ﻣﻦ ﻳﺪﻣﺮ وﻣﻦ ﻳﻌﻤﺮ؟
ﻣﻨﺬ أن ﺑﺪأ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺴﻼم ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺑﺪأ ﻣﻌﻪ اﻟــﺤــﺪﻳــﺚ ﻋــﻦ إﻋــــﺎدة اﻹﻋــﻤــﺎر وﻛـﻠـﻔـﺘـﻪ. وراﺣــــﺖ اﻷرﻗـــﺎم اﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﺔ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ: ﺑﺪأت ﺑﻤﺎﺋﺘﻲ ﻣﻠﻴﺎر ووﺻﻠﺖ إﻟﻰ أرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﺎر، وﻫﻨﺎك اﻵن ﻣﻦ ﻳﻀﻴﻒ وﻳﺰﻳﺪ. وﻋﻠﻰ ﺟﻬﻠﻲ اﳌﻄﻠﻖ ﺑﺎﻷرﻗﺎم وﻋﺎﳌﻬﺎ وﻣﻨﻄﻘﻬﺎ اﻟــﺬي ﻳﻔﺘﺮض أﻧـﻪ أدق ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺤﺴﺎب، ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻫﺬه اﻟﻜﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﻠﻴﺎرات ﻻ ﺗﻜﻔﻲ. وﻣﻦ ﺗﺎﺑﻊ وﻻ ﻳﺰال، ﺻﻮر اﻟﺪﻣﺎر اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻣﻨﺬ ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ، ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺼﺪق أن إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻔﺔ. ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻔﺎرق اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺠﺪل ﺑﲔ اﻟﺪﻣﺎر واﻹﻋﻤﺎر. اﻷول، ﺳﺮﻳﻊ، وﺳﻴﻊ، ﻗﻠﻴﻞ اﻟﻜﻠﻔﺔ، واﻵﺧﺮ ﻣﺸﺮوع ﻃﻮﻳﻞ اﳌﺪى، ﺑﺎﻫﻆ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ.
ﻓــﻲ اﻟــﺘــﻘــﺪﻳــﺮات أن اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹرﻫــﺎﺑــﻴــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ »اﻟﻘﺎﻋﺪة« ﻓﻲ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺑﺮﺟﻲ اﻟﺘﺠﺎرة ﻓﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك، ﻛﻠﻔﺖ ﻧﺤﻮ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻋﺪاد ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻓﺼﻮﻟﻪ. أﻣﺎ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺮد اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻓﺒﻠﻐﺖ ﻛﻠﻔﺘﻬﺎ ٣٫٣ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر. أي ﻟـﻜـﻞ دوﻻر ﺻﺮﻓﺘﻪ »اﻟــﻘــﺎﻋــﺪة« ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﻬﺠﻤﺎت وﻓــﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ، ﺻﺮﻓﺖ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻼﻳﲔ دوﻻر.
وﻛــﺎﻧــﺖ ﻛـﻠـﻔـﺔ اﻷﻋـــﻤـــﺎل اﻟــﺘــﻲ ﻳــﻘــﻮم ﺑــﻬــﺎ اﻟـﻘـﺮاﺻـﻨـﺔ اﻟﺼﻮﻣﺎﻟﻴﻮن ﻓﻲ أﻋﺎﻟﻲ اﻟﺒﺤﺎر ﺗﺼﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ إﻟﻰ ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر ﻓﻲ اﻟﻌﺎم. ﻻ أﻋﺮف ﻛﻢ ﻣﻦ اﳌﺒﺎﻧﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺸﺄ ﻓﻲ اﻟﺼﻮﻣﺎل ﺑﻬﺬا اﳌﺒﻠﻎ، أو ﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎرى ﻳﻤﻜﻦ رﻳﻬﺎ، أو ﻛﻢ ﻣﻦ اﻷﻳﺘﺎم ﻳﻤﻜﻦ إرﺳﺎﻟﻬﻢ إﻟﻰ اﳌﺪارس. ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ أن اﻟﺸﺮ رﺧﻴﺺ اﻟﻜﻠﻔﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ رﺧﻴﺺ اﻷﺧﻼق.
واﻟﺪﻣﺎر اﻟﺬي ﺗﺮﻛﺘﻪ »داﻋﺶ« ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺳﻮف ﻳﺤﺘﺎج اﻵن إﻟـــﻰ ﺳــﻨــﻮات ﻃـﻮﻳـﻠـﺔ ﻹﺻــﻼﺣــﻪ. ﻟــﻢ ﺗـﻌـﺪ اﻟــﺤــﺮوب ﺣــﺮوَب اﻟﺠﻴﻮش اﻟﻜﺒﺮى واﻟﺤﺸﻮد اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ واﻷرﺗــﺎل اﻟـﻬـﺎﺋـﻠـﺔ، ﺑــﻞ أﺻـﺒـﺤـﺖ وﺳـﺎﺋـﻠـﻬـﺎ ﻣﻤﻜﻨﺔ اﻟـﺼـﻨـﺎﻋـﺔ ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن. وﻻ داﻋـﻲ ﻟﻠﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﺄن اﻟﺨﺮاب اﻟـﺬي أﻟﺤﻘﺘﻪ »داﻋﺶ« اﻧﺤﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. وﻛﺬﻟﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻓﻲ ﺧﺮاﺑﻬﺎ أو اﻹﺿـﺮار ﺑﻬﺎ. وﻗﺪ ﻛﺒﺪ اﻹرﻫﺎﺑﻴﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﳌﺼﺮي ﻣﻦ اﳌﻠﻴﺎرات ﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣـﺪ ﺗﻘﺪﻳﺮه ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺪﻗﺔ. وأدى ﺣﺎدث ﺗﻔﺠﻴﺮ واﺣﺪ ﻟﻄﺎﺋﺮة روﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﺮم اﻟﺸﻴﺦ إﻟﻰ اﻣﺘﻨﺎع اﻟﺴﻴﺎح اﻟﺮوس ﻋﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻃﻮال ﺳﻨﻮات ﻋﺪة. ﻫــﺬا ﻫــﻮ اﻟــﺸــﺮ اﻟﺼﻐﻴﺮ واﻟـﺨـﻴـﺮ اﻟـﻜـﺒـﻴـﺮ. اﻟــﺸــﺮ اﻟﺴﻬﻞ واﻟﺨﻴﺮ اﳌﻀﻨﻲ. ﻣﻦ ﺳﻴﻌﻴﺪ إﻋﻤﺎر ﺳﻮرﻳﺎ؟ ﻃﺒﻌﴼ ﻟﻴﺲ اﻟﻘﻮى اﻟﺘﻲ دﻣﺮﺗﻬﺎ. ﻓﻬﻨﺎك داﺋﻤﴼ ﻣﻦ ﻳﺪﻣﺮ وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻌﻤﺮ.