Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﺳﻨﻮات اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ

-

ﺣﺮوب ﺻﻐﲑة )٢٨٩١( اﻟﻄﺎﺑﻮر اﻷﻣﲑﻛﻲ اﳋﺎﻣﺲ

»ﺣﺮوب ﺻـﻐـﻴـﺮة« ﺛـﺎﻧـﻲ أﻋﻤﺎل اﻟــــﺮاﺣـ­ـــﻞ ﻣـــــــﺎر­ون ﺑــــﻐــــ­ﺪادي ﻣــــﻦ ﺑـﻌـﺪ »ﺑــــﻴــــ­ﺮوت ﻳــــﺎ ﺑــــﻴــــ­ﺮوت« ﻋـــــﺎم ٥٧٩١. وﻣــﺜــﻞ اﳌــﺨــﺮج اﳌــﻌــﺘــ­ﺰل اﻵن ﺑــﺮﻫــﺎن ﻋــﻠــﻮﻳــ­ﺔ اﺿـــﻄـــﺮ ﺑــــﻐــــ­ﺪادي ﻟــﻼﻧــﺘــ­ﻈــﺎر ﻃـﻮﻳـﻼ ﻣـﻦ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺴﻨﺢ ﻟـﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻓﻴﻠﻢ رواﺋـــﻲ آﺧــﺮ. ﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن »ﺑﻴﺮوت ﻳﺎ ﺑﻴﺮوت« ﻫﻮ ﺣﻔﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ و»ﺣﺮوب ﺻﻐﻴﺮة« ﻫﻮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ اﻷوﻟﻰ.

ﻛـﺎن »ﺑـﻴـﺮوت ﻳـﺎ ﺑـﻴـﺮوت« ﻓﻴﻠﻤﴼ ﻗﺮﻳﺒﴼ ﻣﻦ ﻧﻤﺎذج اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ ﻓﻴﻪ ﻟﻜﻦ ﺑﻐﺪادي ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﺻﺒﺎ إﻟﻴﻪ.

ﻓـــﻲ »ﺣـــــــﺮو­ب ﺻـــﻐـــﻴـ­ــﺮة« ﻳــﺴــﺮع اﳌـــﺨـــﺮ­ج ﻣـــﻦ إﻳــﻘــﺎﻋـ­ـﻪ وﻳــﺼــﺒــ­ﺢ أﻛـﺜـﺮ ﺧــﺒــﺮة ﻓـــﻲ ﺗــﻜــﻮﻳــ­ﻦ اﻟـــﺼـــﻮ­رة اﻷﻛــﺜــﺮ ﻧﺒﻀﴼ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة وﺟﺬﺑﴼ ﻟﻼﻧﺘﺒﺎه. ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى، »ﺣﺮوب ﺻﻐﻴﺮة«، ﻫﻮ اﻟﺒﻠﻮرة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﳌﺨﺰوﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ، وﳌﺎ اﻛﺘﺴﺒﻪ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑـﲔ ﻓﻴﻠﻤﻴﻪ اﻟـﺮواﺋـﻴـ­ﲔ ﻣﻦ ﻣــﻌــﺮﻓــ­ﺔ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺼــﻌــ­ﻴــﺪ اﻻﺟــﺘــﻤـ­ـﺎﻋــﻲ أﻳــﻀــﴼ ـ ﻫــﻮ ﻓـﻴـﻠـﻢ ﺟــﻴــﺪ ﺑـﻤـﻮاﺻـﻔـ­ﺎت اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. ﻣـﻬـﻢ ﻓﻲ ﻣـﺤـﻴـﻂ اﳌـــﺤـــﺎ­وﻻت اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـ­ﺔ اﻟـﺸـﺎﺑـﺔ ﻟﺨﻠﻖ ﺳﻴﻨﻤﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻣﺘﻄﻮرة.

ﻳـــــﺘـــ­ــﻜـــــﻮن اﻟـــــﻔــ­ـــﻴـــــﻠ­ـــــﻢ ﻣــــــــﻦ ﺛـــــﻼث ﺷــﺨــﺼــﻴ­ــﺎت أﺳــﺎﺳــﻴـ­ـﺔ: ﺛــﺮﻳــﺎ )ﺛــﺮﻳــﺎ ﺧــــﻮري( ﻓــﺘــﺎة اﻟــﺘــﻲ اﻛـﺘـﺸـﻔـﺖ رﺟــﻼ آﺧــــــﺮ ﻓــــﻲ ﺷـــﺨـــﺺ اﻹﻧـــــﺴـ­ــــﺎن اﻟــــﺬي أﺣــﺒــﺘــ­ﻪ، رﺟــــﻞ ﻏـــــﺎدر ﻣــﻮﻗــﻌــ­ﻪ اﻷول اﻟﺬي اﻟﺘﺰم ﺑﻪ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺑـﻌـﺪﻣـﺎ اﺟـﺘـﺬﺑـﺘـ­ﻪ اﻟــﺘــﻴــ­ﺎرات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ ذاﺗـﻪ اﻷوﻟـﻰ. إﻧﻪ ﻃﻼل )روﺟﻴﻪ ﺣﻮا( اﻟﺬي اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ وﻇﻴﻔﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻗﺎدﻫﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ إﻟـــﻰ وﻇــﻴــﻔــ­ﺔ أﺧــــﺮى ﺗــﺮﻳــﺪ أن ﺗﻔﻌﻞ وﺗﺨﻄﻂ وﺗﺸﺎرك ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﺪاﺋﺮة. اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻫﻲ ﻟﻨﺒﻴﻞ )ﻧﺒﻴﻞ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ( إﻓـــﺮاز ﻧﻤﻮذﺟﻲ ﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣــﻦ اﻟــﺬﻳــﻦ ﻋــﺎﺷــﻮا ﻏــﻤــﺎر اﻟــﺴــﻨــ­ﻮات اﻷﺧـــﻴـــ­ﺮة ﺑــﻔــﻮﺿــ­ﺎﻫــﺎ. ﻫــﻮ ﻛــﻞ ﺷــﻲء ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﺒﻮ إﻟﻴﻪ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻲ ﻏﻤﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺮب وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺤﻘﻘﻪ إﻻ ﺑﻤﺜﻞ ﺗـﻠـﻚ اﻟــﻔــﺮص اﳌــﺘــﻮﻓـ­ـﺮة ﻓﻲ اﻟﻔﻮﺿﻰ. ﻟﻜﻦ إذ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﺈن ﻣﺎ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ وﻳﺤﻘﻘﻪ ﻫﻮ اﻛﺘﺸﺎﻓﻪ ﺑﺄن ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﳌﺨﺎﻃﺮ وأن اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻗــﺪ رﺳــﻤــﺖ ﻣـﻼﻣـﺤـﻬـﺎ ﻣـﻨـﺬ اﻟــﺒــﺪاﻳ­ــﺔ. ﻧﺒﻴﻞ ﻫﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي وﻟﺪ ﺧﺎﺳﺮﴽ وﺳﻴﻤﻀﻲ ﺧﺎﺳﺮﴽ إذا ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺣﻴﴼ وﻧﺤﻦ ﻧﺮاه ﻳﺠﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﺣــﻴــﴼ أﻛــﺜــﺮ ﻣـــﻦ ﺳـــــﻮاه ﺑــﻌــﺪﻣــ­ﺎ أدرك ﻣﻼﻣﺢ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ.

إﻧﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎت ﺗﺘﻼﻗﻰ وﺳﻂ اﳌـﻌـﺎرك )ﻗﺒﻴﻞ اﻟـﻐـﺰو اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ(. إﻧﻬﻢ أﺷﺨﺎص ﻫﺎﻣﺸﻴﻮن وﺣﺮوﺑﻬﻢ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ﻓﻲ ﺛﻨﺎﻳﺎ اﻟﺤﺮب اﻟﻜﺒﻴﺮة، ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟــﺤــﺮوب اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺗﺸﻜﻞ ﻓــﻲ ﺗـﺮاﻛـﻤـﺎﺗ­ـﻬـﺎ اﻟـﺠـﺎﻧـﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب اﻷﺷﻤﻞ. ﺑﻐﺪادي ﻳﻘﺼﺪ ﻫﺬا وﻳــﻨــﺠــ­ﺢ ﻓـــﻲ إﻇـــﻬـــﺎ­ره وﻳـــﺒـــﺪ­أ ﺣـﻴـﺎة أﺑﻄﺎﻟﻪ وﻳﻨﻬﻴﻬﺎ أﻳﻀﴼ.

ﻓﻲ ﺳـﺮده ﻟﻠﻘﺼﺔ ﻳﺒﻘﻲ اﳌﺨﺮج ﺑﻄﻠﺘﻪ ﺛﺮﻳﺎ ﻣـﺤـﻮرﴽ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﺨﻄﲔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻌﴼ. ﻃﻼل اﻟﺬي ﻳﺨﻠﻒ واﻟﺪه ﻓﻲ ﻗﻴﺎدة ﺣﺰب ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﺒﻞ وﻧــﺒــﻴــ­ﻞ اﻟـــــﺬي ﻳــﻌــﻴــﺶ ﻋــﻠــﻰ ﻫــﺎﻣــﺶ اﻟﺤﺮب. اﻷول ﻧﻤﻮذج ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟـﺘـﻲ اﻣـﺘـﻸت ﺑﻬﺎ اﻟـﺤـﺮب، اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻧﻤﻮذج ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻟﺒﻨﻴﺔ ﺗﺤﺘﻴﺔ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ. إﻧﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺬﺑﴼ ﻟﻠﻤﺘﻔﺮﺟﲔ، رﺑﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺧﺎﻃﺮ اﳌﺨﺮج، ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب ﻧﺒﻀﻬﺎ وإﻣﺎرﺗﻬﺎ. ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺿﺮة وﻗﺘﻤﺎ ﻗـــﺎم اﳌــﺨــﺮج ﺑـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ ﻓـﻴـﻠـﻤـﻪ ﻫــﺬا. ﻋــﻠــﻰ اﻟـــﺸـــﺎ­ﺷـــﺔ، ﻫـــﻲ ﺣــــﺮب ﻫـــﺎذﻳـــ­ﺔ، ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ، ﻣﻤﺰﻗﺔ ﻟﻠﻨﻈﻢ واﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﻔﻴﻠﻢ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻣﺜﻠﻬﺎ. ﻣﺜﻞ اﻟﺤﻴﺎة ﻓــﻲ ﺑــﻴــﺮوت ﻃــﻮال ﺳــﻨــﻮات اﻻﻗﺘﺘﺎل ﺻــﺎر اﳌـــﻮت ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺸـﺎﺷـﺔ ﻣﺠﻨﻮﻧﴼ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﻐﺪادي أﻓﻀﻞ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻳﻘﻊ ﻓـﻲ اﻟـﺮﺑـﻊ ﺳﺎﻋﺔ اﻷوﻟــﻰ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳـﺼـﻞ ﻧـﺒـﻴـﻞ وﺟـﻤـﺎﻋـﺘـ­ﻪ إﻟـﻰ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﻹﺳﻌﺎف ﺻﺪﻳﻖ ﻳﺼﺎب ﺑﺎﻟﻌﻤﻰ ﻻﺣﻘﴼ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻣﻦ دون ﻗـﻀـﻴـﺔ. ﻫــﺬا اﻟــﺸــﺎب اﻷﻋــﻤــﻰ ﻳﺼﻴﺮ واﺣــﺪﴽ ﻣـﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻤﻴﺎن ﻓـﻲ اﻟﻔﻴﻠﻢ. اﻵﺧــﺮان ﻫﻤﺎ: ﻋﻢ ﺛﺮﻳﺎ اﻟـﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﻓــﻲ اﳌــﺎﺿــﻲ ﻣﻌﺘﻘﺪﴽ أن اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻫــــــﻢ اﻟــــــﺬﻳ­ــــــﻦ ﺳــــﻴــــ­ﺤــــﻠــــ­ﻮن اﻹﺷـــــﻜـ­ــــﺎل اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ، واﳌﺨﻄﻮف اﻟـﺒـﺮيء اﻟﺬي ﺗﻌﺼﻢ ﻋﻴﻨﺎه. اﻟﻌﻤﻰ ﻻ ﻳﺼﻴﺮ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﻓـﻘـﻂ، ﺑــﻞ ﻫــﻮ أﻳـﻀـﴼ ﺣﺎﻟﺔ رﻣﺰﻳﺔ ﻛﺬﻟﻚ.

ﻳﻄﻮل اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻧﺠﺎز اﻷﻓﻀﻞ ﳌــﺎرون ﺑﲔ ﻛﻞ أﻓﻼﻣﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺤﺮب وﺗﺒﻌﺎﺗﻬﺎ أو ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ داﺧﻞ ﻟﺒﻨﺎن أو ﺧﺎرﺟﻪ. ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻨﻴﺔ

 ??  ?? ﺛﺮﻳﺎ ﺧﻮري ﻓﻲ »ﺣﺮوب ﺻﻐﻴﺮة«
ﺛﺮﻳﺎ ﺧﻮري ﻓﻲ »ﺣﺮوب ﺻﻐﻴﺮة«

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia