أحمد المديني: الكلمة عند عبد المجيد بن جلون سيف وقلم
في الذكرى المئوية لميلاده
جــــرى مــســاء الـجـمـعـة بالرباط حفل تقديم كتاب »عـــبـــد المـــجـــيـــد بــــن جــلــون الـــــكـــــاتـــــب الــــــوطــــــنــــــي« فــي الذكرى المئوية لميلاده، من تـألـيـف جـمـاعـة مـن الأدبــاء والـــبـــاحـــثـــين، ومـــــن إعـــــداد وتـنـسـيـق الـكـاتـب المـغـربـي أحـمـد المـديـنـي. الـكـتـاب من منشورات »المكتبة الوطنية بالرباط .«
وأجـــــمـــــع كـــــل الـــكـــتـــاب والـبـاحـثـين الـذيـن تـنـاولـوا الـكـلـمـة خـــلال الــلــقــاء على أهمية الـدور الذي لعبه بن جلون قاصاً وشاعراً وصحافياً ودبلوماسياً ووطــنــيــاً، الــــذي »كــانــت الـكـلـمـة عــنــده سيفاً وقـلـمـاً،« على حـد تعبير المـديـنـي، الــذي ذكر أن هــذا الـكـتـاب شـأنـه شــأن كـتـابـين سابقين عن الأديبين الراحلين أحمد المجاطي ومحمد زفـــزاف، مـبـادرة أخــرى للحفاظ على الـذاكـرة الثقافية الإبداعية للمغرب.
وقال المديني في تقديمه إن »المحتفى به رائــد مــارد مـن رواد الأدب المـغـربـي الحديث، وعــضــو مــؤســس وفــاعــل فــي هـيـئـة الـحـركـة الـوطـنـيـة المـغـربـيـة، الــتــي انـتـظـمـت مــن أجـل تحرير البلاد من نير الاستعمار الفرنسي.«
ثم استعرض المديني لمحات من مسار بن جلون الـذي سخر قلمه مبكراً، بـدءاً من سنة ١٩٣٦ للتعريف بالقضية المغربية إلـى فجر الاسـتـقـلال، مـنـوهـاً بـمـا قــام بـه مـن جـهـد في هذا السياق كأمين عام لمكتب المغرب العربي بالقاهرة.
وإذا كانت كلمة المديني قد تركزت حول وطـنـيـة بـن جـلـون وإسـهـامـه فـي بـنـاء صـرح الأدب المغربي الحديث، من خـلال مجموعته القصصية »وادي الـدمـاء«، وسيرته الذاتية »فـــي الــطــفــولــة«، وغــيــرهــمــا، فـــإن المــداخــلات والشهادات التي أدلى بها على التوالي الأدباء والباحثون أحمد زيـادي، وعبد الله العلوي المدغري، وعبد القادر الشاوي، وسعيد يقطين، ألـقـت أضــواء مـن زوايــا مختلفة على تجربة بن جلون من خلال مجمل إنتاجه، ورصيده الأدبي المتميز الغني الذي تركه الراحل.
وكـــــــان مــحــمــد الـــــفـــــران، مـــديـــر »المــكــتــبــة الـوطـنـيـة«، قــد عـبـر عــن سـعـادتـه بـنـشـر هـذا الإصدار الجديد الذي يدخل في إطار »توثيق الذاكرة الإبداعية المغربية«، كـتـجـربـة رائـــــدة، خـصـوصـاً أن الأمـــــر يـتـعـلـق بــ »لـحـظـة الوفاء لكاتب مغربي متميز واستثنائي«.
وأضـفـى حـضـور وائــل، نـــجـــل الـــكـــاتـــب بــــن جـــلـــون، لمـسـة خـاصـة عـلـى الأمـسـيـة الـــثـــقـــافـــيـــة، إذ تـــحـــدث عـن والــــــــده مــــن خـــــلال مــــا كـتـبـه عنه بعض الــرواد مثل عبد الـكـريـم غــلاب وعـبـد الجبار الـسـحـيـمـي، مـشـيـراً إلــى أنـه انتسب للوطنية منذ شبابه إلى أن وافته المنية، بعد عمر كرسه لخدمة بلده، ولقضية وحدته الترابية، عبر عمله الأدبي والدبلوماسي.
تـولـى تسيير الجلسة الكاتب والباحث مصطفى القباج، الذي أشاد بثقافة الاعتراف، مذكراً بما كتبه عن بن جلون في الكتاب، حيث تطرق إلى إسهام الراحل في تأسيس اتحاد كـتـاب المــغــرب، وحــرصــه عـلـى أن يـجـعـل منه »عـائـلـة واحـــدة« تجمع شمل المـبـدعـين: »كنا كعائلة واحــدة، ليس بيننا غيرة ولا حسد، كان الجو صافياً كصفاء الفكر«.
وحــســب الــســيــرة الــذاتــيــة المــنــشــورة في الكتاب، فإن بن جلون ولد عام ١٩١٩ بمدينة الــدار الـبـيـضـاء، وتـوفـي بـالـربـاط عـام ١٩٨١. قــضــى ســنــوات مــن طـفـولـتـه فــي مـانـشـسـتـر بإنجلترا، قبل أن يعود إلى المغرب، وبالضبط إلى فاس، في التاسعة من عمره، حيث تلقى تعليمه بالقرويين.
سـافـر سـنـة ١٩٣٨إلـــــى الــقــاهــرة، ملتحقاً بـكـلـيـة الآداب، ومـنـهـا حـصـل عـلـى الإجــــازة، ونال دبلوم المعهد العالي للتحرير والترجمة والصحافة، وساهم في تأسيس مكتب المغرب العربي بـالـقـاهـرة، وبـقـي فيه حتى استقلال المغرب سنة ١٩٥٦.
وعـنـد عـودتـه إلــى الــربــاط، أسـنـدت إليه رئـاسـة تحرير صحيفة »الـعـلـم«، ثـم التحق سـنـة ١٩٥٨ بـــــوزارة الـخـارجـيـة، حـيـث شغل منصب وزيـر مفوض، ثم سفيراً للمغرب في باكستان.
من أشهر أعماله الأدبية: »وادي الدماء«، قصص قصيرة، و»في الطفولة« سيرة ذاتية، و»بـــــراعـــــم« ديــــــوان شــعــر، و»هــــــذه مــراكــش« لــلــتــعــريــف بـــالمـــغـــرب، و»مــــــذكــــــرات المــســيــرة الخضراء« عن استرجاع الصحراء المغربية.