲ ﻣــﻨــﻬــﺠ­ــﻴــﺔ ﻳــﻤــﻜــﻦ أن ﻧــﺴــﻤــﻴ­ــﻬــﺎ ﺑــــ»اﻟـــﺒـــﻮ­ﺗـــﻔـــﻠـ­ــﻴـــﻘـــ­ﺰم«، ﺗــﺠــﻤــﻊ ﺑـﲔ ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ وأﺳﻠﻮﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎدة، وﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ورﺛــﻬــﺎ ﻣــﻦ ﻣــﺪرﺳــﺔ ﺑــﻮﻣــﺪﻳـ­ـﻦ. ﻫــﻮ اﻟــﻴــﻮم ﻻ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻹدارة اﻟﺪوﻟﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺼﻨﻊ اﳌــﺤــﺎور اﻷﺳــﺎﺳــﻴ­ــﺔ، وﻳــﺮاﻗــﺐ، واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻣﻌﻬﺎ اﻷﺟﻬﺰة اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺘﻮﻟﻰ اﻟــﺘــﺴــ­ﻴــﻴــﺮ اﻟــﻴــﻮﻣـ­ـﻲ وﻓــﻘــﴼ ﻟــﺒــﺮاﻣـ­ـﺞ ﻣــﺤــﺪدة. اﻟــﻜــﺮﺳـ­ـﻲ اﻟــــﺬي ﻳــﺘــﺤــﺮ­ك ﻓــﻮﻗــﻪ ﻫــﻮ ﺗـﻜـﺮﻳـﺲ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺮﻣﺰ اﻵﻣﺮ واﻟﻜﺎﺑﺢ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ. ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻜﺘﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮ.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia